الصفحات

الأربعاء، 9 سبتمبر 2015

الراكوبة لن تركع والاقلام الحرة لن تنكسر


د. محمد مراد براغ

الصراع الذي تقوده الحركة الوطنيه السياسيه السودانية ضد الانظمة والحكومات الرجعيه ظل محتدماً ومتصاعداً وكلما امعنت القوى الحاكمة في مصادرة الحريات الديمقراطيه والحقوق التي اكتسبها الشعب عبر نضال ومعارك طويله متصله زاد قوة ومنعة ووعي جعل من العسير تصفية المكتسبات التي تحققت وفي مقدمتها حرية التعبير عن الرأي والمطالبة بالحقوق وفي مقدمة ذلك حرية الاعلام والصحافةوكل أدوات التعبير الحديثة التي انتجتها ووفرتها الثورة العلمية التقنية الحديثة.

وسائل التواصل الالكترونيه الحديثه جعلت من العالم المترامي الاطراف عبارة عن قرية صغيرة يتبادل أهلها المعلومات والاخبار بسرعه, وربما تفوق سرعة البرق. المأزق الكبير الذي دخلت فيه الانظمة الرجعيه المتخلفه , المستبدة الحاكمة في عالم اليوم كما هو الحال في السودان, أصبحت عاجزة عن مواصلة الحكم بالاساليب والطرق الباليه القديمه التي تعتمد الرقابة على الصحف وسنسرتها وايقافها ثم مصادرتها حتى وان كانت القوانين التي سنتها الحكومة لاتتيح ذلك.

الادهي والامر ان دور الصحف أصبحت أجهزة الامن قي السودان تستبيحها وتقتحمها متى ما أرادت ذلك, وتصادر كلما يقع تحت يدها من وثائق ومعلومات, ولاتتورع في الاعتداء الجسدي على رؤساء التحرير وبقية العاملين في الصحف كما حدث مع الاستاذ عثمان ميرغني.

في ضؤ ذلك اصبحت حرية واستقلال الصحافة لاوجود لها , وان وسائل الاعلام بمافيها الصحافة أصبحت خاضعه تماماً للحزب الحاكم, المؤتمر الوطني وجهاز الرقابه التابع له, وجهاز الامن الذي يملك فرعاً اعلامياً.
الراكوبة بماتنشره من أخبار ومقالات وتحقيقيا صحفيه سواء كانت سياسية أو اقتصاديه وثقافيه واجتماعيه تنقل في المقام الاول الحقيقة وتكشف التجاوزات المتعلقه بحقوق الانسان وتوضح المفاسد والفساد في قمة السلطة كما أنها تكشف مايتعرض له المواطنون من ظلم ومصادرة الحريات وافساد الحياة الديمقراطية والعسف والابادة التي جعلت الحياة لاتطاق في المناطق تدير فيها السلطة الحرب.

يضاف الى ذلك الضنك والحياة المعيشيه القاسيه التي يتعرض لها اهل السودان, والكشف عن كل المظالم والتجاوزات والاستبداد الذي يمارسه الحكام في السودان ليس من صنع خيال القائمين على أمر الراكوبة والمسئولين والمشرفين على اصدارها. انه يعبر عن واقع مرير يعيشه الشعب السوداني, نقله وعبر عنه كتاب سودانيون لايخشون في قولة الحق لومة لائم, يضعون مصلحة الوطن فوق مصلحتهم وامن المواطن فوق أمنهم.

رئيس الجمهورية عمر البشير ضاق ذرعاً بالحصار المفروض عليه من قبل المحكمة الجنائية الدوليه التي طلبت منه أن يمثل أمامها للنظر في التهم المجهه اليه في ارتكاب جرائم في حق الانسانية , بمافيها الابادة الجماعية, لكنه لم يفعل وتحدى المحكمة الدوليه , يعيش بالقوانين التي تنظم أعمالها.

العالم سمع ورأى بأم عينيه عبر وسائل الاعلام التجربة القاسية التي تعرض لها مؤخراً في جوهانسبيرج في جنوب أفريقيا عندما أفلت من الاعتقال ورجع الى الخرطوم ذليلاً مرتبكاً ولسان حاله يقول(أنا أقبل وين) بعد الذي حصل؟
سافر بعدها خلسة الى المملكة العربية السعودية وعاد دون اعلان عن أي شئ, ربما الاجراءات الامنيه الخاصة بالرئيس البشير ومطالبة المحكمة الجنائية الدوليه أحد بنود الزيارة, وعليه بقي تدخل المملكة العربية السعوديه في هذا الموضوع أمر يتطلب السرعه , لان النظام أصبح في خطر عظيم.

اليوم تكشف التسريبات باعتقال الصحفي المسئول في الجانب الفني لصحيفة الراكوبة الاستاذ وليد الحسين , ان اعتقاله مرتبط بأن الدولة السودانيه والمطلوب تسليمه للامن السوداني حتى كتابة هذه السطور وتأجلت عملية التسليم لاسباب تتعلق باجراءات خاصة بترتيب بعض شئون اسرته, ومما لاشك فيه ان اعتقال وليد الحسين واخضاعه لتحقيق من قبل الامن السعودي واستهداف صحيفة الراكوبه والعاملين فيها والاجراءات الخاصة بتسليمه للامن السوداني حدث كبير وهام يجب ان لانقلل من تداعياته المستقبليه على العلاقة بين المملكة العربية السعوديه والنظام السوداني, دخلت مرحلة جديدة بعد انضمام السودان لعاصفة الحزم, وقد قبلت المملكة العربية السعودية انضمامه بعد ان جاء طائعاً ذليلاً يعلن عن تخليه عن العلاقات التي تربطه بايران ومثيلاتها. ان تحسن العلاقات بين السعوديه والسودان واعتقال الاستاذ وليد الحسين وان أدى الى تسليمه الى الامن السوداني لن يفك الازمة الشاملة الخانقة التي تمسك بتلابيب النظام في السودان وتفك عزلته على الصعيدين المحلي والعالمي ناهيك من أزمة النظام السياسية والاقتصادية والاجتماعيه. وعلى الصعيد الداخلي والمطالبة برحيل الرئيس والعمل على اسقاط نظامه.

اننا على ثقة تامة ان العلاقة بين الشعبين السوداني والسعودي تقوم على اسس تاريخية راسخة في مقدمتها التاريخ العربي الاسلامي والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل على المستوى الدبلوماسي والسياسي وعدم التدخل في الشئون الداخليه, وعلى هذا الاساس نرى أهمية ان لايتم النظر الى السودانيين المقيمين في المملكة العربية السعوديه مجرد رعايا بل هم ملايين ممن شردهم نظام البشير وحزبه الفاسد , وانهم مواطنون سودانيين أتوا الى المملكة العربية السعوديه بمحض ارادتهم ليقدموا مالديهم من كفاءات وخبرات في اطار نظام وقوانين العمل السائدة في السعودية ومن هؤلاء وليد الحسين وعليه أقول ان اصيب بضرر فان ذلك وبلاشك سينعكس في العلاقة بين الشعبين كما ان ذلك سيترتب بسمعة سيئة الى المملكة العربيه السعودية.
في الختام نأمل ان يرتفع صوت العقل, على ان توضع العلاقة بين الشعبين السوداني والسعودي فوق كفة ميزان العدل وحقوق الانسان التي نصت عليها القوانين الدولية ويطلق سراح وليد الحسين وتترك له حرية اختيار البلد التي يود ان يتجه نحوها وكما يقولون فان بلاد الله واسعة.

مع تحياتي وتضامني مع كل العاملين في صحيفة الراكوبة القراء المدافعة عن حق شعوب السودان في الحرية والانعتاق والحياة الكريمة

الراكوبة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق