الوزير الليلة “فكة آخروا”: عبارة رددها الصحفيون والبرلمانيون المرافقون لوزير المعادن السابق كمال عبد اللطيف خلال جولتة الأخيرة بمناطق الذهب قبل أيام قلائل من مغادرته الوزارة، حيث قال الوزير: نمتلك كميات من الذهب في ولايتيين بالسودان تقدر بأكثر من ترليون دولار كاحتياطي، بل زاد قائلا:هنالك معادن أخري بالبلاد لايساوي الذهب معها شئيا “كالرمال السوداء “التي تستخدم في صناعة الأسلحة الثقيلة، تذكرت هذة المقولة بعد الاتفاقية الأخيرة لوزارة المعادن مع شركة سيبريا الروسية مؤخرا والتي وردت أرقام مشابهة لما ذكرة الوزير السابق كمال عبد اللطيف، حيث أثارت الأرقام الواردة في الاتفاقية جدلا كثيفا بالتشكيك في صحة الأرقام الواردة من واقع أن مؤسسات دولية مختصة أكدت بأن احتياطي الذهب في العالم كله لايتجاوز ال”155 ” ألف طن في الوقت الذي أشارت فية وزارة المعادن إلى أن المربعين المعنيين بالاتفاقية بنهر النيل والبحر يحتويان علي “46” ألف طن أي ربع الاحتياطي العالمي وهو ما دعا الكثريين، وبرز صوت د.محمد أحمد صابون المستشار السابق لوزارة المعادن والخبير المعروف كأبرز المشككين في الاتفاقية ومقدرات الشركة الروسية، حيث بادر بتقديم استقالته، بيد أن وزارة المعادن أوضحت بأنه لم يكن أصلا ضمن طاقمها المعتمد، إلا لفترة شهر واحد فقط ، وتم الاستغناء عنه بعدها ولكن الجديد في الأمر هو ماجاء به عميد كلية الجيولوجيا بجامعة النيلين والخبير الجيولوجي المعروف والأستاذ السابق في عدد من الجامعات الروسية بدر الدين خليل والذي فسر “للسياسي” جزء من اللبس الذي ربما يكون قد حدث حسب وجهة نظره .
مقارنة
مؤسسة GFSM الاستشارية التابعة لشركة تومسون رويترز والتي تصدر تقريرا سنويا حول كميات الذهب في العالم ، قدرت الكميات الموجودة منه ب ( 171 ) ألف طن في العالم كله ، تقديرات البنك الدولي تذهب إلى أن الكمية تقدر بحوالي ( 155 ) ألف طن ، هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية تقدر إمكانية اكتشاف حوالي ( 52 ) ألف طن إضافية، لكن وزارة المعادن أعلنت بعد توقيع العقد مع الشركة الروسية أن الشركة ستقوم باستخراج احتياطات في ولايتي نهر النيل والبحر الأحمر تقدر بحوالي ( 46,000 ) طن ، وأن الإنتاج سيبدأ خلال ستة أشهر وأن العام الأول سيشهد إنتاج ( 32 ) طن ، وسيصل إلى ( 53 ) طن خلال عامين، وذكر وزير المعادن أن الاحتياطي المكتشف يبلغ حوالي ( 46 ) ألف طن تقدر قيمتها بحوالي ( ترليون وسبعمائة وإثنين مليار دولار ) وهذا يعادل حوالي ربع( 25% ). أسئلة كثيرة دارت حول مصداقية هذا الأمر حتى أن البعض توقع أن تهبط أسعار الذهب ليس عالميا بل محليا، لأن الكمية كبيرة جدا، وأن تتقاطر الشركات العالمية الكبرى على السودان من كل حدب وصوب .
تشكيك
بعيدا عن ذلك وطبقاً لآراء خبراء وجيولوجيين داخل وخارج السودان، فإن التقنية الحديثة التي قالت الشركة الروسية إنها استخدمتها ولم تفصح عنها كبرى الشركات العاملة في مجال الذهب ولا الحكومات في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وجنوب أفريقيا، وقبل هؤلاء روسيا نفسها التي تعتبر شركاتها رائدة في هذا المجال، فكيف يتسنى لشركة حديثة غير معروفة في السوق العالمي أن تتصل أو تعلن عن هذه التكنولوجيا الحديثة، بينما جهات ذات خبرة طويلة لم تصرح بها ، هذه الأسئلة تدور بخلد المختصيين ويترقب الرأي العام إجابات شافية ومقنعة تروى خاصة وأن الاتفاقية وقعت تحت أنظار رئيس الجمهورية .
الشركة الروسية تتمسك بالأرقام
وكان مدير الشركة الروسية فلادمير جوكف كشف في تصريحات صحفية أن شركه سيبيريا للتعدين المحدود ة تسجيلها سوداني، مشيراً إلى أنها ملك لرجال أعمال روس يملكون في روسيا شركه فاسيلسكي سيبيريا رودنيك لتعدين الذهب، وتقدمت المجموعه في يناير من العام 2013 بطلب للاستكشاف والمسح الجيولوجي بغرض الاستثمار في هذا القطاع في جمهورية السودان عبر سفارة السودان بموسكو ومن ثم وقعت مع هئية الأبحاث الجيولوجية على اتفاقية الاستكشاف في شهر يوليو من العام 2013 لتباشر الشركه أعمال الاستكشاف والأعمال الجيولوجية على الأرض من أخذ العينات والتحليل المعملي من أجل تحديد أعلى المناطق وأنسبها لقيام مصنع بطاقة 3 مليون طن في العام لاستخلاص الذهب، وباشرت الشركة العمل والاستكشاف بالمواقع مع تقديم التقارير الشهرية إلى وزارة المعادن عن سير العمل، إلى أن اكتملت أعمال الاستكشاف بتقديم التقارير عن الأعمال الجيولوجية المعملية من فحص للعينات التي أفرزت موقعين في ولايتي نهر النيل وولاية البحر الأحمر، لم يكن الأمر صدفة، فهو ثمرة جهد بذل بجدٍ وأنفقت عليه مبالغ طائلة طيلة عامين تكبدت تكاليفها، توالت أعمال الاستكشاف لتكتشف الشركة عبر بعثتها الجيولوجية لأول مرة بالسودان الماس الذي أوردته في تقريرها لوزارة المعادن في أغسطس من العام 2013. واحتوى التقرير على الأعمال الجيولوجية من رسم للخرط وتحديد كل المواقع وتقديم التقدير المبدئي للاحتياطي الذي بنيت عليه الدراسة الاقتصادية للمشروع الذي دعت نتائجه الشركه للتقديم لحق الامتياز بأن لها الأولوية في حق الامتياز، إذ قدمت عرضاً مجزياً لصالح جمهورية السودان، ولم يخطئ الوزير ولم تخطئ الشركه في أرقامها، فهي حسبت على أرض الواقع من عينات أخذت وخرط رسمت يدوياً، وقال : إن الأمر يدفع بعجلة التنمية التي ظلت تعاني تبعات حصار، مما منعها الاستفادة من تقنيات أضحت دعامة أساسية، وقال فلادمير: الآن نعمل في المرحلة الأخيرة من أجل أن يعتمد الاحتياطي عالمياً ويصبح حقيقة.
“وصل الكذاب لخشم الباب ”
ووصف الخبير الجيولوجي ومدير هئية الأبحاث الجيولوجية الأسبق د.عدلي عبد المجيد ماورد على لسان الشركة الروسية سيبيريا من أرقام بخصوص احتياطي الذهب بمربعين بنهر النيل والبحر الأحمر” 46″ ألف طن بالأمر المبالغ فيه، لجهة أن الكميات الاحتياطية للذهب بالعالم معروفة للمختصين في المجال، وقال، “للسياسي ” ليس أمامنا إلا الانتظار وكما يقول المثل السوداني: وصل “الكذاب لي خشم الباب ” فعلينا أن ننتظر لمدة “6” أشهر حتي تبدأ الشركة عملها، وأضاف: عملت في المجال 53″ عاما لم أسمع كلام كالذي جاءت به شركة سيبريا نعم روسيا بلد متقدمة جدا في هذا المجال لكنني شخصيا لم أسمع بهذة الشركة مشيرا إلى أن إنتاج “33” طن يحتاج لزمن كبير جدا فالشركة تحتاج لبناء منشات ومزيد من الأبحاث، ولك أن تعلم تفجير “6” مليون طنا من المواد الخام مثلا يأخذ عدة أشهر، وزاد شركة رضاء للتعدين التي أنتجت مؤخرا احتاجت ل12″ عام حتي دخلت مرحلة الإنتاج وهنا أقول: إن ما ذكرته الشركة الروسية أمر غير مقبول فكل كميات الذهب الموجودة بالبلاد لم تذكر في الأسواق العالمية ، والحديث الذي أوردته الشركة أمريكا نفسها لن تستطيع قوله، وتابع يجب أن لايكون هذا الأمر مثار “غلاط” وجدال في السودان لأنه لايقدم ولايؤخر كما أن الإعلان عن وجود ذهب بهذة الكميات يلفت انتباه الدول “الدائنة” للسودان فربما ترفض هذة الدول إعفاء ديونها بل يمكن أن تطالب بها، وقال: نعم السودان غني بإمكانياته لكن البلاد تحتاج إلى “تنظيم” حقيقي للسودان بالعلم والمعرفة وغرس حب الوطن في نفوس الجميع .
خطأ في الترجمة من الروسية للعربية
من جهتة نبه عميد كلية الجيولوجيا بجامعة النيلين والخبير الجيولوجي المعروف والأستاذ السابق في عدد من الجامعات الروسية بدر الدين خليل إلى نقطة مهمة جدا حيث أوضح أن هنالك فرق بين كميات” الذهب المؤكدة”” وخام الذهب المقدر” وأضاف لم اطلع على ما جاء في الاتفاقية بين وزارة المعادن والشركة الروسية ولكن إذا ذكرت أن الكميات المقدرة لخام الذهب “46” ألف طن فهذا أمر طبيعي وربما يكون متواضعا، أما إذا ذكرت الاتفاقية أن الاحتياطي المؤكد من الذهب “46” ألف طن فهذا غير صحيح وربما يكون وقع خطأ في الترجمة، مبينا أن الطن الواحد من الخام يحتوي على 1000كيلو والكيلو غرام يحتوي على 1000 غرام، ورأى خليل أن الأمر لايستحق كل الضجة التي أثيرت في وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية مشيرا إلى أن القضية يمكن أن تعالج بكل بساطة لافتا إلى أن التعدين الناجح يحتاج أولا إلى استكشاف أولي وتحديد الكميات ودراسات الجدوى الاقتصادية ومن ثم جدوى الاستخراج نفسه ومقدرات الشركة المالية ، متسائلا هل الشركة الروسية قامت بهذة الخطوات؟؟ وقال الجيولوجيا علم يختلف عن باقي العلوم الأخرى وهي تختلف من بلد لآخر ولكن في النهاية أي شركة ناجحة .
“بشريات للشعب السوداني ”
تأكيدات قاطعة جاءت على لسان المدير العام للهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية التابعة لوزارة المعادن د. يوسف السماني، بأن الاتفاقية الأخيرة التي وقعتها الوزارة مؤخرا مع شركة سبيريا الروسية ستحمل بشريات للشعب السوداني، بيد أنه تحفظ على تاريخ البداية الفعلية للإنتاج قائلا: إن الشركة ستبدأ العمل بعد “6”أ من الآن تدريجيا بعد أن تستجلب مصنعا حديثا للذهب حيث سيتم تركيبه بغرض معالجة الخام على ثلاثة مراحل مختلفة ثم يتم تجريب الماكينات تمهيدا للاستخدام النهائي، وعد السماني الاتفاقية الأخيرة بالمكسب الحقيقي للسودان وأوضح أن عدد الشركات العاملة في مجال التعدين وصل عددها إلى “166” شركة أنتجت منها الآن حوالي “10” شركات متوقعا أن تدخل “5” شركات دائرة الإنتاج خلال الفترة القليلة القادمة وأضاف سيقفز الإنتاج بعدها تدريجيا، مشيرا إلى أن دخول الشركة الروسية سيساهم في زيادة حجم الذهب المنتج بالبلاد .
قسمة الإنتاج فوائد اقتصادية كبيرة
من جهته رأي د.محمد الناير الخبير الاقتصادي أن الاتفاقية الأخيرة مع الشركة الروسية ستضيف لوحدها حوالي “33” طن في العام للسودان عند بداية الإنتاج أي مايعادل ثلث الكمية المنتجة في البلاد والتي وصلت العام الماضي بحسب د.الناير إلى حوالي “74” طنا، والذي أشار إلى أن إنتاج الذهب قلل من تأثيرانفصال الجنوب على الاقتصاد الوطني بتعويض جزء من فاقد إيرادات البترول، وأوضح النايرإلى أن الدولة لم تستفيد كثيرا من التعدين التقليدي لجهة أنها تشتري الذهب من المعدنيين الأهليين، ومن ثم تبعيه بالاستفادة من عائد فرق الدولار، لافتا إلى أن توجه وزارة المعادن الأخير بالاعتماد على الاتفاقيات مع الشركات تحقق فوائد كبيرة للدولة من خلال “قسمة الأنتاج” عكس التعدين التقليدي وامتدح د.الناير اتجاه وزارة المعادن لتقنيين التعديين التقليدي بتقليل آثاره السالبة وتنظيمه لتحقيق الفائدة منه ومنح عدد من المعدنيين المقتدريين مربعات إنتاج بمساحات صغيرة، لافتا إلى أهمية استمرار وزارة المعادن في إنشاء بورصة للذهب حيث تم عرض الأمر على مجلس الوزراء والآن الموضوع في طريقه لمجلس الوزراء حتى تصبح البورصة جاذبة للمعدنيين بدل تهريب كميات من الذهب لخارج السودان.
الخرطوم :الفاضل إبراهيم- السياسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق