الصفحات

الثلاثاء، 10 مايو 2016

الأعتداء علي الصحفيين….عندما تكون الكلمة مبرر لتصفية الحسابات

مهنتا الصحافة والمحاماة لا تختلفان عن بعضهما البعض من حيث القهر والسهر ووجع الضهر الذي يلاقي من يمتهنهن،فالمهنة الاولي المراد منها كشف الحقائق وتمليك المعلومات والثانية القصد منها الدفاع عمن يصرح أو يكشف هذه المعلومات ليصبح الشاهد هو نفسه الضحية في ظل عدم توافق الاسلحة ،فقد كثرت في الاونة الاخيرة حواداث الاعتداء علي الصحفيين داخل دورهم ومن ذلك الاعتداء الذي حصل لصحفي صحيفة الجريدة وقبلها صحيفة المشاهد الرياضية والوفاق ،كلها حوادث تشير الي أن العمل الصحفي في البلاد أصبح مهدداً من كل النواحي المادية والجسدية
تاريخ أسود:

لم تكن حادثة الاعتداء الغاشم علي المدير العام لصحيفة المستقلة على حمدان في العام السابق هي الحادثة الأولى من نوعها في تاريخ العنف تجاه الصحفيين ، فمنذ الاعتداء علي الصحفي محمد طه محمد أحمد الناشر ورئيس تحرير صحيفة الوفاق وخطفه ثم اغتياله في سبتمبر 2006 م ، توالت بعد ذلك ظاهرة الاعتداءات على الأقلام الصحافية منها ما وصل إلى باب المحاكم ومنها ما أنتهي بالجودية والصلح ، فكانت حادثه الاعتداء على الصحفي عثمان شبونة أبان عمله بصحيفة الأهرام اليوم وكان الاعتداء عليه داخل منزله عندما اخترقت أحدي الرصاصات جدار المنزل وتم فتح بلاغ وقيدت ضد مجهول، أيضا رئيس صحيفة التيار عثمان ميرغني فى عام 2014م وغيرها كثر، الأمر الذي قاد العديد من الأقلام إلى مخاشنات واعتداءات من قبل جهات عديدة، وبسبب سهام الانتقاد التي يوجهها الصحفيون نحو الواقع أو أشخاص بعينهم تكون ردة الفعل عنيفة من الطرف الآخر وتصل إلى درجة (الدم والقتل) كون المعادلة في حد ذاتها غير متوازنة أو مختلة حيث تتم تصفية الحسابات أو الرد على ما نشر بوسيلة أخرى غير القلم، فيكون الضرب والاعتداء الجسدي مصير كل صاحب قلم، دون مراعاة (الحوار بالقلم) واختلاف الآراء لا يفسد للود قضية، فأصبح الرأي المضاد بفسد للود قضايا، واللافت للانتباه أن كل هذه الاعتداءات قد تم تسجيلها ضد مجهول عدا قضية محمد طه محمد أحمد ، وقد طرحت حادثة الاعتداء علي عثمان ميرغنى عدد من التساؤلات عن حماية الصحفيين ومقارهم ، فكان الرد من قبل الشرطة حينها بوضع عربية من أفراد الشرطة قرب مدخل كل صحيفة ، ولكن يبدوا أن الجناة قد فطنوا لهذه النقطة عندما اعتدوا علي المدير العام للمستقلة قرب منزله .

الاعتداء علي التيار:

قبيل إفطار الـ(21) من رمضان للعام 2014م عاشت الخرطوم تفاصيل حادثة اعتداء لم تألفها من قبل حينما أعتدت مجموعه من الملثمين علي صحفي جريدة التيار مما أسفر عن إصابة عدد منهم بإصابات بالغه كانت أخطرها إصابة رئيس التحرير عثمان ميرغني ، حيث اقتحمت قوة مسلحه حوالي الساعة السادسة مساء السبت 19 يوليو 2014 م مقر صحيفة التيار واعتدت بالضرب علي العاملين بها ، كما نهبت القوة المسلحة أجهزة كومبيوتر وهواتف محمولة ، وكانت عدد من التقارير قد تحدثت عن أن هناك قوة استغلت عربتين لاند كروزر وكان أحد أفرادها يتحدث عن الجهاد في فلسطين والمخذلين عن الجهاد.

محاسبة المعتدين:

وفي حديث سابق أعتبر وزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين الاعتداء علي الصحفيين عمل غير أخلاقي، مشيرا إلى أنه لا يشبه الشعب السوداني ولا طبيعته ، مضيفا أن الاعتداء على رموز الفكر والعلم اعتداء على الجميع واعدا بمحاسبة المعتدين وتقديمهم للعدالة.

نحن ضد:

وقد تصدت عدد من الجهات منظمات مجتمع مدني وأحزاب سياسيه لهذه الظاهرة ونددت بها واستنكرت إرهاب الصحافة والصحفيين بأى شكل بما في ذلك الاعتداء علي مقار الصحف أثناء قيام الصحفيين والعاملين بها بواجباتهم المهنية وخلال أوقات العمل وتعتبر مرور هذا الحدث دون اتخاذ موقف مستحق من شأنه فتح الباب وجعله مواربا أمام تكرر ظاهرة الاعتداء علي بقية الصحف والصحفيين ودعت لفتح تحقيق مستقل وشفاف يكشف عن الجناة ومن خلفهم وتقديمهم للعدالة واتخاذ موقف قوي مبني على رفض التعبير عن الرأي بالطرق المسلحة والعنيفة .

اعتداء مماثل:

بعد أقل من عام علي حادثة الاعتداء على عثمان ميرغني فوجئ الوسط الصحفي بحادثه شبيه بحادثة التيار وهي حادثة الاعتداء لمدير عام المستقلة علي حمدان ، وقد تشابه الاعتداء من حيث أن القاسم المشترك في الحادثين هو التعبير بالكلمة ، فكان الرد بالضرب علي الرأس وهو نفس المكان الذي ضرب عليه عثمان ميرغني ، أحاديث كثيرة تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي عن سبب الاعتداء على صاحب المستقلة فمنهم من أرجعها إلي سلسلة ما كان يكتبه عن ولاية النيل الأبيض وقصة الأربعين بلاغ المفتوحة ضده وتقول بعض الأحاديث أن علي حمدان قد ظل مراقبا قبل أربعه أيام من الاعتداء عليه الذي تم بالقرب من منزله بالمنشية ، حيث أنهال عليه أربعه أشخاص ملثمين ضربا حتى أغمي عليه ونقل بعدها للمستشفى.

من المسئول:

وفي ذات المنحى أوضح الصحفي خالد سعد في حديثه لـ(ألوان) أن عدم احترام أجهزة الدولة للصحفيين عبر الاستدعاء والمصادرة قد أعطي فرصه أو مساحه لكي يتعرض الصحفي للخطر ، مضيفا أن كل حوادث الاعتداء غالبا ما يتم تسجيلها ضد مجهول ، لذلك أحمل السلطات الأمنية في البلد مسؤولية الاعتداء على اى صحفي ، مشيرا إلى أن المناخ السياسي غير مهيأ ووارد أن تحصل اعتداءات أخري ، كما أن التضييق على حرية التعبير جعلت هناك أمكانية لتصفية الحسابات عبر هذه الاعتداءات التي تتم ، قائلا : هذا الاعتداء القصد منه إرسال رسالة للصحفي بعدم قول الحقيقة ولكننا لن نخضع لهذا الابتزاز والتهديد الذي هو أسلوب العاجزين والساقطين أخلاقيا ، منددا باستخدام العنف في التعبير عن الرأي ، طارحا سؤال هل نحمل سلاح بندقية بدل سلاح القلم .

اعملوا حسابكم:

من جانبه أوضح عضو شبكة الصحفيين حسن فاروق في حديثه لـ(ألوان) أن هذه الاعتداءات القصد منها إرسال رسالة بعدم التحدث فيما يعتبرونه خط أحمر اى أعملوا حسابكم من الخوض في هذه القضايا، مضيفا أن الخطورة ليست في الاعتداء ولكن فيما يتم من تحقيقات التي دائما تموت بتسجيلها ضد مجهول ، مشيرا إلى أنها محاوله لتكسير الأقلام عن قول الحقيقة ولكنها لن تعطل مسيرة الصحافة ، قائلا: من له مظلمة فليأخذها بالقضاء وذلك لأن مثل هذه الاعتداءات تدل على أن ما كتب كان حقا ، مطالبا اتحاد الصحفيين بالدفاع عن رعاياه وقال دوره غائب .

عايدة سعد
صحيفة ألوان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق