الصفحات

الخميس، 13 أغسطس 2015

كاتب إسلامي يتوقع فشل أوباما في التطبيع مع الخرطوم بعد التنكر للوساطة الأفريقية

توقع الكاتب والباحث المحسوب على الإسلاميين عبد الوهاب الأفندي، فشل جهود للرئيس الأميركي باراك أوباما لتسوية الخلافات بين واشنطن والخرطوم على غرار ما حدث مع كوبا وإيران، وذلك بعد أن تنكر السودان للوساطة الأفريقية في إحلال السلام بالمنطقتين ودارفور وإنجاح الحوار الوطني.
JPEG - 5.6 كيلوبايت
الكاتب والباحث السوداني د. عبد الوهاب الأفندي
ورأى الأفندي في مقال خطه في صحيفة "القدس العربي" الصالدرة في لندن، الإثنين، أن الوقت لن يسعف أوباما لوضع مبادرته موضع التنفيذ، خاصة وأن الاتحاد الافريقي ليس راغباً ولا قادراً في الوقت الحالي على تقديم الضمانات المقنعة بأن آلياته العاملة في السودان قادرة على الاضطلاع بمهمة حسم النزاعات هناك.
وأوضح الكاتب أن الشهور الماضية شهدت تراجعات عن كل تلك التعهدات الحكومية، إضافة إلى بوادر صدام بين السودان والاتحاد الأفريقي، بدأت بالتجميد الفعلي للحوار الوطني، وانسحاب معظم الأطراف الفاعلة، ثم الإصرار على عقد انتخابات منفردة قبل إتمام الحوار أو التوافق على آليات هذه الانتخابات.
وأطلق الرئيس عمر البشير دعوة للحوار الوطني في يناير 2014، لكن دعوته واجهت تعثرا بعد نفض حزب الأمة يده عنها ورفض الحركات المسلحة وقوى اليسار التجاوب معها من الأساس، إلى جانب انسحاب حركة "الإصلاح الآن" ومنبر السلام العادل لاحقا.
وأشار الأفندي إلى بدء الحكومة حملة لإخراج القوات الأفريقية الأممية بدارفور "يوناميد"، بدون مشورة الاتحاد الافريقي الرافض للخطوة، خاصة في ظل تردي الأحوال بالإقليم.
وكشف أن الحكومة أرسلت رسائل للآلية الافريقية رفيعة المستوى بعدم رغبة السودان في أي دور افريقي فاعل في التعاطي مع الأزمات السودانية، وكانت آخر هذه الرسائل هي ما تلقاه وفد الآلية بقيادة ثابو أمبيكي حين زار الخرطوم الأسبوع الماضي.
وأبان الأفندي أن الحكومة أبلغت الوفد بأنها لا ترى مكاناً لأي دور للجنة في الشأن السوداني، سوى إقناع الرافضين للحوار من الحركات المسلحة وغيرهم بالمشاركة فيه بشروط الخرطوم، وفي العاصمة السودانية حصراً، وقد رفضت اللجنة بنفس الوضوح مثل هذا الدور.
وقال إن القادة الأفارقة فهموا الموقف السوداني الجديد على أنه قلب لظهر المجن للاتحاد الافريقي، والاستقواء بالجانب العربي ضد الأفارقة، خاصة بعد التقارب السوداني الأخير مع مصر ودول الخليج، رغم أن أفريقيا وقفت مع الخرطوم بصلابة، في أزمة دارفور، وحمته من الحملة الدولية الشرسة المطالبة بالتدخل العسكري ومن المحكمة الجنائية الدولية، بينما وقف العرب متفرجين، إن لم يكن متواطئين، في الحملات على السودان.
وأضاف أن "القادة الأفارقة يشعرون بالخذلان والخيبة من الموقف السوداني الجديد، الذي يشي بأن استناد السودان في وقت سابق إلى الدعم الافريقي، لم يكن تعبر عن قناعة بانتماء حقيقي إلى القارة، وإنما انتهازية وحكم الضرورة".
وتوقع تراجع الدعم الافريقي للنظام السوداني، خلال الأشهر القادمة، مستدلا بظهور بوادره سلفاً في قمة جوهانسبيرج، وربما صدام مفتوح مع الآليات الافريقية.
وتمكن الرئيس البشير من مغادرة جنوب أفريقيا، في يونيو الماضي، بعد أن شارك في قمة الاتحاد الأفريقي، عائدا لبلاده قبل ساعات، من إعلان المحكمة العليا في شمال "غوتنغ" رفضها لحصانة البشير وأمرت باعتقاله.
كما توقع الأفندي تزايد الضغوط الغربية من أجل اتخاذ إجراءات أكثر حزماً تجاه السودان، خاصة في ظل التدهور المضطرد في الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية "لأن الحكومة كعادتها، تفتعل صدامات ومعارك في غير معترك، في داخل البلاد وخارجها، وغالباً في التوقيت الخطأ والظرف الخطأ، وبنتائج كارثية اعتدنا عليها".
وتابع "وجود (يوناميد) في دارفور، وعمل الآلية الافريقية لإحلال السلام، مثل ورقة توت يستر بها المجتمع الدولي عزوفه عن التورط في النزاعات السودانية.. الحكومات الغربية تتذرع بالآليات الافريقية لتبرير عدم اتخاذ إجراءات أشد ضد النظام السوداني".
وحذر من أن "يوناميد" إذا انسحبت وآلية الاتحاد الافريقي حال تعطلت، فإن الضغوط ستتنامى من جديد من أجل تدخل دولي فاعل لإنهاء المعاناة في دارفور ومناطق السودان الأخرى.
وتقاتل الحكومة السودانية الحركة الشعبية لتحرير السودان ـ شمال، في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان منذ العام 2011، ومجموعة حركات مسلحة بإقليم دارفور منذ 12 عاما.
وأكد الأفندي أن أوباما كان يريد استخدام هذه الورقة لإقناع منتقديه المحتملين بمعقولية قرارته بتخفيف العقوبات على السودان بصورة تدريجية، وبالتزامن مع التقدم في الحوار وإحلال السلام، بعد أن حصلت الإدارة الأميركية على تأكيدات من زعماء ومسؤولين أفارقة باستعداد السودان لمضاعفة الجهود لإنهاء النزاعات المسلحة وتحقيق الوفاق الوطني، قائلا: "كانت دعوة البشير للحوار الوطني واستجابة معظم القوى السياسية لها حافزاً آخر لأوباما".
وأشار إلى أن أوباما كان في حاجة إلى شهادة ودعم الاتحاد الافريقي الذي يتولى حالياً مع الأمم المتحدة ملفات حفظ السلام في دارفور وأبيي، ويضطلع بمهام الوساطة في النزاعات المسلحة والخلافات السياسية بالسودان، وبين الخرطوم وجوبا، وذلك تحوطا لمقاومة متوقعة من قبل اليمين وجماعات الضغط الكنسية والحقوقية.

وأفاد أن إدارة أوباما تلقت بالفعل تأكيدات من امبيكي، حول جدية الخرطوم والأطراف السودانية الأخرى في البحث عن حلول ناجزة تنهي الصراعات، واستندت التأكيدات على تعهدات سودانية على أعلى المستويات بالتجاوب مع جهود الوساطة الافريقية، وعلى ما تم إنجازه في الحوار العام الماضي، خاصة اتفاق أديس أبابا الصيف الماضي بين الحركات المسلحة وآلية الحوار الوطني، وهو ما تراجعت عنه الحكومة الآن.
سودان تربيون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق