للبيوت أسرار، لكن....لكن لهذه البيوت، حيطان .. وللحيطان- كما قيل قديما- أذان.. وبالطبع، الحيطان التي تسمع، لها ألسنة تتحرك، توسوسُ بها للجيران ،وتتكلمُ بها ل ( الغاشي والماشي ) ! الحيطان (نمنامة) ، ذلك أحدث تعريف، لتلك الكائنات، التي هي من (لبن) أو من طوب، أو من (بلوكات)!
أسرارُ البيوت، بالجملة.. مثل الهموم على القلب.. ومن تلك الاسرار، التي (تنمنمُ) بها الحيطانُ، الخناقات، والشمطاتُ الزوجية !
في أي مؤسسة زوجية، خناقة، بل خناقات. ذلك هو تاريخُ هذه المؤسسة ( غير الربحية ) منذ أن أسسها (أول مغفلين ) في هذه الدنيا، إلي يوم الناس هذا.. وسيكون هذا مستقبلها- بين أي زوجين- إذا لم يعلن أي منهما، إفلاس هذه المؤسسة، وفض الشراكة (بالتلاتة ) !
الخلافاتُ الزوجية ( علي قفا من يشيل )، وسبب هذه الخلافات، هو الاختلاف : الإختلاف بين عقلين، أوثقافتين ، أوتربيتين ، أو رؤيتين لماهية الشراكة، وماهية الحياة الزوجية، وماهية العيش المشترك، وماهية المصير، هذا إذا ماستثنينا- بالطبع- الإختلاف في النوع !
الاختلافُ بين أي اثنين في الدنيا، يُفضي أحيانا- بل في كثير من الأحايين- إلي حالة من عدم الفهم : فهم أي من الاثنين للاخر، وعدم الفهم هذا، يُفضي- عادة- إلي سوء تفاهم، وحين يحدث سوء التفاهم تتعطل لغة الكلام، يتعطل العقل، يرغي الفم ويُزبد، وتقوم (الشمطة) !
سوء التفاهم، كارثة ..
وكيلا يحدث سوء التفاهم (هنالك ثمة كلمات لابد أن تقال)، ومابين القوسين هنا، هو للبير كامو، في مسرحيته الشهيرة (سوء التفاهم) . الحياة، كلام..
والحياة الزوجية- تحديدا- (أي كلام) !
وحين يُضيع الكلامُ (بمعنى الحوار) بين أي زوجين، سيفكر أي منهما في الكلام مع آخر، وحين يتنزّل هذا التفكير في (التلفون)، أو ( الشات ) أو في (حديقة ) أو في (كنيسة)، يصبح على الحياة الزوجية .. السلام !
أنظروا كيف أن السلام، لايصبح على الحياة الزوجية (ولايُمسّيها بالخير ) إلا حين يكفُ اللسانان عن الحراك، خاصة لسان الزوجة، لسانها الطويل ! الكلام، مهم..
عالم النفس الاميركي جون غوتمان، يؤكد على هذه الأهمية : أهمية الكلام بين الزوجين ، بقلبين ، وأربعة عيون مفتوحة على (الآزمة )، وبلسانين من دعابة، ومرح، ونكتة، وسخرية أحيانا ، و(طولة بال ) وبدون خمّة نفس!
لا ، لا(تقفل) فمك، إذن، ولاتمد(بوزك)،تكلم ، وتذكر دائما : ( هنالك ثمة كلمات لابد أن تقال حتى لايحدث سوءُ التفاهم ) !
تذكر ذلك، وتذكر أكثر، ألا (تكرفس ) وجهك وأنت تتكلم. مثل هذا السلوك ، في وقت الأزمة، يُعطي شريكك الانطباع بأنك كائن عدواني .. كائن ليس هو- بالتأكيد- الذي عرفه، قبل أن يقع هو، أو يوقعه (شقاء الحال ) في القيد !
ابسط وجهك ، وتكلم ،
ابتسم أحيانا، وأحيانا إملأ المسافة من طرف لسانك الى أذن شريكك، بمزحة أو نكتة ، أو قفشة، أو حتى بشئ من السخرية على نفسك !
مثل هذا السلوك، يخففُ من التوتر، ويشيعُ جوا من الطمأنينة، والإلفة. والأهم من ذلك كله، أنه يُخفف من تسارع دقات القلب، ومتى ماخفّت الدقات، وانتظمت، تناقص افراز جسدك لهرمون (الادرينالين) ومتى ماتناقص ذلك الهرمون، صفى مخك أكثر..و أكثر!صفاء المخ ، ضروري ..
إنه المدخلُ للانفتاح على الآخر، وتقبّل آرائه، أو رفضها، بفهم عميق، وصفاء نفس، وروح !
تذكر، كل ذلك ..
وتذكر أكثر، قبل أن تدخل في أي خناقة زوجية، أن للحيطان آذان، وألسنة (نمنامة) وأنك (sooner or later ) ستفتح وأنت على عجل باب البيت، تصفعه وراءك، هروبا من اللسان الطويل أو الكعب الواطي أو العالي- وبالتأكيد- مع تلك الصفعة - سيشبُّ جارك أو جارتك- أجارك الله- يفتح- او تفتح- عينيه الإثنتين إلى الآخر.. ويرخي أذنيه الإثنتين معا، للسان الباب.. وألسنة الأبواب، مثل ألسنة الحيطان، تتحرك.. وسواسة.. همّازة، لمّازة،مشاية بنميم!
آخر لحظة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق