الصفحات

السبت، 17 سبتمبر 2016

الخرطوم.. أزمة نقل مزمنة.. مفسدة العيد


الخرطوم – زهرة عكاشة
يعيش سكان ولاية الخرطوم ضغطا سكانيا رهيبا طيلة أيام السنة، وفي الأعياد تخلو الخرطوم من الضغط البشري الوافد من الولايات المختلفة بحثاً عن الرزق، ويتوقع سكان الولاية إثر ذلك ارتفاع نسبة الخدمات، "كهرباء، مياه ومواصلات عامة" وكحد أدنى انسيابها بسلاسة دون معاناة، لكن ما حدث أحبط كل التوقعات والتأملات الممكنة والمستحيلة، لاسيما عيد أضحى هذا العام الذي امتدت عطلته أكثر من أسبوع في القطاع الحكومي وبعض من الخاص. من الطبيعي خلو العاصمة الخرطوم من السكان خلال عطلة العيد، وما ليس طبيعيا حقاً خلو شوارع الخرطوم وطرقاتها من المواصلات العامة تماماً، وهذا يلفت النظر إلى أن حكومة الولاية لا تمتلك أي مركبات عامة لبرمجتها خلال عطلة العيد، وكل ما يحدث من هرج ومرج في المخالفات والخروقات يرجع لكونه قطاعا خاصا أي "مركبات يمتلكها أفراد" وهم أحرار يزيدون سعر التعرفة بسرقة الخطوط وتقسيمها أو إنشاء خطوط جديدة كما يحلو لهم، أهم ما يشغل بالهم ويسلب فكرهم كيف يملأون جيوبهم الفارغة ونفوسهم المتعطشة للمال، يخلقون أزمة وقتما شاءوا وكيفما أرادوا، كل ذلك والدولة تقف بعيداً وتتفرج على تلك الدراما ليس لديها دخل في ذلك سوى تنظيمهم وتغريمهم على المخالفات المرورية، وبروبقندا بصات الوالي لم تكن سوى سياسة تمليك أفراد وضعت لها خطة محكمة نفذت بدقة ونجحت في نهاية الأمر، هذا هو التبرير الوحيد لغياب المركبات العامة التابعة للدولة خلال عطلة العيد.
مجنون أو مجبور
عانى المواطنون من انعدام المواصلات العامة خلال عطلة العيد أيما معناة، حتى إن الكثيرين اختاروا الاعتكاف في منازلهم رحمة بأنفسهم من الوقوف مسافات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة نهاراً، وفي صينية كوبر وقف رجل برفقة بناته الثلاث اللاتي تتراوح أعمارهنّ بين "5 – 13" سنة ثالث أيام العيد، ولما طال وقوفهم انتظاراً للمواصلات قال لهنّ بصوت مسموع وعلامات الضيق بادية على ملامحه إن لم تأت مركبة خلال "5" دقائق سنعود إلى المنزل، قال محمد عثمان الذي كان يقف على مقربة منهم: "حقيقة، الأمر غاية في السوء ولم نكن نتوقع انعدام المواصلات في مثل هذه الأيام، وكادت تكون الخرطوم خالية تماماً منها، وأظن كل من فكر في الخروج من منزله إما مجنون أو مجبور على ذلك مثلي. 
ضمير معدوم
لم تنته المعاناة عند انعدام المواصلات بل زادت عند استغلال سائقي الهايسات والركشات للموقف، في ذلك يقول أيمن عبدالعزيز: "اضطرتني ظروف عملي للخروج ليلاً وعندما لم أجد مواصلات وسط الخرطوم قررت المشي راجلاً إلى حين مرور مركبة"، وأضاف: الهايس التي تمر بشارع الجمهورية متجهة إلى شرق النيل لا تقل أي شخص بأقل من "5" جنيهات وإن كان واصلا الكبري فقط سعر التذكرة واحد، لا يتنازل السائق عن فلس، ويقولون بالفم المليان إما الدفع أو عدم الركوب، وتابع: الجشع طال كل شيء ولم يعد هناك ضمير أو أخلاق تردع، يتصرف الناس وكأنهم وحوش مفترسة، انعدمت الرحمة من القلوب وحل محلها الطمع، أكد ذلك عمر الأمين وأضاف: ركبت مع سائق هايس وقف ليشحن مركبته متجهاً للسوق العربي وبعد مرور عشر دقائق تزمر وقال بضيق "يشتكي الناس من عدم المواصلات ها هي المواصلات، أين هم أولئك الركاب" قلت له: "يئسوا من خيراً فيكم وقرروا البقاء في منازلهم ولم نخرج إلا لظرف طارئ"، وتابع أيمن: لم يتحمل ذلك السائق الوقوف أكثر من عشر دقائق في الوقت الذي يقف فيه الناس أكثر من ساعة على مدى ثلاثة أو أربعة أيام آملين في مركبة واحدة توصلهم إلى منازلهم بسلام.
ركشة وراقش
وفي السياق تقول صفية عوض الله: خرجت أمس مساء لحضور عقد قران و لا يبتعد منزل المناسبة عنا كثيراً، لكن مع الزيادات التي تحط على رؤوسنا يوماً تلو الآخر بات الأمر فظيعاً وغير محتمل، وتابعت: توصلنا "الركشة" في الأيام العادية بـ"15" جنيهاً، وعشان الدنيا عيد وكل سنة وأنتو طيبين لم يرض "الرقاشون" توصيلنا بأقل من "20" جنيهاً، ولأنني أريد الوصول قبل مواعيد العقد، وافقت. ومن جهتها استنكرت رقية الصافي طمع سائقي الركشات وجشعهم حينما قالت: "استغل سائقو "الركشات" الناس بدعوى أن الدنيا عيد، ومشوار الـ"5" جنيهات أصبح بقدرة قادر بـ"10" جنيهات زادوا الضعف على كل مشوار"، ومضت في حديثها: ما يحدث ليس سوى هلع وطمع أعمى القلوب والأبصار، وأن ما يحدث ابتلاء من الله وامتحان لن يجتازه إلا من وقر قلبه بالإيمان وقنع بما آتاه الله وشكره وحمده

اليوم التالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق