الصفحات

الجمعة، 22 أبريل 2016

في ذكراها السادسة والعشرين: من هو الجندي الذي وشي بضباط محاولة انقلاب ابريل 1990؟!!


١- ***- تجي غدآ السبت ٢٣ ابريل الحالي ٢٠١٦ الذكري ال٢٦ عامآ علي محاولة الانقلاب الفاشلة، التي قاموا بها ثمانية وعشرين من كبار الضباط في القوات المسلحة ، وقعت المحاولة في يوم ٢٣ ابريل - رمضان عام ١٩٩٠، قاد الانقلاب اللواء عبد القادر الكدرو، واللواء الطيار محمد عثمان. 

٢- ***- هذه المحاولة الفاشلة دخلت التاريخ العسكري السوداني بصفتها واحدة من أغرب العمليات الانقلابية التي عرفتها البلاد!!، -وهذا التعليق الاخير ليس من عندي-، فقد سبق ان ذكره احد الخبراء العسكريين السودانيين وله باع طويل في القوات المسلحة، عاصر خلال خدمته العسكرية العديد من المحاولات الانقلابية، ابدي الخبير دهشته الشديدة من الطريقة البدائية التي تمت بها المحاولة الانقلابية، واكد بحسب درايته وخبرته بالانقلابات: (انها محاولة فاشلة ١٠٠%، وما كانت ستصمد اكثر من يومين كاقصي حد لها بسبب عدم اشتراك فروع عسكرية هامة تابعة للقوات المسلحة التي فوجئت بالمحاولة الانقلابية دون علمها، وعدم تنسيق الانقلابيين مع كبار الجنرالات والضباط الاخرين).

٣- ***- ابدي الخبير العسكري سخريته اللاذعة من الضباط الانقلابيين الذين تحركوا لاحداث انقلاب دون ان يؤمنوا محاولتهم باعتقال قادة الاجهزة العسكرية والأمنية وكبار السياسيين ورؤساء الاحزاب، واكد، ان: (الاعتقالات من الاشياء الضرورية لنجاح اي عملية انقلابية في اي مكان في العالم!! بل وتعتبر بكل المقاييس انها من اولي الاولويات في اي اجندة انقلابية لانجاح الانقلاب...لا افهم كيف فات علي الانقلابيين هذا الامر الهام وهم الذين عاصروا من قبل عشرات الانقلابات في السودان وسمعوا بالكثير عن ما وقع من قبل في كثير من الدول؟!!..ان الضباط الانقلابيين -كلهم دون استثناء- كانوا يعرفون مسبقآ أهمية اعتقال الرؤوس الكبيرة في البلاد ضمانآ لنجاح حركتهم، وانهم عندما شاركوا في انقلاب ٣٠ يونيو لمسوا عن قرب وبالتجربة اهمية الاعتقالات...فكيف بالله نسيوها عند محاولة انقلابهم وتركوا عمر البشير وقادة "المجلس العسكري العالي لثورة الانقاذ" احرار بلا اعتقالات او حتي رقابة عسكرية?!!)... انتهي كلام الخبير. 

٤- ***- تمر غدآ ذكري المناسبة ولا شي جديد عندي اضيفه عن محاولة الانقلاب ، فكل شي حول هذه المحاولة الانقلابية غدا معروف عند الجميع ، ففي خلال ال٢٦ عامآ الماضية تم نشر الكثير عنها، ولكن هناك لغز خفي مبهم لم يتم بعد فك طلاسمه رغم مرور ستة وعشرين عامآ عليه.

٥- من هو الجندي (رقيب) الذي افشل 
محاولة انقلاب ٢٣ ابريل ١٩٩٠؟!!
************************
(أ)- في الساعة التاسعة من مساء يوم 23 أبريل وصل رقيب من سلاح المظلات إلى منزل الرائد عادل عبد الحميد وهو ضابط استخبارات بقيادة السلاح وذلك في ضاحية الحاج يوسف. ابلغ الرقيب بان لديه معلومات خطيرة عن انقلاب سيتم في تلك الليلة ورفض الادلاء بأي معلومات اضافية الا بحضور العميد كمال على مختار نائب مدير الاستخبارات العسكرية . عند الساعة الحادية عشرة استجوب العميد كمال علي مختار الرقيب المذكور وذلك بمقر الاستخبارات بالقيادة العامة وقد كانت خلاصة افادته:
(سينفذ انقلاب عسكري في هذه الليلة وان معظم الوحدات ستشارك فيه ، وايضاً ستشارك وحدات من شرطة الاحتياطي المركزي..أن الواجب المحدد له ان يقابل المقدم الركن المتقاعد عبد المنعم كرار امام بوابة دخول معسكر القوات الخاصة " (وتقع في الجانب الشرقي للقيادة العامة في اتجاه بري" بعد منتصف الليل حيث سيؤمن هو ومعه ضباط صف آخرين دخوله وقيادته للقوات الخاصة علما بان وحدة المقدم كرار وكل ضباط الصف فيها موالين له. 
(ب)- ***- كانت تلك المعلومة هي التي أودت بحركة ابريل٩٠ ورغم المفاجاة وقصر فترة الانذار فقد بدأ العميد كمال على مختار اجراءات مضادة سريعة ، رغم الذعر والخوف والتخبط فقد ساهمت تلك الاجراءات المضادة في فشل المحاولة . 
(ج)- ***- استدعى العميد كمال علي مختار قبل منتصف الليل كلا من العقيد عبد الرحيم محمد حسين والعقيد بكري حسن صالح والرائد ابراهيم شمس الدين للتشاور حول كيفية انقاذ الموقف ، كذلك اتصل بالعميد عمر البشير رئيس مجلس الانقاذ والذي بادر فورا بمغادرة مقر سكن الدولة وتوجه إلى العيلفون حيث ظل مختبا هناك في منزل الطيب النص حتى صباح اليوم التالي كما فعل بقية اعضاء المجلس نفس الشئ. 
(د)- في الساعة الواحدة صباحا أخلى بقية أعضاء مجلس الإنقاذ منازلهم بدون اصطحاب عوائلهم وذهبوا إلى منازل أقربائهم ويلاحظ أن ايا منهم لم يرتد لباسه العسكري أويذهب إلى أي وحدة عسكرية . جمع العميد كمال علي مختار كل افراد الاستخبارات والامن في القيادة العامة وصرفت لهم ملابس عسكرية واسلحة وتم قفل كل بوابات القيادة العامة وقد صدرت أوامر بأعتقال أي ضابط يحاول الدخول . 
(هـ)- في الساعة الواحدة من صباح يوم ٢٤ أبريل استطاع العميد كمال علي مختار القاء القبض على المقدم الركن عبد المنعم كرار والمقدم محمد عبد العزيز أمام بوابة معسكر القوات الخاصة التي حددتها الخيانة. 
(و)- ***- تولى الرائد إبراهيم شمس الدين حراسة مداخل القيادة العامة بينما توجه العقيد بكري حسن صالح إلى قيادة سلاح المظلات حيث وجد أن الضابط العظيم "المناوب" هو العقيد عبد الله الخطيب الذي تعاون في قفل مدخل القيادة الجنوبي في اتجاه قاعدة الخرطوم الجوية ومطار الخرطوم وقد مكن ذلك من عزل المنطقة وتحديد الحركة إلى الداخل . أما العقيد عبد الرحيم محمد حسين فقد توجه عند منتصف الليل إلى قاعدة وادي سيدنا الجوية والتي كان الضباط المناوبون فيها من عناصر الجبهة حيث قام بعدها باجراءات مضادة سريعة وكانت كالتالي: 
"زيادة الحراسة وافراد الامن في البوابات الرئيسية وعند مدخل الكلية الحربية في وادي سيدنا ومدرسة المشاة في كرري ومعهد المدرعات في كرري"... تغيير كلمة المرور "سر الليل" لدى كل الحرسات في البوابات ... إصدار أوامر مشددة بمنع دخول أو مبارحة أي ضابط لمعسكرات منطقة وادي سيدنا... 
(ز)- ***- وفي الخرطوم وبناء على المعلومات عن إشتراك وحدات من الشرطة في المحاولة أصدر العميد فيصل أبو صالح وزير الداخية أوامره بأن تعود جميع عربات النجدة المجهزة بأجهزة اتصالات جيدة إلى وزارة الداخلية حيث احتجزت حتى اليوم التالي. 
(ح)- ***- عند الساعة الثالثة صباحا ألقى القبض على العقيد أ.ح. عصمت ميرغني طه رئيس عمليات وتدريب المظلات في البوابة الجنوبية الشرقية للقيادة العامة قرب معسكر القوات الخاصة والذي أفاد عند اعتقاله أنه حضر لتنفيذ عملية اسقاط مظلي تدريبية ستتم عند الفجر وهي مخطط لها مسبقاً وتم التصديق عليها من قبل القيادة العامة وجهزت الطائرات لذلك الاسقاط كان رد الفعل السريع لذلك هو تجريد السرية المظلية القائمة بتنفيذ الاسقاط من أسلحتها وحراستها بقوة من الجنود الموثوق بهم وقد تم ذلك في قاعدة الخرطوم الجوية قرب صالة كبار الزوار وأشرف على عملية تجريد السرية المظلية العقيد بكري حسن صالح والعقيد عبد الله الخطيب. 
(ط)- ***- بعد الثالثة صباحا بقليل ظهر العقيد طيار حسن عبد الله عطا قائد طائرات النقل "بفلو" في القاعدة الجوية وقد أفاد بعد إلقاء القبض عليه أنه مكلف من قبل عمليات القوات الجوية بتنفيذ مهمة اسقاط سرية مظلات عند الفجر في منطقة غرب أم درمان وذلك ضمن برنامج التدريب وأن طائرة النقل مجهزة من اليوم السابق. 
(ي)- في حوالي الثالثة والنصف صباحا دخلت مدرعة من اتجاه مطار الخرطوم مروراً بقاعدة الخرطوم الجوية وإلى داخل القيادة العامة وكان على متنها المقدم "متقاعد" بشير الطيب الذي يوضح تصرفه فيما بعد بأنه كان على يقين كامل بان منطقة القيادة العامة مؤمنة تماماً . عند وصول المقدم بشير الطيب بمدرعته إلى البوابة الرئيسية وجد الرائد ابراهيم شمس الدين يقف هناك . حسب افادة بعض الشهود ان المقدم بشير قد خاطب الرائد شمس الدين قائلاً "أنت يا كلب واقف هنا تعمل شنو؟!! أنت الجبخانة كتيرة عليك" . ثم قفز المقدم بشير على الرائد شمس الدين ليخنقه بيده المجردة وهنا أطلق عليه سائق إبراهيم شمس الدين النار ليصيبه في كتفه ويسقط بينما لم يكن هنالك أي رد فعل سلبا أو ايجاباً من كل جنود الحراسة وكأن الامر لا يعنيهم. 
(ك)- في الساعة الرابعة صباحا وفي المنطقة قرب جامع القوات المسلحة كانت تقف بعض السيارات المدنية وقد تجمع حولها وبقرب المكان حوالي ٢٠-٢٥ عنصرا مسلحا يرتدون ملابس مدنية ويبدو أن تلك القوة هي الوحيدة من ميليشيا الجبهة القومية الاسلامية التي أمكن استنفارها في تلك الليلة. رغم الاجراءات المضادة التي رصدناها فيما سبق يتضح بعد الدراسة أن حركة ابريل قد استطاعت السيطرة على معظم أهدافها الارضية عدا مبنى القيادة العامة. 

٦- ***-جاءت نهاية محاولة الانقلاب ماساوية للغاية في يوم ٢٣ ابريل ١٩٩٠ الساعة التاسعة بعد ان وشي "رقيب" في القوات المسلحة بزملاءه الضباط الانقلابيين، وما وقع بعدها من احداث في يوم ٢٤ ابريل عجلت تمامآ بنهاية الانقلاب والضباط.

٧- يبقي اللغز قائمآ:
---------------
***- من هو هذا الرقيب الذي غير عجلة التاريخ السوداني؟!!
***- لماذا خلال ال٢٦ عام الماضية ماسمعنا عنه شي؟!!
***- ولا هو من يكون؟!!
***- هل صحيح - وماقيل وقتها - انه كان من ضمن الذين اعدموا في منطقة "جبل المرخيات" مع الضباط الانقلابيين؟!!

٨- ***- الشكر وكل الشكر لبعض المواقع السودانية التي استعنت بها في هذا المقال.

بكري الصائغ
bakrielsaiegh@yahoo.de

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق