الصفحات

الجمعة، 4 سبتمبر 2015

حرية الصحافة والتعبير بين منهج المساءلة داخليا والملاحقة خارجياً



حسن الحسن 

لم يجف مداد حبر توصيات لجنة الحريات باتحاد الصحفيين العرب الذي استضاف اجتماعاته الاتحاد العام للصحفيين السودانيين في الخرطوم ولم يختفي صدى تصريحات المسؤولين السودانيين الكبار حول التزامهم بضمان حرية الصحافة والتعبير حتى حملت الانباء ملاحقة جهاز الأمن للأستاذ وليد الحسين عضو هيئة تحرير موقع صحيفة الراكوبة الالكترونية واعتقاله بواسطة السلطات السعودية والضغط لترحيله إلى السودان وكأنه رد جميل للحكومة السودانية .

كان المؤمل أن تكون مطالب الحكومة السودانية لرد الجميل مطالب اكبر قامة واوسع افقا بكبر قامة السودان لا باعتقال مواطنيها لمجرد ممارسة حقهم في التعبير والكتابة سواء في داخل السودان او في خارجه .
وكلمة ملاحقة التي تمقتها الحكومة السودانية حين تأتي من محكمة الجنايات الدولية ضد مسؤولين سودانيين هي ذات الكلمة حين تمارسها الحكومة نفسها ضد مواطنيها في الدول التي لها بها علاقات وتفاهمات رغم أن السبب هو مجرد ممارسة حق الملاحقين في التعبير وهي ازدواجية تكشف عن عجز المنهج وتناقض السلوك .
فحديث المسؤولين عن كفالة الحريات الأساسية وحرية التعبير وحرية ممارسة العمل الصحفي يصبح وكأنه حديث الليل يمحوه النهار في ضوء استمرار مثل هذه الممارسات من قبل الأجهزة الأمنية وهي ممارسات عفا عنها الزمن وأصبحت مثار استغراب في بلدان العالم الحر إلا في السودان وبعض دول العالم الثالث للأسف التي تعيش خارج حركة التاريخ الإنساني ومطلب الحرية الذي حض عليه الدين والخلق والقيم الإسلامية وهذا ما لا نريده لبلادنا ولشعبنا .
إن الحديث عن الحوار الوطني والتزام الحكومة بالحريات وكفالة حرية العمل الصحفي وحرية التعبير وممارسة العكس تماما يزيد من الهوة وحالة فقدان الثقة وليس هذا المنهج بالمنهج الصائب بل سرعان ما ينقلب على صاحبه سيما في عالم حر لا تقيده القوانين الاستثنائية ولا تنطلي عليه الأكاذيب ولا تحده الملاحقات الساذجة هنا وهناك. 
وليس من مصلحة الحكومة وأجهزتها الاستمرار في سياسة الملاحقات والاستدعاءات للصحفيين ووضع العراقيل أمام أدوات ممارسة التعبير الحر بعد ان طوعت الصحافة المحلية وليس من مصلحتها أن تدفع رهبا ورغبا بالكتاب والصحفيين أن يختاروا طريق الشاب حسن إسماعيل أن يكون قطعة ديكورية في مجلس وزراء ولاية الخرطوم او غيره لتحقيق حلم شخصي بدائي او أن يحمل رقما وطنيا جديدا في المؤتمر الوطني.
بل من مصلحتها من يهدي اليها عيوبها ومن يكشف مكامن الفساد ومواضع الخلل ومن يسهر على المصلحة الوطنية العليا ومن يحمل مشعل الحرية والكلمة الصادقة من خلال صحيفة او موقع الكتروني أو قناة فضائية إن كانت حقا تريد الإصلاح وأن تكف عن ملاحقة الوطنيين الذين طالما كانوا خفافا عند الفزع وثقالا عند الطمع .ليس بالملاحقات والاعتقالات تبنى الأوطان بل تبنى بالحرية والاستقرار ومحاربة الفساد .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق