الصفحات

الأحد، 20 سبتمبر 2015

مدير صندوق دعم المتأثرين بالسيول بالخرطوم في حوار المسكوت عنه


احرته : ثناء عابدين / تصوير : سفيان البشرى :
يصفه البعض بالمتفلت وآخرون يتهمونه بالتمرد.. ضيفنا لهذا الحوار محمد عبدالله شيخ إدريس كان يعد الرجل الثاني في المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم والقيادي بالحركة الإسلامية ولكنه ابتعد بررادته.. وقال لم تبقَ لي صلة لا بالوطني ولا الحركة الإسلامية سوى شرف الانتماء فقط..  وآثر العمل الطوعي على التنظيمي والتنفيذي لقناعات في نفسه.. لديه ملاحظات حول البرنامج الإصلاحي  لحزبه ولكنه رفض الخروج وفضّل الدفاع عن رؤيته من الداخل.. قبل أيام خرجت الصحف بتصريحات له يتهم فيها الحكومة بالتغول على أموال صندوق دعم المتأثرين الذي يشغل منصب المدير العام له.. الأمر الذي نفاه وأكد أنه فقط استفسر عن أين ذهبت الأموال.. «آخر لحظة» جلست إليه في مكتبه بشارع عبيد ختم وطرحت على منضدته عدداً من القضايا حول الصندوق  وعلاقته بالتنظيم وما كان منه إلا أن أجاب بهدوء واسترسال وقدم دفوعاته على الاتهامات التي وجهتها إليه.. فإلى مضابط الحوار:


٭ بداية حدثنا عن الصندوق وتكوينه؟
- صندوق إعانة المتأثرين بالسيول والفيضانات أسس بقرار من والي الخرطوم في نهاية أغسطس 2013 بناء على الأزمة التي حدثت بالولاية في خريف ذاك العام.. وكانت هناك آثار سالبة كبيرة جداً تأثر بها عدد كبير من المواطنين. 

٭ كم كان عدد المتأثرين؟
- حوالي الـ (30) ألف أسرة آنذاك والتأثير كان بنسبة  50%لكل من الكلي والجزئي.. وبصورة رئيسية تركز في محلية شرق النيل التي تجاوزت الـ 60%.. تليها كرري ثم أمبدة.. والملاحظ أن التأثير كان في المناطق العشوائية وعدد مقدر منهم كانوا يسكنون في مجاري السيل. 

٭ بماذا دعمهم الصندوق؟
- الولاية امتصت الصدمة الأولى بغرفة طواريء.. كنت مشرفاً على محلية شرق النيل وتم تجاوز الأمر بجهد رسمي وشعبي.. وفى ذلك الوقت الغرفة أنفقت أكثر من 20 مليون جنيه لامتصاص الصدمة بتوفير المأوى والجانب الصحي وسحب الناس من مجاري السيل 

وغيره.. أما المرحلة الثانية كانت إعانة المتأثرين ولم نسمِ الصندوق إعادة تعمير.. بل سمي إعانة حتى يكون شراكة ما بين المواطن المتأثر والدولة والمجتمع والجهد الرسمي في التمويل.

٭ التحديات التي واجهت الصندوق؟
- أكبر معضلة واجهت الصندوق بعد التأسيس قضية التأكد من المتأثرين.. وأول إحصاءات وصلتنا من غرف الطواريء من المحليات كانت في حدود (51)ألف أسرة ولكن استغرقنا أكثر من خمسة أشهر تقريباً في إعادة حصر وتصنيف المتأثرين حتى وصلنا لـ «31» ألف أسرة تم إحصاؤها من بيت لبيت وفق معايير محددة لتقدير حجم الضرر.. وأجمع مجلس الإدارة بالصندوق على أن  تقدم الإعانة للمتأثرين في شكل مواد عينية «بلك وأسمنت».. لأنه لو فكرنا نبني لكل المتأثرين سيكون من المستحيلات ونحتاج لعشرات السنين.. وفي بداية العام 2014م بدأنا في إعانة المتأثرين بصورة مباشرة.. أما المشكلة الثانية بعد الحصر كانت التمويل وفي سبتمبر 2013 أجاز مجلس إدارة الصندوق ووالي الولاية ميزانية أولية في حدود (150) مليون جنيه كميزانية ابتدائية لمتضرري نفس العام.. بواقع 15 ألف جنيه لكل أسرة متضررة تضرراً كاملاً ونصفها للمتضررين جزئياً وفقاً لمركز البناء والطرق بجامعة الخرطوم.

٭ هل تم تعويض المتضررين الذين يسكنون في مجاري السيول؟
- لدينا حوالي (450) أسرة يقعون في مجاري سيول وأمطار ورفضنا تعويضهم ما لم تجد وزارة التخطيط العمراني بالولاية لهم بدائل.

٭ ما نصيب الولاية في الصندوق؟
- من جملة هذا المبلغ ولاية الخرطوم التزمت بمبلغ مبدئي في حدود (10) ملايين فقط كبداية دفعت منها 8.500 مليون جنيه في شكل مواد عينية ولم نتحصل على التزام مالي سوى (6,500 ) مليون جنيه.. عدا ذلك الصندوق بذل جهداً كبيراً في العمل الشعبي الذي تقدم على الرسمي بصورة كبيرة.

٭ ألم يكن هناك دعم من الحكومة الاتحادية للصندوق؟
- الدعم الاتحادي ليس لولاية الخرطوم فقط.. بل لكل الولايات المتأثرة.. ففي 2013 قاربت نسبة الضرر بالولاية 40%، أي  38%من جملة الضرر الذي أصاب كافة البلاد.. وفي 2014 تجاوز الـ 45%.. أما الدعم الدولي فولاية الخرطوم من المفترض أن يكون نصيبها في كل مبلغ نسبة 45%.. وهذه تقديرات الدفاع المدني الجهة المعتمدة للحكومة الاتحادية.. واتخذنا مجموعة من الطرق للحصول عليها وكجهة ولائية لا يحق لنا مخاطبة الحكومة الاتحادية ولذلك خاطبنا  الجهات الولائية المسؤولة والوالي نفسه.. ولم نكتفِ بذلك فذهبنا لرئاسة الجمهورية ولم يصلنا منها سوى واحد مليون جنيه سوداني من جملة الدعومات الداخلية والخارجية.

٭ من أين أتت الدعومات الداخلية؟
- كان هناك دعم مقدر في العام 2013 من شركات التعدين وآخر من نفير نظمه النائب الأول لرئيس الجمهورية آنذاك علي عثمان محمد طه وصل لمبلغ 23 مليون جنيه.. ولكن مشكلته لم تكن هناك جهة تنفيذية تقوم بتحصيله من الجهات التي التزمت به وهي مرصودة إلى الآن.. وقمنا بمحاولات كثيرة جداً لمعرفة هذه الأموال وأين صرفت ولتحصيل نصيب الولاية لمواصلة جهودنا ولكن دون فائدة.

٭ وماذا كان ردهم؟
- الرد كان عبارة عن مخاطبات فقط.. فرئاسة الجمهورية تخاطب وزارة الخارجية ووزارة المالية وبنك السودان ولكن لم يأتنا رد رسمي مكتوب يحدد لنا نصيبنا في الولاية.. أما بخصوص ما تم الالتزام به من القطاع الخاص حتى الآن لا نعرف عنه شيئاً وطلبنا من رئاسة الجمهورية أن تفوضنا كولاية لتحصيل هذه الأموال لصالحها ومن ثم تدفع لنا نصيبنا  لندرك المتضررين ولم نصل لنتيجة  سواء كان من المكون الأجنبي أو المحلي.

٭ هذا يعني أن المتضررين لم يتم تعويضهم؟
- بمواردنا الذاتية التي قمنا بها سواء كانت من النفير أو الشراكات أو بعض المصانع الصغيرة ودعم الولاية.. عوضنا 4.500 أسرة من جملة 51 ألفاً.. ونعتقد أنها نسبة مقدرة تتجاوز الـ 30% من المستهدفين.. وهناك 15ألف أسرة أخرى فقدت منازلها بشكل جزئي ولكننا في المقام الأول نستهدف أصحاب الضرر الكلي ونعتقد أن هذه القسمة مرضية جداً والمتضررون جزئياً متفهمون لذلك.

٭ كم تبلغ جملة المبلغ الذي تحصلتم عليه؟
- كل المبلغ الذي تحصلنا عليه من حكومة الخرطوم والجهد الشعبي والنفير وعلاقات الصندوق لا يتجاوز الـ 22 مليوناً من جملة 150 مليوناً مجازة من مجلس إدارة الصندوق لدعم المتضررين بنسبة لا تتجاوز الـ 12% من المبلغ المرصود للصندوق.

٭ اتهمت الحكومة بالتغول على أموال الصندوق.. كيف حدث ذلك؟
- أولاً أنا لم أذكر كلمة تغول والصحفيون لم يعكسوا حقيقة ما قلته ولكن ما قلته هو أن كل هذه الأموال وصلت للحكومة الاتحادية وفي ولاية الخرطوم عندنا نسبة من هذه الأموال موجودة ومرصودة في حدود (12) مليون جنيه.. وأنا كصندوق من واجبي أن أعكس للمواطن أين ذهبت هذه الأموال وكنت أقول إن الدولة ربما لديها أولويات لهذه الأموال ربما دفعتها للبنى التحتية وتجاوزت المواطن.. ربما دفعت منها للدفاع المدني وأنا قلت بالحرف الواحد لا زلنا ننتظر إجابة من الحكومة عن هذه الأموال أين ذهبت حتى لا نتهمها.. وبعد رد الدولة يأتي ردنا نحن كصندوق.

٭ لماذا أتت هذه التصريحات في هذا التوقيت وتفويضك ربما تبقى له شهران؟
- حتى لا تنسى ذاكرة الإعلام فقد ذكرت هذا الحديث قبل سنة من الآن في برنامج «حتى تكتمل الصورة» في قناة النيل الأزرق وعلى الهواء مباشرة.. وكل ما قلته الآن ليس إلا تكرار لأحاديث كثيرة ذكرتها في العامين 2013 و2014م وما ذكرتينه غير صحيح.. وهذه الأموال وصلت في شهري سبتمبر وأكتوبر 2013 ولم تأتِ الآن.

٭ لكن الفترة طالت من 2013 ونحن الآن في 2015 وبدأ اليأس يدب في نفوس المتضررين؟
- كلامك صحيح والناس هذا من حقهم.. لأن الزمن تطاول بهم ولكن أؤكد لك أن الصندوق طيلة السنتين الماضيتين لم يبارح الميدان ولم يكن في إجازة وحتى هذه اللحظة لدينا مهندسون فى الميدان وآخرون يوزعون إعانات ولكن تظل كمية الإعانة ضئيلة وضعيفة.. اتفق معك في هذا.

٭ لكنك ظللت صامتاً طوال هذه الفترة؟
- أنا طيلة السنتين الماضيتين آثرت الصمت لأنه ليس لديّ ما أقوله وأنا عملياً الآن لا أمثل مؤسسة تنفيذية ولا سياسية وجئت لهذا الصندوق متطوعاً بدافع إنساني بحت وقد شاهدت أطفالاً جرفتهم السيول للنيل ومآسٍ كثيرة بسبب الفيضانان.. فعندما كلفت بالصندوق أستجبت بدافع إنساني أكثر من أنه صندوق رسمي وحتى الآن هذا الصندوق الجانب الخيري والشعبي فيه أكثر من الرسمي.

٭ محمد شيخ إدريس متذمر دائماً؟
- ربما تكون طبيعتي ولكن هذه صفة جديدة فأنا تحدث معي صحفي قال لي أنت متمرد وآخر قال لي أنت زهجان وكلها صفات وربما النتيجة واحدة.. فأنا لست متذمراً ولا متمرداً ولكن هذه قناعتي فى الوضع السياسي.. فأنا عملياً أمارس السياسة منذ 25 سنة ولكن وصلت لقناعات ليست مبنية عن هوى أو ثورة شباب.. بل عن تجربة امتدت لربع قرن ووصلت لقناعات سياسية وفكرية التزمت بها.. واحدة منها كلفت لأكثر من مرة بموقع تنفيذي في ولاية الخرطوم وولايات أخرى منذ العام 2008 وحتى الآن ولكنني اعتذرت.

٭ ما السبب؟
- لأن قناعتي أن العمل التنفيذي الموجود الآن القوانين المتعلقة به لا تتيح للتنفيذي أن يقدم خدمة للمواطنين وتجعلك تقدم كميات ضخمة من الوعود دون تنفيذ.. وواحدة من مشاكل البلد أنها ما زالت تعاني من المركزية القابضة.. وهذه واحدة من قناعاتي.. ثانياً أنني أجد نفسى في العمل الطوعي أكثر من الرسمي وثالثاً الذين يسعون للمناصب كثيرون أنتِ لا تعدمي من يصبح وزيراً.. ما شاء الله بالآلاف الوزراء في بلدنا مثل طلاب المدارس من كثرتهم خلاف المعتمدين وغيرهم وبعدنا منها لكثرة المزاحمة فيها ونذهب لمناطق قليلة الزحمة كثيرة الأجر.

٭ سرت شائعة بقرب تعيينك في الحكومة وقف وراءها مناصروك في التنظيم؟
- خلال تلك الفترة كنت خارج السودان في رحلة علاجية وتم الاتصال بي وعرض عليّ منصب وزير دولة في إحدى الوزارات الاتحادية واعتذرت لنفس السبب.

٭ المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية  تجاوزا شيخ إدريس؟
- آخر علاقة لي بالتنظيم تقدمت باستقالتي طوعاً من شغل أي موقع تنظيمي أكثر من مرة وقبلت ولم أعفَ وربما بعد ذلك تجاوزوني ومنذ ذلك الحين لم تبقَ لي صلة بالوطني والحركة الإسلامية سوى شرط الانتماء فقط.

٭ يقال إنك لم تتفرغ لعمل الصندوق وتفرغت للدراسة ودعم الأقصى؟
- أعتقد أن الدراسة لا تمنع شخصاً من العمل وأوجد في الصندوق بصورة يومية واعتبر أنها مهمة أوكلت لي وأحاسب عليه وأرفع بها تقارير شهرية للجهات المسؤولة رغم عدم التزامها بها وملفاتنا وحساباتنا متاحة للجميع والعمل لدعم الشعب الفلسطيني أمارسه منذ أكثر من 17 سنة وهو عمل يشارك فيه وزراء وإعلاميون وسياسيون.. وهو جزء من حياتي اليومية لا أربطه بالصندوق.

٭ يصفك البعض بالمتفلت؟
- ضاحكاً.. متفلت وزهجان كله واحد فكلها حوامة حول الحمى ولكن الخلاصة النهائية قناعتي نحو البرنامج الإصلاحي وهناك مشاكل وملاحظات  في الحزب والحركة الإسلامية وهي ليست قناعتي الفردية وقد تكون قناعة جمعية حولها عدد من الناس ولكن كلاً يعمل بوسيلته التي يراها وترى «السائحون» ومذكرة الألف أخ والإصلاح الآن.. ولو جمعنا كل هذه المذكرات بما فيها مصفوفة الإصلاح بالوطني.. نجدها نسخة واحدة «كوبي» ولكن تختلف الوسائل والتوقيت «فواحد داير الإصلاح الآن وواحد دايره  بعد عشرة سنوات».

ً٭ إذا لم يتم الإصلاح وفق ما تتمنى.. هل ستخرج عن التنظيم؟
- عندها سيكون لكل حدث حديث.. وأنا جزء من اختلافي مع حركة الإصلاح الآن أنه يجب أن لا نخرج من الحزب ونقاتل من الداخل حتى يتم الإصلاح لكنهم استعجلوا. 

٭ أوصلت رؤيتك لمؤسسات الحزب؟
- أوصلتها بطرق مختلفة عبر مذكرات ولقاءات فردية ولكنني لست عضواً في مؤسسات الحزب لكي أوصل صوتي عبرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق