الصفحات

الخميس، 25 يونيو 2015

هاشم كرار ..البشير.. والتجربة التركية

هاشم كرار
لا زلتُ أذكر حديثا للرئيس البشير، في نهايات العام 1989. قال: إنني معجب بالتجربة التركية.

كان يوم ذاك الجنرالات- حراس تعاليم أتاتورك- يحكمون من تحت الطاولة، وكان السياسيون يلعبون لعبة التداول السلمي للسلطة، لكن البشير انتظر طويلا، وربما لا يزال أمامه نوع من الانتظار، لينزل إعجابه- ذلك القديم- إلى الأرض، كليا.
مفاصلتان، بين البشير وبين شيخه الترابي، وبينه وبين الحوار الاول للشيخ صاحب الابتسامة الثعلبية. في الأولى تخلص من (دماغ نظامه) إلى غير رجعة.. الدماغ الذي «كان يقول لنا أمشوا يمين، نمشي يمين..يقول لينا امشوا يسار نمشي يسار» بحسب الرئيس البشير نفسه، على الهواء، وهو يتحدث للمؤتمر الاول للإعلاميين العاملين في الخارج، قبل عدة سنوات.
المفاصلة الثانية، مع الحوار الاول، كانت أيضا قبل سنوات، بعد حديث في بروكسل، من ( مهندس الانقلاب)- على عثمان طه- رحب فيه، بدخول الامميين إلى دارفور. في ذلك الوقت كان البشير يرفض دخول أي اممي، إلى ذلك الإقليم. وقتذاك، جاءت المفاصلة الثانية، حين ملأ البشير فمه بجملة: « من هنا ولى قدام، الكلام للعساكر»!
هكذا، ذهب الشيخ إلى المنشية.. وأصبح الحوار الاول- خاصة بعد إعفائه من منصب النائب الاول للرئيس- على (الرف)، وابتدأ مسلسل (الكلام من هنا ولى غادي للعساكر)، وهو المسلسل الذي يشي بأن الرئيس البشير، يريد فعلا تنزيل إعجابه بالتجربة التركية... تجربة ماقبل رجب طيب اردوغان!
لا يختلف اثنان الآن، ان نظام البشير يحكم بقبضة امنية صارمة. قد يتفق من يتفق مع هذه القبضة، باعتبارها ضرورية، في ظل التحديات الامنية الهائلة التي تتمثل في حروب دارفور وكردفان والنيل الأزرق، التي تهدد ماتبقى من الوطن بالمزيد من التشظي والانقسام.
في موازاة ذلك، قد يختلف مع القبضة الامنية الصارمة من يختلف، باعتبار ان هذه التحديات هي من ضيق أفق النظام نفسه، وضيق صدره بحقوق الآخر في تقاسم السلطة والثروة، وباعتبار ان مثل هذه التحديات أخطر من أن يترك مصير مجابهتها لأصحاب الكتوف اللامعة، والخوذات والملامح الخشنة، وحدهم!
إعجاب البشير بتجربة جنرالات تركيا، ستفضي إلى صراع في السودان، في ولايته هذه الجديدة.. صراع بين الجنرالات وما يسمى بالجيل الثاني من الإسلاميين، من جهة وصراعهم مع طلاب الديمقراطية كاملة الدسم من جهة اخرى.. لكن ماهو أخطر من هذا، هو صراع الجنرالات أنفسهم مع لوردات المليشيات وما أكثرها، في السودان!

هاشم كرار
بريد الكتروني:
hashem_karar@al-watan.com
الوطن القطرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق