الصفحات

الاثنين، 2 نوفمبر 2015

معتمد الحصاحيصا د. بابكر عبد الرازق.. بعد الاستقالة والهجرة للسعودية:هذه هي (…) الأسباب التي دفعتني للاغتراب




رغم مرور أيام على الاستقالة التي تقدم بها د. بابكر عبد الرزاق وقيع الله من منصبه كمعتمد لمحلية الحصاحيصا، إلا أن أصداءها مازالت تردد في مجالس المدينة ومواقع التواصل الاجتماعي، لجهة أن هذا السلوك كان معهوداً من المحكومين، أما أن يبادر الحكامون أنفسهم بالاستقالة بدافع الهجرة إلى السعودية، فإن هذا الأمر يبدو مثيراً للانتباه، والتندر ربما، لدرجة أن البعض علق على هجرة المعتمد بتلك العبارة الموجعة وكأنه من آخر المغادرين للبلاد: (باﻟﻠﻪ آﺧﺮ ﺯﻭﻝ ﻳﻄﻠﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺩﺍ ﻳﻄﻔﻲ ﺍﻟﻠﻤﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺮاوﺡ ﻭﻳﺨﻠﻲ ﺍﻟﻤﻔﺘﺎﺡ ﺗﺤﺖ ﻛوﺒﺮﻱ ﺍﻟﻤﻚ ﻧﻤﺮ).
لكن في المقابل، فإن المعتمد المستقيل د. بابكر عبد الرزاق وقيع الله، مثله مثل أي بابكر آخر من قرية دلوت بشرق الجزيرة التي جاء منها، ربما كانت لديه دوافعه وحيثياته الخاصة للهجرة التي فضلها على الموقع الدستوري ذي المخصصات التي يعتقد أنها وفيرة في ولاية الجزيرة، وهو الأمر الذي دفع صحيفة (الرأي العام) للحديث معه أمس الأول من موقع عمله الجديد في جامعة طيبة بالمدينة المنورة، فخرجنا منه بهذه الإفادات التي فاضت صدقاً، وشفافية كما سنرى:

لا توجد مقارنة مادية بين وضعي كمعتمد ووضعي الآن في السعودية
السياسة لا تعطيك الحق في أن ترتب أوضاعك كما تريد
هناك من هم أفضل كفاءة وأكثر تأهيلاً مني قرروا الهجرة
هجرتي عادية جداً وجاءت بعد استشارة واستخارة ولا داعي لكل هذه الضجة
حسابي لجامعة طيبة غير مادي وأنا الآن قريب للحرم النبوي الشريف
راتبي كمعتمد (6195) جنيهاً.. ووالله كنت أصرف من مدخراتي لأتم معاشي الشهري


*ماهي الحيثيات التي جعلتك تستقيل من منصب المعتمد لمحلية الحصاحيصا وتهاجر بصورة مفاجئة للعمل في السعودية؟
– بصدق عندما تم تعييني كمعتمد للحصاحيصا كانت مستنداتى مقدمة في السفارة السعودية للتأشيرة، لكني استجبت لأمر التكليف والاختيار وقدّرت أن اشتغل حتى لا أحرج المسئولين، لكن جامعة طيبة بالمدينة المنورة أرسلت لي عقدا للمرة الثانية. والقرار أخذ بالنسبة لي وقتا طويلا وكان قرار أسرة وأخوان واستشارة واستخارة، وكان لا بد من أن أتخذ قرارا.. إما أن أواصل في التكليف، أو أذهب متعاقدا مع جامعة طيبة..



* ما الذي رجّح خيار الهجرة إذاً؟
– أنا قلت لك إن القرار لم يكن قراري لوحدي، فالأسرة اشتركت معي في القرار. وأنا تخرجت في جامعة الخرطوم في العام 1993م ومنذ ذلك التاريخ كنا نعمل في العمل العام وندفع ضريبة الوطن. وفي التعليم العالي كنا نبحث عن فرصة يرتب بها الإنسان أوضاعه في المسؤوليات التي أصبحت كبيرة، وحقيقة الواحد آل أن يرتب وضعه بجهد نفسه.



*وهل هناك ترتيب للأوضاع أفضل من أن تكون في منصب المعتمد الذي يُدِر عائدات جيدة؟
– هذا كلام الناس، لكن بالنسبة لي أنا وظيفة المعتمد كانت وظيفة نداء وطن وأداء واجب لسد ثغرة وأساهم عبرها في بناء وطني وولايتي ومحليتي، وما كنت أحسبها حساباً ماد
ياً أصلاً. ولو حسبتها حساباً مادياً فإن وضعي في السودان قبل أن أصبح معتمداً كان أحسن، لأنني كنت خبيرا وطنيا وأعمل في الجامعة ولدى نشاط بحثي..



*وماذا إذا عقدنا مقارنة بين وظيفة المعتمد ووظيفتك في جامعة طيبة؟
– طبعاً لا توجد أي مقارنة بين الوظيفتين من ناحية مادية، لكن كما قلت لك أنا نظرتي لوظيفة المعتمد هي نظرة نداء وطن وتقديم خدمة للأهل.
*هل يمكن أن نسألك سؤالا مباشرا.. كم كنت تتقاضى كراتب شهري في وظيفة المعتمد على وجه الدقة؟
– سأجيبك، لكن قبل ذلك لابد من أن أؤكد لك بأن نظرتي للأمر ليست مادية، فراتبي كمعتمد للمحلية كان (6195) جنيها..



*هذا هو الراتب فقط، لكن هنالك حوافز وأشياء أخرى أضعاف هذا الراتب؟
– لا .. لا.. والله أنا شخصياً لم أبحث عن هذه الأشياء ولم أرها ولم أهتم بها، و كنت حريصاً جداً – كما عشنا في الجامعات ومع أبنائنا- أن لا نمد يدنا لشىء ليس في إطار القانون. وفي الفترة الوجيزة التي أمضيتها والله كنت أتم على مرتبي كمعتمد من مدخراتي فأنا كنت في جامعة سرت بليبيا وكان لدى مدخرات أصرف منها حتى أتم معاشي الشهري. ونحن عندنا أسر ممتدة ومحتاجة لينا، وعندما كنا في الجامعة كانوا مقدرين ظرفنا حسب وضعنا النسبي لكن عندما أصبحنا معتمدين توقعاتهم زادت، وأصبح الشخص الذي كان يقبل في السابق بـ (100أو 200) لا يرضى بـ (500) من المعتمد.



*وماذا عن الوضع في جامعة طيبة؟
– حسابي لجامعة طيبة أيضاً غير مادي، فأنا وأسرتي الآن قريبين للحرم النبوي الشريف، وصراحة لا توجد مقارنة أخي فتح الرحمن بين العائد المادي في جامعة طيبة والعائد المادي الذي كان يأتيني في السودان سواء أكان ذلك من عملي في الجامعة أو من أي عمل آخر. وفي مجالي فإن عقدي كان من أميز العقود والحمد لله. وأمامي فرصة للبحث والكتابة والتجربة في المجال الأكاديمي.



*ماذا كنت تعمل هنا في السودان قبل وظيفة المعتمد التي تركتها للهجرة؟
– أصلاً أنا تخرجت في كلية الإقتصاد جامعة الخرطوم سنة 1993م، ونحن كنا مجموعة تخرجنا بدرجة الشرف وبدأنا اجراءات للالتحاق ببنك السودان، لكن تركت الأمر وذهبت للجنوب وكنت رئيس منظمة الدعوة الإسلامية بالاستوائية، ثم جئت رئيسا لبعثة ولاية القضارف، ثم منسقا للاجئين، ثم رئيسا لبعثة منظمة الدعوة الإسلامية بجبال النوبة ثم رئيسا للبعثة بالجزيرة، ثم عملت ماجستيرا في جامعة الجزيرة بتمويل من صندوق الأمم المتحدة للسكان في العام 1998م، وبعد ذلك ذهبت مؤسساً لمنظمة الدعوة الإسلامية بجزر القمر في 2003، ورجعت بعد ذلك لجامعة الجزيرة وسجلت للدكتوراه في مطلع 2004م وكنت أول عميد، عميد مؤسس لكلية تنمية المجتمع بجامعة الجزيرة 2004- 2008، وأكملت دراسة الدكتوراه في 2008، ثم ذهبت عميداً لكلية علوم الإدارة والإقتصاد بالهلالية- جامعة الجزيرة، ثم بعد ذلك عملنا على فتح جامعة البطانة من جامعة الجزيرة وأصبحت عميداً للطلاب بجامعة البطانة، ثم ذهبت منتدباً إلى جامعة سرت بليبيا في 2013- 2014م، وعدت إلى السودان ثم عُيّنت معتمداً، وكنت في ذلك الوقت أحمل العقد المبدئي من جامعة طيبة، وهذه مسيرتي باختصار.



*السؤال المحوري الذي تداوله الكثيرون بشأن حالتك هذه، هو : اذا كان هذا هو حال الحاكم والرجل الدستوري فكيف هو حال المحكومين من عمال وموظفين واساتذة..الخ؟
– أولا .. أنا احمد للاخوة في الدولة اتجاههم للاستعانة بالاكاديميين، فأنا أستاذ في جامعة الجزيرة وجامعة البطانة ، ووزير الصحة ووزير التعليم ايضا من اساتذة الجامعات، وهذا اتجاه ايجابي وكنا بالفعل نتمنى ان نسهم..



*عفواً أريد الاجابة بصورة مباشرة على سؤالي إذا كان هذا حال الحاكمين فماذا يقول المحكومون إذاً؟
– يا اخي فتح الرحمن أنا الآن أصبحت أسرتي كبيرة، بحاجة الى ترتيبات للدراسة فى الجامعات من رسوم ومصاريف وخلافه، أنا رؤيتي ان منصب معتمد تكليف وطني ولكن ليس بها امتيازات مادية.



*البعض يعتقد ان العمل السياسي وظيفة، هل توافق على ذلك؟
– السياسة وظيفة (لي ناسها)، هناك ناس شغالين سياسة، ومنهجهم في الحياة يختلف..طبعا أي زول في الحياة عندو منهج.



*وما هو منهجك انت؟
– أنا منهجي ان السياسة تكليف وليست تشريفاً، وانها ليست اكل عيش اصلا.



*البعض يقول ان هجرتك تعطي صورة ناطقة ان الاوضاع في البلد ليست جيدة؟
– لا أستطيع ان اقول ان الوضع غير جيد، الآن هناك حوار وطني وهناك بشريات وهناك برنامج مطروح واتمنى ان يلتف الناس حول هذا البرنامج، واتمنى ان يتكاتف الناس لتقديم شيء مفيد للبلد، المهم ان هجرتي ليست فيها اشارة لاي شيء.. فهي يغلب عليها الطابع الخاص.



*اذن انت تعتقد ان الناس حمّلوا موضوع هجرتك هذا اكثر مما يحتمل؟
– نعم اعتقد انه حمّل اكثر مما يحتمل..وقد أطلعت على كلام كتير في وسائل التواصل، وكل الحديث الذي نشر كنت اتوقعه من اقصى اليمين الى اقصى الشمال.



* بعد هجرتك انت وهجرة الامين العام لمجلس الصحافة د.هشام عباس هل تعتقد اننا أصبحنا إزاء ظاهرة يمكن ان نطلق عليها هجرة الكبار؟
– لا استطيع ان اقول ذلك، يمكن ان تقول هي علاقة متقاطعة، أنا اعتقد ان الاستاذ الجامعي كان يمكن ان تتهيأ ظروفه بصورة اكبر من ذلك، وأنا لا أخفي عليك ان مرتبي كاستاذ جامعي في السودان احصل على مثله في يومين بالسعودية..وهذه دعوة للحكومة ان تلتفت لتهيئة الظروف للاستاذ الجامعي، وانا اعتقد ان الدولة تنظر لهجرة الاساتذة والاطباء نظرة غير صحيحة..الذين يهاجرون الآن هم من يمتلكون التجربة والخبرة.



* حسب معرفتك بزملائك الدستوريين خلال فترتك القصيرة، هل هناك من يفكر منهم بالهجرة؟
– التفكير في هذه الاشياء نسبي، انا لا استطيع ان اقول لك كلاما معمما، اعتقد ان التأهيل الاكاديمي يلعب دوراً مهماً في اتخاذ مثل هذا القرار، لكن أعتقد ان اساتذة الجامعات اغلبهم يمضي في ذات الطريق الذي سرت فيه.



* البعض يرى ان قرارك بالهجرة يدل على انك رجل نزيه، لان المنصب في السودان كان يمكن ان يحقق لك كثيرا من المكاسب؟
– اقول لهؤلاء: اللهم اجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ولا تأخذني بما يقولون، هذه مسائل بين الانسان وربه، انا اتمنى ان تكون ممارسة العمل السياسي مرتبطة بالالتزام بالاسس واللوائح الادارية والمالية..كونك سياسياً هذا لا يعطيك الحق ان تمارس هذا العمل (زي ما عاوز).



* في بداية الانقاذ تم استدعاء الكوادر الاسلامية من بلاد المهجر، الآن وبعد ربع قرن من الزمان اصبحت هذه الكوادر تهاجر الى الخارج؟!!
– هذه طبيعة الاشياء، والحكم يتطور كما يتطور الانسان، يبدأ طفلاً ثم يصبح شاباً ثم يكبر ثم ما يلبث ان تحصل عليه اقدار الله، لكن أعتقد ان الحكم يمكن ان يتجدد، على اي حال لا استطيع ان أمضي كثيرا في الاجابة لكن اعتقد ان الانقسام الذي اصاب الاسلاميين ايضا أسهم في هذا. وهناك كوادر من الاسلاميين هم افضل مني تأهيلاً وتجربة وعطاؤهم اكثر منا أختاروا الهجرة، فهذا القرار شخصي.



*كيف قرار شخصي وأنت ملتزم حزبياً.. أليس للتنظيم اي تأثير في قرار مثل هذا؟
– أنا أقدر التنظيم وقراراته، لكن أحطت أمر هجرتي بالكتمان، وكما يقال اقضوا حوائجكم بالكتمان.

الراي العام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق