الصفحات

الجمعة، 25 سبتمبر 2015

سيزيف ..السوداني


اسطورة سيزيف ..تقول انه رجل يوناني ..غضب عليه الاله زيوس ..فالزمه برفع صخرة ضخمة ..فوق قمة جبل أملس ...يجاهد سيزيف ..يدفع الصخرة بكل قوته ..وما ان تصل الصخرة الى القمة ..حتى تتدحرج ثانية الى السفح ...وتبدأ القصة من جديد ..ولا تنتهي ...فيقضي سيزيف حياته انخفاضا وارتفاعا خلف الصخرة التي ترفض الاستقرار على القمة .....لم اعرف كيف انتهت حياة سيزيف ..وهل ركل الصخرة بقدمه وخرج ميمما شطر بلاد اخرى ..ام ظل على تلك الحال حتى وافته المنية ... ..اقول لم اعرف نهايته ..و...لكني قطعا اعرف نهاية سيزيف السوداني ...فقد ركل الصخرة ..وترك كل شئ واعطانا ظهره وذهب ضاربا بكل الاناشيد الوطنية عرض الحائط ...انه الفرار يا جماعة ...عندما تقرأ خبرا مثل سفر 30 الف خلال عام واحد ...منهم 300 استاذ جامعي من جامعة واحدة ...هل يسمى هذا اغترابا ؟؟؟ هجرة؟؟؟ ...انه الفرار ..ورب الكعبة ..يتسلل السودانيون عبر كل المنافذ ...كمثل الحليب الذي غفلت عنه سيدة المنزل ففاض حتى اغرق الموقد واطفأ ناره ...تراهم متزاحمين في مطار الخرطوم ..عبر المعابر البرية ..يعبرون صحراء الشمال رغم علمهم التام بالمخاطر التي تنتظرهم ..يركبون قوارب الموت عبر المتوسط ..رغم ادراكهم بنسبة النجاة الضئيلة التي تؤول الى الصفر ....انه الفرار الجماعي ...اطرف شئ هو القرار الذي يلزم المغتربين بدفع عملة صعبة مقابل تذاكر السفر ...يا سادتى انهم يبحثون عن وطن اخر ...وهوية اخرى ..عند ذاك لا يهم ان دفع باي عملة كانت ...فقد ركل الصخرة ومضى ...قبل ايام مررت على صفحات احد الاصدقاء بالفيس بوك فوجدته مهنئا اسرة سودانية بكندا ..وقفوا جميعا ..الاب والام والابناء بجانب العلم الكندي وهم يحملون جوازات كندية ..تعلو وجوههم ابتسامات عريضة ..تضج اعينهم بضحكات الفرح ..وقد كتبوا تحت صورتهم تلك (Proudly Canadian) ..فخور باني كندي ...وعما قريب ستمتلئ الاسافير بهكذا صور ...انه الفرار الى هوية اخرى ..وطن اخر...ولايزال ساسة بلادي يصدرون القوانين التي يعتقدون انها ستوقف النزيف ..او فوران الحليب ...يصدرون قرارا يمنع الاطباء الاختصاصين من السفر ....وفي ذات الوقت لا يمنحونهم وظيفة في وضع مقارب لما يجدونه خارجا ...يلقونهم مكبلين في النهر ..ويقولون لهم ..(اياكم ..اياكم ان تبتلوا بالماء) ....يحاولون وضع العراقيل امام استصدار خلو الطرف من وزارة الصحة ...ما يقارب الاحد عشر خطوة لكي تستكمل خلو الطرف ...اعتقد انهم عما قريب سيطلبون امضاء (بعانخي) على الطلب ...رغم ذلك تجد ان الاطباء يزدادون اصرارا ورغبة في المغادرة ...انه الفرار ...اما جهاز المغتربين فهو الذي يزداد سرورا في كل لحظة ..يصدر هذه التقارير التي تظهر اعداد المغادرين ..مبديا انزعاجه من كثرة الاعداد ..ولكنه لا ينسى ان يذكر بانهم يصدرون بكل همة اكثر من الفي تأشيرة في اليوم ...هذا على غرار(شاؤؤل ينعى ابنه ..ويصلح الساعات )...انه الفرار والسفر الذي لا عودة منه الا بهويات اخرى وجنسيات مغايرة ...انه الفرار ..المفارقة انني صحوت اليوم واذا بي اسمع في احدى القنوات السودانية اغنية حمد الريح (بلادك حلوة ..ارجع ليها ...)...وووصباحكم خير
د. ناهد قرناص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق