الصفحات

الأربعاء، 10 يونيو 2015

الحكومة الإلكترونية السودانية


الخرطوم: شوقي عبد العظيم
في مقر كل وزارة من وزارات الحكومة تجد مكتبا أنيقاً، وفي الغالب ستجده من الزجاج والألمونيوم، كتب عليه (قسم المعلومات) وبجانب هذه العبارة ستجد باللغة الإنجليزية مكتوب(I.T) ، وأولى مهام من يجلسون داخل هذا المكتب الشديد البرودة، متابعة الموقع الإلكتروني للوزارة وتحديثه يومياً، واضعين في الاعتبار أنه أحد مصادر الجمهور للحصول على المعلومات المتعلقة بالوزارة. ولكن ماذا يحدث في الواقع؟
 لما كانت المعلومات أكبر همنا، في العمل الصحفي، تكشف لنا أن الأمر مختلف، رغم ما يشاع وما يتردد عن الحكومة الإلكترونية، أو ما يعرف – تأصيلا - بحوسبة الحكومة، وجدنا خلال بحثنا مستخدمين فأرة الكمبيوتر والكيبورد وزارات لم تجدد مواقعها الإلكترونية لأيام، وأخرى لم تجددها لشهور، وبعض المواقع لا تفتح أمام المتصفح، أي أن حكاية قسم الـ(آي. تي) مجاراة للموضة لا أكثر.. ولا أحد يحمل الأمر محمل الجد. وحتى لا يكون الكلام على عواهنه، سنورد الأدلة التي تحصلنا عليها يوم أمس الثلاثاء بعد زيارة مواقع عدد من الوزارات كعينة عشوائية.
السياحة (2014)
ربما لا يصدق أحد أن وزارة مثل السياحة، والتي يفترض أن عملاءها خارج السودان أكثر من داخله، تقبع في ذيل قائمة الوزارات من حيث تحديث موقعها على الشبكة العنكبويتة، ولكن هذه هي الحقيقة التي توفرنا عليها. آخر تحديث لموقع وزارة السياحة والآثار والحياة البرية كان يوم 1/ أبريل/ 2015، أي قبل أكثر من شهرين، وإن شئت الدقة فإن ما جرى لم يكن تحديثا بالمعنى المعروف، حيث لا تغطيات جديدة ظهرت، ولا أنشطة ولا معلومات، ولكن ما حدث أن نشر الموقع خبرا يتعلق بوزير السياحة، عندما التقى السفير السعودي في السودان أبريل الماضي يطلب منه رعاية معرض السودان العالمي للسياحة والتسوق.. وإن بحثت عن آخر رصد تم تحميله على الموقع فستجده في العام الماضي، عام 2014 وتحديدا في سبتمبر!
الأمر لا ينتهي عند هذا الحد، إذ تجد في معظم الصفحات المتعلقة بالوزارات رابطا خاصا باللغة الإنجليزية، لبرهة توقعت أن السياحة ستكون مهتمة بهذا لجهة أنها تستهدف سياحا، ولكن المفاجأة أننا وجدنا أن آخر تحديث للرابط باللغة الإنجليزية كان في أغسطس من سنة 2014.
وزارة المالية (لغة الأرقام)
من الوزارات التي لم يتوقع أحد أن تهمل موقعها الإلكتروني، وتتعامل معه من باب الموضة، وزارة المالية والاقتصاد الوطني، ومعلوم أن الاقتصاد والاستثمار المحلي والأجنبي يعتمد على وزارة المالية وما يصدر عنها من معلومات وسياسات، ولكن عندما تتصفح الموقع تجد أن آخر تحديث له كان في نهاية مايو الماضي، وكان يتعلق بسعر قنطار القطن، ولا توجد في الوقع أي معلومات تفصيلية عن أخبار اقتصادية مهمة مثل التضخم أو سعر الصرف، ولو أنك أمعنت التصفح فستكشف أمرا قد يعيب الوزارة نفسها، وهو ما يتعلق بمناشط الوزارة، فالموقع يبين أن آخر مناشط جرت كانت في عام 2012، أما المشكلة الأكبر فتتجلى حين تبحث عن الموازنات، رغم أنك ستجد أن هنالك مستندا كتب عليه (موازنة 2015)، ولكن للأسف لن تجد له أثرا في الموقع، وفي كل مرة تأتيك إجابة مفادها أن (الملف غير موجود)!
وحسنا فعلت وزارة الزراعة عندما لم تكلف نفسها جهد أن تنشئ خانة للراغبين في الاطلاع على أخبار الوزارة باللغة الإنجليزية، ليأتي الموقع بلغة واحدة هي العربية.. 
وزارة الزراعة الاتحادية
وزارة الزراعة في حاجة ماسة للتواصل مع الآخرين عبر الشبكة العنكبوتية، لجهة أن الاستثمار الأجنبي الذي تنشده الدولة في غالب الأحوال استثمار زراعي، ولما كان الاستثمار وتشجيعه يبنى على المعلومات، كان من المهم أن يتوفر لوزارة الزراعة موقع إلكتروني، يتم تحديثه يوميا، أما في ما يتعلق بالزبائن في الداخل وهم المزارعون والشركات الزراعية فهم في حاجة للمعلومات وخاصة في هذا التوقيت من السنة، وموسم الزراعة على الأبواب، ولكن عندما تصفحنا موقع الوزارة فإن آخر تحديث تم له كان في مايو من العام الماضي!
وزارة العمل.. لا عمل
وزارة العمل والإصلاح الإداري، من بين الوزارات التي تأخرت لشهر كامل في تحديث صفحاتها وإجراء عملية الأبديت لها، وكان الخبر الأخير يتحدث عن دورة تدريبية للمعلمين المتقدمين للعمل في دولة قطر، ومن بين الوزارات الاتحادية التي لم تجر تحديثا لموقعها الإلكتروني منذ النصف الأخير لمايو الماضي، وزارة الرعاية الاجتماعية، وتصميم كلا الموقعين بالطريقة القديمة التي تجعل التصفح شاقا نوعا ما.
التخطيط والبنى التحتية
هذه المرة ندخل إلى موقع وزارة اتحادية مهمة ومرتبطة بالجمهور، وهي وزارة التخطيط العمراني والبنى التحتية ولاية الخرطوم، واخترنا ولاية الخرطوم لكثرة الجمهور الذي يطلب خدمات هذه الوزارة، والتي إن وقفت ببابها فستسمع من المواطنين كثيرا من الشكاوى والسخط سببه أن المسؤولين أعادوهم ليستكملوا مستنداتهم وأوراقهم، أو تفضلوا عليهم بمعلومة تقتضي أن يعودوا في اليوم التالي أو الأسبوع التالي، والحقيقة أننا لم نفلح في تصفح الموقع رغم محاولاتنا العديدة، وكأن الموقع لا يعمل نهائيا، وعندما تتصفحه تظهر قائمة بكل الإدارات في الوزارة، ولما تضغط عليها تحيلك إلى قائمة بالتقارير الشهرية والسنوية، وحين تضغط عليها تنقلك إلى أي شيء!!
وزارة البيئة.. وتحديثات المناخ
صفحة وزارة البيئة والغابات والتنمية العمرانية لم تحدث منذ شهور، وهذا بالطبع بات أمرا عاديا بعد كل الوزارات التي زرنا مواقعها، ولكنك ستصاب بالدهشة عندما تعرف أن المناخ ضمن اختصاصات هذه الوزارة وقد خصصت له مستندا خاصا في الصفحة، باسم هيئة الارصاد الجوي، إلا أن الصفحة برمتها لا تعمل، ولا يمكن الدخول إلى أخبار هيئة الارصاد أو خلافها..
الدفاع والداخلية.. انضباط عسكري
من بين المواقع الجيدة إلى حد كبير، موقعا وزارتي الدفاع والداخلية، ولكن وزارة الداخلية تتأخر أحيانا في تحديث موقعها لأيام، أمس تبين أن آخر تحديث أجرته وزارة الدفاع لصفحتها كان يوم 8 /6 أي قبل يوم أما الداخلية فكان آخر تحديث لموقعها يوم 7/ 6، ولكن هنالك أقسام في الصفحة الخاصة بالداخلية لا يتم تحديثها من بينها الصفحة المتعلقة بالدفاع المدني.
أخطاء لغوية 
معظم المواقع التي تصفحناها، اشتملت على أخطاء لغوية شنيعة في تحرير أخبارها ومناشطها، والمشكلة أن الأخطاء تكشف عن أن الموظف المسؤول عن تحميل الصفحة على الشبكة العنكبوتية وتحديثها هو من يقوم بتحريرها، وأن معظم ما ينشر لا يخضع لتدقيق لغوي من أي مختص، والمؤكد أن هذه الصفحات من المؤمل أن يطالعها الجميع في الداخل والخارج الأمر الذي سيكون له أثر سالب في تقييم تلك الوزارات وكفاءة العاملين فيها، لا نريد أن نذكر مواقع وزارية بعينها، هناك موقع لإحدى الوزارات يشتمل السطر الواحد فيه على أكثر من خمسة أخطاء، وقطعا هذا دليل آخر على أن الحكومة لا تحتاج إلى تحديث فقط ولكن تحتاج أيضا إلى تجويد هذه الصفحات.
اللغة الإنجليزية
ملاحظة أخرى؛ اشتركت فيها غالبية صفحات الوزارات التي تصفحناها على الشبكة العنكبوتية، وهي النسخة الإنجليزية في الموقع، فهي دائما أبعد تحديثا من النسخة العربية، كما أن ترجمة الأخبار ركيكة في بعض الأحيان، وقد يتأخر تحديثها لعام كامل كما ظهر ذلك عندما تصفحنا موقع وزارة السياحة، إذ أن النسخة الإنجليزية لم تحدث منذ عام 2014..
لماذا؟
لماذا تعاني صفحات الوزارات الاتحادية والولائية كل ذلك الإهمال؟، فعلى الرغم من وجود إدارات وموظفين مسؤولين عنها، إلا أن صفحاتها لا يتم تحديثها ولا تصحيحها وتنشر محتوياتها بطريقة غير جاذبة نهائيا، والأخبار المنشورة تتعلق بنشاط الوزير فقط.. هناك ينتصب سؤال يتوخى إجابة: لماذا إذن تنشئ الوزارات صفحات لا تؤمن بجدواها؟ ويكون السؤال أكثر إلحاحا حال علمنا أن هذه الصفحات تكلف الدولة أموالا تتعلق بإنشائها وحجز مساحة لها في الشبكة سنويا.
اليوم التالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق