الصفحات

الجمعة، 17 يوليو 2015

الفرح أمنيات لم تنضج بعد



في أرض النيل "السودان".. بلادي وبلاد السمر الطيبين، أولئك الذين من فرط طيبتهم تكاد تظنهم حصاد غرس الجنة.. في وطن لا يشبه إلا نفسه، تلوح بشائر العيد فتحمل معها الفرح بأيام ما زالت آخر ذكراها تداعب قلوبنا بأصابع من حنين.. يلوح العيد ويلوح لنا رمضان مودعا، فنفرح بالأول عسانا نداري سوءة الحزن على فراق الأخير.


العيد عندنا يبدأ في قلوب الأطفال، يخبئون الفرح أمنيات لم تنضج بعد: حذاء أو ربما كساء جديد، أو ربما بعض الجنيهات، وفي غمرة فرحهم يهطل مطر الأسئلة على أمهاتهم يستفسرون عن يوم العيد بحذر يفضحه حماس أعينهم وطقطقة الأصابع التي تعلم جيدا كم تبقى للعيد. ينهمك الكبار في إعدادات العيد من التسوق، وتهيئة المنازل، وحتى صنع حلوى العيد، لكن أجمل مظاهر ما قبل العيد على الإطلاق هو التكافل الذي يسود المجتمع ممثلا في أبسط مظاهره بين الجار وجاره، وصولاً إلى المنظمات الشبابية الطوعية التي تنظم ما يسمى "فرحة عيد".. يجمعون التبرعات على اختلاف أنواعها، ويقومون بفرزها وتعبئتها، ويتم توزيعها. هذا التكافل يملأني فخرا بأبناء وطني، ويجعلني أدرك أننا كشعب نؤمن بأن العيد وغيره من الأفراح تتعاظم إن شاركناها الآخرين، يجعلني أدرك أن سد احتياجات الغير ومساعدتهم على عيش حياة كريمة هو في حد ذاته عيد، يجعلني مطمئنة لعلمي أنه إن حدث ما يستدعي التكاتف والتكافل فسيقفون جميعا وقفة رجل واحد لا يفرقهم شيء.

أما عن أول أيام العيد، فإن الشعائر الدينية التي تتم لا تختلف من منطقة لأخرى، فهي في العاصمة كما هي في الأرياف، ما يختلف هو ما يحدث بعد أداء صلاة العيد. في العاصمة ينتهي العيد بانتهاء الصلاة، ولعل قلة احتفاء الناس بالعيد في العاصمة، هو ما يجعل الكثيرين يفضلون قضاء العيد في الأرياف مع أقربائهم.

للعيد في الريف طعم مختلف، فما أن يتنفس صبح أول يوم من العيد حتى تمتلئ المنازل بحركة نشطة، فالنسوة يقتسمن الأعمال فيما بينهن، والصبية يعدون مجلسا يتسع لرجال القرية، فيجتمعون ليتشاركوا شاي الصباح والنقاشات حول السياسة والموسم الزراعي القادم. تعلو أصواتهم فلا تميز من حديثهم سوى روح البهجة والتفاؤل التي تنتقل عدواها إلى البيوت، فتنفض عنها ما شابها من حزن في سابق الأيام. وهكذا هم في مجلسهم لا يفترقون إلا ليجتمعوا لأداء صلاة العيد، حينها تفرغ البيوت من ساكنيها. يتجه الكل نحو المسجد، فيمتلئ الجو بتهليلاتهم وتكبيراتهم، تهليلات تحمل الكل على بساط من إيمان يحلّق بهم إلى عوالم روحانية جميلة.

كلمات أغنية صباح العيد للفنان السوداني أحمد شاويش: 
"يا أحلى صباح وأحلى.. يا عيد يا سعيد طليت الدار
مرحب جيت وأهلا بيك
الروح فرحان بيغني عليك
الكون ازدان يتفتح ليك
والكل نشوان كبار وصغار
يا أحلى صباح وأحلى.. يا عيد يا سعيد طليت الدار
يا ربي دوام مدى الايام
يعم الخير نعيشو سلام
الدنيا تكون إشراق ووئام
تفتح الفل وكمان أزهار
يا أحلى صباح وأحلى.. يا عيد يا سعيد طليت الدار
صباح الخير وطني السودان
نعيش العيد مدى الأزمان
أبونا النيل سقاك حنان
وانت أمل الناس والجان".
رؤى علي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق