الخميس، 13 أغسطس 2015

كي لا يتم تضليلنا




هشام عوض عبد المجيد

لم ألتفت كثيرا للغط الذي دار بين وزارة المعادن و مستشارها المستقيل محمد أحمد صابون، لأنه صراع داخلي لايعنينا كثيرا كمواطنين سودانيين. فهو صرف لأنظارنا – ربما كان مقصودا – عن التركيز في لب الموضوع و هو طبيعة الشركة الروسية التي وقعت عقدا لإنتاج ذهب قدرت قيمته بمليارات الدولارات. أقول ربما كان مقصودا صرف الأنظار لأن الوزارة مارست تعتيما مريبا على المعلومات. و لك أن تتساءل عن مغزى توقيع عقد ملياري مع شركة أجنبية و كتمان اسمها عن أهل البلد أصحاب الذهب، الذين من أبسط حقوقهم معرفة من يقوم باستغلال ثرواتهم. على كل حال، بعد لأي سربت مصادر مأذونة داخل وزارة المعادن لصحف مقربة منها اسم الشركة الروسية الأم. الاسم هو Vasilievsky Rudnik Gold، دعنا نسمها اختصارا ب VRG. تلت ذلك تصريحات و مقابلة صحفية للشخص، Vladimir Zhukov، الذي وقع العقد مع الوزير بصفته مالكا أو مديرا للشركة الأم في روسيا بالإضافة لكونه (كما قرأنا في الصحف) مالكا و مديرا للفرع السوداني و هو شركة سيبرين للتعدين.

اسم الشركة الروسية الأم (VRG) و تصريحات مستر Zhukov كانا نقطة الانطلاق و طرف الخيط للبحث عن طبيعة و تاريخ الشركة. المعلومات أدناه التي حصلت عليها وجدتها لا تتفق البتة مع الرواية الرسمية من مصادر وزارة المعادن التي تم تسريبها لبعض الصحف، و هي أيضا تنافي وتدحض أقوال مستر جوكوف. رأيت أن أعرض هذه المعلومات بغرض التنوير و المصلحة العامة التي تقتضي معرفة العباد كيف تدار أمور البلاد. هذه المعلومات وجدتها في وثائق تسجيل الشركة الروسية و شركات أوروبية قابضة لها عبر تاريخها في بورصات أوربية. تسجيل أي شركة في البورصات الأوربية مثل بورصة لندن يلزم الشركة قانونيا بالشفافية التامة بتقديم معلومات مفصلة عن الشركة و إدارتها و حملة أسهمها كما يلزمها بتقديم تقارير مالية موثقة، و كل ذلك يكون متاحا في النطاق العام لمن شاء الاطلاع. و وفقني الله إلى معرفة موقع الشركة الروسية على شبكة الإنترنت. المعلومات في موقع الشركة باللغة الروسية، لكن استعنت بالعبد الصالح قوقل في الترجمة الفورية إلى اللغة الإنجليزية. فلندلف إلى المعلومات:

1.على عكس ما أشيع عنها في الإعلام السوداني بأنها من كبرى الشركات الروسية و العالمية، فشركة VRG هي شركة روسية محلية صغيرة متواضعة الإمكانيات و ليست لها أي خبرة أو تجربة عالمية (لكن يفترض أن تتعلم الحلاقة على رؤوس يتامى السودان). و لنضع قولنا هذا في قالب الأرقام فأكبر شركة روسية عالمية تعمل في مجال التعدين عن الذهب هي بولياس قولد إنترناشونال Polyus Gold International و كان إنتاجها من الذهب في العام الماضي هو 47.7 طنا. بالمقابل كان إنتاج VRG هو 1.4 طنا فقط.

2.شركة VRG تعثرت أكثر من مرة خلال تاريخها. تأسست عام 1992 ثم تعثرت ماليا و توقفت عن العمل بعد 6 أعوام فقط. و في عام 2005 قررت مجموعة من المستثمرين شراء أصول VRG و بعث الروح فيها بتعيين إدارة جديدة. قام هؤلاء بتسجيل شركة قابضة في بريطانيا اسمها أنقارا ماينينغ Angara Mining Plc في عام 2005 و التسجيل في هامش بورصة لندن للشركات صغيرة الحجم للحصول على تمويل لشركة VRG. و فعلا عادت VRG للحياة في ذلك العام، و لكن سرعان ما تعثرت مرة أخرى إبان الأزمة المالية العالمية في عام 2008. ثم في عام 2009 تم بيع أسهم VRG إلى المؤسسة المالية الروسية غازبروم-بانك Gazprombank. هذه الأخيرة أوشكت على الانهيار في عام 2014 عندما تم اختيارها بالاسم ضمن مؤسسات مالية روسية و فرضت عليها مقاطعة و عقوبات الاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة الأمريكية بسبب التدخل الروسي في جمهورية أوكرانيا. تدخلت الحكومة الروسية لإسعاف ما يمكن إسعافه من مؤسسات الدولة لكن الروبل الروسي انهار بما يقارب 41% آنذاك، و لا يزال اقتصاد روسيا في حالة ركود و انكماش يتوقع الاقتصاديون أن يستمر حينا من الدهر. لست أدري كيف سيتم الاستثمار في السودان بواسطة شركة عديمة الخبرة لها تاريخ من العثرات و مملوكة لشركة قابضة عليها حظر عالمي و لا يمكنها إيجاد تمويل باليورو أو الدولار!

3.أما بالنسبة لمستر جوكوف فقد ادعي أنه مالك لشركة VRG و كان مديرا ناجحا لها منذ نشأتها مما أدى لاستحقاقه “وسام الإنجاز” من الرئيس الروسي بوتين. حقيقة الأمر أن جوكوف تقلد منصب الإدارة في VRG عن طريق الشركة القابضة السابقة Angara لمدة 7 أشهر فقط من يوم 3 ديسمبر 2004 حتى يوم 25 يوليو 2005 عند استقالته (أو إقالته)، و بحسب وثائق الشركة انتهت علاقته و الجهة التي يمثلها (Aldan Limited) بشركة VRG كمدير و حتى كحامل أسهم. فإذن ما هي الجهة التي يمثلها مستر جوكوف و خولته بالتوقيع على عقد ملياري للتصرف في ذهب السودان؟ دونكم موقع الشركة الروسية على الإنترنت فيه أسماء أعضاء مجلس الإدارة و أعضاء الإدارة التنفيذية، و ليس من بينهم Vladimir Zhukov و لا يحزنون:
http:// vrgm.ru

يمكنكم الضغط على مفتاح الترجمة.

طرحنا هذه الحقائق لمصلحة الرأي العام في وطننا السودان.

هشام عوض عبد المجيد
(hmageed@yahoo.com )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق