الصفحات

السبت، 13 يونيو 2015

حملة المقاطعة تهدد وجود إسرائيل



طوال سنوات تدور حرب "البيغل" في جنوب إفريقيا -جبهة أخرى في الحملة العملاقة ضد إسرائيل.
يحارب ناشطو حملة المقاطعة الفلسطينية BDS (مقاطعة، سحب استثمارات وعقوبات ضد إسرائيل) شبكة متاجر وولوورث العملاقة، والتي أصرت على استيراد كعك الـ"بيغل" من الدولة اليهودية. قيمة المأكولات والطعام المستورد بالكاد يبلغ مليون دولار في شبكة متاجر تحصد أرباحا بقيمة 10 مليار دولار. الحديث يدور عن أموال بقشيش.
لكن ناشطي حملة المقاطعة ملحّون ويضغطون. لفترة طويلة تظاهروا وعطّلوا العمليات. وولوورث من جهتها ملحّة ومصّرة بالقدر ذاته. وقد التمست الشبكة للمحكمة وحتى أنها فازت بالمحكمة.
إلا أن ناشطي حملة المقاطعة يرفضون رفع الراية البيضاء. قبل أسبوعين، في يوم النكبة، تظاهر نحو 10 آلاف شاب ضد وولوورث.
في الجانب الآخر من العالم، في ولاية واشنطن، شبكة متاجر أصغر بكثير، "أوليمبيا فود كو-أوب" اختارت أن تدعم حملة المقاطعة للبضائع الإسرائيلية. عندما لاحق ناشطون إسرائيليون هذه الشبكة قضائيا، فشلوا فشلا ذريعا.
قبل ثلاثة أعوام عكست المحكمة العليا القرار. في الماضي، لا بد من التنويه انه في الماضي تحققت إنتصارات قضائية أخرى. المحاكم الفرنسية أوضحت أن مقاطعة البضائع والمنتجات الإسرائيلية هي جريمة كراهية. ولاية إيلينوي سنت قانونا غير مسبوق قبل أسبوع يمنع الاستثمار في شركات تشارك بجهود وحملة المقاطعة.
إلا أن سلسلة الإنتصارات القضائية، قد تخلق صورة مغلوطة، حيث أن حملة المقاطعة تفوز تقريبا بكل معركة على الرأي العام. أولئك الذين يدعون أن حملة المقاطعة لن تؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي محقون. حاليا على الأقل.
تقود حملة المقاطعة حملة رفع وعي على عدة جبهات – في الأحرام الجامعية، اتحادات العمال والنقابات العمالية، والإعلام. وقد حصدت إنتصارات مقلقة. المزيد والمزيد من النقابات الطلابية في الولايات المتحدة تنضم للمقاطعة. صحف رائدة مثل "نيويورك تايمز" تمنح منصة واسعة لمرافعي وداعمي المقاطعة.
تأثيرهم اقتحم مجموعات "هيلل" في الأحرام الجامعية، اذ يستغل داعمو المقاطعة رغبة المؤسسة بالانفتاح لنشر حملتهم. عندما تقول للطلاب اليافعين أن "إسرائيل طردت وهجرّت آلاف الفلسطينيين في العام 1948" وهم لا عيرفون أن في تلك السنوات ذاتها عشرات ملاييين الناس هُجّروا أيضا – كما كانت العادة في تلك الحقبة – وأن المزيد من اليهود طُردوا من الأراضي العربية.. إذا قد يميلون نحو الاعتقاد بأن إسرائيل وُلدت من خطيئة.
حينها يتحول بعض الطلاب الى ناشطين في حملة المقاطعة. وقد حدث هذا في السنوات الماضية بوتيرة متزايدة.
دعم إسرائيل في الولايات المتحدة في ذروته. في الأحرام الجامعية، المعاهد البحثية، ووسائل الاعلام، هناك تآكل تدريجي طويل الأمد، متواصل وخطر في الدعم لاسرائيل.
بدأ الأمر باقتحام السياسة أيضا. سيدني بلومينلال كان مستشارا كبيرا للرئيس الأسبق بيل كلينتون، لكن ابنه ماكس بلومينتال، تحوّل أحد أبرز وأشرس الناشطين في الأحرام الجامعية ضد وجود إسرائيل بحد ذاته. هذا ليس ما يحدث في كل عائلة يهودية. بل على العكس تماما، لكن هذه هي النزعة.
إسرائيل تعيش إحدى أكثر الهجمات منهجية ضد وجودها. ليس عليك أن تكون عضوا في حملة المقاطعة كي تكون جزءا من الجبهة المعادية لاسرائيل.
عندما يقوم عضو جمعية "نكسر الصمت" (جمعية تضم جنود سابقين في الجيش الإسرائيلي يتحدثون عن فترة خدمتهم بالجيش والانتهاكات لحقوق الإنسان والشعب الفلسطيني خصوصا – المحرر) بإلقاء خطابات في نشاط تنظمه حملة المقاطعة، فهذا ليس إنتقادا فحسب، بل إنه تهويل وشيطنة.
عندما ادعى بيتر بينارت، أحد زعماء اليسار اليهودي في الولايات المتحدة، والذي يعتبر نفسه صهيونيا ومتدينا، أنه في "لاغ بعومير" (عيد يهودي – المحرر) 2014 ارتكب اليهود عملية تخريبية ضد اليهود، لم يكن يهدف الانتقاد. بل إنه أباح دماءهم.
عندما نشر ريتشارد غولدستون التقرير الذي يحمل اسمه تسبب بدعاية سية لاسرائيل، حتى أنه تراجع عنه وسحب تقريره بعد فترة. والقائمة تطول.
نجاح حملة المقاطعة مبهر ومثير بشكل خاص لأنها حملة تستخدم لغة الحقوق، لكنها تتعامل فعليا بنزع شرعية حق إسرائيل بالوجود. النتيجة هي مخادعة كبرى.
وقع العديد من الأبرياء في هذا الفخ. عندما يتحول مفهوم "تيكون عولام" (تصليح العالم) للموتيف المركزي في هوية الطلبة اليهود، هؤلاء الذين يبحثون عن هوية يهودية، حينها فإن لغة حملة المقاطعة اللبقة تتحول الى مغناطيس لهم. احتيال ناجع.
قد يبدو هذا أنه إحدى أكبر عمليات الاحتيال في عهدنا. لأن حملة الشيطنة هذه تشبه الى حد خطر الأكاذيب الدعائية ضد اليهود.
لدى قادة الحملة، عمر البرغوثي وعلي أبو نعمة، هدف معلن. "فكرة –حل الدولتين غير مقبولة أصلا"، قال البرغوثي في رده على سؤال في إحدى الأحرام الجامعية، مضيفا أن إنهاء السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية ليست الا خطوة تجاه تحقيق رؤيته بتفكيك إسرائيل. أبو نعمة من جهته أكد أن "حل الدولتين يهدف لإنقاذ الصهيونية".
د. ايلان بابيه، مستهين شهير باسرائيل، يشرح أن الحملة تعتمد على طريقة تفكير واحدة تؤمن بخطيئتين: الأولى مدمجة في تشكيل إسرائيل والثانية تصب في صلب وجودها أصلا.
الواقع هو أن هذه الأكاذيب الوقحة هي تذكير بالدعاية المعادية للسامية. تقريبا كل شيء قاله النازيون عن اليهود يقوله اليوم داعمو حملة المقاطعة عن إسرائيل، عبر ادعاءات بارتكاب تطهير عرقي لم يحد أبدا، أو قتل جماعي متعمد للأبرياء، أو أن اليهود و/ أو إسرائيل هي السبب الرئيسي للعنف في العالم وخطر للإنسانية جمعاء أو للسلام العالمي.
بتنا معتادين على الحقيقة بأن حماس والنظام الإيراني يدعمان علنا إنكار حق إسرائيل بالوجود. المشكلة هي أن الذين من المفروض أن يكونوا متنورين، جوديث باتلر – يهودية، أستاذ بالأدب المقارن في جامعة كاليفورنيا، بيركلي وستيفن هوكينغ ينضمون لائتلاف الجنون، ونضال عالمي ضد مجرد وجود دولة من بين كافة دول العالم، إسرائيل. ليس كوريا الشمالية، ليس إيران، ليس السودان، فقط إسرائيل.
متحدثون باسم حملة المقاطعة يستخدم موتيفات معادية للسامية في دعايتهم. على سبيل المثال، روجير ووترز، المغني الرئيسي لفرقة بينك فلويد، يتحدث عن السيطرة اليهودية لهوليوود ويقارن إسرائيل بالنازيين. أحد مموّلي أسطول الحرية الى غزة وحركة التضامن العالمية، وكلاهما عضو في حملة المقاطعة، مهاتير محمد، رئيس سابق لماليزيا ولاسامي فخور.
لا حاجة للقول إن إسرائيل ليست مثالية. تستحق الانتقاد. كما أنها تعرف كيف تقوم بذلك بنفسها على أفضل شكل. أشك بأنه توجد دولة أخرى في الغرب حيث يستطيع الإعلام والعالم الأكاديمي (البحث) نشر كل شيء، بما فيها الأكاذيب، والادعاءات ضد محض وجود إسرائيل كدولة يهودية.
لكن حملة المقاطعة تتحوّل بشكل متزايد الى خطر استراتيجي. كميات كبيرة من الأموال تحوّل من دول الخليج وبشكل خاص قطر، التي تموّل دعاية معادية لاسرائيل، كما كشفت مؤخرا الأستاذة (بروفيسور) أوفيرا سيليكتار في بحث على وشك النشر.
هذا التمويل يرعى العديد من الأقسام، حيث ينشأ العديد من داعمي المقاطعة. على سبيل المثال، المعهد في جامعة جورجتاون برئاسة الأستاذ جون اسبوسيتو الذي تلقى عشرات ملايين الدولارات من الملياردير السعودي الوليد بن طلال. هل بوسع شخص ما الادعاء بحق بأنه لا علاقة بين هذه المساهمات ودعم اسبوسيتو الحماسي لحملة المقاطعة؟
الأحداث الأخيرة نهاية الأسبوع المنصرم في مؤتمر الفيفا ستتكرر في منتديات أخرى في الأشهر المقبلة.
لا يمكن هزم إسرائيل في ساحة المعركة. لكن إسرائيل قد تُهزم في ساحة الدعاية. عندما تُقسم مهام وزير الخارجية على ستة، لأن السياسيين بحاجة للاحترام، الحرب ضد هذه الشيطنة تتلقى الضربة. لكن الحرب ضد حملة المقاطعة ليست قضية سياسية، بل إنها مصلحة وطنية. كل القوى العاقلة، في اليمين واليسار، يجب أن تتجند في هذه الحرب الآن.
هناك البعض في العالم الواسع الذين يقودون هذا النضال، وهم بعيدون جدا عن اليمين السياسي، في واقع الأمر، سنتطرق لهم لاحقا. فقد تم تجنيدهم لأنهم يعرفون أن حملة المقاطعة لا تتعامل بالانتقاد الشرعي، بل بالشيطنة. صحيفة يديعوت أحرونوت أيضا تتحرك في هذه الحرب، بشكل سلسلة من المقالات، الكشوفات، والتقارير في الأسابيع والأشهر المقبلة.
بن درور يميني - صحفي إسرائيلي. كتابه "صناعة الأكاذيب" سيصدر قريبا، نشر هذا المقال على موقع Ynet

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق