ليس هو الخنوع أو الخوف أو بسبب ضعف (الحس) الوطني كما يدعى البعض، فوقفة الشعب السودانى العظيم بكلياته بعد إستشهاد إبن السودان البار (محمد الصادق) أكد ما هو عكس ذلك تماما.
وليس هى غفلة "مركز" كما يدعى بعض (الجهويين) فى الهامش، وأنهم لا ينتفضون لأنهم لم يمسوا بسوء والنظام لم يترك سودانى فى اى مكان حتى خارج الوطن بدون مس أو ضرر .
للأسف من يردوون مثل ذلك الكلام (المؤلم) قاصدين أهدافا معينة وتجدهم فى غالبهم اول من يقع فى احضان (النظام) الذى يمثل المركز الحقيقى والعنصرية البغيضة والطائفية المنتنة.
ما يجهله الكثيرون عن السودان بسبب الضعف (الإعلامى) حتى من هم فى جوارنا، أنها ثقافة شعب عظيم صبور وعملاق مهما قيل عن أنه كان متفرقا وكان السودان مجرد دويلات ومهما زيف التاريخ كثير من الجهلاء وتنكروا لوطنهم وشعبهم الذى له إسهامات عظيمه فى الحضارة الأنسانية، يبقى أنه شعب لم يأت عبثا متنوعا بهذه الطريقة المدهشة فى سحناته والوانه وثقافاته ودياناته وأن يعيش رغم كل ذلك فى تسامح وتوافق مع بعضه البعض رغم تلك الإختلافات الظاهريه ولم تظهر بوادر الأنقسام والتشرزم الا مع هذه الطغمة الفاسدة التى تتاجر بالدين وتتسربله وكثيرون منهم لا يصلون ولا يصومون .. لكنهم يعرفون جيدا كيف يرددون بصوت جهور (هى لله .. هى لله) .. وفى حقيقة الأمر هى من أجل (جيوبهم).
فى العادة أن (الإنظمه) هى التى تصبر على تفلتات الشعوب وتجاوزاتها وغضبتها ومظاهراتها حتى لو لم تكن سلمية، لكن الذى يلاحظ فى السودان أن الشعب هو الذى يصبر على (النظام) بل تعدى حدود الصبر، وذلك مرده على الأقل فى أن يبقى وطنه سالما فى أدنى درجة ممكنة وأن يجد من يصل للسطة بعد هذا النظام بقايا وطن أو بقايا دولة ومنشاءات .. وكأن الشعب السودانى يقول فى نفسه (ضل وطن ولا حال سوريا والعراق واليمن وليبيا).
سوريا على سبيل المثال .. وبعيدا عن خداع (الإسلاميين) بقيادة (الأخوان المسلمين) حلفاء (الدواعش) الذين جعلوا قضيتها ترتبط بصراع سنى / شيعى (مختلق) وكأن (الشيعة) لم يكونوا موجودين منذ عصر معاويه وإبنه يزيد إنتهاء بعصر حافظ الأسد وإبنه (بشار) .. من له عقل يفكر به ولا يسائر (الموجة) يدرك منذ الوهلة الأولى بأنه كان لابد من أن إختلاق خلاف بين الشيعة والسنة وترديد أخطاء بعض الشيعه وكأنه لم توجد أخطاء عند كثير من السنة وكأن المذهب الأثنى عشرى لم يكن معترف به منذ زمن بعيد فى الأزهر المؤسسة المقدرةعن كثير من المسلمين التقليديين، بل كأن الأزهر نفسه لم يشيده (الفاطميون) وهم شيعة فى الآخر.
الذى أود أن اقوله أن (سوريا) كانت دوله قوية وراسخة ولها جيش قوى وإقتصاد قوى ولا يمكن أن تقارن بحالنا فى اى مجال خاصة بعد وصول عصابة الإنقاذ للسلطة فى يونيو 1989.
صحيح فيها نظام ديكتاتورى (عقائدى) باطش وقامع، لكنه لم يصل قبل الثورة الى مستوى بطش نظام (الأخوان) المسلمين فى السودان وقمعه وسفكه للدماء وإبادته لأكثر من 2 مليون سودانى فى مختلف جهات السودان ولم يصل فساده الى درجة فساد (البشير) وزمرته وإهداره للمال العام والصرف من خزينة الدولة دون رقيب أو حسيب خاصة فى فترة (التمكين) التى شرعن لها ذلك العمل الشيخ (الترابى) رحمه الله.
والنظام السورى، إذا كان له رجال أمن مثلما كان (للنميرى) يطلق عليهم (الشبيحة)، لكنه لم يتبن كتائب ومرتزقة ومن يتحدث عن (حسن نصر الله) لا دفاعا عنه، لكن كأن عند السنة قبل الشيعة بطلا واسدا وكان محل إشادة الإخوانى الكبير (القرضاوى).
والحقيقة التى لابد من الأعتراف بها أن حسن نصر الله لم يتدخل بصورة مباشرة فى سوريا الا بعد أن فتحت (تركيا) حدودها على مصراعيها لكل إرهابى قادم من أى جهة فى العالم، بل حتى من بلدنا العزيز الذى ما كان يعرف الإرهاب والإرهابيين.
دعك من حسن نصر الله، الم يكن نظام (الاسد) وهو (شيعى) أو (علوى) كما يقول داعما لنظام (الإنقاذ) وكانت طائراتهم تقتل شعب السودان البرئ فى الجنوب قبل الإنفصال وفى دارفور بعد ذلك؟
فهل ظهر (تشيع) ذلك النظام الآن فقط؟
الشاهد فى ألأمر رغم ذلك النعيم والبحبوبة التى كان يعيش فيها المواطن السورى مقارنة بحال الشعب السودانى منذ يونيو 1989، لكن الشعب السورى لم يصبر على نظامه، بل بدأ بالتفجير فى كل مكان واصبح بشار الاسد أو اى وزير فى نظامه لا يستطيع التجول لوحده بحرية كاملة حتى لو كان محروسا لأنه لن يعود سالما وسوف يقتل بأى سلاح يمكن أن يتخيله الإنسان أولا يتخيله حتى لو وصل درجة مدفع موجه للدبابات أو للطائرات بل حتى لو وصل درجة السلاح الكيماوى الذى ثبت أن (الإرهابيين) فى سوريا إستخدموه أكثر من (النظام)، إن كان (النظام) قد استخدمه ولم يكن ذلك الإدعاء كالأكذوبه التى أطاحت بنظام (صدام) وتسببت فى إعدامه.
ولو كان (عمر البشير) فى سوريا لتم تفجيره أكثر من 100 مرة.
لكن الحال فى السودان لا زال مختلفا ولا زال الشعب صابر على النظام وقادته يقتلون ويسفكون الدماء وينهبون الخيرات ثم يذهبون ويجاملون فى الأفراح وفى الأتراح ويرقصون ويعودون سالمين لاحبا فيهم لا والله .. وقد اصبح أقرب أنصار النظام ومؤيديه ينتقدونه نهارا جهارا ومن يستحى منهم ينفى أى علاقة به حتى لو كذبه الواقع.
الشعب السودانى (صابر) .. والمقاومة الباسلة بالسلاح تتم علنية فى دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق
بل تجلى عظمة هذا الشعب فى أن المقاومة، تعامل اسرى النظام وتهتم بهم أكثر من إهتمام (النظام) بمواطنيه دعك من الذين يأسرهم ويرهبهم بالإعدام وتخرج نساء النظام تردد (قش أكسح أمسح ما تجيبوا حى)!
الشعب صابر .. بل أن بعض أخوان الشهداء كذلك صابرين على النظام، لكن النظام لأنه لا يشبه هذا الشعب العظيم الأبى، لا زال يواصل غروره وإستفزازه وتحديه وتتحدث رموزه من جميع جهات وقبائل السودان بلسان (زفر) ونتن، فتلك القاضية (عفاف) تتمنى أن تتاح لها فرصة تفجر فيها مالك عقار وعرمان والحلو، لا من يقتلون نساء وأطفال جبال النوبة ويبيدونهم وآخرهم الشهيد (محمد الصادق) الذى قتل فى الخرطوم وداخل الجامعة الأهليه لا فى (كاودا) وهب أن الشهيد محمد كان مدججا بالسلاح والمتفجرات لا (بالكلمات) فهل هو، قادر على قلب نظام (الخرطوم) وإقتلاعه من داخل الجامعة الأهليه بأم درمان؟
وهاهى (مشاعر الدولب) .. تخيل (مشاعر) التى تعنى (أحاسيس) تكرر وتردد كلمات عبد الرحيم حسين وأحمد هارون (قش أكسح أمسح .. ما تجيبو حى) التى جعلتهما مطلوبين للمحكمة الجنائيه الدوليه، ثم بعد ذلك تتاسف عن سوء معاملة السيد الأمريكى للنظام ورفضه منح (الإرهابيين) تاشيرات دخول لأمريكا، وتلك وصمة (عار) تبين أن النظام يضم (زمرة) من الإرهابيين حتى لو كانوا وزراء تربية وداخلية.
لقد تعمدت البداية بنموذج من (النساء) فما بلكم بالرجال الذين فى حقيقتهم اشباه رجال؟
اسمع (حسبو) ماذا يقول .. فى جهالة وغباء يتحدث عن معارضة (الفنادق) وعن (باريس) وأن من يريد المعارضة أن يعارض دوغرى .. هل هذا نظام وهل يوجد مسئول فى جمهوريات الموز يمكن أن يتحدى شعبه على تلك الطريقة؟
حسبو (مساعد رئيس) كان (مقرش) لا زال يتحدث عن معارضة (الفنادق)!
وما هو معلوم بداهة أن (النظام) فى اى مكان فى العالم هو الذى بيده السلطة والجيش والشرطة وهو المخول له (قانونا) بضبط الأمن وإستخدام السلاح بحسب ما يحدده الدستور و(القانون) الدولى.
ويفترض لو كان نظاما (محترما) ومؤيدا من الشعب أن يمنع اى جهة أخرى من حمل السلاح.
الذى يحدث على العكس من ذلك تماما، فالنظام يتبنى على الأرض خمس مليشيات، ويدعمها بالمال والسلاح، بل يغض الطرف كثيرا من إستغلالها لموارد البلاد مثل (الذهب) .. والمهم عند حسبو ورفاقه أن تقتل تلك المليشيات الشعب السودانى قدر إستطاعتها.
مع العلم بأن من هو مثل (حسبو) لو واجه اى مناضل سودانى رجل لرجل (لرقصه) الأخير (اللولية) رغم ضخامة (جثته)، إضافة الى ذلك، فالسؤال الذى يطرح نفسه، هل حدث أن تحدى (حسبو) خريج جامعة عين شمس، فى يوم من الايام من يحتلون (حلائب) رجاله وحمرة عين بدون منطق أو حق أو مستندات؟
أم ان (حلائب) ليست ارض سودانية و(حسبو) لأنه درفورى مكلف بإبادة أهل دارفور؟
ثم ختم (فسو) الحديث سيادة (الرئيس)، كعادته، مرددا فى غباء وجهالة "لا زيادة غاز بتشيلنا ولا زيادة بنزين بتشيلنا وما بنخاف الا من الله" .. مثل هذا كلام يردده كثير من الطغاة واشباه الرجال والراجفين، وعندما يقعوا فى ايدى (الثوار) تجدهم اضف من (نملة) والدليل على ذلك ما حدث (للقذافى) رحمه الله!
أخلص اخيرا الى أن الشعب السودانى صبر على النظام ومد حبال الصبر الى ابعد مسافة ممكنة والنظام سادر كل يوم فى طغيانه وإستفزازه وسوء أدبه، تشعر أحيانا وكأنه (يحرض) الشعب للجوء للأغتيالات الشخصية وللتفجير وللنموذج الليبى والعراقى واليمنى والسورى.
وإذا حدث ذلك - لا سمح - فسوف يتبرأون عن المسئوليه مثلما تبرأوا من فصل الجنوب ومثلما تبرأوا من دم الشهيد (محمد) الذى قتلوه وهم يدعون بلسان كذب أنهم يحبون (محمد).
تاج السر حسين – royalprince33@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق