الجمعة، 18 ديسمبر 2015

جولة غير رسمية بين الحكومة السودانية و(الشعبية) تقر وقف الحرب وحوار جامع


انتهت بأديس أبابا، صباح الجمعة، جولة مصغرة وغير رسمية من المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية ـ شمال، وأكد الطرفان ضرورة إنهاء الحرب ومشاركة جميع الأطراف في الحوار الوطني الشامل. وإنطلقت في العاصمة الإثيوبية، منذ الأربعاء الماضي، اجتماعات مغلقة بين وفد الحكومة السودانية لمفاوضات المنطقتين؛ والحركة الشعبية لتحرير السودان ـ شمال بحضور الآلية الأفريقية برئاسة ثابو مبيكي، وضمت 4 ممثلين عن كل جانب؛ وترأس وفد الحكومة مساعد الرئيس إبراهيم محمود حامد؛ وترأس وفد الحركة الشعبية، ياسر عرمان.
وقال المتحدث باسم الحركة مبارك أردول في بيان تلقته "سودان تربون" أن "الطرفين لم يتمكنا في الجولة من حل القضايا الرئيسية العالقة ولكن تبادلا بشكل صريح وجاد مواقفهما من كافة هذه القضايا واتفقا على عقد لقاء غير رسمي في أقرب وقت لمزيد من البحث المتعمق في هذه القضايا وإجراء مشاورات لكل طرف مع حلفائه للوصول لسلام شامل".
وبحسب البيان فإن رئيس وفد الحركة ياسر عرمان أكد في تصريحات عقب إنتهاء الجولة أن "الجديد في هذه الجولة هو طريقة إدارة الحوار والموضوعات والصراحة والشفافية التي تميزت بها".
وأشار عرمان إلى "ضرورة الحل والسلام الشامل ومشاركة الجميع في الحوار وضرورة توفير الطعام والسلام والحريات".
وقال أردول في بيانه إن الجولة تميزت بمناقشة القضايا القومية والقضايا التي تهم المنطقتين، وزاد "تناولت الجولة غير الرسمية قضايا السلام الشامل ومشاركة جميع الأطراف السودانية في الحوار والترتيبات الأمنية والسياسية في المنطقتين".
وأضاف أن الجولة الـ "11" أكدت أهمية وقف وإنهاء الحرب بشكل متزامن بالمنطقتين ودارفور، ومشاركة جميع الأطراف في الحوار الوطني بغية الوصول لإجماع وطني، ومخاطبة القضايا المتعلقة بالمنطقتين، وبناء أجندة وطنية لمستقبل السودان قادرة على توحيد السودانيين.
وضم وفد الحركة الشعبية كل من رئيس الوفد ياسر عرمان والأمين العام للحركة بالنيل الأزرق عبد الله ابراهيم ومقرر الوفد أحمد عبد الرحمن سعيد والناطق الرسمي بملف السلام مبارك أردول.
وضم الجانب الحكومي مساعد الرئيس نائب رئيس المؤتمر الوطني إبراهيم محمود والفريق عماد عدوي رئيس هيئة العمليات المشتركة والعميد إستيفن مينزا معتمد الكرمك وبشارة أرور الأمين السياسي لحزب العدالة.
وكانت، المفاوضات المباشرة بين وفدي الحكومة السودانية والحركة الشعبية ـ شمال انهارت في نوفمبر الماضي، بسبب تمسك كل طرف بمواقفه.
يشار إلى أن موقف الحكومة يتمثل في مناقشة الترتيبات الأمنية التي تبدأ بوقف العدائيات ثم وقف إطلاق النار وتهيئة المناخ للمساعدات الإنسانية، فيما تتمسك الحركة الشعبية، بالتفاوض حول وقف العدائيات للأغراض الإنسانية فقط.
سودان تربيون

نائب الرئيس: لا يوجد ما يدعو نازحي دارفور للبقاء بالمعسكرات



قال نائب الرئيس السوداني، حسبو محمد عبدالرحمن، إنه لا يوجد ما يدعو النازحين من دارفور للبقاء بمعسكرات النزوح واللجوء، موضحاً أن الحكومة ملتزمة بتوفير كافة مطلوبات النازحين للعودة إلى مناطقهم، مؤكداً على استقرار الأوضاع الأمنية بالإقليم.
وأشار عبدالرحمن خلال لقائه قيادات النازحين إبان زيارته لجنوب دارفور يوم الجمعة، أنه لا يمكن أن يظل النازحون في وضع المعسكرات غير اللائق وهم مواطنون يجب أن يعيشوا عزيزين مكرمين في مناطقهم، ويتمتعون بحقوقهم كغيرهم من المواطنين من خدمات تنموية واجتماعية.

ووجّه حكومة الولاية بتهيئة بيئة مناطق العودة لأهلها بصورة جيدة، معلناً عن حزم من البرامج لشباب النازحين تشمل التدريب في الإنتاج وإنشاء جمعيات خيرية وبرامج زواج جماعي.
وفي السياق أكد نائب الرئيس، أن الشباب معوّل عليهم قيادة النهضة والتغيير في السودان في المرحلة القادمة، وقال خلال افتتاح مؤسسة التمويل الأصغر بجنوب دارفور، إن الدولة ستوفر كافة معينات وآليات العمل للشباب لقيادة الإنتاج وبرامج التنمية.
ودعا الشباب إلى الاستعداد لقيادة مرحلة التحول الإيجابي وسط مجتمعاتهم في دارفور، معلناً عن دعم مشاريع استقرار الشباب التي ترعاها الدولة وستوفر لها الدعم والرعاية الكاملة، من أجل تفجير طاقات الشباب للإنتاج .
شبكة الشروق

برلماني يكشف عن نفوق مئات الآلاف من الثروة الحيوانية بالبطانة بسبب العطش



انتقدت النائبة البرلمانية بالمجلس التشريعي لولاية الخرطوم علوية إمام، تضمين زيادة الأجور للعاملين بالقطاع العام في الموازنة القادمة، والمقدرة بنسبة نمو تبلغ (22,37%).
واعتبرت علوية خلال جلسة المجلس أمس، أن زيادة الأجور للعاملين بالقطاع العام ستترتب عليها زيادة في أجور العاملين في القطاع الخاص، وأشارت الى أن الأخير يعاني من الكثير من المشكلات، واستفسرت وزير المالية بالولاية عادل محمد عثمان عن كيفية الزيادة، وما إذا كانت زيادة الأجور ستعتمد على زيادة الضرائب.
وفي سياق متصل كشفت النائبة هند أحمد عن وجود وظائف بالجامعات محجوزة لكوادر هاجرت منذ 6 أعوام، وقالت (كان يمكن تعيين جزء من الخريجين في تلك الوظائف).
ومن جانبه انتقد النائب سليمان إدريس، إيراد الموازنة لارتفاع الأسعار كتحدٍ يواجه الميزانية، وقال: (هناك سياسة لتحرير الأسعار لذلك يجب عدم التحدث عن الارتفاع الجنوني للسلع التي ترتفع أسعارها في الأسبوع ثلاث مرات)، وأضاف (خلوها تمشي زي ما تمشي).
وعن اعتماد الموازنة على الإنتاج الزراعي، قال سليمان (خلونا صادقين وعارفين البنقول فيهو وحقو تمشو مشروعي السليت وسوبا، ما في صادر والعائد دون المطلوب)، وتابع: (المواطن حيصبر لي متين).
واشتكى سليمان من قلة الخدمات بالريف وقال: (أفرزوا لينا عيشتنا)، وانتقد عدم توزيع مال التنمية المقدر بـ(54%) من الموازنة القادمة على المناطق، وذكر (المبلغ عائم، والريف لن يجد حظه منه).
ومن جهته كشف النائب معتصم يوسف عن وفاة مئات الآلاف من الثروة الحيوانية بالبطانة نتيجة للعطش، واعتبر ذلك مهدداً للاقتصاد.

الجريدة

الخرطوم تتأهب لإرسال طائرات تعيد لاجئين سودانيين من الأردن


تستعد الخرطوم لارسال اكثر من طائرة الى العاصمة الاردنية، عمان، لإرجاع حوالى 800 سوداني، قررت السلطات الأردنية ترحيلهم إلى السودان، لمخالفتهم إجراءات الهجرة، حيث تقول الحكومة الاردنية أنهم دخلوا البلاد للعلاج ولم يحصلوا على حق اللجوء.
وقال المتحدث باسم الخارجية السودانية علي الصادق، للصحفيين،الخميس، ان السودان ينتظر موافقة المملكة الاردنية حتى يتم ارسال الطائرات التي ستقل العائدين.
وأبدى المتحدث رفضا لأي معاملة غير كريمة للمواطنين الذين قررت الاردن ترحيلهم، وقال “من حق الاردن عدم اعطائهم اقامة ولكن ليس من حقها الاساءه اليهم”.
وكانت صور ومقاطع فيديو بثت على وسائل التواصل الاجتماعي قبل يومين، كشفت عن تعرض السودانيين للضرب ولمعاملة قاسية من السلطات الاردنية، بعد مقاومتهم قرار الترحيل.
وطبقا للمتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية، فإن قرار التسفير جاء بعد نحو شهر من مبيت السودانيين في خيم بلاستيكية أمام مقر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، احتجاجا على أوضاعهم الانسانية، وللمطالبة بمساعدات بموجب اعترافات من المفوضية بهم كلاجئين.
وقال المتحدث باسم الحكومة الأردنية محمد المومني في تصريحات لـ “CNN”، إن قرار التسفير الذي اتخذ، الاربعاء، تم بالتنسيق مع السلطات السودانية حيث لا ينطبق عليهم “تعريف اللجوء”.
وأضاف: “دخلوا طلبا للعلاج في البلاد ولم يتم منحهم حق اللجوء والمفوضية لم تمنحم اللجوء فلا ينطبق عليهم تعريف اللجوء وعددهم 800”.
وقرر عشرات السودانيين منذ نحو شهر التخييم أمام المفوضية، بعد نفاذ مدخراتهم وتعذر حصولهم على فرص عمل، بحسبهم.
وقالت السودانية سارة سليمان، إن السلطات قدمت إلى الموقع وأجبرت الجميع على ركوب باصات من دون الابلاغ عن الجهة التي سيتم نقلهم إليها.
وبينت سارة التي اضطرت لنقل طفلها إلى المستشفى لحالة طارئة ولم تلتحق بالآخرين، إنها دخلت الاردن في الأول من ديسمبر 2013 رسميا بالطيران هروبا من النزاع المسلح في إقليم دارفور.
سودان تربيون

انسلاخ 153مشرفة نظافة عن الوطني بالخرطوم



أعلنت 153 مشرفة نظافة انسلاخهن عن المؤتمر الوطني بمحلية الخرطوم بعد فصلهن من العمل . وقالت سهام الامام الطيب المشرفة بمربع 31 الصحافة لـ(الجريدة) : إنهن انسلخن من الحزب الحاكم لجهة عدم وقوفه معهن في أزمتهن بعد أن لجأن إليه بعد قرار الفصل . وكشفت عن إتصالات تمت بينهن والمشرف التنظيمي لمحلية الخرطوم بالصحافة والذي قطع موعداً لمقابلتهن ولكنه لم يوف به ولم يعاود الاتصال متجاهلاً الأمر . و(تابعت) أن المفصولات يعشن ظروفاً مأساوية وبعضهن أرامل ومطلقات.
وأكدت أن الفضل في إكتساح المؤتمر الوطني للدوائر الانتخابية بمحلية الخرطوم يعود لهن ، ولذلك عندما تجاهل الحزب قضيتهن قررن الانسلاخ عنه.

الجريدة

السودان… ربع قرن في مسرح العبث

خالد الإعيسر

السلوك الإنقاذي كان أكبر أسباب المفارقة الأبدية التي ميّزت علاقة الشعب السوداني بالحكومة لأكثر من ربع قرن من الزمان.
حكومة الإنقاذ لا تشبه الشعب السوداني في أي شيء، وهذا أمر لا جدال عليه، وهنا تكمن أسباب استمرارها في الحكم وتمسك منتسبيها، الذين جاء بعض منهم من مساحات العدم والحرمان الى رحابة السلطة وامتيازاتها، في تسلسل غير طبيعي للاستئثار بالمغانم، في بلد جل سكانه من المعدمين والفقراء، ولكنهم متسامحون ومتصالحون مع أنفسهم وما كتبه الله عليهم من أقدار، وكأنهم مديونون للعذاب.. المفارقة ان الرئيس السوداني عمر البشير عادة ما يقول في حالات هيجانه (أنا ما عايز لما أقيف أمام الله يجي واحد يقول إننا ظلمناه في الدنيا)، وكأنما الرئيس لا يعلم بما يحدث في السودان من ظلم هذه الأيام لغالب مواطنيه.
كلام الله ليس خطبا جوفاء وشعارات زائفة تخادع بها المؤسسات الدولية، والأمر لله من قبل ومن بعد؛ وتلك قصة أخرى.. لكن بالعودة إلى العلاقة بين الشعب والحكومة السودانية تستجلب الذاكرة، مع حالة الغضب السائدة في الشارع السوداني هذه الأيام، المقولة الشهيرة «من أين جاء هؤلاء؟» هي مقولة تختزنها الذاكرة السودانية، وكانت عنوانا لمقالة رصينة كتبت في انتقاد سياسات حكومة الإنقاذ قبل ستة وعشرين عاماً، يوم كان النظام في بداياته.. 
لا غرو، فالكاتب هو الأديب الروائي السوداني العالمي الراحل الطيب صالح (طيب الله ثراه)؛ سطرها يوم كانت الحركة الإسلامية السودانية على قلب رجل واحد قبيل المفاصلة الشهيرة بين الرئيس السوداني عمر البشير والدكتور حسن عبد الله الترابي العقل المدبر للانقلاب في 30 يونيو 1989.
ساقني عنفوان المهنة في محاولة لتقديم عمل ناجح «أظنه أحد أهم الأعمال التلفزيونية التي أجريتها خلال مسيرتي المهنية».. فجلست يومها الى الراحل أتقفى أثر مقالته الشهيرة، كان حواراً نادراً اتخذت له عنواناً «الطيب صالح.. ســــاعة سياسة» ليقيـــني بأنه أول وآخر عمل «متلـــفز» تحدث فيه حصريا عن الشأن الســـياسي المحلي والأقليمي والدولي، من المهم القول إنني كنت أحاول عبره قراءة أفكاره بعيدا عن التسييس وبدواع مهنية بحتة بعد مضي أكثر من عقدين على تاريخ مقالته تلك. فاض الطيب صالح، وقال كلاما مهما في سياق آرائه السابقة ونقده لحكومة الإنقاذ، لم يتبدل عنده المشهد كثيرا إلا من بعض الملاحظات الصغيرة التي طرأت على سلوك النظام.
نالتني بعدها سهام النقد، تحديداً من بعض المعارضين الذين لم يستوعبوا الإفادات في سياقها المنطقي، حسب تسلسل الأحداث، وتفاعل المنتقدون مدفوعين بشحنة عواطف الكراهية للنظام؛ وهؤلاء يجدر القول إنهم لم يفهموا الإفادات كما ينبغي وافرغوها من مضامينها.
الحقيقة ليس الطيب صالح وحده من كتب عن الانقاذ بواقعية، لكنه الأفضل؛ والشاهد أنه لم يعد من العسير اليوم على كل ذي عقل ان يتبين تلك الاشارات التي وردت في مقالته، مقرونة بما نشهده اليوم وتنضح به معطيات المسرح السوداني الذي لم يعد يختلف في وصفه بالسوء حتى منتسبي النظام أنفسهم.
وبين ايدينا الكثير من الشواهد التي تؤكد حقيقة ما ذهب إليه الطيب صالح القاضي بان حكم الانقاذ مثل أسوأ حقبة عاشها السودان منذ استقلاله قبل ستين عاما، الى أن شقت طلائع الثورة مسالك القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، وجثمت على صدور أهل السودان. الانقاذ في عهدها فقد السودان ماضيه التليد وحاضره ولا يزال المستقبل متوشحا بالمخاوف والمحاذير.. حكومة الإنقاذ يكفيها سوءا أنها ورثت بلدا واحدا فمزقته الى دولتين، ورسخت لأساسيات التقسيم لما تبقى من ولايات، تحديدا في كل من دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.. أخطر تجليات الحقبة الإنقاذية تجسدها اليوم شواهد انهيار الاقتصاد السوداني، التي دفعت مؤخرا وزير المالية والتخطيط الاقتصادي بدر الدين محمود لحث نواب البرلمان على تمرير رفع الدعم الحكومي عن الدقيق والقمح والمحروقات والكهرباء في موازنة عام 2016.
هو النظام ذاته الذي أهمل ودمر المشروعات الاقتصادية الاستراتيجية وعلى رأسها مشروع الجزيرة الزراعي الذي أنشئ عام 1925، وشركة الخطوط الجوية السودانية إحدى أهم شركات الطيران في العالم العربي وأفريقيا، التي انشئت عام 1947، وشركة الخطوط البحرية السودانية، والسكك الحديدية، ومصانع النسيج والآلبان والزيوت، عوضا عن انحيازه السياسي ومنذ يومه الأول للموالين من الأتباع في القطاع الخاص، ما أدى الى انهيار معظم الشركات الوطنية ولم يقف عند هذا الحد، بل دعم مكانهم الطفيليين الذين بلغوا حد التخمة في الثراء، بالتحايل على النظم والقوانين لنهب المال العام؛ وبدلا من حشد الارادة الوطنية، عمل النظام على ترسيخ قيم التجزئة بالمحاصصة في توزيع الحقائب الوزارية، الأمر الذي تسبب في هجرة ملايين السودانيين الأوفياء لوطنهم.
الإنقاذ قضت على الماضي الموروث، وفعلت في الحاضر المعيش الافاعيل ووضعت كل المقومات لمستقبل مخيف. ومن عمق هذه المهزلة التاريخية تتبين حقيقة مهمة وهي، أن الحكومة الحالية لم تعد تأبه لحالة الوطن «التعبان» وإنسانه «الغلبان»، ولا تلقي بالا حتى لما يمكن أن يبلغه الحال مستقبلا؛ الثابت الذي يهمها دائما هو البقاء في السلطة، وبأي ثمن لزيادة نهجها «التمكيني» عبر الثراء الحرام والمشبوه والاعتداء على المال العام وإيجاد المبررات القانونية لأتباعها الذين ثبتت في حقهم تهم فساد واضحة عبر ما يسمى بفقه التحلل الذي جوزه قانون الثراء الحرام والمشبوه الذي شرعته عند مجيئها سنة 1989.. والمفارقة أن الحكومة ظلت تنادي بالحوار الوطني كشعار براق منذ قيامها، عندما أقامت مؤتمر الحوار الوطني لقضايا السلام عام 1989 والى يومنا هذا، ولكنها عمليا لم تقدم أي تنازلات ملموسة على الأرض مما يفقد المصداقية للعملية التي تجري حاليا في الخرطوم مع أجسام مصنوعة لا تقدم ولا تؤخر.
لعل أكثر اللحظات صعوبة عند كل صاحب رأي تكمن في تلك الأسئلة الموضوعية عن جدوى الكتابة في ظل هذه الأوضاع والدولة «تائهة ومكابرة» لا تسمع إلا ما تريد سماعه ولمن يزمرون للارتماء في أحضانها من أجل الحاجة لنيل المكاسب، والشعب تجسد مواقفه مقولة توماس كارليل «ليس للاقتناع قيمة إذا لم يتحول إلى سلوك».
مع كل هذا يبدو الصمت ثقيلا على النفس، لذا أسعى لاقناع الذات لتبرئة الذمة امام الله بعد كل فترة وأخرى، بأن الكتابة في الشأن السوداني رسالة تنوير أكثر من كونها نصائح لنظام أصم، من باب تنبيه السودانيين لتبني فكرة حوار وطني وفاقي بديل لتدارك ما تبقى من فرص لاحياء مشروع الدولة الوطنية قبل فوات الأوان واستنادا إلى تجارب الأمم الأخرى.
لست بصدد تناول أمر الفساد في هذه السانحة من زوايا شرعية، ولكن استدلالا لما يعانيه السودان تكفي الاشارة السريعة لما قاله نائب رئيس هيئة علماء السودان الشيخ عبد الحي يوسف في الأسابيع الماضية: «إنسان سرق وأكل المال العام وثبتت عليه البينة وأخذ بجرمه كيف نقول له تحلل من هذا المال لا لك وﻻ عليك.. كأننا نقول للناس اسرقوا واختلسوا، فإن لم يعلم بكم أحد فهو حلال لكم، وإن علم بكم وانكشفتم ردوا ما أخذتم وأنتم أحرار في أمن وأمان حتى تتحينوا فرصة أخرى للسرقة».
هذا الواقع هو بكل تأكيد نتاج للطريقة التي تدار بها مؤسسات الدولة التي أدمنت التبرير لكل إخفاق صادر عن سلطة القرار وادارة الدولة، لأن العقلية التي تدار بها العملية المنوط بها حماية الأمن القومي السوداني ومصالح الشعب خرجت عن النهج الاستراتيجي المتعارف عليه في حماية الأمن والمصالح العليا، إلى التسليم بكل ما هو صادر عن الرئيس ومن هم في دائرته، باعتبارهما خطا أحمر، ولذا حدث الخلط الذي نشهده اليوم في المجالات كافة، «السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية».. وهذا الأمر يصعب حتى على من يريد الإصلاح أن يقول كلمة حق في وجه السلطان «علماً بأن النظام الحاكم يتخذ من الاسلام شعاراً فضفاضاً». 
يقولون إن السياسة كلعبة التنس يربح فيها الطرف الواحد لا بسبب قوة ضرباته وانما بسبب الضربات الفاشلة التي يصوّبها له خصمه في ساحة اللعب، وهذا هو واقع العلاقة بين الانقاذ وخصومها، بل هو سر بقاء هذه الحكومة العاجزة عن تلبية متطلبات مواطنيها.. الآن وقد ضاعت الكثير من الأحلام والآمال ووصل الأمر الى هذا الحد من الإنهيار، نحن مطالبون لأن نطرح تساؤلات مشروعة للاستفادة من عثرات ماضي الفشل الذي صاحب تجارب الحكم في السودان، ترى هل كان سوء الانقاذ من صنعها وعدم استماعها الى نداءات المثقفين والوطنيين المخلصين من الكتاب وصناع الرأي، كما الحال مع الأديب الراحل الطيب صالح ومن تداعوا قبله وبعده لسنوات طويلة، بسبب أنانية قادة الحكم وغشهم وفسادهم المفضوح؟ أم ان الذي يحدث الآن في السودان هو من صنع خصوم الحكومة من المعارضين الذين استكانوا بسلبية لهذه الاخفاقات.. والناتج في تقديري لا يعفي الجميع وبلا استثناء.
ما بين فساد حكومة الإنقاذ واستسلام وفشل المعارضة في اقتلاعها من جهة أخرى تأتي استفهامات أخرى عن دور الأمة السودانية «إذا اعتاد الفتى خوض المنايا.. فأهون ما يمر به الوحول»، ترى هل حقا لم يعد يؤلم هذه الأمة الموت، وتآخــــت احزانها وافراحها وسكتت في قلبها نبضات الآلم وماتـــت فيه أسباب الحياة؛ هي أسئلة قديمة طرحت قبل أكثر من ربع قرن، وبعضها متجدد نطرحه اليوم وثمة الكثير من الأسئلة العالقة التي لم تطرح الى الآن تلونها النوازع والانحرافات نتركها للأجيال القادمة، إذا قدر لنظام حكم الفرد هذا أن يستمر في مسرح العبث الذي رهنت مخاوفه مصالح أمة كاملة في حظيرة هدم الآمال ولا يزال الانتهازيون يصورون أن الدنيا بعده فناء؟

٭ كاتب سوداني مقيم في لندن
خالد الاعيسر
القدس العربي

الخميس، 17 ديسمبر 2015

وزير المالية الأسبق دكتور “التجاني الطيب” * نحن الدولة الوحيدة في العالم التي تقوم موازنتها على البشريات



* التضخم المتوقع لم يأخذ في الاعتبار حركة الأسعار في السوق
* وكلما تأخرت  الحكومة في تضييق الفجوة بين سعرى الصرف كلما تعقدت المشكلة
* * الموازنة ،دائماً، تنبنى على شقين، شق سعيد، وشق غير سعيد!
* نحن الدولة الوحيدة في العالم التي تقوم موازنتها على البشريات
منذ بزوغ فجر الإنقاذ وحتى الآن ظل الاقتصاد السوداني في ترنح مستمر رغم الوصفات العديدة التي جُربت وكان أولها سياسة التحرير الاقتصادي، لكن كل هذه الروشتات باءت بالفشل،  وقادت إلى تذمر المواطنين الذين كانوا يحلمون برفاهية اقتصادية ، على ضوء الوعود العديدة التي أطلقت من جانب السلطة، وتمثلت في طرح المزيد من المشروعات والبرامج ، مثل البرنامجين (الخماسي) و(الثلاثي) ،اللذين قدما لامتصاص أثر صدمة ذهاب ثلث عائدات البترول  الى الجنوب بعد الانفصال، واتضح أنهما كانا بمثابة مسكنات، مؤخراً ، شهدت الأسعار ارتفاعاً كبيراً نتيجة ارتفاع سعر الصرف، وانعكس هذا الارتفاع على السوق بصورة عامة ، الأمر الذي قاد الحكومة إلى تعديل سياساتها تجاه الدقيق، بزيادة سعر الصرف للشركات المستوردة حتى وصل 6 جنيهات. بالنسبة لها في الجانب الآخر ، شهدت بعض السلع خلال الأيام الفائتة ندرة مثل الغاز ،ربما،  نتيجة لمضاربات السوق الأسود، وشكا وزير النفط لحكومته عن عجزه في السيطرة على الجهات التي تتحكم في هذه السلعة، وفي خضم هذه الأجواء جاءت موازنة عام 2016 ، وهي تجابه جميع هذه التحديات، بالإضافة إلى تحدي التنمية الذي كان يتذيل أولويات كل موازنة،  رغم قناعة أهل الشأن والخبراء ، بأن الحل يكمن في العودة إلى القطاعات المنتجة من زراعة وصناعة، خطاب موازنة العام 2016 في عمومياته، تحدث عن بشريات ودعم وزيادة في أعداد دعم الأسر.  (المجهر) حاولت قراءة هذا الخطاب السابق لمشروع الموازنة مع خبراء.  فجلست إلى وزير المالية الأسبق، الدكتور “التجاني الطيب”، وأجرت معه حواراً ، من جزئين،  تناولنا في جزئه الأول،  خطاب موازنة 2016 فماذا قال؟


{ كيف قرأت خطاب موازنة 2016 الذي نشر في بعض الصحف؟
–    خطاب الموازنة العامة للعام 2016 حسب ما اطلعت عليه في الصحف يشير إلى أن الموازنة كلها بشريات، وهذه واحدة من سمات كل موازنة، نحن ، أي موازنة لنا، دائماً كلها بشريات وأمانٍ ، وبمجرد إجازتها يبدأ مسلسل المعاناة والإحباط .
{ أين تكمن المشكلة برأيك؟
–    لا توجد موازنة في الدنيا تبنى على بشريات.
{ على ماذا تبنى؟
– الموازنة دائماً تنبنى على شقين، شق سعيد وشق غير سعيد، هناك موازنات تكون فيها زيادة ضرائب، لكن تحتوي على تخفيضات  لضرائب أخرى ،أو دعم لفئات ضعيفة في المجتمع ، في التعليم والصحة، لكن نحن الدولة الوحيدة في العالم التي تقوم موازنتها على البشريات، ولو جمعنا كل البشريات ، التي نشرت في خطاب الموازنة لعام 2016 في بعض الصحف ، ولو أعطونا كل ميزانية “أمريكا” لن نحقق هذه البشريات . لكن!
{ لماذا؟
–    لأنها مجرد أمانٍ نكررها كل سنة ومجرد ما تنتهي الموازنة نرجع لمسلسل المعاناة، بل بالعكس، حتى المسؤولين في وزارة المالية قبل أسبوعين،  كانوا يتحدثون عن أن الوضع الاقتصادي حرج، فيما كان وزراء سابقون يدافعون عن أن الاقتصاد تعافى ، وحتى ميزانية 2016،  قالت إن البرنامج الثلاثي كان ناجحاً جداً ،والاقتصاد بدأ يتعافى، فجأة انقلبت المعادلة وأصبح هؤلاء القوم يتحدثون عن أن الاقتصاد في موقف حرج، ولابد من رفع الدعم، وهذه أسطوانة كررناها في العام 2013 ، عندما قالوا لو لم تكن هناك زيادات اقتصاد سينهار، والذي انهار هو المجتمع السوداني،  وليس الاقتصاد.
{ لكن مجرد الحديث عن بشريات يعطي إحساساً بوجودها في محور من محاور الموازنة؟
–    هذه البشريات في نظري، وبحسب القراءة السريعة لما نشر في خطاب الموازنة،  تعطيني مؤشراً إلى أنه قد لا تكون هناك زيادة في الضرائب أو الجمارك ،يعني مافي أي عبء ضريبي على المواطن، لكن ما لفت انتباهي،  أنه لم يرد ذكر لسعر الصرف، فمثلاً موازنة 2015 كانت تتحدث عن عدم الزيادات في أي شيء، لكن الموازنة ستستعمل سعر الصرف المرن.
{ ماذا يعني سعر الصرف المرن؟
–    سعر الصرف المرن يعني زيادات بطريق غير مباشر، لأنك عندما ترفع أسعار الدولار، بالتالي ، سترتفع كل الأسعار، لأن الدولار هو (أب الأسعار) قد لا تزيد الضرائب، لكن تلقائياً ستكون هناك زيادة في الأشياء.
{ لماذا لفتت انتباهك عدم ذكر سعر الصرف؟
–    عدم ذكر سعر الصرف جعلني أرجع لموازنة 2015 ، التي كان واحداً من أهدافها تضييق الفجوة بين السعر الرسمي والسعر الموازي، وهذه الفجوة كانت في بداية العام 2015م حوالي (42%).  الآن تضاعفت إلى (85%)، وإذا الحكومة فعلاً تريد تحقيق هدفها الذي لم تحققه في موازنة 2015،  فلابد من رفع سعر الدولار إلى 8 جنيهات.
وبعض تصريحات لمسؤولين خلال الأيام الماضية كانت تتحدث عن أن سعر الدولار الحقيقي هو 7 جنيهات للدولار، ولا أدري كيف عرف  هؤلاء أو أدركوا سعر الدولار الحقيقي،  وأعتقد أن سعر الصرف سيكون رأس الحربة لقتل كل هذه البشريات.
{ تقصد أنه سُيرفع؟
–    سيرفع والحكومة ليس لها الكثير من البدائل، وأتخيل أن بديلها  الوحيد والأمثل بعد كل هذه القائمة من البشريات ، هو المضي في طريق سعر الصرف، وأعتقد سيكون أفضل، لأن الفجوة أصبحت 5.3 جنيه بين السعرين، وكلما تأخرت كلما كبرت الفجوة وتعقدت المشكلة.
{ هل ستكون المفاجأة الكبرى لموازنة عام 2016 في سعر الصرف؟
–    أتخيل أن المفاجأة الكبرى في الموازنة ستكون في سعر الصرف، ثانياً أتصور أننا سنشهد كالعادة ارتفاعاً في الصرف الجاري،  مع الإبقاء على مستويات الصرف التنموي في حدوده العادية، نحن كل عام نضع موازنة للتنمية، وعندما يكثر الصرف في جانب الإنفاق الجاري، نقوم بالأخذ من التنمية ونضيف للصرف الجاري، نحن دائماً نقلص التنمية.  لذلك اعتمادات التنمية تختلف في نهاية العام عن أداء التنمية، وهذا يعود إلى عدم الالتزام وتحريك بنود الموازنة فيما بينها.
{ ماذا عن توقعاتك للتضخم؟
–    التضخم المتوقع في موازنة 2016 بحوالي (17%)، هذا للأسف الشديد لم يأخذ في الاعتبار ما يدور في حركة الأسعار في السوق، نحن ختمنا عام 2014 بمعدل تضخم بلغ حوالي (38%) ، والفعلي حسب موازنة 2016 سيكون (17%)، والدولار من أول العام إلى الآن تحرك أكثر من (30%)، وإذا كان أبو الأسعار تحرك بنسبة (30%)، فما بالك بالأسعار الجانبية ، وتأثيرها على معدل التضخم الكلي.
{ هذا يعني أن الأرقام المقدمة في جانب التضخم لموازنة عام 2016 قد تختلف عن الواقع؟
–    الأرقام المقدمة في جانب التضخم أعتقد أنها أرقام تعبر عن طبخة ، ولا علاقة لها بالأسعار، صحيح أن واحداً من وزراء المالية صرح بأنه “مافي” علاقة بين الأسعار ومعدل التضخم، وأنا لأول مرة أسمع في الاقتصاد بأنه لا توجد علاقة بين الأسعار والتضخم، وحسب حديث هذا العالم، فأن الأسعار ستمضي في اتجاه ، والتضخم في اتجاه آخر، وأعتقد هذه مدرسة إنقاذية جديدة في الاقتصاد، لأن الطبيعي أن معدل التضخم يعبر عن سعر (الأسعار) يُعرف بحركة الأسعار صعوداً وهبوطاً، فالموازنة لا أتوقع منها أية مفاجآت غير المفاجآت العادية ، بأن يكون كل شيء مبنيا على أرضية هشة، بمجرد ما يبدأ التطبيق العملي ستبدأ الموازنة في الانهيار.
{ ما تعليقك على الزيادة في دعم الأسر خلال موازنة 2016؟
–    من ضمن البشريات أن موازنة هذا العام ستشمل دعم (3.2) حوالي أسرة، وإذا قدرنا حسب المقاييس العالمية أن حجم الأسرة 5 أفراد وضربنا (3.2) أسرة (X5) هذا سيعطينا 16 مليون فرد، وإذا قسمنا 16 مليون على تعداد السكان ، وأخذنا تعداد السكان بتقدير (35) مليون، هذا يعطينا (46%) ما يدل على أن الموازنة ستدعم (46%) من سكان السودان، وهذا معدل الفقر المعترف به رسمياً ، ما يعني أن الموازنة ستكون بمثابة معجزة،  لأنها ستدعم كل فقراء السودان، لكن إذا نظرنا إلى الموارد نجد أن نصيب كل فرد من هؤلاء القوم ،من الدعم المقدر لا يزيد عن 30 أو 40 جنيهاً ما يساوي (3 أو 4 صحون فول).



المجهر السياسي   حوار – فاطمة مبارك