الصفحات

الخميس، 17 سبتمبر 2015

تعويل المعارضة علي الاتحاد الافريقي وقرارات البند الرابع, وهم الظمأن الذي يحسبه ماء

الحراك الجماهيري هو الحل

المثني ابراهيم بحر


حالات من التفاؤل سادت احزاب المعارضة ,بعد أن أصدر مجلس والسلم والامن الافريقي قرارا في الخامس والعشرين من الشهر الماضي رسم فيه معالم رؤيته حول معالجة الأزمة في دارفور وفي ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، إضافة إلى رسم معالم استراتيجية الحوار الوطني السوداني الذي يستهدف الوصول لحل شامل لأزمة السودان بكافة أبعادها مقترحا أن يبدأ الحوار بين كافة أطراف الصراع في مقر الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا ,وبتسهيل من لجنة الاتحاد الإفريقي رفيعة المستوى المنوط بها الوساطة لحل الأزمة السودانية، وهللت احزاب المعارضة لهذه القرارات التي حسبوها تمثل ضغطا علي المؤتمر الوطني لكي يستجيب , بل والادهي من ذلك ان شخصا بقامة د امين مكي مدني رئيس مبادرة المجتمع المدني الموقعة علي وثيقة نداء السودان رجح عودة السودان الي البند الرابع في اجتماعات مجلس حقوق الانسان بجنيف التي بدات جلساته مؤخرا،مشيرا لاتساع دائرة الانتهاكات وتمدد الفساد،وقال ان فترة التسعين يوما التي حددها القرار الافريقي بأنها (انذار) للحكومة .......!وتوقع مضي مجلس السلم الافريقي أكثر من ذلك, فبالله اذا كان هذا تفكير شخص في قامة د امين مكي مدني يمثل قمة المعارضة السودانية عركته التجارب السياسية وهو يثق في نوايا الاتحاد الافريقي او المجتمع الدولي برمته في اتخاذ قرارات من شأنها ان تساهم في تضييق الخناق علي النظام الحاكم ,و تصب في مصلحة الشعوب السودانية او المعارضة بهدف اسقاط النظام, ووضح من خلال المشاهد التي سردناها ان المعارضة تعول علي قرارات الاتحاد الافريقي و المجتمع الدولي كورقة ضغط علي النظام الحاكم,فالسودان سبق وان طبق عليه البند الرابع فماذا حدث....؟ فالمواطن وحده من يكتوي بهذه القرارات ,وبالمقابل هي لا تألوا علي نفسها جهدا لتنظيم حراك منظم يهدف الي تغيير النظام يكفيها شر الاعتماد علي هذه الكيانات الدولية , التي تتحرك وفقا لمصالحها الشخصية .

النظام المصري السابق , نظام الرئيس حسني مبارك يتشابه في سوءاته مع نظام الانقاذيين , من حيث القمع والفساد وارهاب الدولة البوليسية, ولأن حسني مبارك نظرته ضيقة اعتقد بأن اعتماده علي المجتمع الدولي سيحقق له احلامه بالبقاء في السلطة مدي الحياة وتوريثها لانجاله, كما يحاول نظام الانقاذ مع المجتمع الدولي بذات الوسيلة لاطالة امده في السلطة, فقد قدم نظام حسني مبارك انموذجا للنظام الذي يرضي عنه المجتمع الدولي في المنطقة لدوره في تحجيم حركات الاسلام السياسي واستمراره في اتفاقية السلام مع اسرائيل وتنفيذ اجندة المجتمع الدولي في المنطقة, وظل الغرب يتخوف من احتمال رحيل مبارك الذي سيفتح الباب امام الاخوان المسلمين للوصول الي السلطة, وعلي ذات النسق ظل نظام انقاذ يقوم بتنفيذ اجندة المجتمع الدولي في القارة الافريقية فالعلاقة بين الانقاذ والمجتمع الدولي تقوم علي (نفع واستنفع), واعتمد نظام مبارك علي المعونات الامريكية بشكل اساسي وتحملت امريكا كل الانتقادات التي توجه لها من قبل الرأي العام ومنظمات حقوق الانسان لدعمها لنظام قمعي وصاحب سجل متسخ من حيث الجرائم التي يندي لها الجبين لانها كانت ترد بأن بديل دولة مبارك البوليسية هم الاخوان المسلمون والذين اذا انفردوا بحكم دولة قوية وذات ثقل دولي واقليمي مثل مصر, فأنهم قطعا سوف يشكلون اكبر مهدد للأمن والسلم العالميين, ولكني اريد ان اشير الي ان التغيير جاء علي يد الشعب المصري بغض النظر عن مألات التغيير, فلو كان الشعب المصري ينتظر (صدقة) من المجتمع الدولي) ليعينه علي تغيير نظام الحكم لظل مبارك في الحكم حتي اليوم, قال الشعب المصري كلمته ولم يجد المجتمع الدولي الا ان يذعن لذلك مكرها .

اذا كانت احزاب المعارضة جادة في تغيير نظام الانقاذ فلتعتمد علي نفسها في المقام الاول بدلا من (الاتكال) علي الاخرين , فنظام المؤتمر الوطني هو البقرة الحلوب التي (رمت) بها الاقدار في وجه المجتمع الدولي الذي وجد ضالته في هذا النظام الذي اجتمع فيه سوءات يندر ان تو جد في غيره , وبالتالي من الصعب جدا ان يضحي المجمتع الدولي بالنظام الحاكم في الوقت الحالي مالم يجد البديل المناسب الذي تتوفر فيه علي الاقل نفس الشروط للاستمرار علي نهج سلفه وهذا مستحيل في الوقت الحالي, فطالما ظل سيف الجنائية معلقا علي رقبة البشير, ولطالما ترغب عصبة الانقاذ في البقاء لاطول فترة في السلطة فهذا يعني مزيدا من الابتزاز السياسي وتقديم التنازلات والانكسارات لتوجيه نظام الانقاذ بالريموت كنترول الذي يمسك به المجتمع الدولي, اما اذا ارادت الانقاذ الخروج الي بر الامان وطي ملف لاهاي الي الابد, فلابد من تحقيق السلام واحلال العدالة لانصاف المظلومين في كل ربوع الوطن تمهيدا لسحب المذكرة نهائيا كما اشرنا في مقال من قبل فهذا هو المخرج الوحيد للنظام الخروج من براثن المحكمة الجنائية التي اصدرت مذكرتها لغياب العدالة عن هذا الوطن المنكوب ......... 
علي المعارضة ان لا تسرف في التفاؤل و تنساق خلف اوهام الحوارات غير المجدية او تجأر بالشكوي للمجتمع الدولي راجية منه المساعدة ,لان نظام الانقاذ امن موقفه مع المجتمع الدولي, فالمتتبع لمسيرة الجبهة الاسلامية يري انها تقوم علي المراوغة ونكث العهود دون ان تؤاخذهم ضمائرهم او يستشعروا الحرج امام الرأي العام , وبالتالي منذ ان استولي الانقاذيين علي السلطة مدوا جسور الود مع المجتمع الدولي بغض النظر عن شرعية الوسيلة من عدمها , لان لذلك علاقة بطبيعة التفكير التي ترتكز عليه الحجبهة الاسلامية وكل حركات الاسلام السياسي التي تري انهم في دار الاسلام والاخرون في دار الكفر, والحرب خدعة , وبالتالي تجوز كل الممارسات من اجل الانتصار للاسلام او الحفاظ علي دولة الاسلام باي ثمن , وذلك لمفهومهم القاصر للاسلام فهم يكفرون خصومهم ثم يبررون كل الممارسات اللا اخلاقية ضدهم , وذلك يفسر لماذا يبرمون الالتفاقات مع القوي السياسية ومع الجهات الدولية ثم يسعون لافراغها من محتواها لدي التنفيذ . وعلي سبيل المثال اتفاقهم مع رياك مشار والصادق المهدي في جيبوتي وعلي التجمع في القاهرة ومع مناوي في ابوجا ومع الحركة الشعبية في نيفاشا ثم التفافهم علي كل الاتفاقيات, وان ابرام الاتفاقيات وفقا لمفهوم الجبهة الاسلامية ليس من اجل حل المشاكل او انما لاحتواء الخصوم واستدراجهم ومن ثم العمل علي زرع بذور الشقاق والفتن الداخلية بينهم , ونظام الجبهة حتي يتهرب من دفع الاستحقاقات والاتفاقات التي ابرمها يستغل سيطرته المطلقة علي جهاز الدولة ومواردها والتها الاعلامية لتصوير الحصار المفروض عليه من اجل دفع تلك الاستحقاقات, اما انه هجمة هجمة معادية للاسلام , او يستخدم العرق والقبيلة محاولا استثارة النعرات البدائية في السودانيين الشماليين علي اعتتبار ان هنالك مؤامرة تستهدف وجودهم وكيانهم الشمالي , وبكل اسف انساق وراء هذه الدعاوي الساذجة كثير من السياسيين الشماليين والمثقفين بدلا من الوقوف بصلابة في مواجهة تلك الاحاييل التي تريد من خلالها الجبهة الاسلامية الالتفاف علي دفع الاستحقاقات المشروعة في الحياة الكريمة التي ناضل من اجلها المستضعفون من ابناء هوامش السودان المختلفة , وبالتالي التسبب في تمزيق البلاد جهويا واثنيا ودينيا , وتبصير شعوبهم بالاستغلال البشع للعرق والدين الذي توظفة الجبهة الاسلامية في تفريق قوة السودانيين ضدها حتي تسهل السيطرة عليه .

الحراك الجماهيري الذي احدثته هبة سبتمبر يؤكد ان ان الشعوب السودانية ستقول كلمتها ,فقد كان حراكا جماهيريا خالصا واحدث الذعر والفزع في مفاصل هذا النظام المتهالك, وفضح امر هذه الاحزاب التي توارت عن الانظار, فاتوقع ان تكون للشعوب السودانية مع القوي التقدمية كلمتها في التغيير القادم بأذن الله بغض النظر عن السيناريو الذي سيتم به التغيير,لأن الاحزاب الرئيسية التقليدية لن تستطيع ان تقدم شيئا يذكر لوهنها وهي عاجزة عن تنظيم صفوفها , واكبر الاحزاب المعارضة حزب الامة, وقد ظل طوال تاريخ النظام الحاكم متذبذب المواقف, خائر امام مغريات النظام, يلهث الي المصالحة والمشاركة , لو لا ان نظام الانقاذ كان في مرة يسخر من زعيمه الذي اصبح مصدر سخرية امام الرأي العام, وعلي سبيل المثال واحدة من اخطاء الامام الصادق المهدي المتكررة, اتفاق التراضي الوطني بين حزب الامة والمؤتر الوطني الذي تم في 2008, ولكن الاتفاق يبقي ثنائيا في الشكل والمضمون بالرغم من السيد الصادق المهدي اكثر من مرة عاب الثنائية علي اتفاقية نيفاشا, بل والادهي من ذلك حين وصف اتفاقية التراضي الوطني بانها سفينة نوح من تخلف عنها غرق ....! واتفاقية نيفاشا التي عاب الامام ثنائيتها تحمل مضامين القومية اكثر من التراضي الوطني ,وقد فشلت الاتفاقية لان المؤتمر الوطني استغل مطامع السيد الصادق المهدي في السلطة لتقسيم حزب الامة, فتراجع الاماما الصادق المهدي مكرها خشية علي اهتزاز وضعه بين قاعدته, ثم بعد ذلك جاءت فترة الانتخابات بسوئاتها التي بينت حقيقة مؤامرة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بوضوح , ولكن الادهي من ذلك كان علي احزاب المعارضة الاستفادة من هذه الاشكالات لتنظيم صفوفها لمعارضة النظام بما يوافق المرحلة. ولكن حقبة ما بعد الانتخابات2010 شهدت تراجع الاحزاب التي كانت في افضل حالاتها نسبيا في المرحلة الانتقالية , ثم كان الموقف الغريب للامام الصادق المهدي ليقول بان المؤتمر الوطني اذا لم يحل نفسه ويكون حكومة قومية فانه سيعتزل العمل السياسي, او سينحاز للمعارضة...! فهل اعتزاله للعمل السياسي سيضعف المؤتمر الوطني, فما الذي يجعله يظن ان المؤتمر الوطني يمكن ان يستجيب له ويتنازل عن السلطة من اجل شيئ لا يؤثر عليه, ا, فهذه هي مواقف الامام الصادق المهدي الذي يقود الان اكبر احزاب المعارضة بمواقفه المتلجلجة , ومثار الدهشسة في الامام انه افتراضا بحكم بعده السياسي ان يكون اكثر دراية بحزب الجبهة بحكم التجارب , ولكنهم يلدغونه في كل مرة , تحالف معهم في الديمقراطية الثالثة واستغلوا قلة حنكته فغدروا به وانغلبوا عليه, ولكنه رغما عن كل ذلك لم يتعظ من تلك التجارب, من خلال التراضى الوطني ومغازلته للنظام في اكثر من مرة لم يحصد غير السراب. فكيف نتوقع ان يتم التغيير علي ايدي هؤلاء..........

اما موقف السيد محمد عثمان الميرغني , فليس افضل حالا من حزب الامة القومي,فلقد عرفناه مترددا علي الدوام ومنقسما بين مواقف قوية يقفها الاستاذ علي محمود حسنين والاستاذ احمد الحسين وبعض قيادات الحزب الاتحادي, بينما مواقف واهنة يقودها السيد محمد عثمان الميرغني واتباعه,قبل ان يرتمي في حضن المؤتمر الوطني, ولكن مولانا الميرغني حتي عندما كان في المعارضة كان الحلقة الاضعف ولم نسمع له اي ضجيجا او حراكا خصوصا عن مناطق النزاعات في دارفور وجبال النوبة او النيل الازرق, ورغم انه كان الداعمين لخيار الوحدة قبل الانفصال الا اننا لن نسمع له اي رأي بشأن الوحدة وعن حق تقرير المصير, وعجز المؤتمر الوطني من ان يجعل الوحدة حاذبة, وضمانات ما بعد الاستفتاء التي توفر لمواطني الدولتين حسن الجوار, وما يدهش ما جاء في الاخبار حينها ( تلقي رئيس الجمهورية اتصالا من رئيس الحزب الاتحادي الاصل زعيم الختمية مولانا محمد عثمان الميرغني, ابدي فيه تأييده لما جاء في خطاب السيد رئيس الجمهورية في مدينة القضارف خلال الاحتفال باعياد الحصاد , بارك الميرغني ما اعلنه رئيس الجمهورية في ان الشريعة الاسلامية ستكون المصدر الرئيسي لدستور السودان المقبل , واضاف ان هذا يعبر عن ضمير الشعب السوداني وتطلعاته وجماهير الحزب الاتحادي الديمقراطي ....! ومن جانبه شكر رئيس الجمهورية مولانا الميرغني علي اتصاله وامتدح مواقفه التي تنسجم وروح الشعب السوداني وتطلعاته) تلفزيون السودان 23/12/2010 ولقد كان الخبر مصيبة علي مؤيدي الحزب الاتحادي باعتباره حزب وسط حريص علي الليبرالية والحريات, ولا يمكن ان يوافق علي قهر الشعب والبطش به , لانه جاء بأسم تطبيق الشريعة الاسلامية. ولان السيد الميرغني يكرر الدعوة الي الوحدة فكيف يريدها في ظل القوانين التي تلتحف ثوب الاسلام وتنبطش بغير المسلمين, والادهي من ذلك نفي مسؤولون بالحزب الاتحادي ما نسبه الاعلام لمولانا الميرغني , وقد اكد وفد من الحزب الاتحادي حينها للامام الصادق المهدي ان التقارية الاعلامية حول تأييد مولانا الميرغني لخطاب البشير للقضارف حول تطبيق الشريعة الاسلامية مختلف عن الحقيقة وسيتم نوضيحه؟ وجاء البيان ضعيفا علي استحياء ووصف ما اذيع انه مختلف عن الحقيقة ....! فما هي الحقيقة ....؟ وكان علي مولانا الميرغني ان يصدر بيانا يعلن فيه انه لا يؤيد خطاب القضارف, وان اعلام الحكومة اذاع عنه كذبا , لو فعل مولانا الميرغني حينها لصدقه الشعب وكذب اعلام الحكومة لكنه لم يفعل , ومما يجعل الشعب يصدق ما نسب للميرغني انه سبق ان نقل بواسطة شقيقه المرحوم السيد احمد الميرغني لنميري تهنئته بتطبيق الشريعة الاسلامية, وما يتحدث عنه البشير اليوم لا يختلف عن قوانين سبتمبر.

اما د حسن الترابي فهو الذي ورط الشعب السوداني في هذه الحكومة السيئة , ووضع قوانينها السيئة التي اذلت الشعوب السودانية واهانتها , وهو لم يختلف معها حين سنت هذه القوانين الجائرة , وحين بطشت بالشعب وعذبته في بيوت الاشباح, وحين وضعت القانون الجنائي السوداني الذي هو نسخة من قوانين سبتمبر , بل اضافت اليه عقوبة الردة , وكان هو منظرها في حرب الجنوب, وهو الذي روج للجهاد ونيل الشهادة , وهو الذي الذي جاء بقانون النظام العام , الذي بموجبه تم جلد الفتيات , والاغرب من ذلك انه ادانه بعد ذلك , ولم يعتذر للشعب السوداني بعد خروجه من الحكومة عن ما اصابهم من سوء افعاله منذ ان كان مستشارا للنميري وكان زعيما للجبهة الاسلامية التي اخرجت المسيرة المليونية لتأييد قوانينه الجائرة,المؤتمر الشعبي هو المسؤول من الكارثة الموجودة في البلاد بالرغم قبول الناس له في صفوف المعارضة, وقبوله في صفوف المعارضة تم بصورة عشوائية , فالزوج في المجتمع السوداني اذا تخاصم مع زوجته لا يقدم لها الاعتذاربطريقة عملية, وانما يأتي في اليوم التالي ليتجاذب معها الحديث في اي موضوع اخر وكأن شيئا لم يكن , فالمؤتمر الشعبي حتي الان لم يقدم نقدا زاتيا لتجربته في الحكم وبعدها, فهناك اناس تعرضوا للتعذيب والقتل وبعضهم رفع قضايا يجب للمؤتمر الشعبي ان يوضح كل هذا ويحدد هل هو معارض ام ماذا يريد....؟ فيجب ان يحدد المؤتمر الشعبي بأي برنامج يريد ان يدخل المرحلة الجديدة ,فصورة المؤتمر الشعبي الملطخة بدماء الضحايا والابرياء تحتاج الي عمليات تجميل لتجميل وجهه اما الرأي العام لكي يحسنوا الظن به وبكل خطواته التي يقدم عليها انها لمصلحة عامة وليست شخصية ,ولذكاء الترابي بأن لا يضع البيض في سلة واحدة وسحب البساط من تحت اقدام المعارضة والغاء دورها , ومن ثم القيام بدورها, حتي ان افراد حزبه المنشق عن الحزب الحاكم لا يدركون هذه الحقيقة , حيث يقوم بدور التخزيل في الوقت المناسب والكشف المبكر لخطط المعارضة وايهام الرأي العام بأنه اقوي للمعارضين للنظام.والان المؤتمر الشعبي يحاول (جر) الاحزاب الي الحوار وتجميد مسألة اسقاط النظام كتنكنيك مرحلي من اجل اطاله امد النظام في السلطة.


اما الحزب الشيوعي السوداني فقد بلغ به الضعف والهوان , ان يزعم انه يؤيد تطبيق الشريعة الاسلامية , وجاء ذلك التصريح علي لسان القيادي في الحزب د الشفيع خضر , عدم تأثر حزبه بأي دستور اسلامي يحكم البلاد عقب الاستفتاء, واشار في حوار اجرته معه الرأي العام 25/12/2010 اذا كان الحزب الشيوعي الذي يقوم علي المادية والعلمانية لا يعترض علي القوانين التي حينما طبقت كان ضحاياها البروليتاريا فجلدوا , وقطعوا وهم جياع , فعلي ماذا سيعترض هذا الحزب الضعيف , وهل حزب بهذا الضعف يتوقع منه اي حركة حقيقية ضد اي نظام ....؟ وقد اثبتت الايام ان د قرنق هو الوحيد من بين النخب السياسية الذي امتلك القدرات الضرورية للاستثمار الناجح للتاريخ من خلال الرؤية الثاقبة التي مكنته من اختيار هدف المرحلة الصحيح وتحديده في تحقيق العدالة والمساواة بكل ابعادها بين اقاليم وقوميات السودان, لقد نهضت قبله فئات في الجنوب والشرق ودارفور وجبال النوبة مطالة بالعدالة السياسية والاقتصادية, ولكنه تفوق علي كل تلك الفئات بتحطيمه لقيود الاقليمية طارحا القضبة بأفق قومي , وتفوق علي كل النخب السياسية عبر طرحه لبرنامج متكامل وقد صائبا بتعويله علي المستقبل في وقت كان ذاك الطرح بالنسبة للكثيرين امرا غير واقعيا, واستطاعت الحركة الشعبية ان تشق طريقها عبر الزمن لتفرض نفسها علي الساحة الوطنية في حياة الراحل د قرنق, وبالرغم مما جاء في منفستو الحركة الشعبية فأن الاشتراكية بمفهومها الايدلوجي لم تكن قضية قرنق الاساسية والا لكان مكانه الطبيعي الحزب الشيوعي, كانت قضايا العدالة والمساواة بالمفهوم السياسي الواقعي هي الاساس والايدلوجيا مجرد غطاء سطحي وكا ن ذلك اختيارا صحيحا, وبذلك حافظت تلك القضايا علي زخم تأثيرها لتجذب القوي المهشة بأضطراد لاطروحات قرنق وحركته,وبتلك المزايا التي تناولنا طرفا منها كان طبيعيا ان يحقق قرنق ما حققه من انتصار باهر, وغاية انتصار المرء ليس في هزيمة خصومه في ميادين القتال وانما في اقناعهم في طرحه, وقد اقنع د قرن باطروحاته السواد الاعظم من السودانيين علي مستوي الجماهير والنخب.


لقد استطاعت الانقاذ اختراق المعارضة بحزب الامة منذ خروج الامام في عملية تفلحون ,و سقط الكثيرون في عسل السلطة وقال الامام المهدي انه يحاحي (الضبابين) عن وجه السودان , ولكنه كان عسلا تهافتت عليه ضبابين الانقاذ, فلو كانت هذه الاحزاب قوية ولديها مصلحة علي الوطن كما ينبغي لما تمكنت حكومة الانقاذ من احتوائها بهذه السهولة, فالسودان بيتنا الذي باعه سماسرة الاحزاب ونحن عنه غافلون , فالحيرة التي يبدؤها الكثيرون بشأن نظام الحكم البديل ليست منشأها عدم وجود الحكم البديل وانما القصود البديل الناجح والمتاح المطروح في الساحة ,بأعتبار ان قيادات الاحزاب التقليدية ذات الثقل الجماهيري أصبحت غير مقنعة في برامجها و شخوصها ولا في ممارستها للديمقراطية, ثم الاهم من كل ذلك عدم وجود برامج مقنعة وواضحة لحل ازمات الدولة السودانية , وبالتالي تمسك قواعد تلك الاحزاب بقياداتها التقليدية وعدم مقدرتها علي تغييرها وعجزها عن خلق قيادات بديلة فاعلة علي مدي اكثر من 5 عقود يؤكد عجزها علي ان تطرح بديلا موضوعيا , والعلة الكبري في أن اعداد مقدرة من جماهير تلك الاحزاب تتفاعل مع قادة تلك الاحزاب انفعالا رومانسيا , وتكمن العلة والمصيبة الكبري ان صعود هؤلاء سوف يهدد الديمقراطية من جديد بعد ازالة هذا النظام ,بأعتبار انهم اصبحوا فاقدي الاهلية في ممارستهم السياسية, فهؤلاء في الواقع يتاجرون بمعاناة جماهيرهم من اجل مكاسب شخصية , وهذه احدي المكانيزمات التي تستعملها النخبة الحاكمة لاضفاء الشرعية وتغبيش الوعي , فهم في الواقع يخدمون ايدلوجيا القهر الاجتماعي ولذا يأتي حيادهم كحياد ظاهري في داخله التزام ايدلوجي مبطن, وتنطلق هذه المواقف المتذبذبة من قادة تلك الاحزاب التي تخالف احلام جماهيرها حول الخوف الذي يعتري فهم قادة تلك الاحزاب من ان التغيير القادم سيكون شاملا في بنية المجتمع السوداني, وبالتالي افول نجمهم فهذه الاحزاب ينظلق قادتها من موقف الرفض والعداء لما هو عليه حال المجتمع الراهن,

المجتمع الدولي يعلم بكل ما يجري في السودان عبر السفارات الاجنبية التي تنقل له كل الاحداث , لن يجدي معه اساليب الخطابات الجماعية المناشدة او الجولات التي تقوم بها احزاب المعارضة مرارا وتكرارا, فالمجتمع الدولي اذا اراد ان يزيح حكومة البشير لفعل , و قرارات المجتمع الدولي والاتحاد الافريقي , ما هي الا اليات توهم الرأي العام, ولكنها تخفي في طياتها تواطؤ ايدلوجي مبطن,وعلي احزاب المعارضة ان لا تخدع الشعوب علي نحو ما اوردناه , ويجب ان تحدد موقفها بوضوح من قضايا الوطن ورؤيتها للمستقبل بوضوح , وان تحدد مواقفها من القوانين التي تسمي بالشريعة الاسلامية وهي بعيدة عن حكمة الشريعة ورحمتها , ويجب ان تطالب باقامة العدل قبل الردع والقطع , وان تتم المساواة بين ابناء الشعوب السودانية, قبل ان يحكم فيهم , فهم مجموعة منهم , لما تظنه شرع الله, كما يجب ان تتخذ مواقف معلنة من من قضايا الوطن , ولقد سبق للاحزاب ان وضعت ميثاقا تعاهدت عليه , وهو عدم الاعتراف والتعامل مع اي حكومة تأتي عن طريق انقلاب عسكري, ولكنها لم تلتزم به ....! وهذه هي علة الاحزاب السودانية التي يلعب عليها المؤتمر الوطني , عدم القدرة علي العمل الجماعي المشترك,لأن لا احد يعترف بالاخر , واخرون يبحثون عن الزعامة , فيجب علي المعارضة بتغيير نفسها اولا ,لأن فاقد الشيء لا يعطيه....ّ! وهذه النقطة اعتبرها مربط الفرس اذا اردنا ان نتطور فعلينا ان نبدأ منها .ولهذه الاسباب يأتي استبعادنا لدور المعارضة وتعويلنا علي الحراك الجماهيري للانتفاضة في وجه النظام المتهالك, وان شاء الله صبح المحاسبة قريب.

elmuthanabaher@gmail.com
الراكوبة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق