الصفحات

الثلاثاء، 23 يونيو 2015

هاشم كرار ..العبودية تحزن أوباما!

هاشم كرار

برغم انه أول أسود يدخل البيت الابيض رئيسا، إلا انه بدا حزينا، وأميركا لا تزال تعيش واحدة من أظلم فصولها في التاريخ، وأكثرها ظلاما.
العنصرية، في الجينات.
ذلك ما كشفت عنه الأحداث المؤسفة التي عاشتها، وتعيشها أميركا حاليا، من البيض إزاء السود، وآخرها تلك المجزرة التي فتح فيها النيران شاب أبيض، على كنيسة تاريخية للسود في ساوث كارولينا.
أوباما، يبدو حزينا.. غير أنه في خضم حزنه يبدو واقعيا: «لا.. لا يمكن لأي مجتمع أن يتطهر تماما من مخازيه، بين يوم وليلة!»
نعم يا اوباما: العبودية لا تزال موروثا، لا تزال في تركيبة الحمض النووي لأي أميركي أبيض، ولا تزال جملة هذا زنجي، ليست سرا.. والكثيرون يرددونها في الأماكن العامة!
هل ترديد «هذا زنجي»، نوع من قلة الأدب.
أوباما لا يراها كذلك، ولم يرد أن يقول بغير أنها نوع من الإرث، والمجتمعات لا يمكن ان تغتسل من كل موروثاتها الشائنة، ولو مرت الأيام!
التمييز، نوع من الثقافة الشائهة.. والثقافة- أي ثقافة مشوهة وشائهة، لا يمكن بالطبع محوها بجرة قلم القانون، صحيح أن القانون قد يلعب دورا، لكن المهم، لابد من ثقافة مضادة، وتلك لن تكون إلا بغرس مفاهيم تربوية في الأجيال.. جيلا من بعد جيل... مفاهيم تستمد أصولها من الأديان، ومن أجمل ما في الإنسان، من قيم الخير والانضباط والجمال والتعايش بإحسان.
دون شك، أميركا بالقانون والتربية- خاصة عبر السينما كأحد أقوى آليات نشر الثقافة- قد قطعت شوطا باتجاه التطهر من عار العبودية، والفصل العنصري، لكن بقية الأشواط لا تزال تمثل تحديا، ذلك بالنظر إلى حجم إرث العار.
صحيح، انه بالإمكان الآن أن يجلس الأسود إلى جوار الأبيض في حافلة عامة، لكن يظل شيئا موروثا في كيان الأبيض، أقله التأفف.. وهذا التأفف لا يمكن القضاء عليه- بالطبع- بأي مادة في القانون، ذلك لأن القانون لا يجرم ما تحيكه النفس السفلى، بينها وبين نفسها!
تبقى التربية، لازمة.. ذلك أنه بالتربية تغدو النفوس كبارا.. تلك النفوس التي من شيمها، المساواة الحقة: لا فرق بين الألوان، والسحن، والتقاطيع والملامح.. الكل إنسان.. وكل إنسان، هو من آدم.. وآدم من تراب!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق