الصفحات

الاثنين، 11 أبريل 2016

كمال كرار : الجميلة ومستحيلة

من كل 10 جنيهات تحصل عليها الحكومة من الضرائب والرسوم ونهب الناس،وقلع أموالهم دون وجه حق،تنفق 7 جنيهات على الأمن والدفاع وما حولهم من المليشيات والجنجويد.
وتنفق 2 جنيه (وتمانين)قرش علي الطاقم السيادي والدستوري في المركز والولايات،ويتبقي 20 قرشاً هي للصحة والتعليم والزراعة والصناعة والتنمية وخلافهم .
الأرقام أعلاه توضح بجلاء طبيعة هذا النظام الفاسد،الذي يرهق كاهل الناس بالجبايات،من أجل تدعيم آلته الأمنية والعسكرية والحفاظ على امتيازات منسوبيه.
هذا على صعيد تقسيم الموازنة التي تسمي عامة،ولكنها خاصة بالحزب الحاكم،طالما كانت بعيدة عن هموم الناس وتطلعاتهم.
ولما وصلت الضرائب سقفها الأعلى وبات من المستحيل جمع أموال إضافية لزوم منصرفات الأمن،علا صوت السدنة عن دعم السلع ومعناه زيادة الأسعار،وشهدنا ما شهدنا من زيادات في المحروقات البترولية والقمح والسكر،والمياه .
ومن دون إعلان تزداد ضريبة الدخل على العمال والموظفين لتصل إلي 17%،ليس على المرتب الأساسي فقط،وإنما علي البدلات والحوافز أيضاً.
والغرامات تنهال على سائقي المركبات العامة،فلم تعد هنالك تعريفة رسمية للمواصلات،وكل زول يفرض السعر اللي عاوزه،والعاجبو عاجبو والماعاجبو يمشي(كداري).
وتزداد تذاكر النقل بين الأقاليم،لأن تكاليف التشغيل عالية،والضرائب باهظة.
وفي غمرة البحث عن الأموال تباع الخطوط البحرية،وفي خطة الخصخصة تصفية مشروع الجزيرة،وبيع أراضيه بالطبع.
وصودرت أراضي الشمالية جميعها بقرار جمهوري في سنوات ماضية،ومن بقي على النيل من الأهالي لا بد أن يرحل أو يغرق بواسطة السدود،من أجل أن تسلم الأراضي للمستثمرين خالية من الموانع.
ولأن الأرض في الخرطوم باتت من مصادر تراكم الثروات،فإن الرأسمالية الطفيلية تضعها في اولويات الأجندة،وعليه ترحل جامعة الخرطوم لسوبا لأن متر الأرض في نواحي شارع الجامعة أغلى من المتر في لندن.
وحينما تطرد جامعة الخرطوم لسوبا،فإن النظام في مأمن من مظاهرات الطلاب كما يعتقد،فالسكة بعيدة والأمن سيغلق الطرقات في مايو والأزهري،وحلم الوصول للقصر سيكون بعيد المنال.
هذا ما تفكر فيه الأجهزة الأمنية،وبالتالي يصبح مسح جامعة الخرطوم من الوجود أحد مطلوبات المشروع الحضاري.
والعداء مع جامعة الخرطوم(الجميلة ومستحيلة) كما تسمي،له تاريخ بعيد،حيث قاوم طلابها مخططات هيمنة الصندوق على الداخليات،ببسالة،وكان أساتذتها أول من رفضوا نقابة المنشأة وكونوا نقابتهم المهنية،واستطاع طلاب الجامعة تحدي كل قرارات السلطة بمنع النشاط السياسي،وانتزعوا في أوقات سابقة إتحادهم من سيطرة طلاب الوطني.
وفي كل حين يدرك طلاب الجامعة أن نشاطهم وحركتهم الطلابية جزء لا يتجزأ من حركة الشعب لتغيير النظام.
وبالطبع،فالطلاب الشرفاء في كل موقع هم رصيد الثورة السودانية القادمة.
ما هو جدير بالقول أن حقد(الكيزان)على جامعة الخرطوم ينبع من ان غالبية من دخلوها،كانوا ضعيفي المستوي،والمحظوظ فيهم تخرج بدرجة(ترس)بفتح التاء والراء،وجاء تخريجهم بعد سنوات طوال من الملاحق والإعادة،ولكنهم الآن وزراء ومستشارين،في دولة الفساد والتمكين،تلك هي الحكاية يا (عبد المعين).
الميدان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق