‏إظهار الرسائل ذات التسميات حوارات ومقالات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حوارات ومقالات. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 3 أبريل 2016

عفاف تاور.. وياسر عرمان..!

هل نحن في حاجة لشراء عقول ..؟ وإن كنّا في حاجة لذلك... فنحن قطعاً، لسناً في حاجة لشراء عقول مزورة، كالشهادات السودانية، التي أصبحت تباع في عهد الإنقاذ، دليلاً على حالة البؤس، واليأس..! كما أننا لسنا في حاجة لعقول، يائسة بائسة، كعقل السيدة عفاف تاور، التي عبّرت عن رغبتها في الإنتحار..  للتخلص من السيد ياسر عرمان..!!    
    البؤس واليأس حينما يجتعمان في حياة اي فرد أو مجتمع، تصبح الحياة صعبة، بل تصير جحيماً لا يُطاق..! لعله من المناسب للدخول في دهاليز هذا الواقع الكئيب، أن نتوجه بالسؤال مباشرة للسيدة عفاف تاور، ونسألها: لماذا تود الإنتحار للتخلص من شخص مثل ياسر عرمان..؟ اتفقنا معه، أو إختلفنا، فهو رجل ثائر، نذر حياته منذ صباه الباكر، للإنحياز الى صف  الفقراء والكادحين ..؟ مثلما فعل خليل إبراهيم، الذي قاد ثورة سماها بإسم العدل والمساواة، من أجل المهمشين، وقدم  روحه الطاهرة، فداءا لها، رغم انه كان نصيراً للإنقاذ في بدايات مجيئها، لكنه فارقها وعاداها وقاتلها حتى استشهد في كردفان التي تنتمي اليها السيدة عفاف تاور..!
     لسنا صغاراً.. وبلادنا منذ أن استقلت قد جرت مياه كثيرة، تحت جسورها.. وقد شربنا كثيراً من تلك المياه سواء كانت نقية او ملوثة..! ومشينا فوق تلك الجسور.. إبان إنتفاضة مارس / إبريل المجيدة. في ١٩٨٥، التي تحل علينا ذكراها العطرة هذه الأيام. 
     فالتحية لشهدائها وضحاياها، وأبطالها، وقد كان لنا شرف المشاركة فيها، حتى أعلن الجيش عبر الإذاعة، بيان إنحيازه للشعب، بعدها ذهبنا لبيوتنا، ومنذ يومها لم نفارق درب النضال  حتى كبرنا فيه، وعرفنا ان بلادنا قد استقلت منذ اكثر من ستيناً عاماً.. لكنه كان وما زال إستقلالاً ناقصاً، إذ لم تتحقق مضامينه في حياة الشعب بعد..! 
     وهذا احد أسباب حالة الشتات ... ! بلادنا حينما إستقلت، لم يكن السيد ياسر عرمان مولوداً، ولم يكتب لها الاستقرار في الماضي الذي كان فيه طفلاً، ولا في الوقت الراهن، الذي اصبح فيه مناضلاً في معترك النضال، يخوضه كبقية المناضلين، ليس من اجل جبال النوبة، او مدني، او عطبرة، او نيالا، او حلفا، او بورسودان، بل من اجل كل السودان وهذا شرف عظيم. 
    هكذا ظلت دورة الصراع، في السودان، تصب في صالح المتخمين الذين رفضوا التخلي عن السلطة او السماح لغيرهم مشاركتهم فيها.!  عملاً بمنطق القوي يأكل الضعيف..! الذي عرفناها في عهد إبراهيم عبود،  وفي عهد جعفر نميري،  وفي عهد عمر البشير، وهو الأسوأ على الإطلاق ..! 
    لذا نسأل  السيدة عفاف تاور.. كيف لنا الفكاك من هذا الواقع المائل، وهذا المنطق الأعوج..؟
     كيف يتخلى المتخم عن مصادر تخمته للمعدم..؟ المتخم أن فعل شيء حسن تجاه المعدم، فهو رميه بالفتات، كما يرمي العظام المجرودة للكلاب..! 
    لكن ما بين الامس واليوم، ثمة مساحة كبيرة من الضوء .. !
    لقد ولى بلا رجعة،  زمن الغفلة والخديعة، وحل زمن الصحوة والثورة والمطالبة بالحقوق... فكل شيء اصبح واضحاً، كوضوح الشمس... الإنقاذ قسمت الشعب الى طبقتين: طبقة الأقلية الحاكمة الفاسدة، وطبقة الأغلبية الكادحة..! 
    إما فوق، وإما تحت..! لذلك اشتعل الحريق في كل ارجاء الوطن، وما لم يحترق حتى الآن، فهو في طريقه للحريق.. والسبب هو غياب الحرية، وإنعدام العدل، الذي تجرعت بسببه "الأغلبية المهمشة"، الكثير من كأسات الظلم..!!
    "الأغلبية المهمشة"  هي كل الكادحين والفقراء..! الذين عانوا ... ولازالوا يعانون بسبب إختلال المعايير، وموت الضمير...  لذلك صعد لقمة السلطة، من هو ليس اهلاً لها،  وحاز رأس المال، من هو بلا عقل حصيف يعرف كيف يوظفه ويستثمره،..،؟ حازه فقط، لانه باع ضميره..! لنظام مارس القتل والتشريد والإفقار لكل من فضل الانحياز الى جانب الشعب،  للحد الذي اصبح فيه البعض لا يملك من الدنيا الا رأسه.. لكنه ظل رأساً مرفوعاً نحو السماء بلا غرور، دليلاً على ان حياة الفقر مع الأغلبية هي أفضل الف مرّة، من حياة الذل والخضوع للفاسدين، وبيع الضمير بحفنة دولارات، أو منصب وزاري، أو مقعد في برلمان  يوجهه نظام جاء للحكم  وأستمر فيه، بلا شرعية من الشعب، سوى شرعية الدبابة، إن كان للدبابة شرعية..!
    إذن كيف لنا أن نفهم تصريح السيدة عفاف تاور..؟ في ظل هذا الواقع المتخم بالظلم والمظالم والجراحات ..؟؟؟ ومع ذلك تقول: انها ترغب في الانتحار..؟  لقتل شخص انحاز للفقراء...؟ هي اختارت ان تكون في صف الانقلابيين كما فعل البعض من الانتهازيين، وهم معرفون للشعب، وسكتنا،  ليس جهلا بهم وما يقومون به؟ بل تجاهلا لهم لأننا نعرف مواقعهم في كابينة النظام، فهم مثل المساحيق في وجوه الحسان اللائي يضعن لكل مناسبة نوع منها..!  لكن ما كنا نجهله هو حالة  توتر الاعصاب، التي ألمت بهم ووصلت إلى هذا الحد الخطير .. بسبب فشل النظام وعجزه السياسي..!  تبدى هذا الامر في كيفية تعبيرهم، كما تجلى في طريقة تعاطيهم مع الشأن العام، لاسيما تجاه الذين يختلفون معهم سياسياً، وهو برهان على  ما أصاب المجتمع من تحولات كارثية..! 
    وليس همنا او هدفنا من وراء كتابة هذا المقال هو ان نقدم شرحاً أو تشريحاً للواقع السياسي والاجتماعي، وبقية ميادين الحياة الأخرى فيه من عطب..! وقد عفانا الاستاذ فتحي الضو، بكتابه الجديد بيت العنكبوت من هذه المهمة الكبيرة. فله منا التحية، والتحية لكل المناضلين من اجل الحرية وبناء الدولة المدنية الحديثة التي تكفل العدالة الاجتماعية وتحترم حقوق الإنسان وتحقق الرفاه..! وحتى لا يستدرجنا الاستطراد إلى رصيف آخر، كرصيف الغربة الذي إستدرجتنا إليه مواقفنا المعارضة للإنقاذ منذ إن جاءت وسنظل فيه بإذن الله، لا ندعي شرف حمل السلاح، كما فعل السيد ياسر عرمان، وغيره من المناضلين في جبهات القتال، منهم من استشهد، ومن بقى حياً ما زال ممسكاً بالزناد، من اجل بلوغ صبح الحرية وبناء دولة الدستور والمؤسسات، الدولة الحديثة التي تحرر السيدة عفاف تاور وغيرها من الانتهازيين من الخوف وسطوة الطغاة التي تفرض عليهم الخضوع والذل والعار والتناقض مع الذّات، إرضاءاً للطاغية وحاشيته الفاسدة..! وحتى بلوغ فجر الحرية نتساءل أيهما أحق بالانتحار، عمر البشير الذي الذي ذبح الديمقراطية من الوريد الى الوريد، ومن ثم عاث خراباً ودماراً في البلاد، أم ياسر عرمان  الذي سكن الأحراش مع الشرفاء لإستعادة الديمقراطية التي غيبها الاشرار ؟  وأخيراً وليس أخَّرا، نقول: أين ذهبت العقول وضاعت الحكمة..؟ وحتى تعود العقول ونعثر على الحكمة، نحذر كل من امتهن مهنة المتاعب من الاقتراب من السيدة عفاف تاور، لانها إخترقت جدار الصوت في سماء الخرطوم بتصريحها الخطير، الذي ربما ارادت به ان تتفوق على  وزير دفاع النظام وقائد قوات الدعم السريع ناس حميدتي...! 
    لذا من حقكم ان تتطالبوا بتفتيشها قبل اي اجراء مقابلة معها، إذ ربما تكون لابسة حزام ناسف، إن لم تكن دبابة ... تحت ثوبها الأبيض، لانها نذرت نفسها للانتحار..! وقبل الختام، لا يفوتنا ان ننصح السيدة عفاف تاور، ان تقرأ كتاب الدكتور عائض القرني،  "لا تحزن"  
    الطيب الزين

قيادي إسلامي يكشف أسباب عدم تصفية النظام للترابي ..!


كشف الصافي جعفر، القيادي الإسلامي معلومات وأسرارا جديدة حول مفاصلة الإسلاميين في العام (1999)، وقال إنهم تعاهدوا في ذلك الوقت على أن لا يذهب بهم الخلاف إلى خيار التصفيات. وأضاف جعفر : (الحكومة لم تفكر في تصفية الترابي رغم العداء ولم يفكر هو في تصفية المخالفين له، بالرغم من أن هذا يحدث حتى داخل الحركات الإسلامية بالخارج). وفيما اعتبر أن الحركة الإسلامية قدمت نموذجاً لأدب الخلاف قال إنه حسم موقفه أيام المفاصلة باكراً وذهب للترابي وقال له: (نعم لتقويم النظام لا لتقويضه)، ونفى أن يكون انحيازه للبشير طلباً للسلطة والمال واستطرد قائلاً: (نحن ما ناس حكومة ومناصب، وأكبر دليل أنني لم أظفر إلى يوم الناس هذا بوزارة ولا سفارة، ولا حتى ونسوني بمقعد في المجلس الوطني).
وحول هتافه الشهير الذي أغضب أنصار الترابي أيام المفاصلة قال الصافي: (نعم قدمت الرئيس البشير في جامعة الخرطوم وكان موقفي يملي عليّ أن لا أكون رمادياً في تلك اللحظة، إما حكومة أو ضدها) وأشار إلى أن وضوحه جعلهم يلتمسون منه تقديم الرئيس البشير في جامعة الخرطوم بالقول: (عندما هتفت “جاء الحق وزهق الباطل” لم أكن أقصد الترابي بذلك، هو هتاف تعودت عليه دون أن يكون مفصلا على أحد، لكنهم فسروه على هواهم)، مستبعداً في الوقت نفسه وجود خليفة للترابي من بين الأسماء الحاضرة، بوصفه ظاهرة استثنائية وصاحب مشروع إسلامي عالمي
صحيفة اليوم التالي

السيسي و البشير في مصارعة حرة بدارفور! ..

هل المنافسة حرة و نزيهة بحق و حقيقْ؟ كل السودانيون يدرون..!

 لكن لست أدري هل تغابى التيجاني سيسي عن معرفة أن حصيلة واحد + تريليون
 = ديشليون أحياناً و أحياناً صفر على شمال نقطة و صفرة في علم رياضيات  نظام الانقاذ.. و أن شيئاً ما يستحقه مواطن سوداني ما = لا شئ وفق هيمنة النظام، أم أن السيسي جاد في منازلة البشير في المباراة المقامة على (كأس) الاقليم الواحد ضد الأقاليم المشتتة تشتت القبائل السودانية؟! و يبدو أن أبو قردة اقتنع بما قسمه له ربه فآثر أن يكون مع البشير في التشتيت، و ربما فعل ذلك نكاية في التيجاني سيسي، رفيق الأمس عدو اليوم.. فكم جعلت المغانم من الإخوة أعداء ألِّداء في عالم  السياسة و الجشع..  سوف ينازل سيسي ( أخاه) البشير في ميدان المصارعة الحرة حيث لا حدود فيها للضرب بالأقدام و الأرجل و كل ما تيسر من قوانين الهيمنة و التسلط .والتيجاني سيسي لم يتعلم فن العوم حتى الآن.. و البحر سوف يكون هائجاً يوم المباراة و هو عاصف منذ زمن..    تلك مصيبة الغباء في السياسة.. و ربما يكون الذكاء في تمثيل دور أنيط به لمواصلة الارتزاق.. 
حدث أن سودانياً تعرفنا به في مدينة أتلانتا الأمريكية اشترى سيارة مستعملة لم يكن ليحلم بها و هو في السودان.. و من شدة ارتفاع ترمومتر سعادته، أخذ معه زوجة أحد معارفه في السيارة لزيارة بعض السودانيين.. وتعطلت السيارة في أحد مرتفعات المدينة.. فطلب من المرة أن تجلس أمام مقود السيارة و تَحرك هو لاستجلاء الأمر و فجأة بدأت السيارة تتدحرج..فجرى أمامها ليوقفها بكل قوته من الأمام، فقذفت به بعيداً.. و تكسرت أجزاء من جسمه.. و أتى المسعفون و معهم رجال الشرطة و قال ضابط الشرطة أثناء التحريات:- "أنت تعلم عدم قدرتك على إيقاف السيارة، فلماذا حاولت إيقافها!  “ You know you could not stop it, then why you tried?و التيجاني سيسي يحاول إيقاف دولة/ البشير عما نوى البشير ( الدولة) منعلٍ، و هو يعلم ألا أحد يقف بمفرده خاوي اليدين أمام ( دولة) تمتلك كل شيئ.. دولة هي ( الحكومة) التي تتنازل عن كل مصالح العباد و البلد لأجل ديمومة هيمنتها و ثراء من معها بما فيهم التيجاني سيسي و أبو قردة و كل من أتى ليأخذ حبة و يقعد على كرسي من الكراسي الوثيرة داخل الغرف المنعشة  و الشعب في العراء في عز الحر..و سدنة النظام يتحدثون عن  تقصير الظل الاداري لتقديم الخدمات.. و لاخدمات سوف يتم تقديمها للمستحقين سوى باقات وعود و ( بشريات في بشريات في  بشريات متلاحقة) و لا طحين.. كان يدير سودان المليون ميل مربع تسعة مديرين و معاونوهم بنزاهة و شفافية مطلقة و باقتدار على تقديم الخدمات للمواطنين.. و رائدهم الاحساس بمسئولياتهم العامة.. و علاقاتهم الاجتماعية.. و الانسانية.. أما الآن،فيدير سودان الستمائة و نيف ميل مربع عدد 26 والٍ يتولى بعضهم إدارة ولاياتهم من الخرطوم بفساد و غموض مطلق.. و منع الخدمات عن المواطنين.. 
ألا رحم الله المدير/ عثمان جاد الرب، مدير مديرية أعالي النيل في أواسط الخمسينيات من القرن الماضي، ففي ذات يوم خرجنا إلى شوارع مدينة ملكال في مظاهرة ضد ناظر مدرسة ملكال الوسطى.. و في مرحلة من مراحل المظاهرة رأيناعربة المدير تراقب سير المظاهرة ( السلمية) من طرف أحد الشوارع و رأينا ابنه، التلميذ بالسنة الأولى بالمدرسة، يجري نحو أبيه ليركب العربة معه،فما كان من الأب إلا أن زجره:- "إرجع.. إرجع لأخوانك!" تلك تربية غائبة عن مستجدي النعمة سدنة نظام الانقاذ الذين يمنعون تواصلأبنائهم مع أبناء السودانيين ( أراذل القوم) و ( الرعاع) كما ينظرون  إلينا من أعالي أبراجهم ( المتطاولة في البنيان)..! قال تقصير الظل الاداري قال! هو فِضل ظل في سودان الغبش؟! إن الظل الاداري يسقط في كروش الاداريين..هذا و قد اعترف الرئيس في لقاء رمضاني في منزل التجاني السيسي، بأن أياديهم ملطخة بدماء أهل دارفور، وأن الحرب في دارفور لم يكن لها أي مبرر.. و هو الآن يواصل ظلم أهل دارفور باستفتاء مضروب.. قال استفتاء قال!  لم  لا ولن يصدق المواطن أن الاستفتاء حقيقي.. بل و يشكك والي ولاية شمال كردفان السابق عثمان يوسف كبر في سلامة الاستفتاء.. و يتحدث عن تجاوزات في التسجيل للاستفتاء في ولايات دارفور.. و يشير إلى أن  بعض الأسماء قد تم تسجيلها عن طريق الهاتف مما جعل الأرقام المسجلة تتضخم، و شكك في إمكانية حضور جميع الأسماء التي مسجلة للإدلاء بأصواتهم يوم     الاقتراع.. شكك كذلك في أن يتم الاعتراف بنتائج الاستفتاء إذا كانت عكس ما يتوقع النافذون في نظام الانقاذ.

و أتابع الآن- الساعة 12.44 ظهراً- سلاطين دارفور و هم يقدمون وثيقة     مبايعة البشير.. مبايعة على الالتزام بمساندة خيار الولايات..

الدرس انتهى يا سيسي.. إنتهى خلاص.. و لا داعي للاقتراع !

بقلم: عثمان محمد حسن 
سوداننيل

محن نساء المؤتمر: "نطلع من مصيبة سعاد.. نلقي ارهاب عفاف!!"...













١-
***- بينما ما ملايين الناس في السودان والاردن ومصر في انتظار ما ستسفر عنها المباحثات الرسمية بين المسؤولين في الخرطوم وعمان والقاهرة حول اطلاق سراح الطلاب الاردنيين والمصريين المعتقلين منذ يوم السبت ١٩ مارس الماضي ٢٠١٦ بتهمة تسريب اسئلة امتحانات شهادة الثانوية السودانية وتعاملهم مع (سماسرة) كانوا وراء عملية التسريب، وهي المشكلة السودانية التي دخلت البرلمان الاردني والمصري، وتسببت في وصول السيدة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج الي الخرطوم ورجعت الي القاهرة بخفي حنين...
٢-
***- بينما نحن السودانيين منذ (اربعة عشر يومآ) في انتظار اعلان وزارة التربية عن اسماء (السماسرة)، الذين استطاعوا ان يخترقوا وزارة التربية ويفتحوا الخزائن التي تحتوي علي اسئلة امتحانات الشهادة الثانوية وسربوها الي الخارج حتي وصلت الي الطلاب الاجانب في مساكنهم بالخرطوم...
٣-
***- ايضآ بينما نحن في السودان ننتظر بفارغ الصبر ان تفيدنا وزارة التربية ان كان ماجري في الايام الاخيرة هي عملية (غـش) ام عملية (تسريب)؟!!...فوجئنا ويالهول المفاجأة، ان عفاف تاور كافي القيادية بحزب المؤتمر الوطني والنائبة البرلمانية عن دوائر جنوب كردفان قد أبدت رغبتها الاكيدة في الانتحار للتخلص من الأمين العام لـ "الحركة الشعبية – قطاع الشمال " ياسر عرمان الذي اعتبرته السبب الرئيسي في مد أجل الحرب في ولاية جنوب كردفان!!
٤-
***- تصريح عفاف تاور (الخطير!!) سحب البساط من تحت اخبار وزارة التربية والتعليم وشغل بال الصحفيين الذين القوا الاضواء عليه بكثافة، ولانه لاول مرة في تاريخ السودان نجد احد المسؤولين الكبار في البرلمان يعلن جهارآ رغبته القيام بعملية انتحارية بهدف التخلص من معارض فقد تباينت وجهات النظر حول التصريح (الدموي). 
٥-
***- هناك من اكد انها عملية اتفاق مسبقة تمت ما بين مسؤولين في المؤتمر الوطني من جهة وعفاف تاور من جهة اخري، وان تدلي تاور بهذا التصريح بهدف الهاء الناس عن فضيحة وزارة التربية والتعليم، والا لماذا جاء توقيت تصريح عفاف تمامآ مع توقيق تسريب اسئلة الامتحانات؟!!
٦-
***- لماذا لم تعلن تاور من قبل عن نيتها في الانتحار والقضاء علي ياسر عرمان الا الان..مع العلم ان ما بين عرمان وعفاف جفاء وعدم ود منذ زمن طويل؟!!
٧-
***- تصريح عفاف تاور اثار تساؤلات حول ان كانت هي قانونية وتحمل شهادة جامعية- خصوصآ ان بعض الصحف المحلية كثيرآ ما اشارت الي مهنة عفاف القانونية؟!!-، فاذا كانت عفاف فعلآ قانونية ودخلت المجلس بهذه الصفة، هل يعقل ان تكون قانونية وارهابية في أن واحد؟!! 
٨-
***- الغريب في الامر، ان لا احد من المسؤولين في حزب المؤتمر الوطني..او المجلس قد استنكر التصريح، وسكتوا تمامآ عنه؟!!
٩-
***- هل اصبحت عفاف واحدة من (الانتحاريات) في رابطة (الدبابين) بجانب الوظيفة القانونية في المجلس الذي ترأسه بدرية سليمان؟!!
١٠-
***- ما الذي هدفت له عفاف بهذا التصريح الغريب: التقرب من عمر البشير بهذا التملق الذي فاق كل الحدود؟!!..ام انها فعلآ تنوي الانتحار بتفجير نفسها متي ماالتقت عرمان؟!!..ام محاولة لفت الانظار لها بعد ان اصبحت مهملة في المؤتمر الوطني والمجلس وتقريبآ بدون اعباء كبيرة؟!!
١١-
***- كتب احد المعلقين علي تصريح عفاف: 
(هب ان الأستاذ/ ياسر عرمان قد عمل على مد امد الحرب فى جنوب كردفان فهل هذا يبرر للأستاذة عفاف تاور ان تعمل على منهج داعش لتنتحر باية وسيلة تختارها؟!!..واذا تم هذا الانتحار وفجرت ياسرا ومالك عقار وعبد العزيز الحلو فهل هذا يعني ان الحرب قد انتهت فى جنوب كردفان؟!!
***- هذا التعليق يقودنا الي حادثة يوم ٢٤ ديسمبر عام ٢٠١١ عندما وقع حادث مقتل الدكتور خليل بتفجير صاروخي وفرحت الحكومة بهذا (الانتصار!!)، ومع ذلك لم تتوقف الحرب بل اشتد سعيرها الي اليوم.
١٢-
***- ظاهرة بروز ولمعان بريق نساء المؤتمر الوطني اشتد بقوة في الاونة الاخيرة خصوصآ بعد اختفاء الشخصيات الكبيرة التي كان عندها الوزن والثقل السياسي، هو ظهور جاء علي حساب القياديين القدامي والجدد الذين كانوا في الزمن السابق من اشهر الناس في الساحة السياسية فاطاح بهم البشير وابقي علي النساء.
١٣-
***- اشهر شخصية نسائية في حزب المؤتمر الوطني بلا منازع هي بدرية سليمان الرئيسة الفعلية وقائدة المجلس الوطني (البرلمان سابقآ). قالوها انها دكتورة!! واخرين اطلقوا عليها لقب (بدرية الترزية) علي اعتبار انها تفصل القوانين علي مقاس السلطة الحاكمة!!..هي (خميرة عكننة) داخل المجلس ولا ترضي بمناقشة اي مواضيع لا ترغب فيها السلطة مثل موضوع: عائدات النفط.. "الوديعة" القطرية.. اتفاقية مياه النيل.. سد "النهضة" الاثيوبي..فتح ملف "بيوت الاشباح"..مجزرة "العيلفون"..فساد القطط السمان.. صلاحيات جهاز الامن.. الحصانة..الغاء شرطة النظام العام..اغتصاب نساء "تابت".
***- رفضت بدرية السماح بوجود (كتلة المستقلين) داخل مجلسها!!
١٤-
***- الدكتورة سمية ابوكشوة وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي فشلت فشلآ ذريعآ في تادية واجبها الذي اقسمت عليه يوم التعيين. رفضت الافصاح عن الجامعات والمعاهد العليل الغير معترف بها من قبل الوزارة، وهو اجراء خطير للغاية لانه من حق اولياء الامور-خصوصآ المغتربين الذين يدفعون الرسوم بالعملة الصعبة- ان يعرفوا كل صغيرة عن الجامعات التي سيدرسون فيها مستقبلآ فلذات اكبادهم. السودان هو البلد الوحيد في العالم الذي ينفرد بان لا احد يعرف حقيقة الجامعات فيه، وان كانت حقآ مؤسسة تعليمية ام (فالصو)؟!! خطأ الدكتورة انها تحمي عن عمد تجار (مافيآ التعليم) علي حساب كل شي!!
١٥-
***- سخرت الجماهير طويلآ عندما طالعت (خبر وصورة) الوزيرة اشراقة وهي تحمل بندقية (كلاشنكوف) وسط مجموعة من جنود (قوات الدعم السريع)...زغردت اشرافة لحميدتي وهي التي اصلآ ما زغردت للانقاذ في حياتها!!، هي اول وزيرة دخلت تاريخ الخدمة المدنية بهذه الزغرودة، ولم يرد حميدتي التحية بأحسن منها؟!! 
١٦-
***- تعتبر تابيتا بطرس تيه شوكاي، خريجة كلية التمريض العالي في الخرطوم والحاصلة علي دبلوم علوم التمريض العالي ومعادلة بجامعة الإسكندرية بجمهورية مصر العربية بكالريوس العلوم بامتياز ١٩٨٣، وحصلت ايضآ علي الدكتوراه في مجال مكافحة العدوى والتهابات الجروح في مجال تمريض جراحة القلب بالمملكة المتحدة جامعة ويلز بكاردف عام ١٩٩٩ من اغرب الشخصيات التي عرفناها في تاريخ (الخدمة المدنية)!!
١٧-
***- كيف تكون تابيتا خريجة التمريض العالي وزيرة دولة في وزارة الموارد المائية والكهرباء؟!!...ما علاقة القطن والشاش والحقن بالتوربينات والمولدات الكهربائية؟!!....هل يمكن تحقيق (سودان حضاري) بهذه السياسة التي تعتمد علي (الولاء قبل الكفاءة)..(والشخصيات الغير مناسبة تكون في اعلي المناصب بالخدمة المدنية والعسكرية "حميدتي ابرز مثال لهذه السياسة"؟!! )...
١٨-
***- بدرية سليمان/ دكتورة،
***- سعاد عبدالرازق/ دكتورة!!
***- سمية ابو كشوة/ دكتورة،
***- تابيتا بطرس/ دكتورة.
كلهن دكتورات!!، اذآ لماذا الحال مايل ومزري في المجلس وبالوزارات؟!!

بكري الصائغ
bakrielsaiegh@yahoo.de
الراكوبة

السبت، 2 أبريل 2016

محجوب شريف ... عاشق العمل الطوعي ..

• ذات مرة ونحن وقتذاك نعمل بالدوحة ، والامبراطور الراحل وردي بيننا في رحلة زراعة الكلي الشهيرة في اكتوبر 2002م تحديداً ، طلب مني الاستاذ محمد وردي عليه الرحمة ان نحاول إستخراج تأشيرة زيارة لمحجوب لقضاء شهر كامل معه بالدوحة بعد الإنتهاء من زارعة الكلية .. فقلت له ممكن جدا ولكنني اعاني دوما من حكاية الخدمة المقطوعة من تلفون بيت محجوب شريف ، ضحك وردي ضحكة مجلجلة قبل ان ان يعلق قائلا: تعرف ياباشا عادي جدا يكون تلفون المنزل مقطوعا بسبب الفاتورة ، وقد تعودنا حين نطلب محجوب ان نسعي اولا لسداد فاتورة هاتفه حتي نتمكن من مهاتفته ، وبالتالي سنقوم من هنا بإنجاز المهمة ونسدد الفاتورة لتتصل به كي يرسل صورة الجواز حتي نشرع في استخراج التأشيرة من الجوازات القطرية ، ثم ذكر وردي جملة توقفت عندها كثيرا حين قال: ان زهد محجوب شريف هذا لايوجد له مثيل إلا في عهد الصحابة ، وبالتالي مثل محجوب لن يعمر كثيرا لأن مثل هؤلاء البشر ماتوا زمان لأنهم أخيارنا جميعا .

    • أتي محجوب الي الدوحة تصحبه كريمته الصغري ( مي ) والتي اقترح صديقنا نور الهدي مؤسس وناشر  ومالك دار عزة للنشر أن نرفق في تاشيرة شريف كريمته مي وقد كان ، وقد اهدش محجوب السودانيين بلياليه الشعرية التي اقمناها له بالدوحة حيث شاركت مي بتقديم العديد من الاناشيد التي كتبها لها والدها الأستاذ .
    • قلت لمحجوب لقد شاهدناك في التلفزيون ذات مرة وأنت تلقي الشعر  في احتفالات نادي الهلال ، فهل انت هلالي او لك إنتماء رياضي ؟ ضحك محجوب شريف ضحكة مميزة ثم قال بأنه لا يفقه شيء في الكورة ولا يتابعها ، لكن الاخوة في نادي الهلال طلبوا مشاركته في الحفل ، لكنه وبسبب جهله بالكرة وشعارات الاندية فإنه قد إرتدي قميصا احمر اللون من باب ( القشرة ) وذهب للمشاركة ، حيث اشار له البعض بأنه قد ( دقس ) لأنه يشارك الهلال ليلته لكنه يرتدي الاحمر شعار المريخ بسبب ان شعار الهلال هو الازرق ، فإعتذر للجمهور عن صعدوه للمسرح بسبب ارتدائه القميص الاحمر فضحك الجمهور ، واحسنوا إستقبال قصائده الوطنية الخالدة .
    • ذكر الصديق الاستاذ والشاعر الفلسفي المعروف التجاني سعيد وهو صديق مقرب جدا من شريف ، بأنه ذات مرة ذهبا لدعوة عشاء عند الاستاذ محمد وردي في منزله المستأجر بالعمارات الخرطوم قبل استقراره لاحقا في بيته الخاص بالكلاكلة صنقعت ، حيث كان التجاني قد سبق ان تغني له وردي بتاك الخالدة ( من غير ميعاد ) مذ كان التجاني طالبا بالثانوية في العام 1968م . وسبب دعوة وردي لهما هو ان يسمعها النشيد الجديد الذي سبق ان كتبه محجوب شريف بعد ان تغني له وردي بنشيد ( حارسنا وفارسنا ) في العام 1969 مع بداية ثورة مايو ، والنشيد الجديد هو ( أنت يا مايو الخلاص ) ... فقال شريف للتجاني دلوقتي بكده يكون وردي قد غني لي أثنين وإنت واحدة بس ما زدتها ، وعند العودة الي ام درمان الثورة  بعد تناولهم العشاء ، طلب محمد وردي من ضيف آخر لم يفصح وردي عن إسمه أن يوصل الأستاذين محجوب والتجاني الي المحطة الوسطي أم درمان ، وكان هذا الضيف يقود سيارة فلكسواجن ، وعند نزولهما في الوسطي ام درمان ، شكراه ، غير ان محجوب شريف سأل الرجل : إسم الكريم منو يا خونا ؟ فرد عليه انا ( محمد ابراهيم نقد ) وتحرك مسرعا حيث وقف محجوب شريف مندهشا لفترة عند سماعه للإجابة ، ذلك انه لم يكن يعرف وجه القيادات السياسية التي انتمي لها لاحاقاً .
    • حكي لنا شريف ذات مرة بأنه كان بسبب اشعاره يواجه مضايقات امنية قاسية في سنوات السبعينات في زمن حكم الرئيس الراحل جعفر نميري بسبب اناشيده التي لا تتوقف وذلك بسرعة انتقالها بسرعة بين ايادي طلاب الجامعات والثانويات في ذلك الزمن الذي لم تكن فيها الوسائط الاعلامية منتشرة في السودان . ومن تلك المضايقات التي نتجت عنها اغنية محددة تغني بها وردي في ذلك الزمان ، هي ان محجوب شريف الذي تزوج من السيدة اميرة الجزولي والدة كريماته مريم ومي ، وهي شقيقة الاستاذ الجليل والمحامي المعروف صديقنا كمال الجزولي ، وقد اقيم حفل الزفاف بدار المعلمين الذي كان يقبع في مواجهة ئاسة شرطة المرور بشارع الجامعة في موقع المرور الحالي ، وقد كان الحفل عبارة عن استفتاء لشعبية الرجل ، وذهب في رحلة الزواج بالقطار الي بورتسودان ، وعند العودة وما أن استرخي في منزله ، إلا أن يأتيه زوار الليل معتقلا ومخفورا بقطار اليوم التالي الي سجن بورتسودان تارة اخري ، وهناك كتب تلك الرئعة التي ذكرنها ، نعم كتبها لعروسته وغرد بها وردي بلحن خفيف جدا ، ذلك ان وردي يعرف مقاصد مفردات اشعار صديق عمره محجوب شريف التي لا تفرق بين العمل الوطني والاغنية العاطفية ، حيث قال فيها :
      معاكي .. معاني حياتي بتبدأ
    وافتح باباً ياما إنسدا
    واشوف العالم ربوة جميلة
    عليها نسيم الصبح مخدة
    وبيني وبين النهر عشانك
    عـُشرة بتبدأ
    وبين عيني .. خد  الوردة بتبقي مودة
    اصالح روحي ... وتبري جروحي
    اهلل باسمك ... اهلل اغني
    واقيف .. وأتحدا
    بحبك .... انا مجنونك
    ساكن فيني هواك وبريدك
    جوه القلب ...النبض بصونك
    ****
    • من الطرائف التي يحكيها محجوب الشريف بعد خروجه من المعتقل إثر فشل حركة الرائد هاشم العطا في يوليو 1971م وعودة نميري تارة اخري بتلك الهجمة الشرسة جدا علي قوي اليسار من كافة الفئات ، حتي الطلاب ، تم بالطبع فصل محجوب من العمل كمعلم ، فإفتتح الرجل دكان في الثورة ، وبدأ الزبائن يفدون الي متجره ليبتاعوا منه ، برغم ان معظم البيع كان ( بالجرورة ) فقد أدخل محجوب حرفة بيع الفول في الدكان كشأن معظم البقالات ، غير ان رجال الامن ظلوا يترصدونه بأن يأتوا في الليل البهيم ليأخذوا قدرة الفول بكاملها حين تترك خارج الدكان لزيادة إشتعال الفحم في الكانون حتي الصباح ليصبح الفول مستوياً ... يحكيها محجوب وهو يضحك لطرافة المعاكسات السياسية وسذاجتها وقتذاك ... فصبر محجوب علي الاذي طويلا ، وفي نهاية الامر ذهبوا هم بسرعة البرق وبقي محجوب واشعار محجوب تسكن داخل وجدان اهل السودان.
    • كعادة محجوب فإنه كان لا يرغب في حضور بروفات اعماله الشعرية حيث يفضل الاستماع لها كباقي الجمهور من خلال الاجهزة . حتي المسرح فإنه لا يرغب لسماع اغنياته منه .
    • ولكن ذات مرة وقد كنا وقتها في النصف الاول من السبعينات نعمل بمهنة التدريس بمدارس ام درمان ونواصل دراستنا الجامعية مساء بجامعة القاهرة فرع الخرطوم ، وكان محجوب شريف وقتها قد تم فصله من مهنة التدريس التي امتهنها منذ تخرجه معهد التربية ( سنتين بعد اكمال المتوسطة ) التي درسها بمدرسة المدينة عرب بالجزيرة غرب ودمدني ، فإنه قد دعاني ومعي زميل الطرفين الاستاذ المربي الراحل سليمان هباش لكي نذهب معه الي دار اتحاد الفنانين بامدرمان بموقع الدار السابق الذي كان يجاور المسرح القومي وهو عبارة عن بيت من بيوت وزارة التربية الظليلة الاشجار وتجاور ايضا سكن الاستاذ عبدالمجيد طلسم وكيل وزارة التربية الاسبق وهو والد البلابل . وسبب دعوة شريف لنا هو ان وردي قد طلب منه الحضور بالنادي للاستماع للبروفة النهائية لأغنيته التي كتبها لوردي كأول عمل غنائي عاطفي بعد سلسلة الاناشيد الوطنية ، وقد كانت الأغنية هي ( جميلة ومستحيلة ) التي ظهرت للوجود في العام 1974م تحديداًوقد احدثت ضجة ضخمة جدا بسبب ان مفرداتها كانت فعلا ذات لغة جديدة ، وقد اضفي لها لحن وردي ومسيقاه بهاء فوق بهاء المعاني.
      يا جميلة ومستحيلة
    إنت دايما زي سحابة
    الريح تعجل بي رحيلها
    اسمحيلا تشوف عيونك اسمحيلا
    انا لا الصبر قادر عليا ولا عندي حيلة
    • كنا في يوليو من العام 1970م قد اتينا من مدينة الاحلام ( ودمدني ) الي الخرطوم لنلتحق بجامعة القاهرة فرع الخرطوم التي فتحت ابوابها لطلاب الشهادة السودانية بتخصيصها لعدد الف منحة بتوجيهات من الزعيم جمال عبدالناصر لمدير الجامعة وقتها الراحل الاستاذ الدكتور محمد طلبة عويضة عالم الرياضيات المعروف والذي تم اختياره فيما بعد لتأسيس جامعة الزقازيق والتي فتح فيها فرصا متسعة للطلاب السودانيين في ذلك الزمان من حقبة السبعينات ، وحين التحقنا بمهنة التدريس صباحا ، فقد عرفتي بعض الزملاء علي الراحل الاستاذ محجوب شريف ، وقد كان منهمكا بتكوين جسم سياسي داخل اواسط المعلمين يسمي ( رابطة المعلمين الاشتراكيين ) فإنضممنا معه في تلك الرابطة حيث كانت شعارات الاشتراكية والقومية متمددة بقوة وجاذبة جدا في ذلك الزمان ، ومنذ ذلك الوقت ظلت علاقتي ممتدة مع محجوب حتي رحيله بالأمس القريب ، واذكر ان محجوب لم يكن يتحدث كثيرا في الشان السياسي ، بل كانت اهتمامته تلمس احتياجات الناس العاديين البسطاء ، ويترجم تلك الآمال والمعاني والرغبات الي شعر دراجي جميل ، يشبه كثيرا المدارس الشعرية التي تتحدث عن معاناة الجماهير ، وقد رأيناها متمثلة في الشعراء الراحلين : أحمد فؤاد نجم ، أمل دنقل ، والعراقي بدر شاكر السياب والروائي التقدمي صنع الله ابراهيم اطال الله في عمره -- وغيرهم كثر .
    • كان محجوب شريف وقبل داء الرئة الذي اقعده عن الحركة الواسعة لعدة سنوات ماضية يحب جدا عمل الخير الميداني والتطبيقي ، حيث اسس في الثورات البعيدة مؤسسة أو منظمة ( رد الجميل ) التي كان يستقطب من اجلها العفش المتهالك الذي ترميه الاسر في اركان الحوش او في المخزن ، فيشجعهم علي التبرع به ليصنع من ذلك الاثاث بواسطة الصبية المشردين اثاثا جديدا يمكن تسويقه ومساعدة هؤلاء الصبية والاطفال بريع بيعه لسد حاجاتهم وحاجات اسرهم الحياتية ، وقد نذر نفسه لهذه الخدمة كما كان ناشطا في تأسيس جمعية مرضي الفشل الكلوي للأطفال بطريقة لا تخطئها العين .
    • ظل محجوب شريف يلبي دعوة الجاليات السودانية في الدول العربية والاوربية ، فيستغل الفعاليات ورحلا العلاج لجمع المزيد من العدم لمنظمته الخيرية التي صنع بها المستحيل ـ فوضع بصمته القوية في خارطة العمل الطوعي لسنوات طويلة وبلا إعلام مصاحب وجلب دعم رسمي ، مختفيا بمساهمات الخيرين داخل الوطن وخارجه .
    • إننا حين نشيع الاستاذ محجوب شريف الي مثواه الاخير ، ندعو الله تعالي بان قبله القبول الحسن ، ذلك انه هو الانسان البسيط الذي لم نره يسبب اذي في حياته كلها لأحد ، ولم نعرفه مترفعا ولا متعجرفا ولا متعاليا كشأن العديد من المثقفاتية الذين يملأون الدنيا ضجيجاً .
    • وإننا إذ نودعك يا محجوب يا شريف فإننا نظل نردد معك وبعدك :
    • يا شعبا تسامي .... يا هذا الهمام
    • تشق الدنيا ياما .. وتطلع من زحاما
    • زي بدر التمام
    • تدي النخلة طولا ... والغابات طبولا
    • والايام فصولا .. والفكرة الغمام
      ورحم الله شاعر الشعب

• ذات مرة ونحن وقتذاك نعمل بالدوحة ، والامبراطور الراحل وردي بيننا في رحلة زراعة الكلي الشهيرة في اكتوبر 2002م تحديداً ، طلب مني الاستاذ محمد وردي عليه الرحمة ان نحاول إستخراج تأشيرة زيارة لمحجوب لقضاء شهر كامل معه بالدوحة بعد الإنتهاء من زارعة الكلية .. فقلت له ممكن جدا ولكنني اعاني دوما من حكاية الخدمة المقطوعة من تلفون بيت محجوب شريف ، ضحك وردي ضحكة مجلجلة قبل ان ان يعلق قائلا: تعرف ياباشا عادي جدا يكون تلفون المنزل مقطوعا بسبب الفاتورة ، وقد تعودنا حين نطلب محجوب ان نسعي اولا لسداد فاتورة هاتفه حتي نتمكن من مهاتفته ، وبالتالي سنقوم من هنا بإنجاز المهمة ونسدد الفاتورة لتتصل به كي يرسل صورة الجواز حتي نشرع في استخراج التأشيرة من الجوازات القطرية ، ثم ذكر وردي جملة توقفت عندها كثيرا حين قال: ان زهد محجوب شريف هذا لايوجد له مثيل إلا في عهد الصحابة ، وبالتالي مثل محجوب لن يعمر كثيرا لأن مثل هؤلاء البشر ماتوا زمان لأنهم أخيارنا جميعا .
    • أتي محجوب الي الدوحة تصحبه كريمته الصغري ( مي ) والتي اقترح صديقنا نور الهدي مؤسس وناشر  ومالك دار عزة للنشر أن نرفق في تاشيرة شريف كريمته مي وقد كان ، وقد اهدش محجوب السودانيين بلياليه الشعرية التي اقمناها له بالدوحة حيث شاركت مي بتقديم العديد من الاناشيد التي كتبها لها والدها الأستاذ .
    • قلت لمحجوب لقد شاهدناك في التلفزيون ذات مرة وأنت تلقي الشعر  في احتفالات نادي الهلال ، فهل انت هلالي او لك إنتماء رياضي ؟ ضحك محجوب شريف ضحكة مميزة ثم قال بأنه لا يفقه شيء في الكورة ولا يتابعها ، لكن الاخوة في نادي الهلال طلبوا مشاركته في الحفل ، لكنه وبسبب جهله بالكرة وشعارات الاندية فإنه قد إرتدي قميصا احمر اللون من باب ( القشرة ) وذهب للمشاركة ، حيث اشار له البعض بأنه قد ( دقس ) لأنه يشارك الهلال ليلته لكنه يرتدي الاحمر شعار المريخ بسبب ان شعار الهلال هو الازرق ، فإعتذر للجمهور عن صعدوه للمسرح بسبب ارتدائه القميص الاحمر فضحك الجمهور ، واحسنوا إستقبال قصائده الوطنية الخالدة .
    • ذكر الصديق الاستاذ والشاعر الفلسفي المعروف التجاني سعيد وهو صديق مقرب جدا من شريف ، بأنه ذات مرة ذهبا لدعوة عشاء عند الاستاذ محمد وردي في منزله المستأجر بالعمارات الخرطوم قبل استقراره لاحقا في بيته الخاص بالكلاكلة صنقعت ، حيث كان التجاني قد سبق ان تغني له وردي بتاك الخالدة ( من غير ميعاد ) مذ كان التجاني طالبا بالثانوية في العام 1968م . وسبب دعوة وردي لهما هو ان يسمعها النشيد الجديد الذي سبق ان كتبه محجوب شريف بعد ان تغني له وردي بنشيد ( حارسنا وفارسنا ) في العام 1969 مع بداية ثورة مايو ، والنشيد الجديد هو ( أنت يا مايو الخلاص ) ... فقال شريف للتجاني دلوقتي بكده يكون وردي قد غني لي أثنين وإنت واحدة بس ما زدتها ، وعند العودة الي ام درمان الثورة  بعد تناولهم العشاء ، طلب محمد وردي من ضيف آخر لم يفصح وردي عن إسمه أن يوصل الأستاذين محجوب والتجاني الي المحطة الوسطي أم درمان ، وكان هذا الضيف يقود سيارة فلكسواجن ، وعند نزولهما في الوسطي ام درمان ، شكراه ، غير ان محجوب شريف سأل الرجل : إسم الكريم منو يا خونا ؟ فرد عليه انا ( محمد ابراهيم نقد ) وتحرك مسرعا حيث وقف محجوب شريف مندهشا لفترة عند سماعه للإجابة ، ذلك انه لم يكن يعرف وجه القيادات السياسية التي انتمي لها لاحاقاً .
    • حكي لنا شريف ذات مرة بأنه كان بسبب اشعاره يواجه مضايقات امنية قاسية في سنوات السبعينات في زمن حكم الرئيس الراحل جعفر نميري بسبب اناشيده التي لا تتوقف وذلك بسرعة انتقالها بسرعة بين ايادي طلاب الجامعات والثانويات في ذلك الزمن الذي لم تكن فيها الوسائط الاعلامية منتشرة في السودان . ومن تلك المضايقات التي نتجت عنها اغنية محددة تغني بها وردي في ذلك الزمان ، هي ان محجوب شريف الذي تزوج من السيدة اميرة الجزولي والدة كريماته مريم ومي ، وهي شقيقة الاستاذ الجليل والمحامي المعروف صديقنا كمال الجزولي ، وقد اقيم حفل الزفاف بدار المعلمين الذي كان يقبع في مواجهة ئاسة شرطة المرور بشارع الجامعة في موقع المرور الحالي ، وقد كان الحفل عبارة عن استفتاء لشعبية الرجل ، وذهب في رحلة الزواج بالقطار الي بورتسودان ، وعند العودة وما أن استرخي في منزله ، إلا أن يأتيه زوار الليل معتقلا ومخفورا بقطار اليوم التالي الي سجن بورتسودان تارة اخري ، وهناك كتب تلك الرئعة التي ذكرنها ، نعم كتبها لعروسته وغرد بها وردي بلحن خفيف جدا ، ذلك ان وردي يعرف مقاصد مفردات اشعار صديق عمره محجوب شريف التي لا تفرق بين العمل الوطني والاغنية العاطفية ، حيث قال فيها :
      معاكي .. معاني حياتي بتبدأ
    وافتح باباً ياما إنسدا
    واشوف العالم ربوة جميلة
    عليها نسيم الصبح مخدة
    وبيني وبين النهر عشانك
    عـُشرة بتبدأ
    وبين عيني .. خد  الوردة بتبقي مودة
    اصالح روحي ... وتبري جروحي
    اهلل باسمك ... اهلل اغني
    واقيف .. وأتحدا
    بحبك .... انا مجنونك
    ساكن فيني هواك وبريدك
    جوه القلب ...النبض بصونك
    ****
    • من الطرائف التي يحكيها محجوب الشريف بعد خروجه من المعتقل إثر فشل حركة الرائد هاشم العطا في يوليو 1971م وعودة نميري تارة اخري بتلك الهجمة الشرسة جدا علي قوي اليسار من كافة الفئات ، حتي الطلاب ، تم بالطبع فصل محجوب من العمل كمعلم ، فإفتتح الرجل دكان في الثورة ، وبدأ الزبائن يفدون الي متجره ليبتاعوا منه ، برغم ان معظم البيع كان ( بالجرورة ) فقد أدخل محجوب حرفة بيع الفول في الدكان كشأن معظم البقالات ، غير ان رجال الامن ظلوا يترصدونه بأن يأتوا في الليل البهيم ليأخذوا قدرة الفول بكاملها حين تترك خارج الدكان لزيادة إشتعال الفحم في الكانون حتي الصباح ليصبح الفول مستوياً ... يحكيها محجوب وهو يضحك لطرافة المعاكسات السياسية وسذاجتها وقتذاك ... فصبر محجوب علي الاذي طويلا ، وفي نهاية الامر ذهبوا هم بسرعة البرق وبقي محجوب واشعار محجوب تسكن داخل وجدان اهل السودان.
    • كعادة محجوب فإنه كان لا يرغب في حضور بروفات اعماله الشعرية حيث يفضل الاستماع لها كباقي الجمهور من خلال الاجهزة . حتي المسرح فإنه لا يرغب لسماع اغنياته منه .
    • ولكن ذات مرة وقد كنا وقتها في النصف الاول من السبعينات نعمل بمهنة التدريس بمدارس ام درمان ونواصل دراستنا الجامعية مساء بجامعة القاهرة فرع الخرطوم ، وكان محجوب شريف وقتها قد تم فصله من مهنة التدريس التي امتهنها منذ تخرجه معهد التربية ( سنتين بعد اكمال المتوسطة ) التي درسها بمدرسة المدينة عرب بالجزيرة غرب ودمدني ، فإنه قد دعاني ومعي زميل الطرفين الاستاذ المربي الراحل سليمان هباش لكي نذهب معه الي دار اتحاد الفنانين بامدرمان بموقع الدار السابق الذي كان يجاور المسرح القومي وهو عبارة عن بيت من بيوت وزارة التربية الظليلة الاشجار وتجاور ايضا سكن الاستاذ عبدالمجيد طلسم وكيل وزارة التربية الاسبق وهو والد البلابل . وسبب دعوة شريف لنا هو ان وردي قد طلب منه الحضور بالنادي للاستماع للبروفة النهائية لأغنيته التي كتبها لوردي كأول عمل غنائي عاطفي بعد سلسلة الاناشيد الوطنية ، وقد كانت الأغنية هي ( جميلة ومستحيلة ) التي ظهرت للوجود في العام 1974م تحديداًوقد احدثت ضجة ضخمة جدا بسبب ان مفرداتها كانت فعلا ذات لغة جديدة ، وقد اضفي لها لحن وردي ومسيقاه بهاء فوق بهاء المعاني.
      يا جميلة ومستحيلة
    إنت دايما زي سحابة
    الريح تعجل بي رحيلها
    اسمحيلا تشوف عيونك اسمحيلا
    انا لا الصبر قادر عليا ولا عندي حيلة
    • كنا في يوليو من العام 1970م قد اتينا من مدينة الاحلام ( ودمدني ) الي الخرطوم لنلتحق بجامعة القاهرة فرع الخرطوم التي فتحت ابوابها لطلاب الشهادة السودانية بتخصيصها لعدد الف منحة بتوجيهات من الزعيم جمال عبدالناصر لمدير الجامعة وقتها الراحل الاستاذ الدكتور محمد طلبة عويضة عالم الرياضيات المعروف والذي تم اختياره فيما بعد لتأسيس جامعة الزقازيق والتي فتح فيها فرصا متسعة للطلاب السودانيين في ذلك الزمان من حقبة السبعينات ، وحين التحقنا بمهنة التدريس صباحا ، فقد عرفتي بعض الزملاء علي الراحل الاستاذ محجوب شريف ، وقد كان منهمكا بتكوين جسم سياسي داخل اواسط المعلمين يسمي ( رابطة المعلمين الاشتراكيين ) فإنضممنا معه في تلك الرابطة حيث كانت شعارات الاشتراكية والقومية متمددة بقوة وجاذبة جدا في ذلك الزمان ، ومنذ ذلك الوقت ظلت علاقتي ممتدة مع محجوب حتي رحيله بالأمس القريب ، واذكر ان محجوب لم يكن يتحدث كثيرا في الشان السياسي ، بل كانت اهتمامته تلمس احتياجات الناس العاديين البسطاء ، ويترجم تلك الآمال والمعاني والرغبات الي شعر دراجي جميل ، يشبه كثيرا المدارس الشعرية التي تتحدث عن معاناة الجماهير ، وقد رأيناها متمثلة في الشعراء الراحلين : أحمد فؤاد نجم ، أمل دنقل ، والعراقي بدر شاكر السياب والروائي التقدمي صنع الله ابراهيم اطال الله في عمره -- وغيرهم كثر .
    • كان محجوب شريف وقبل داء الرئة الذي اقعده عن الحركة الواسعة لعدة سنوات ماضية يحب جدا عمل الخير الميداني والتطبيقي ، حيث اسس في الثورات البعيدة مؤسسة أو منظمة ( رد الجميل ) التي كان يستقطب من اجلها العفش المتهالك الذي ترميه الاسر في اركان الحوش او في المخزن ، فيشجعهم علي التبرع به ليصنع من ذلك الاثاث بواسطة الصبية المشردين اثاثا جديدا يمكن تسويقه ومساعدة هؤلاء الصبية والاطفال بريع بيعه لسد حاجاتهم وحاجات اسرهم الحياتية ، وقد نذر نفسه لهذه الخدمة كما كان ناشطا في تأسيس جمعية مرضي الفشل الكلوي للأطفال بطريقة لا تخطئها العين .
    • ظل محجوب شريف يلبي دعوة الجاليات السودانية في الدول العربية والاوربية ، فيستغل الفعاليات ورحلا العلاج لجمع المزيد من العدم لمنظمته الخيرية التي صنع بها المستحيل ـ فوضع بصمته القوية في خارطة العمل الطوعي لسنوات طويلة وبلا إعلام مصاحب وجلب دعم رسمي ، مختفيا بمساهمات الخيرين داخل الوطن وخارجه .
    • إننا حين نشيع الاستاذ محجوب شريف الي مثواه الاخير ، ندعو الله تعالي بان قبله القبول الحسن ، ذلك انه هو الانسان البسيط الذي لم نره يسبب اذي في حياته كلها لأحد ، ولم نعرفه مترفعا ولا متعجرفا ولا متعاليا كشأن العديد من المثقفاتية الذين يملأون الدنيا ضجيجاً .
    • وإننا إذ نودعك يا محجوب يا شريف فإننا نظل نردد معك وبعدك :
    • يا شعبا تسامي .... يا هذا الهمام
    • تشق الدنيا ياما .. وتطلع من زحاما
    • زي بدر التمام
    • تدي النخلة طولا ... والغابات طبولا
    • والايام فصولا .. والفكرة الغمام
      ورحم الله شاعر الشعب

• ذات مرة ونحن وقتذاك نعمل بالدوحة ، والامبراطور الراحل وردي بيننا في رحلة زراعة الكلي الشهيرة في اكتوبر 2002م تحديداً ، طلب مني الاستاذ محمد وردي عليه الرحمة ان نحاول إستخراج تأشيرة زيارة لمحجوب لقضاء شهر كامل معه بالدوحة بعد الإنتهاء من زارعة الكلية .. فقلت له ممكن جدا ولكنني اعاني دوما من حكاية الخدمة المقطوعة من تلفون بيت محجوب شريف ، ضحك وردي ضحكة مجلجلة قبل ان ان يعلق قائلا: تعرف ياباشا عادي جدا يكون تلفون المنزل مقطوعا بسبب الفاتورة ، وقد تعودنا حين نطلب محجوب ان نسعي اولا لسداد فاتورة هاتفه حتي نتمكن من مهاتفته ، وبالتالي سنقوم من هنا بإنجاز المهمة ونسدد الفاتورة لتتصل به كي يرسل صورة الجواز حتي نشرع في استخراج التأشيرة من الجوازات القطرية ، ثم ذكر وردي جملة توقفت عندها كثيرا حين قال: ان زهد محجوب شريف هذا لايوجد له مثيل إلا في عهد الصحابة ، وبالتالي مثل محجوب لن يعمر كثيرا لأن مثل هؤلاء البشر ماتوا زمان لأنهم أخيارنا جميعا .
    • أتي محجوب الي الدوحة تصحبه كريمته الصغري ( مي ) والتي اقترح صديقنا نور الهدي مؤسس وناشر  ومالك دار عزة للنشر أن نرفق في تاشيرة شريف كريمته مي وقد كان ، وقد اهدش محجوب السودانيين بلياليه الشعرية التي اقمناها له بالدوحة حيث شاركت مي بتقديم العديد من الاناشيد التي كتبها لها والدها الأستاذ .
    • قلت لمحجوب لقد شاهدناك في التلفزيون ذات مرة وأنت تلقي الشعر  في احتفالات نادي الهلال ، فهل انت هلالي او لك إنتماء رياضي ؟ ضحك محجوب شريف ضحكة مميزة ثم قال بأنه لا يفقه شيء في الكورة ولا يتابعها ، لكن الاخوة في نادي الهلال طلبوا مشاركته في الحفل ، لكنه وبسبب جهله بالكرة وشعارات الاندية فإنه قد إرتدي قميصا احمر اللون من باب ( القشرة ) وذهب للمشاركة ، حيث اشار له البعض بأنه قد ( دقس ) لأنه يشارك الهلال ليلته لكنه يرتدي الاحمر شعار المريخ بسبب ان شعار الهلال هو الازرق ، فإعتذر للجمهور عن صعدوه للمسرح بسبب ارتدائه القميص الاحمر فضحك الجمهور ، واحسنوا إستقبال قصائده الوطنية الخالدة .
    • ذكر الصديق الاستاذ والشاعر الفلسفي المعروف التجاني سعيد وهو صديق مقرب جدا من شريف ، بأنه ذات مرة ذهبا لدعوة عشاء عند الاستاذ محمد وردي في منزله المستأجر بالعمارات الخرطوم قبل استقراره لاحقا في بيته الخاص بالكلاكلة صنقعت ، حيث كان التجاني قد سبق ان تغني له وردي بتاك الخالدة ( من غير ميعاد ) مذ كان التجاني طالبا بالثانوية في العام 1968م . وسبب دعوة وردي لهما هو ان يسمعها النشيد الجديد الذي سبق ان كتبه محجوب شريف بعد ان تغني له وردي بنشيد ( حارسنا وفارسنا ) في العام 1969 مع بداية ثورة مايو ، والنشيد الجديد هو ( أنت يا مايو الخلاص ) ... فقال شريف للتجاني دلوقتي بكده يكون وردي قد غني لي أثنين وإنت واحدة بس ما زدتها ، وعند العودة الي ام درمان الثورة  بعد تناولهم العشاء ، طلب محمد وردي من ضيف آخر لم يفصح وردي عن إسمه أن يوصل الأستاذين محجوب والتجاني الي المحطة الوسطي أم درمان ، وكان هذا الضيف يقود سيارة فلكسواجن ، وعند نزولهما في الوسطي ام درمان ، شكراه ، غير ان محجوب شريف سأل الرجل : إسم الكريم منو يا خونا ؟ فرد عليه انا ( محمد ابراهيم نقد ) وتحرك مسرعا حيث وقف محجوب شريف مندهشا لفترة عند سماعه للإجابة ، ذلك انه لم يكن يعرف وجه القيادات السياسية التي انتمي لها لاحاقاً .
    • حكي لنا شريف ذات مرة بأنه كان بسبب اشعاره يواجه مضايقات امنية قاسية في سنوات السبعينات في زمن حكم الرئيس الراحل جعفر نميري بسبب اناشيده التي لا تتوقف وذلك بسرعة انتقالها بسرعة بين ايادي طلاب الجامعات والثانويات في ذلك الزمن الذي لم تكن فيها الوسائط الاعلامية منتشرة في السودان . ومن تلك المضايقات التي نتجت عنها اغنية محددة تغني بها وردي في ذلك الزمان ، هي ان محجوب شريف الذي تزوج من السيدة اميرة الجزولي والدة كريماته مريم ومي ، وهي شقيقة الاستاذ الجليل والمحامي المعروف صديقنا كمال الجزولي ، وقد اقيم حفل الزفاف بدار المعلمين الذي كان يقبع في مواجهة ئاسة شرطة المرور بشارع الجامعة في موقع المرور الحالي ، وقد كان الحفل عبارة عن استفتاء لشعبية الرجل ، وذهب في رحلة الزواج بالقطار الي بورتسودان ، وعند العودة وما أن استرخي في منزله ، إلا أن يأتيه زوار الليل معتقلا ومخفورا بقطار اليوم التالي الي سجن بورتسودان تارة اخري ، وهناك كتب تلك الرئعة التي ذكرنها ، نعم كتبها لعروسته وغرد بها وردي بلحن خفيف جدا ، ذلك ان وردي يعرف مقاصد مفردات اشعار صديق عمره محجوب شريف التي لا تفرق بين العمل الوطني والاغنية العاطفية ، حيث قال فيها :
      معاكي .. معاني حياتي بتبدأ
    وافتح باباً ياما إنسدا
    واشوف العالم ربوة جميلة
    عليها نسيم الصبح مخدة
    وبيني وبين النهر عشانك
    عـُشرة بتبدأ
    وبين عيني .. خد  الوردة بتبقي مودة
    اصالح روحي ... وتبري جروحي
    اهلل باسمك ... اهلل اغني
    واقيف .. وأتحدا
    بحبك .... انا مجنونك
    ساكن فيني هواك وبريدك
    جوه القلب ...النبض بصونك
    ****
    • من الطرائف التي يحكيها محجوب الشريف بعد خروجه من المعتقل إثر فشل حركة الرائد هاشم العطا في يوليو 1971م وعودة نميري تارة اخري بتلك الهجمة الشرسة جدا علي قوي اليسار من كافة الفئات ، حتي الطلاب ، تم بالطبع فصل محجوب من العمل كمعلم ، فإفتتح الرجل دكان في الثورة ، وبدأ الزبائن يفدون الي متجره ليبتاعوا منه ، برغم ان معظم البيع كان ( بالجرورة ) فقد أدخل محجوب حرفة بيع الفول في الدكان كشأن معظم البقالات ، غير ان رجال الامن ظلوا يترصدونه بأن يأتوا في الليل البهيم ليأخذوا قدرة الفول بكاملها حين تترك خارج الدكان لزيادة إشتعال الفحم في الكانون حتي الصباح ليصبح الفول مستوياً ... يحكيها محجوب وهو يضحك لطرافة المعاكسات السياسية وسذاجتها وقتذاك ... فصبر محجوب علي الاذي طويلا ، وفي نهاية الامر ذهبوا هم بسرعة البرق وبقي محجوب واشعار محجوب تسكن داخل وجدان اهل السودان.
    • كعادة محجوب فإنه كان لا يرغب في حضور بروفات اعماله الشعرية حيث يفضل الاستماع لها كباقي الجمهور من خلال الاجهزة . حتي المسرح فإنه لا يرغب لسماع اغنياته منه .
    • ولكن ذات مرة وقد كنا وقتها في النصف الاول من السبعينات نعمل بمهنة التدريس بمدارس ام درمان ونواصل دراستنا الجامعية مساء بجامعة القاهرة فرع الخرطوم ، وكان محجوب شريف وقتها قد تم فصله من مهنة التدريس التي امتهنها منذ تخرجه معهد التربية ( سنتين بعد اكمال المتوسطة ) التي درسها بمدرسة المدينة عرب بالجزيرة غرب ودمدني ، فإنه قد دعاني ومعي زميل الطرفين الاستاذ المربي الراحل سليمان هباش لكي نذهب معه الي دار اتحاد الفنانين بامدرمان بموقع الدار السابق الذي كان يجاور المسرح القومي وهو عبارة عن بيت من بيوت وزارة التربية الظليلة الاشجار وتجاور ايضا سكن الاستاذ عبدالمجيد طلسم وكيل وزارة التربية الاسبق وهو والد البلابل . وسبب دعوة شريف لنا هو ان وردي قد طلب منه الحضور بالنادي للاستماع للبروفة النهائية لأغنيته التي كتبها لوردي كأول عمل غنائي عاطفي بعد سلسلة الاناشيد الوطنية ، وقد كانت الأغنية هي ( جميلة ومستحيلة ) التي ظهرت للوجود في العام 1974م تحديداًوقد احدثت ضجة ضخمة جدا بسبب ان مفرداتها كانت فعلا ذات لغة جديدة ، وقد اضفي لها لحن وردي ومسيقاه بهاء فوق بهاء المعاني.
      يا جميلة ومستحيلة
    إنت دايما زي سحابة
    الريح تعجل بي رحيلها
    اسمحيلا تشوف عيونك اسمحيلا
    انا لا الصبر قادر عليا ولا عندي حيلة
    • كنا في يوليو من العام 1970م قد اتينا من مدينة الاحلام ( ودمدني ) الي الخرطوم لنلتحق بجامعة القاهرة فرع الخرطوم التي فتحت ابوابها لطلاب الشهادة السودانية بتخصيصها لعدد الف منحة بتوجيهات من الزعيم جمال عبدالناصر لمدير الجامعة وقتها الراحل الاستاذ الدكتور محمد طلبة عويضة عالم الرياضيات المعروف والذي تم اختياره فيما بعد لتأسيس جامعة الزقازيق والتي فتح فيها فرصا متسعة للطلاب السودانيين في ذلك الزمان من حقبة السبعينات ، وحين التحقنا بمهنة التدريس صباحا ، فقد عرفتي بعض الزملاء علي الراحل الاستاذ محجوب شريف ، وقد كان منهمكا بتكوين جسم سياسي داخل اواسط المعلمين يسمي ( رابطة المعلمين الاشتراكيين ) فإنضممنا معه في تلك الرابطة حيث كانت شعارات الاشتراكية والقومية متمددة بقوة وجاذبة جدا في ذلك الزمان ، ومنذ ذلك الوقت ظلت علاقتي ممتدة مع محجوب حتي رحيله بالأمس القريب ، واذكر ان محجوب لم يكن يتحدث كثيرا في الشان السياسي ، بل كانت اهتمامته تلمس احتياجات الناس العاديين البسطاء ، ويترجم تلك الآمال والمعاني والرغبات الي شعر دراجي جميل ، يشبه كثيرا المدارس الشعرية التي تتحدث عن معاناة الجماهير ، وقد رأيناها متمثلة في الشعراء الراحلين : أحمد فؤاد نجم ، أمل دنقل ، والعراقي بدر شاكر السياب والروائي التقدمي صنع الله ابراهيم اطال الله في عمره -- وغيرهم كثر .
    • كان محجوب شريف وقبل داء الرئة الذي اقعده عن الحركة الواسعة لعدة سنوات ماضية يحب جدا عمل الخير الميداني والتطبيقي ، حيث اسس في الثورات البعيدة مؤسسة أو منظمة ( رد الجميل ) التي كان يستقطب من اجلها العفش المتهالك الذي ترميه الاسر في اركان الحوش او في المخزن ، فيشجعهم علي التبرع به ليصنع من ذلك الاثاث بواسطة الصبية المشردين اثاثا جديدا يمكن تسويقه ومساعدة هؤلاء الصبية والاطفال بريع بيعه لسد حاجاتهم وحاجات اسرهم الحياتية ، وقد نذر نفسه لهذه الخدمة كما كان ناشطا في تأسيس جمعية مرضي الفشل الكلوي للأطفال بطريقة لا تخطئها العين .
    • ظل محجوب شريف يلبي دعوة الجاليات السودانية في الدول العربية والاوربية ، فيستغل الفعاليات ورحلا العلاج لجمع المزيد من العدم لمنظمته الخيرية التي صنع بها المستحيل ـ فوضع بصمته القوية في خارطة العمل الطوعي لسنوات طويلة وبلا إعلام مصاحب وجلب دعم رسمي ، مختفيا بمساهمات الخيرين داخل الوطن وخارجه .
    • إننا حين نشيع الاستاذ محجوب شريف الي مثواه الاخير ، ندعو الله تعالي بان قبله القبول الحسن ، ذلك انه هو الانسان البسيط الذي لم نره يسبب اذي في حياته كلها لأحد ، ولم نعرفه مترفعا ولا متعجرفا ولا متعاليا كشأن العديد من المثقفاتية الذين يملأون الدنيا ضجيجاً .
    • وإننا إذ نودعك يا محجوب يا شريف فإننا نظل نردد معك وبعدك :
    • يا شعبا تسامي .... يا هذا الهمام
    • تشق الدنيا ياما .. وتطلع من زحاما
    • زي بدر التمام
    • تدي النخلة طولا ... والغابات طبولا
    • والايام فصولا .. والفكرة الغمام
      ورحم الله شاعر الشعب

بقلم: صلاح الباشا /السعودية 

الفساد: تعريفه واسبابه واليات مكافحته .. بقلم: د.صبري محمد خليل

تعريف الفساد : الفساد في معاجم اللغة هو في (فسد) ضد صَلُحَ ، والفساد لغة البطلان، فيقال فسد الشيء أي بطُلَ واضمحل، وقد ورد لفظ الفساد في القران للدلالة على عده  معانٍ كالشرك والمعاصي و ما يترتب على ذلك من انقطاع الصيد فى البحر والقحط فى البر كما في قوله تعالى (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) ( الروم الآية41) ،أو الطغيان والتجبر كما في قوله تعالى (للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً) (سورة القصص الآية83) ، أو عصيان اوامر الله كما في قوله تعالى (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً إن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم عذاب عظيم) (سورة المائدة الآية33) .

اما الفساد اصطلاحاً فقد تعددت تعريفاته ، لكن هذه التعريفات تشترك فى وصفه  بأنه إساءة استعمال السلطة العامة أو الوظيفة العامة للكسب الخاص ، حيث بعرفه معجم أوكسفورد الإنكليزي بانه (انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة)،وتعرفه منظمة الشفافية العالمية بأنه (استغلال السلطة من اجل المنفعة الخاصة). أما البنك الدولي فيعرفه بأنه (إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص. فالفساد يحدث عادة عندما يقوم موظف بقبول او طلب ابتزاز أو رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمنافسة عامة، كما يتم عندما يعرض وكلاء او وسطاء لشركات أو أعمال خاصة بتقديم رشى للاستفادة من سياسات أو إجراءات عامة للتغلب على منافسين وتحقيق إرباح خارج إطار القوانين المرعية. كما يمكن الفساد ان يحصل عن طريق استغلال الوظيفة العامة من دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب أو سرقة أموال الدولة مباشرة). 
ومن خلال هذه التعريفات يتبين لنا ان للفساد  صور وأشكال متعددة منها الرشوة و المحسوبية المحاباة و الواسطة و سرقه المال العام والابتزاز و التقاعس عن أداء الواجب و عرقلة مصالح المواطنين أسباب الفساد:
• المنافسة بين القطاعين العام والخاص :  فى ظل تطبيق النظام الاقتصادي الراسمالى  فى دول العالم الثالث تحت مسميات عده منها الانفتاح الاقتصادي والخصخصة والإصلاح الاقتصادي وتطوير القطاع العام... يعانى القطاع العام من منافسة القطاع الخاص ، ولو تركت المنافسة بينهم بدون ضوابط فان هذا يعنى تصفية القطاع العام ، لان المنافسة مضاربة ، والقطاع العام بحكم طبيعته الاقتصادية لا يستطيع أن يضارب ، بينما المضاربة هى قانون القطاع الخاص .  وتدور أغلب مضاربات القطاع الخاص على الأجور بأن يجرد القطاع الخاص القطاع العام من أكفأ العناصر المنتجة فيه عن طريق تشغيلهم فى مقابل أجور مرتفعة ، او بإغراء العاملين فى القطاع العام بالاستفادة من استقرار الأجور في القطاع العام وارتفاعها فى القطاع الخاص بأن تكون لهم علاقة عمل بالقطاعين فى الوقت ذاته، وهذا الازدواج هو مصدر اساسى للفساد ، تقول الباحثة سوزان روز اكرمان (كلما كان لدى مسئول عام سلطة استثنائية في توزيع منفعة او تكلفة ما على القطاع الخاص فإن حوافز الرشوة تتولد). 
•ارتباط السلطة والرأسمال : كما أن الفساد فى دول العالم الثالث هو وليد ارتباط غير شرعي بين السلطة والرأسمال، ، ومرجع ذلك أن الديموقراطيه الليبرالية  في المجتمعات الغربية إذ تحرر الشعب من استبداد الحاكمين ، لا تضمن عدم استبداد الرأسماليين فيه، لان النظام الراسمالى هو النظام الليبرالي فى الاقتصاد، فالديمقراطية الليبرالية  فى تلك المجتمعات اذ تضمن  ان تحتفظ للشعب بسلطته فى مواجهه الحاكمين ،تاتى الليبرالية - ممثله فى نظامها الاقتصادي اى الراسماليه- فلا تضمن ان يسلب الرأسماليين الشعب سلطته ( د.عصمت سيف الدولة، النظرية ، ج2، ص197-198 ). أما الانظمه في العالم الثالث فقائمه على النظام الليبرالي فى الاقتصاد  اى الراسماليه التى عبر عنها بأسماء عديدة منها الخصخصة والانفتاح الاقتصادي... فلم تضمن ان يسلب الرأسماليين الشعب سلطته ، وعدم استبدادهم فيه، وفى ذات الوقت لم تلتزم بالنظام السياسي لليبراليه اى الديمقراطية الليبرالية، فلم تضمن  ان يحتفظ للشعب بسلطته فى مواجهه الحاكمين ، و عدم تحرره من استبدادهم . وخرج من رحم هذا الاستبداد المزدوج الفساد .
• التناقض بين النظام الاقتصادي الراسمالى  الذي تم تطبيقه في دول العالم الثالث  عبر مراحل ونظم متعاقبة والقيم الحضارية للشخصية الحضارية لتلك المجتمعات، فهذا النظام الاقتصادي هو تنظيم للتمرد على القيم الحضارية المشتركة للشخصية الحضارية لتلك المجتمعات وأهمها قيمه المشاركة ، والتي تتناقض مع كافه صور وأشكال الفساد السابق ذكرها ، حيث إن علاقات الإنتاج في ظل هذا النظام الاقتصادي تصبح مصدر للانانيه والفردية التي تتحول من خلال أطرادها إلى قيمه اجتماعيه تشكل الشرط الذاتي للفساد. 
• ضعف الانتماء الوطني وشيوع أنماط السلوك والتفكيرالاجتماعيه السلبية كالنزعة القبلية والعشائرية القائمة على النسب والقرابة كمحصله لتخلف النمو الاجتماعي..
• ضعف أجهزة الرقابة في الدولة وعدم استقلاليتها..
• تدني رواتب العاملين في القطاع العام وارتفاع مستوى المعيشة مما يشكل بيئة ملائمة لقيام بعض العاملين بالبحث عن مصادر مالية أخرى • غياب او عدم الالتزام بقواعد العمل والإجراءات المكتوبة ومدونات السلوك للموظفين في قطاعات العمل العام و والخاص •غياب حرية الأعلام وعدم السماح لها أو للمواطنين بالوصول إلى المعلومات والسجلات العامة، مما يحول دون ممارستهم لدورهم الرقابي على أعمال المؤسسات العامة.

• ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني في الرقابة على الأداء الحكومي أو عدم تمتعها بالحيادية في عملها..
•  غياب التشريعات والهيئات التي تكافح الفساد وتفرض العقوبات على مرتكبيه..
•  انخفاض المخاطر المترتبة على القيام بسلوك فاسد، بسبب عدم وجود عقوبات رادعه وضعف الرقابه الحكوميه ..
• تعيين   العاملين على أساس الولاء و درجة القرابة و الانتماء الطائفي أو القبلى أو العشائري أو السياسي ، و ليس على أساس الكفاءة.
•  تغير نظرة  المجتمع للأشخاص الذين يقومون بأعمال و ممارسات الفساد من رشوة واختلاس واحتيال ونهب المال العام والخاص.
• ضعف السلطتين  القضائية و التشريعية و خضوعها للسلطة التنفيذية. 
وسائل وآليات مكافحة الفساد :
• وضع  ضوابط للمنافسة بين القطاعين العام والخاص  كدعم القطاع العام ، وتفعيل الرقابة فيه ،وتحفيز العاملين به ، وان يكون لكل قطاع مجالات محدده مقصورة عليه وحده .و بالتالي بحيث يصبح  من غير الممكن أن تنتقل قوة العمل أو الاستثمارات أو الأدوات أو البضائع أو الخدمات... من القطاع العام الى القطاع الخاص أو العكس .
• التأكيد على دور الدولة في اداره الاقتصاد مع العمل على إصلاح القطاع العام و تطهيره من البيروقراطية والاختلال الادارى. 
 • تجاوز موقفي الرفض المطلق أو القبول المطلق للخصخصة( الاليه الاساسيه للعولمة في شكلها الليبرالي) و اتخاذ موقف نقدي منها قائم على: العمل على وقف خصخصة المؤسسات ألاستراتيجيه والسلع الضرورية،وضمان شفافية وديمقراطية الخصخصة للقطاعات والسلع الأخرى بالرجوع إلي الشعب ورقابه الدوله.
• تطوير نظام اختيار وتعيين وترقية العاملين اعتمادا على مبدأ الكفائه وليس الولاء • الفصل  بين السلطات التشريعية والتنفيذي و والقضائية .
• حرية الصحافة والراي والتعبير كأداة

د.صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم

sabri.khalil@hotmail.com

سودانايل

الشيوعي الشايل الوسخ



في ايام الطفولة كان عندنا موسمان للعب البلي اكبرهما في الإجازة المدرسية الشتوية في امدرمان. والبلي كان نوعين مثلث او درداقي . والدرداقي يكون فيه اللاعب جالسا ويدفع البلية باصبعه الاوسط وتعلوه السبابة فقط لإطلاق البلية وهي الكرات الزجاجية الملونة . ولكن قبل اللعب يجب ازاحة كل التراب حتي يسهل تدحرج البلي .
عند الرجوع الي البيت نكون مغطيين بالتراب وبسبب البرد وتفادي الماء البارد نتردد من الاستحمام . وكانت والدتي رحمة الله عليها تقول لي ,, انت يا ولدي شايل الوسخ في منو ,,؟ شيل الوسخ كان يقوم به اهل المتوفي وجيرانهم واقرباءهم وما عرف بأهل الوجعة . ولا يستحمون اويغيرن ملابسهن في ايام المأتم . وينامون علي الارض . والبعض قد يمتنع عن الاكل تماما في اليوم الاول .
في المسالمة سكن اثنان من اهلنا المسيحيين جيرانا لخالتي نفيسة متعها الله بالصحة . وعملا بنسج الفراد لانهما كانا من نقادة في صعيد مصر واهلها اشتهروا بنسج القماش . بعد فترة تزوج احدهما بشقيقة الآخر ...الخالة سالمة التي كانت تصنع خبزا رائعاوتبيع بعضه لاهل الحي . وكانت تريد ان تتداخل مع جيرانها . وطلبت من خالتي ان تشرح لها المطلوب في العزاء وبعض العادات السودانية. وكانت خالتي تحذرها من الحضوربغيرملابسها التي ذهبت بها في اليوم الاول وان تتجنب العطور . وكانت سالمة تضحك لانها في العادة ترتدي ثوبها الاسود طيلة الوقت . وهي لم تكن من من يحب العطور وتتحلي بالذهب الخ . وفي زمن الانقاذ صار الفراش فستفالا لإستعراض الذهب وآخر صيحات الموضة .
ذكر الدكتور عبد الله علي ابراهيم الشيوعي الحاضر ، السابق او الآبق بانه عصر الفراش في وفاة الترابي طيلة ايام المأتم . وبما انه صار من اهل الوجعة ، فقد خطر بذهني انه كان شايل الوسخ لمصابه الأليم . وكنت اتوقع ان البعض قد ,, شال ,, معة الفاتحة ، بسبب دوامه المتكامل وحسبوه من اهل البيت بالرغم انه حسب إنتماءة السياسي من بني قينقاع. تذكرت كاسترو الذي كان يحمل لحية مستديرة، ويتحدث بالفصحي ويمكث في المأتم الي تقسيم الصدقة . ويرفض القماش . ويقول ,, اريد حقي عينا ,, . ولقد ذكرته في كتاب حكاوي امدرمان مع الفتاتة امثال ابو الياء وحاج ابكر وآخرين. الا انهم يحضرون فقط في يوم الصدقة .
. هل كان الدكتور يبحث عن وزارة ؟
قرأنا قديما ان الانسان وهو في العشرين يريد ان يغير العالم وفي الثلاثين يريد ان يغير قطره وفي الاربعين يريد ان يغير بلدته وفي الخمسين يريد ان يغير اسرته ولكن عندما يتخطي الستين يكتفي بأن يحاول تغييرنفسه . والبعض يصر عن افتناع انهم قد خلقوا لكي يحكموا ويسيطروا علي البلاد والعباد خاصى اذا حباهم الله بفكروعقل مثل دكتور عبد الله . ويحسبون ان الدنيا لم تكن عادلة عندما حرمتهم من ذلك الحق واعطته لمن هم اقل منهم فهما وعلما .

في بداية الستينات كان هنالك صول بوليس . وكانت الترقيات قد قفلت في البوليس ..وبسبب صلاته وخدماته الجليلة التي قدمها للكثيرين وجد من توسط له لكي يعود الي الجيش الذي بدأ فيه عمله في الاول . وكان مدفوعا بإمكانية الاغتناء في البوليس . وعندما سمح ان الترقيات قد فتحت في الجيش عاد للجيش.

وبينما اللواء المقبول الامين الحاج في زيارة احد المرضي في في مستشفي السلاح الطبي ويعاني من صداع في الصباح . يسمع صوت حذاءعسكري يخبط الارض بعيدا كلما دخل احد الظباط الكبار . ولكن سمع خبطة الحذاءخلفه مباشرة بصورة جعلت الصداع يتضاعف... وبعد اداء التحية العسكرية سمع ... جنابك نحن مستعدين لأي خدمة . واللواء المقبول عرف بانه من المدردحين ويعرف كل كبيرة وصغيرة في الجيش وفي مجتمع امدرمان . فحدق في الصول وقال له انت في السلاح الطبي ؟ ايه البجيبك المستشفي .. انا سامع بيك انت داير تركب دبورة .. امشي شوف شغلك الدبورة دي الا تركبا .... ولم يركب الصول الدبورة لانه عندما كان في الجيش فتحت الترقيات في البوليس في ايام الحكم العسكري الاول وبسبب الحاجة لخدماتهم . لقد خاب امل البعض في الوصول الي الوزارة عن طريق الحزب الشيوعي وانتقلوا الي الكيزان وحصل البعض علي الوزارة والسلطة والجاهو المال وسبدرات خير مثال . لكن عبد الله يشمها قدحة .

الاخ العم خ . كان يبتمتع بحتجرة قوية و وطلبوا منه بالاجر المدفوع ان يحمس الجماهيرلصالح شيخ علي عبد الرحمن بعد الانفصال من الوطني الاتحادي . وما ان يمسك شبخ علي بالمكرفون ويتحدث قليلا حتي ينتزع عمنا المكرفون ويصرخ علي ... علي حبيب الشعب . وتكررت العملية وتضايق شيخ علي في ميدان الاهلية وقال بغضب ... انت حكايتك شنو يا زول ... ما تخلينا نتكلم . فقال عمنا ... ما تتكلم الحاميك مكنو ادونا حقنا خلونا نمشي نشوف راسنا . وكل هذا مسمع في المايكروفون .
بعد سنين وامام المسرح القومي كان العم خ ... يقف ويحيي اعضاء مجلس الثورة .... الرئيس عبود نفديك بالدم ...حسن بشير ود القبايل ... طلعت فريد .... بطل كرن ... الخ وعندما تكررت القصة اقترب منه اللواء المقبول وسأله ... انت يا حلبي عاوز شنو ؟ فقال العم .. انحنا مع الثورة .... فقال له المقبول احسن تقول ليا انت عاوز شنو . وكان الرد ... انا في الحقيقة مقدم لبوفيه الاذاعة . فقال له المقبول حنديك ليه . لاكن تاني ما اشوفك بي جاي ... حتخسر علينا الناس ديل . هل يريد عبد الله بوفية البرلمان ؟
اتي احمد سليمان طيب الله ثراه الي براغ في صيف 1970 في معية النميري وفاروق ابو عيسى جوزيف قرن خالد حسن عباس وعلي صديق ..الامن وآخرين الرحمة للجميع . قدم لنا للحديث كالوزير السابق والسفير الحالي لموسكو احمد سليمان . فلم يتمالك ابو سلمون رحمة الله عليه من ان يقول ,, يعني الناس تمشي لي قدام وانا لي ورا . ويبدو انه كان يحسب نفسه اولي بمنصب وزير الخارجية من فاروق .
ولقد قيل لاحمد سليمان في مايو ... انه رجل محبوب ومحامي ناجح يتمتع بخفة الروح ولا ينقصه المال والاصدقاء لماذا يسعي للوزارة؟ قال انتو بس ما ما ضقتوا حلاوة السلطة ... السلطة دي الزول كان ضاقا ما بيقدر يخليها ,, . الحمد لله نحن لم نكن نظن ان عندنا المقدرات او الرغبة في السلطة ولا تناسبنا. ولا نفهم اين تكون اللذة في ممارسة السلطة . رئيس الوزراء السويدي كارلسون الاشتراكي حقق احسن نتيجة لحزبه وفاز بالانتخابات . ولكن رأسه والف سيف ما يواصل . واقتضي الامر اسابيع ومطاولات وترجيات لانه انسان هادي تحبه حتي المعارضة لا يحتد ولا يناكف علي عكس اولوف بالما الذي كان شخصية عالمية بتحدث عدة لغات بطلاقة تامة . ويثير حفيظة الآخرين بذكاءه وعلمه الغزير. واخيرا اقتنع الحزب الاشتراكي وسلمت الرئاسة لبيرشون الذي كان يسكن في شقة بالقرب من ابنائي . وجمع السكان توقيعات لطرده من الشقة المواجهة لمكتبة المدينة التي ورثها من والديه ، بسبب تردد الزوار والمسئولين المكثف والازعاج . وعندما حصل علي قرض وبدأ في بناء منزل صغير ، واجه محاكمة لانه فشل في التحصل علي اذن خاص للبناء لان المنطقة تعتبر محمية طبيعية . والجهل بالقانون لا يعفي ,,المجرم ,,. وربما قال كارلسون عندما رفض السلطة في السويد ,, السلطة دي مصيبة وتعب كان الواحد وقع فيها يكوس اليفكو منها . وكان يتقاضى حوالي العشرة الف دولار كمرتب يذهب اقل قليلا من نصفها للضرائب وليس له اكراميات او سكن من الدولة . وعندما كان في زيارة امريكا وقابل الممثل الفاشل والرئيس الجاهل ريقان ، لم تتمالك السيدة الاولي نانسي ريقان من الاستفسار عن سبب تواضع ملابس زوجة الرئيس السويدي. والسويد من اغني دول العالم . وقالت السويدية ان مرتب زوجها لا يسمح لها بارتداء الملابس الفاخرة . ونساءالدول الفقيرة يرتدين انفس الحلي واغلي الثياب . وازواجهن الرؤساء يحضرون لإستجداء العون والطعام من امريكا .
عندما حضر البشير في 1995 للمؤتمر العالمي كان مصحوبا بخمسين فردا واحتلوا افخم الهوتيلات في كوبنهاجن . ووفد امريكا كان صغيرا .
الد كتور عبد الله يسعي ,, للبهرج ,, والسلطة حتي بالترشح لرئاسة الجمهورية والتي يعلن جيدا انها مسرحية سمجة . ولا تليق بمن يتشدق قديما بانه من تلاميذ عبد الخالق محجوب وصار اخير بقدرة قادر ندا لعبد الخالق وكان ينصحه . لقد عرف كل العالم عبد الخالق بالرغم من غلطاته الكبيرة مثل المشاركة في مايو . لكنه رجل عبقري وقائد نادر . ولكل جواد كبوة . وعبد الله لا يمكن ان يقارن نفسه بعبد الخالق وزعماء الحزب الشيوعي ، لهم سجل ناصع في التضحية والنضال .
لا ادري لماذا يريد عبد الله ان يلمع نفسه لمنصب بالبصق علي ارثه الشيوعي . والهجوم علي الخاتم طيب الله ثراه لا يزيد عبد الله رفعة . والخاتم بالرغم من انفصاله من الخط اللينيني له الكثير من الزملاء ولا اقول الاتباع . وهنالك مركز ثقافي بإسمه مثل الرفيق عبد اللطيف كمرات الذي قاد مظاهرة وهتف ضد عبود وهويلقي كلمة في بورسودان . وعندما خرج من السجن واتي الي الخرطوم كان اللواء المهاب احمد عبد الوهاب في استقباله لانه رجل شجاع يستحق الاحترام . ويبقي الاحترام هو الاثمن. ومن يتكرم علي الآخرين بالسلطة يمرمطونهم كما يحدث الآن مع السماني الوسيلة و احمد البلال ، الدقير والبقية.
هنالك فطاحلة الحزب الذين نحترمهم نحن الذين اختلفنا مع سياسة الحزب ولم نكن اعضاء في الحزب واصابنا الكثير من العنت والضرر الكبير من بعض الشيوعيين , كنا نحترم هذا الحزب . ولقد احترمه واشاد به رئيس البوليس العم ابارو الذي كانت مهمته تحطيم الحزب والزج بالشيوعيين خلف القضبان .
الانقاذ قد استغلت ابناء الصادق وابنا الميرغني وجعلت منهم صورا تستدعي الشفقة . ومهما حاول عبد الله فلن تتصدق عليه الانقاذ والكيزان بمنصب مهما صغر . والذي تنكر لرفقاء الدرب سيتنكر للإنقاذ . وكافور الاخشيدي قد قال لمن توسط للشاعر المتسول المتنبي لكي يعطيه كافور امارة ,, يا قوم من ادعى النبوة مع محمد الن يدعي الملك مع كافور ؟ ,,
هل يمكن ان ننسي جرائم الترابي وكذبه علي كل الامة السودانية ؟ هل نسي عبد الله الغدر والخيانة التي ارتكبها الترابي ضد صهره وصديقه وخال ابناءه الصادق وغدر الترابي بزميله كشكوش وسبب طرده من المدرسة واعاق دخوله الي الجامعة وكشكوش كان الطالب المميز ؟ ؟ هل نسى عبد الله إغتصاب زملاءه الشيوعيين من بروفسيرات ومهندسين الخ ؟ هل نسي عبد الله ساحات الفداء واصطياد الشباب والقذف بهم الي محرقة الجنوب ، وقصف وقتل وتشريد احبابنا في الجنوب ؟ 100 الف من خيرة ابناء الوطن طردوا بدون ذنب وشردوا وحرم الوطن من خبراتهم واتى من لايعرف لكي يحتل مناصبهم . لقد حطم الترابي السودان وكان علي مقدرة من السوء ان اخلص خلصاءة قد تنكروا له ووضعوه في السجن وقالوا فيه اكثرمن ما قالت ستان الشاي في محصل المحلية .
ابن خالتي الشاب المهذب م . ا . أ. كان نشطا في الانضمام الي المظاهرات في ايام دراسته الثانوية . وعندما حاصرهم زبانية الترابي ركضوا وكلاب الامن خلفهم . ووجد ابن خالتي جنازة يحملها بعض الجنوبيين فانضم اليهم وحمل العتقريب . وتفادى الاعتقال . ولكن صديقه الحميم تعرض للإعتقال . وكان ظهره يحمل اثار سياط كلاب امن الترابي . وقد اجلسوه علي زجاجة مشروب . واسمعوه من الكلام ما لا يقدر اي انسان سوي ان يتفوه به .
حضرة البروفسر عبد الله دعني احكي لك والآخرين عن من عرفت في الامارات واسمه كذالك عبد الله . اتصل به قريبه وطلب منه ارسال مبلغ من المال علي جناح السرعة بسبب عملية جراحية لا تسمح بالانتظار . وقام بارسال المبلغ الذي استدان بعضه . وعرف بالامر احد الكيزان الذي اوغر صدر عبد الله واكد له ان قريبه ,, الكذاب ,, لم يكن مريضا ولم يحتج ابدا لأي عملية جراحية . وذهب عبد الله ,, الاسم سالم يا خليفة المهدي,, وواجه قريبه الكذاب المستهبل... الدنيا قد تغيرت بسبب الترابي وصار الجميع ينهبون ويكذبون .ويستهبلون . ولا يثق الانسان بشقيقه. وذهب القريب واتى باوراق وضعها امام عبد الله الذي انفجر باكيا وقبل راس قريبه الذي كان يحمل مظروفا مكتوب عليه اسم عبد الله وما بساوي والمبلغ الذي ارسله عبد الله من الامارات .
القريب لم يحتج لعملية جراحية ، ولكن ابنه الطالب في بداية الانقاذ قد تعرض للتعذيب . والتقرير الطبي المكتوب بالغة الانجليزية كان يشير الي تهتك وتمزق في الشرج . والمبلغ في الظرف كان ثمن قطعة ارض باعها القريب بتراب القلوس . والمشتري كان صديقهم المشترك الكوز الذي يعمل في الامارات .
هل سعد عبد الله بلقاء نافع وقوش وبقية الرائعين الحادبين علي الوطن واهل الوطن ؟ وهل قدموا زجاجات البيبسي كولا لعبد الله والبقية .
كركاسة
ذهب الترابي للقاء ربه حيث لا ينفع امن او مليشيات . اغلب اهل الانقاذ اليوم في الزون الكبير .اي مأتم سيداوم فيه عبد اللة قريبا ؟ اقترح عليه ان يقطع ,, ابونيه ,, .
شوقي بدري
shawgibadri@hotmail.com

الراكوبة

الجمعة، 1 أبريل 2016

كم عدد جيوب الحكومة؟

أتساءل دائما، وأنا أرى كرم الحكومة الحاتمي في الصرف البذخي على نفسها، ودستورييها، وولاتها، ومعتمديها، وأفنديتها، وعلى حج وعمرة المسؤولين ومن تبعهم بإحسان؛ وعلى سفر الوفود، وبناء البروج، وتشييد الأندية الشواهق، وشراء السيارات رباعية الدفع، والمسيرات المليونية مدفوعة الأجر، والمهرجانات المتواصلة، والولائم الفاخرة، (ورصف الخلاء الواقع جنوب مطار الخرطوم)؛ وعلى اليخوت، والمؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية، وعلى اليفط العملاقة و"الدلاقين" التي تنافس أكياس البلاستيك التي تُزيّن جنبات العاصمة الحضارية، وعلى "الأفيال البيضاء" مثل مستشفى مروي المهول المهمل ومطارها، ومستشفى الزجاج الخالص المُسمى "بالفرن الآلي" على ضفة النيل الأزرق الشمالية، وعلى كل ما هو هامشي، بينما تُقتِّر في صرفها الواجب على ما يمس حياة الناس من صحة وتعليم ونظافة بيئة، وحياة البلاد ومستقبلها من اقتصاد وزراعة وبنيات تحتية متينة، وعلى تنمية الأقاليم المنسية تنمية تُجنب سكانها مشقة الهجرة والعيش في أطراف المدن، والتربّص للسيارات عند إشارات المرور؛ وفي سعيها الحثيث المضطرد، (رغم "بشريات" الميزانية)، لزيادة الجبابات والضرائب والمكوس التي تُثقل كاهل الغالبية العظمي بما لا تطيق – أتساءل: كم عدد جيوب الحكومة؟ وهل تدري شمالها ما تصرفه يمينها؟

من أي جيب من هذه الجيوب تصرف الحكومة على سفر وفودها إلى مشارق الأرض ومغاربها؟ كيف تبعث الحكومة (كما ورد مؤخرا في الصحف) وفدا من عشرين سيدة لحضور اجتماعات لجنة المرأة التابعة للأمم المتحدة، في نيويورك، وهي لجنة فرعية تجتمع سنويا تُشارك فيها معظم الدول بممثلين من البعثات الدائمة في نيويورك، وتُشارك فيها الصين (وسكانها مليار وثلاثمائة مليون نسمة)، والهند (مليار ومائتي مليون نسمة) بوفود في ربع حجم وفد السودان (وسكانه ثلاثين مليون نسمة – أو ما تبقى منهم في حظيرة الوطن)؟ كيف يُشارك السودان في اجتماعات حقوق الإنسان بوفود تضم عشرات (بل مئات، أحيانا) الموفدين الذين لا تتسع قاعات قصرالأمم لأكثر من بضعة موفدين يُعدون على أصابع اليد الواحدة (بينما تنتشر البقية في عرصات وأسواق جنيف)؟ وكيف يُشارك السودان في اجتماعات منظمة التجارة الدولية وهو لا يزال في وضع المراقب (العشمان عشم إبليس في الجنة إذ أنه، فيما يبدو لي، لن يحصل على العضوية خلال هذه الألفية – إلا إذا صدق تهديدهم بأن سيحكموننا لحين يُنفخ في الصور)؟

ولا يقتصر أمر المُشاركة في كل مؤتمرات واجتماعات الدنيا على حجم الوفود المتضخم سنويا (300 ونيف يورو بدل سفرية بالإضافة لتذاكر السفر ونثرية الوزراء)، بل على نوعية الموفدين الذين لا يستطيع معظمهم (ومعظمهن) ملأ استمارات الهجرة في المطارات الأجنبية ناهيك عن المُشاركة في المداولات وشرح "انجازات" السودان في المجالات كافة، وآخرها "مُخرجات" الحوار الوطني (والمجتمعي والذي  شارك فيه ملايين لم نَرَهم) والذي لم يسبقنا عليها أحد من العالمين، كما افتخر بذلك أمين عموم الحوارات.

من أي جيب تصرف الحكومة على هذا الكم الهائل من المؤتمرات ووورش العمل والمهرجانات واجتماعات الهيئات العربية والأفريقية والإسلامية، واتحادات شباب عموم أفريقيا، وأحزاب عموم أفريقيا، وبرلمانت آسيا وأفريقيا والأقيانوس، وروابط النساء والأطفال، والدورات المدرسية (والمدارس تخلو من دورات المياه)، والمهرجانات، والأندية، والقصور، والبروج - والكميات التجارية من البلح والفول السوداني؟ ومن أين لها هذه المبالغ المهولة من العملات الصعبة (الجنيه السوداني) و"السهلة" (الدولار الأمريكي واليورو الأوروبي، بدليل توفرهما لكل هذه الوفود)، وهي تجأر بالشكوى صباح مساء عن عجز الميزانية، ومديونية الجهاز المصرفي، ورفض النصارى إعفاء المديونية الخارجية، وانخفاض قيمة الجنيه السوداني، وشح العملات الحرة، وتفرض كل ميزانية سنوية (خالية من الضرائب) زيادات فلكية في الجمارك والضرائب والمكوس والرسوم، منها ما ظهر، ومنها ما هو خفي، يفاجئك حين السداد؟ ومتى تأتي البرامج الثلاثية والخماسية والعشارية وربع القرنية أكلها، وهي ترتكز أساسا على خفض المصروفات العامة، كما وعدونا؟

أحيانا يُخيل لي أن الأمر يتجاوز الفساد و"الهمبتة" إلى شئ آخر. يُخيل لي أحيانا أن منسوبي النظام وقادته على كافة المستويات لا يتذكرون أن المال العام، "عام"، وأن له حُرمة وأولويات وحسن تدبير، وله اجراءات ومعايير وضوابط - ومراجعة ومحاسبة. ويبدو أن مسألة حُرمة المال العام ومسؤولية تدبيره، وحسن التصرف فيه "ما واقعة ليهم". واقترح لذلك، (بعد 26 سنة)، عقد ورشة عمل تدريبية/تنويرية لكل الحاكمين لإفهامهم مبادئ مصادر المال العام، ووضع الأولويات والإلتزام بها، وضوابط التصرف فيه، وخضوع المسؤول للمساءلة والمراجعة – والعقوبة إن أهدر المال العام، أو استولى عليه، أو صرفه على ما هامشي، وإغفل ما هو ضروري يمس حياة المواطن الذي هو مصدر المال العام وصاحبه والرقيب عليه.

وأتساءل ما زلت: كم عدد جيوب الحكومة، وكم عدد الجيوب الأخرى؟

.. بقلم: عوض محمد الحسن
سودانايل

اصحاب الخطاب الفظ، د. أمين حسن عمر، نموذجاً..! ..

إذا شئنا أن نتحذلق قليلاً، ونستعير المثال الفلسفي القديم، الذي فحواه، أن " البعر يدل على البعير"  فمنذ أن جاءت الإنقاذ كُثر الحديث، من شاكلة البعر، وهذا فيه دلالة ناصعة على كثرة البعير، الذين يتسيدون المشهد السياسي والثقافي والاعلامي. وهم كثر لا عد ولا حصر لهم، انهم يمارسون الكذب والنفاق، في كل مفردات حياتهم، وصلت بهم الوقاحة حداً..! حتى إعترف فضل الله إسحاق، بأنه كان يمارس الكَذِب في مقالاته، للدرجة التي جعلت الطيب مصطفى يهاجمه في أحدى مقالاته مؤخراً. 
بالطبع إذا، سألنا إسحاق فضل الله، عن الحوافز من وراء ممارسته الكذب فيما يكتب، لقال، أنه فعل ذلك من اجل تثبيت أركان حكمهم، ومعروف ان نظام حكمهم الذي يمارس الكذب من اجله، هو افسد نظام حكم عرفه السودان حتى الآن..! إسحاق فضل الله اعترف بذلك لكي يقول ان له اليد الطولى، في هذا المضمار، الذي تفوق فيه على مصطفى عثمان اسماعيل، الذي قال: يوماً، عن الشعب السوداني، انه كان شعبا شحاداً، قبل مجيء الإنقاذ..!  وَربيع عبدالعاطي، قال في لقاء مع الجزيرة ، ما معناه ان الإنقاذ جعلت الشعب يعيش في بحبوحة،  إذ أصبح الحد الأدنى لأجر العامل١٨٠٠ دولار في الشهر..! ونافع علي نافع، بذكائه المعهود، أدخل في قاموس، لغة السياسة، مفردة، لحس الكوع..!  وحامد ممتاز، الذي  في  مقال سابق، سميناه، "بالناكر، قال: في أحدى زياراته للندن، انهم سيحكمون الشعب السوداني خمسون عاماً..! وغيره الكثير، من شاكلة  الحديث، الذي وصفناه بالبعر.. تفوه به هؤلاء الغرباء، عن الشعب السوادني..!  الأمر الذي شجع  شخص مثل، د. أمين حسن عمر، ان يصف المعارضة، بحديث، لا يصدر إلا عن شخص، سفيه..! وتحية عظمة لكل المواقع السودانية التي تقف في صف  الشعب  السوداني للخلاص من هؤلاء الطارئون، في حياتنا، وبالأخص صحيفة الراكوبة التي نشرت بالامس، صورة  لأمين حسن عمر فوق المقال الذي كتبه الاستاذ محمد وداعة الذي عراه، للحد الذي اثار شفقة البعض عليه، تلك الصورة علها تذكره بأيام بؤسه..! 
 أقول ذلك بشيء من الفظاظة،عسى ان يستوي مع فظاظة خطابهم تجاه الشعب السوداني، الذي استفزوه ووصفوه بأسوأ الأوصاف..!
إن فظاظة خطابهم ووضاعته، تفصح عن فشلهم السياسي، وخيبتهم، مما ترتب عليها هشاشة في خطابهم السياسي والاعلامي، وصلت حد الفظاظة واللجاجة..!  فهل من المعقول أن يساهم خطاب على هذه الشاكلة في حفز المعارضة السودانيّة، للإستجابة للدعوة التي أطلقها النظام للإلتحاق بحوار قاعة الصداقة..؟  الذي لم يشاركه فيه سوى الذين تلوثت اياديهم بدماء الشعب السوداني، وبعض المنافقين الذي يلعبون على كل الحبال، ويأكلون من كل المواعين..! بدعوى حرصهم على الوحدة الوطنيّة، لبلوغ الديمقراطية..! مع ان حصيلة أفعالهم ومواقفهم تقول: أنهم أشد عداوة للوحدة الوطنية والديمقراطية، وإهداراً لهما، ومع ذلك يتبجحون بالحديث الفارغ، لإخفاء نزعتهم الإنفصامية بأساليب قد يكون من العسير إكتشافها، لكنها لن تصعب على من يستطيعون الحفر في النصوص، والغوص في بحور الكلام، والقراءة ما بين السطور، والحفر في مناجم معادن البشر..! 
لذلك نقول: لأمين حسن عمر، الذي حينما يتكلم يشعر سامعه،  كأنه يمص في "عرديب" بإننا لن نسكت له ولامثاله من المتبجحين والمتغطرسين كما سكت المنافقون ..! لا وَاللّه لن يكون له ما اراده، بل سنسمعه حديثا، بذات الفظاظة واللجاجة والفجاجة، حتى يكون عبرة له، ولغيره من سلاسة البعير، الذين لم يتعظوا من تجارب الماضي، ولم يستخرجوا منها سوى صدف الغرور الفارغ، كأنما بحر حكمهم كان يستدرجهم الى غماره للإيقاع بهم، في تيار غضب الشعب، بعد ان أغرتهم المصالح للغرق في لجة الفساد، بلا واعز أو ضمير، فحجبت عنهم الرؤية الصحيحة  للاشياء، فغرق معهم الانتهازيين في بحر المصالح، للحد الذين بانت فيهم كروش البعض منهم..! لذا كلما تدلى المرء بحبل المعرفة في أعماق بئر تجربتهم البائسة المظلمة، تكشفت له اعماق المنافقين، اصحاب الخطاب الفظ..!! 
وكما يقولون إن كل إناء ينضح بما فيه، فان ما نضح من ماعونهم، حتى الأن، كشف عن نوعية البيئات المسكونة بالخراب والعدم، البيئات المتدنية التي جاءوا منها هؤلاء المتغطرسون...! لذلك هم مهما بقوا في السلطة،  فهم عاجزون عن الخروج منها، لان الطبع يغلب التطبع، لذلك تتضاءل في خطابهم، كل يوم روح الحكمة،  وال" نحن" لصالح ال" الأنا" وهكذا تتسع يوماً بعد آخر الهوة بينهم وبين الشعب، لأنهم  مولعون بممارسة عبادة"الأنا" والتسبيح بحمد الطاغية والثناء عليه، ولو كان ذلك على أنقاض الوطن..!

الطيب الزين
eltayeb_hamdan@hotmail.com

سودانايل

الخميس، 31 مارس 2016

الاستفتاء: استحقاق دستوري ام إخفاق سياسي وعجز تنموي واداري؟

كم مرة رفع ساسة بلادي إصبع التوحيد معلنين براءتهم من الشرك بيد أنهم قد جحدوا الحق أهله واستيقنت انفسهم حقيقة أن "تزوير إرادة الشعوب هو أسوأ انواع الزور." أنظر حرصهم على "الاستحقاق الدارفوري" لشعب دارفور وهم قد اهانوه، وقتلوه وشروده، أفقروه، بل أوصلوه حد اليأس من المستقبل الرائع الجميل (أنظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثمأ مبينا)! لا أود في هذه السانحة الدخول في مناحي تأويلية قانونية لوثيقة الدوحة فجل ما تصبو إليه أي اتفاقية تحقيق العدل للمجني عليه واتخاذ التدابير اللازمة لصيانة كرامته في المستقبل. لكنني اود ان الج إلى نفسية "النخب المركزية" التي خبرتها وخبرتها الشعوب السودانية من خلال تعاملها مع الهامش خاصة دارفور في الستين عاما الماضية. هم يريدون ان يقتلعوا دارفور من مرتكزاتها الوجدانية والتاريخية، لأنهم أحسوا بأننا سنستعيد وحدة هذا الشعب ولو بعد ألف عام. فهم، أي هؤلاء المارقين، إنما ارادوا قطع الطريق علي الاجيال القادمة باستحداث نظما إدارية تجعل من الصعب استعادة الوحدة وإن استحدثت كآفة التدابير السياسية، فالوثيقة شيء ومحو الذاكرة الجمعوية شيء أخر: الأول يتم تداركه بالحوار والاخيرة تجعل من شعب دارفور شعبا ملحقا ليس له قرار.
إن العصابة تريد ان تقتلع شعب دارفور من الفضاء الصوفي المغاربي وتلحقه بالفضاء السلفي السني، هم يريدون ان يلحقونا بالفضاء المشرقي المفعم بروح الاستبداد ونحن نريد ان نستلهم قيمنا الإنسانية من حضارتنا النوبية التي هي أم الحضارات الافريقية، هم يستنكفوا ان تلحق دارفور رغم مكونها العربي العتيق بالفور ، ونحن نقول لهم ان الانتماء إلى جهة هي انتماء ثقافي ومجتمعي وليس انتماء عرقي، وإذا كان انتماء عرقيا فنحن نعتز بزنجيتنا ولا نراها ضرة لعروبتنا، "وما نود تأكيده وتوضيحه بهذا الصدد هو ان الكيان الوطني، (الجيوسياسي) الذى ننتمى اليه الآن، والمعروف باسم " جمهورية السودان"، كما يقول الاستاذ حامد علي محمد نور "انما تشكل فى الواقع نتيجة دمج استعماري لدولتين افريقيتين مستقلتين هما دولة الفونج ودولة دارفور. هذه الحقيقة التاريخية لا يجب تناسيها او التغافل عنها، بل وضعها في الاعتبار. وعلينا ان نحرص على تلك الحقيقة التاريخية فهي قد ظلت وستظل راسخة في وعي ووجدان انسان دارفور، وأن كانت مهملة وساقطة من الوعى الجمعى لأنسان الوسط والشمال النيلى، الذى اصبح كأنما لا مرجعية تاريخية ووطنية له يعتد بها غير سنار ودولة الفونج (الاموية)" (لا للاستفتاء، مقال للأستاذ حامد علي محمد نور، مارس 2016)!
هم يريدونا، أي هؤلاء الواهمين، ان نيمم وجوهنا صوب "العاصفة"، ونحن نريد ان نقى انفسنا شر التهلكة التي هي نصيب كل من دار في فلك الآخرين وأهمل أهداف وغايات بلده الاستراتيجية. لا نحتاج استجداء أي عباءة أو عقال (وقد بات جليا ان الانظمة الثيوقراطية بشقيها السني والشيعي هي وبال علي الاسلام والانسانية)، فنحن أغنياء في كل ما نحتاجه هو رؤية مستقبلية، وخطة استراتيجية وقدرة مؤسسية. إن ميزة السودان الاستراتيجية هي في الزراعة، فيجب ان ترصد كل الطاقات للإسهام النوعي في إحداث هذه الطفرة علميا وليس غوغائيا. لا يعقل ان ترصد الدولارات للكريمات، في وقت تعجز فيه الشركات عن استيراد التركترات. بل لا يمكن ان تسع نخب المركز لاستثمار أراضي النيل الأزرق، وجنوب كردفان ودارفور وهم يضربون سكان الأرض الأصليين بالطائرات. وقد تهمل القوى الكبرى العبث الذي تقوم به العصابة العنصرية، لكنهم يجب ان يعوا جيداً ان انفجار دارفور يمكن ان يؤدي إلى انفجار الحزام السوداني بأكمله. لا يمكن لمسؤول يتمتع بأي حسي وطني ان يضحي بالأمن الاستراتيجي لبلده مقابل حفنة من الدولارات يتلقاها لتمرير سلاح: أمننا الوطني هو الخط الأحمر وليس أوطان الأخرين.
إن جل ما تسعى إليه النخب المركزية هو إضعاف موقف دارفور التفاوضي إذا ما قدر للسودانيين يوما ان يجلسوا في مؤتمر للحوار (وليس مضيقا للخوار الذي يجري هذه الأيام). ولذا فهم يفندون كل ما من شأنه ان يكسر حلقة الانعزال الفكري، الطبقي والمكاني ويقوضون أي رابطة مدنية من شأنها ان تعزيز الثقة بين الأساس إنسان والانتقالي. إن حالة الاستلاب الثقافي التي تعيشها النخب الدارفورية، تلك النخبة التي تجلس في برلمان يصادق على قتل أهاليهم، يفسره بؤس المقررات التعليمية وعدم قدرتها على إيجاد وحدة شعورية، بل عجزها عن استبصار وحدة حضارية بناءة. من الناحية الأخرى، فإن غياب قنوات لممارسة الحق السياسي ديمقراطيا، قد أعطى بعض القيادات الميدانية شرعية ثورية لن تعفهم من محاولة الحصول يوما ما على التفويض الشعبي طوعياً. وإذا اعترفنا بأن المركز قد نجح في دق إسفينا بين الحركات والمجتمع المدني الدارفوري (ما جعلنا نسعى لتقريب الشقة ونجد في التقلب على الهوة طيلة هذه المدة)، فإنا لا نجد مبررا لأي قائد ثوري للاستعانة بشخصية رجعية هي سبب الكوارث التي حلت بالشعب الدارفوري لا الأمة السودانية فقط.
يمكن ان تتعامل مع شخص بينك وبينه خلاف فكري، لكنك يجب ان لا تتعامل مع شخص بينك وبينه خلاف أخلاقي، انسان خان ضميره وإرتهن ارثه وماضيه. إن الكهنوت غير مؤهل أخلاقيا لكي ينوب عن الجبهة الثورية في كتابة خطاب، اي خطاب، ناهيك أن يكون خطاباً معول عليه في دحض أباطيل المركز العنصرية، تبيان مدي تنكبه علي المواثيق، إيهامه بنموذج ماضوى، واختطافه للسودان إرثا وحضارة وثقافة وشعبا، إرفاده بمحور هامشي، الإمعان في تقسيمه وإضاعة حدوده، إلى أخر الأمراض التي بذرت الديمقراطية الدينية بذرتها واوغلت الامبريالية الإسلامية في حصاد غلتها. من الاجدى للنخب الدارفورية، سياسية كانت أم عسكرية، ان تعترف بإخطائها وان تبتلع مرارتها، على أن تستمر في المحاولة لاستجداء المركز عبر رموز هلامية. من ناحية مبدئية فإن الثورية تسقط عن من ينحي هذا المنحى، من ناحية عملية فإن الاحرف التي يسطرها قلم الكهنوت هي أحرف بلا روح، ولذا فهي لن ترى النور.
إن من أجل اسهامات الانقاذ -- وإن اختلفت الغايات -- هو خلخلتها، للصواميل الأربع التي كانت وما زالت تسند ماكينة المركز وهي من عجب ذات الصواميل التي تسندها على عوج اليوم. يحلو لبعض أبناء الريف المتحمسين أو أبناء المركز الماكرين أن يقولوا أن قوات الدعم السريع هي التي تدعم النظام وهي من يبقى عليه (وهم بذلك انما يروجون للشائعات التي يبثها جهاز الأمن الوطني؛ فمن الاسهل للجمهور ان يصب جام غضبه على "الآخر" على ان يمتلك الشجاعة لمواجهة المدبر الحقيقي للجريمة. وليس حوادث سبتمبر منا ببعيد!). وهم إنما يتناسون ان "الوعي الجمعي للمركز" متمثلا في العسكر المرتشين، والفقهاء المفسدين، والساسة الطائفيين، والرأسماليين الانتهازيين، هم من يطيل عمر الانقاذ مخافة ان تقام عليه سنن الكون (ولقد ارسنا من قبلك فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين اجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين). هناك تنسيق بين هذه النخب وإن تباينت ايدولوجيتها، وخط متصل وينفصل ليقوَم فصول المسرحية التي افتتحت في سنار ولم يسدل ستارها بعد. والا كيف نفهم أن كاتب الارضحال (عريضة) للجبهة الثورية يتلقى مصروف شهري هو وأسرته من جهاز الأمن؟ كيف يتكلم الوعاظ عن الرافضة في سوريا ويتناسون الاطفال الذي يتلقون هم وامهاتهم الراجمات من فوق الجبال بالصبر؟ كيف استحال العسكري الي صول مهمته تأمين المطارات لغسيل الأموال؟ بل كيف يكون واحدا من اكبر المعارضين وزعيم حزب قومي هو الممول الرئيسي للتصنيع الحربي؟
إن دارفور هي قائدة المرحلة القادمة بتضحياتها ووعيها الإنساني وعمقها الهوياتي، هي صاحبة الشرعية الثورية والشرعية الديمقراطية، ولذا "فهم" سيسعون لاحتوائها مدنيا عبر ما يسمى بالكونفدرالية أو سياسيا عبر الاختراق (وارسال الغواصات) للجبهة الثورية، وإذا لم ينجحوا فتدميرها من خلال التدابير الإدارية الفارغة، أو حتى فصلها. من هنا لزم علينا ان نقف جميعاً (نخبة وشعبا) وقفة تشرف حاضرنا وتتصل بتاريخ اسلافنا الذين تعرضوا لهزائم ميدانية عديدة، لكنهم لم يتلقوا هزيمة نفسية واحدة. ومن عجز منا عن ان يكون على قدر القامة لهذا الشعب فعليه ان يستقيل لا ان يميل. ولنا في النازحين اسوة حسنة، فهم حُصروا فلم يستكينوا واستذلوا لكنهم لم يلينوا ولم يهينوا. من زعم منا أنه قد عانى فلينظر إلى معاناتهم ومن ادعى الجهاد فليتأسى بتضحياتهم، وهم في كل ذلك لم ييأسوا من روح الله ولم يقنطوا من رحمته. إذا عجزتم عن نصرتهم، رجاءً لا تستثمروا محنتهم (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب فينقلبوا) صدق الله العظيم.
يلزمني ان اعلق كخبير في التنمية العالمية على الترتيبات الإدارية بعد ان اعطيت الجوانب السلوكية قسطاً لا بأس به في التحليل. الكل يعلم ان الفدرالية التي طبقت هي فيدرالية مظهرية لم تسهم في تنظيم العلاقة بين المركز والهامش، إنما خلقت مركزيات بديلة للاستبداد خاصة ان التدابير الإدارية التي اتبعتها كان الغرض منها تقنين العصبية وليس تذويبها. إن المتفحص لمؤسسات الحكم والإدارة في الريف السوداني ودارفور خاصة، يقر بأنها عاجزة بمعياري الكفاية والكفاءة. من ناحية الكفاءة، هنالك تباين بين النصوص الدستورية والقانونية والواقع الإداري التنفيذي. مثال، هنالك محليات تنشأ دون الرجوع إلى الدستور، إنما مجرد محاولة استرضاء لبعض خشوم البيوت. حتى بلغ المحليات (69) محلية. وهم، أي العصابة العنصرية، إنما تستند على فلسفة "تقصير الظل الإداري"، التي هي مجرد استخدام لتعابير هندسية للتعويض عن الفشل السياسي والأمني والإداري. من ناحية الكفاية، فإن توزيع الإرادات مجحف على المستوين، الرأسي من المركز إلى الريف. والأفقي (الارياف فيما بينها)، مما اثر سلبا على الانفاق الاجتماعي. أكاد أجزم ان دولة الرعاية الاجتماعية قد خرجت من الباب ورجعت من الشباك في شكل المحسوبيات والشلليات الماثلة امام اعيننا.
اولا، إن إنصاف دارفور يقتضي نوعا من الهندسة الدستورية التي تهيئ التنمية للذات الثقافية، الحضارية، الإدارية والمادية، من خلال التنمية الريفية التي تستهدف البنية المادية، والاجتماعية لقاطني الإقليم. إن تعدد الاقاليم (النتيجة المعلنة سلفاً من قبل المركز) يتطلب لا محالة استحداث حدود جغرافية قد تعيق امكانية التوسع الأفقي والرأسي في النشاط الزراعي وتجعل من الصعب، إذا لم يكن من المستحيل، استصلاح الصحراء والتفكير جديا في إقامة مزارع رعوية. إن تنمية الريف الدارفوري تتطلب لا محالة تغيير العلاقة الاجتماعية بين الرعاة والحيوان إلى علاقة اقتصادية، كما يقول البروفسير آدم الزين في كتابه المفتاحي، التنمية مفتاح السلام.
ثانياً، إن خلق تكامل اقتصادي واجتماعي مع دول الجوار (افريقيا الوسطى من ناحية الجنوب الغربي، تشاد من الناحية الغربية، ليبيا من الناحية الشمالية، جنون السودان من ناحية الجنوب.) يتطلب وجود كيان سياسي وإداري واحد موحد يتولى أمر التنسيق، ويشرع في ترتيب البروتكولات التجارية وتحقيق النظم، حبذا باستقلالية عن بنك السودان الذي أصبح حكرا لأقاليم بعينها ونخب مركزية لا يتجاوز عددها الخمسين. هذا كله مما يهيئ لاستعادة دارفور مكانتها كمركز للتقاطع المعرفي ودرب للتبادل التجاري الافريقي والعربي. يحزن المرء لمجرد معاينته للواقع، فدارفور التي كان من المفترض ان تكون كاليفورنيا افريقيا هي اليوم ساحة للضياع لا يصونها إلا رغبة النظام الحاكم في استبقائها ولو إلى حين مستودعا للمقاتلين.
لماذا لا تطور ملكات هؤلاء المقاتلين ليكونوا صناع ماهرين أو زراع منتجين؟ لماذا لا يكون الجبل قبلة للسواح الاوروبيين عوض عن كونه اليوم ساحة للإبادة العرقية؟ ما الذي تعلمه العنصريون من قراءتهم الواعية وغير الواعية للتاريخ؟ إنا نستورد القمح وتقنن سعره النخبة المركزية بكل أنواع الفهلوة، في حين ان مناخ الجبل كما يقر علماء وخبراء الزراعة، يتلاءم تماما وحوجة للقمح للازدهار. نحتاج ان نستثمر ظاهر الأرض قبل باطنها. اعنى بذلك الاعتناء بالطرق الحديدية التي هي حيلتنا للتكامل الاقتصادي مع افريقيا، بل مصدر ثروتنا في جلب البضائع من تلكم البلاد، المغلقة، التي لا نافذة لها على البحر، ونقلها عبر بورتسودان. كيف نفسر وجود السلخانات في ام درمان في حين ان المنتج في دارفور وكردفان؟ لو انهم اعدوا البنية التحتية لكانوا أول المستفيدين لكونهم متمرسين ولكونهم نافذين.
ثالثا، نحتاج لتوطين تجربتنا الإسلامية والعربية في محيطنا الافريقي، كما يقول الاستاذ الدكتور النور حمد، حينها فقط نستطيع الانفتاح ثقافيا وفكريا على الحزام السودانوى بأكمله لتعزيز أواصر الاخاء الديني والإنساني وبغيره ستكون مصدراً للقلاقل لدول الجوار وبؤرة للفساد يتأذى منها وبها القاصي والداني. هل يغفل العالم عن الدور السلبي الذي قامت به العصابة في زعزعة استقرار دول الجوار. إن صاحب الافق الخفيض والهمة الوضعية يكون وبالا على نفسه والآخرين.
اما وقد سردت الاسباب التي تستدفع العصابة العنصرية لإجراء هذا الهراء الذي يسمي مجازا استفتاء، فلن يعجز المرء عن الاجابة بأحد الخيارين لسؤال المقال الاساسي: هل الاستفتاء "استحقاق دستوري" كما يتنطع المتنطعون ويتقول المتقولون أم هو برهان حقيقي على عجز الحكومة الحالية والنخب المركزية عامة منذ الاستقلال عن اعتماد خطة تنموية واستمرائها للحرب كمشروعية بديلة؟ لا سيما ان الحرب قد باتت تمثل مصدر ثراء للجميع ماعدا المواطن الذي وجد نفسه بين سندان حكومة عنصرية ومعارضة امتهنت الثورية وعجزت عن الامتثال لقيمها، والالتزام بقضاياها. ختاماً، علينا ان نبقى في بيوتنا وان ننقر بطن الصفيح طيلة فترة الاستفتاء، عسى الله ان يفتح بالضجة والجلبة قلوب أبناء دارفور المستلبين كما المحبطين فيعلموا ان هذا الشعب مخبره رزين وأنهم أضاعوه في وقت هو أحوج ما يكون إلى التطمين، حتما ليس التلقين.

بقلم: د. الوليد آدم مادبو
auwaab@gmail.com