الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

السودان.. المواطن (خروج) والأجنبي (دخول) ..!!




الحكومة لم تعمل على تغيير آلياتها وسياساتها للحد من ظاهرة هجرة الكوادر والعقول والشباب، بيد أنها فتحت أبوابها على مصرعيها لاستقبال كافة تدفقات اللاجئين من دول الجوار الأفريقي والدول العربية المنكوبة، ثمَّ مفارقة غريبة في أن يكون السودان في قائمة الدول الأكثر فساداً، بحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية للعام الماضي بينما “السوداني” مطلوباً في دول في كثير من دول الخليج لأنه من “قوم” مشهود لهم بالأمانة، لا يكاد يخلو بيت سوداني من “مهاجر” أو “مهاجرة”، ولا يخلو مجلس شبابي من الحديث عن “الهجرة” و “أحلامها”، أكثر العبارات المتداولة في الأحاديث بين الشباب وأصحاب المهنة الواحدة “بلد طاردة وما فيها شيء”، أيضاً يتضح لنا من خلال هذا التحقيق الاستقصائي أن “القوانين” بالبلاد هي أقل قدرة على محاربة “تجارة البشر” المنتشرة والتسلل، مما يزيد من معدلات دخول الأجانب وتدفقاتهم، ويبدو أن “سياسات الحكومة” هي “الترحيب” بكل قادم، و “الابتسامة” و “التلويح” بالوداع لكل مغادر.
دخول
كشفت إدارة إسكان اللاجئين بولاية القضارف عن ارتفاع غير مسبوق في تدفق معدلات اللاجئين عبر الحدود الشرقية، وقال مدير الإسكان بالقضارف “برعي الصادق” لـ(التيار) : (إن معدلات تدفقات اللاجئين للقضارف تتراوح بين (500 – 600) لاجيء شهريا ًبمعدل (20) لاجئاً يومياً يتسللون للولاية عبر منفذي “القلابات” و “اللقدي” الحدوديين، ونبَّه لاتساع دائرة تجارة البشر عبر شبكات منظمة تعمل داخل وخارج البلاد لتهريب اللاجئين، وعلى صعيد متصل عبَّرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشركاؤها عن قلقها الشديد جراء الازدياد الذي وصفته “بالمضطرد” في أعداد الجنوبيين الفارين إلى السودان، وقالت المفوضية في بيان “صحفي” إنه قد لجأ أكثر من (30,000) مواطن جنوبي إلى السودان خاصة في ولاية النيل الأبيض، فقط منذ (مايو) وحتى (يونيو)، فيما سجل برنامج الغذاء العالمي دخول (9،200) لاجيء جنوبي في منطقة الخرسانة في ولاية غرب كردفان بمعدلات تدفق عالية، بينما بلغ عدد طالبي اللجوء خلال العام الجاري المسجلين بكشوفات معتمدية اللاجئين حتى الأسبوع الماضي من (الإرتريين والأثيوبيين والصوماليين) حوالي (9118) لاجئاً _ بحسب احصائيات رسمية _ تحصلنا عليها مما يوضح بجلاء حجم الهجرات غير الشرعية، عند مقارنة الأعداد الكبيرة الداخلة والمتسللة بحجم المسجلين كلاجئين، كما يحتضن السودان كميات كبيرة من اللاجئين السوريين الذين يبلغ عدد المسجلين منهم كلاجئين (1091) لاجئاً سورياً، بينما العدد الموجود بالبلاد يفوق ذلك بكثير، بعد أن سمحت لهم الدولة بالدخول والإقامة دون قيود، إذ أن الرئيس عمر البشير، قد أصدر توجيهات تقضي بمعاملة اللاجئين” الجنوبيين” و “السوريين” معاملة المواطن السوداني، وقال معتمد شؤون اللاجئين بالإنابة “عادل دفع الله ” في تصريح _ صحفي _ ) : إن اللاجئين السوريين تتم معاملتهم كمواطنين سوادنيين أسوة باللاجئين الجنوب سودانيين، نسبة للظروف المأساوية التي يمرون بها )، لكنه نوَّه إلى أن المعتمدية تضطلع بمسؤولية جديدة تتعلق بتسجيل اللاجئين السوريين بالبلاد وحصرهم . بجانب ذلك نجد أن هناك أعداداً كبيرة من اللاجئين الأفارقة من دول (الكنغو) و(أفريقيا الوسطى).
وفي الأثناء كشف وزير الداخلية “عصمت عبد الرحمن” عن ارتفاع نسبة بلاغات الأجانب بالبلاد، وأوضح الوزير خلال تلاوته للتقرير الجنائي للعام (2014) بمجلس الوزراء (الخميس) الماضي أن البلاغات المسجلة ضد الأجانب بأضابير الشرطة بلغت (54899) بلاغاً تمثلت في التسلل والمخالفات الهجرية والبلاغات الخاصة بصناعة الخمور وترويجها.
خروج
وفي الخرطوم قال مدير مجمع جوازات المغتربين العميد “سيف الدين عبدالرحمن الطيب” في تصريحات صحفية : إن عدد تأشيرات الخروج يومياً يزيد عن الـ(5) آلاف تأشيرة، واصفاً العدد الحالي للمغتربين بأنه أكبر من المتوقع، وكان الأمين العام لجهاز المغتربين السفير “حاج ماجد سوار” ، قد قال في تصريح صحفي: إن الجهاز قام بمنح (480) ألف مواطن تأشيرة خروج في العام (2014)، ونبَّه إلى أن (60%) من المغادرين كانوا من الشباب، وقال إنهم يعملون بمعدل (5 – 8) آلاف تأشيرة في اليوم الواحد، وأضاف أن من جملة 70 ألف عقد عمل، كان نصيب المملكة العربية السعودية وحدها (35) ألفاً.
 ولفت سوار إلى أن معظم العقود التي يسافر بها السودانيون إلى الخارج هي عقودات (عمالية)، في حين نجد أن الحكومة والقطاع الخاص بكافة أنواعه يستعين بالعمالة الأجنبية في عدد من الأعمال .
الأول عربياً :

واحتل السودان المركز الأول عربياً في قائمة الدول التي يهاجر مواطنوها للخارج، حسب استطلاع أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة 26 يونيو 2013 .
وأكد تقرير منظمة “العمل الدولية” الصادر في (19 يناير 2015 ) بأن السودان من أسوأ دول العالم من حيث معدلات البطالة . وفي الأثناء كشفت جمعية اختصاصي النساء والتوليد بالسودان عن هجرة أكثر من (4) آلاف طبيب خلال العام الماضي فقط ! وقال د. معاوية الصادق نائب رئيس الجمعية في مؤتمر صحفي : إن(80%) من الولادات أصبحت تتم عن طريق القابلات في المنازل. 
وأقر مسؤولو المجلس الطبي السوداني بهجرة (60)% من أطباء السودان المسجلين والبالغ عددهم (22) ألف طبيب .
وتشير احصائيات الأمم المتحدة إلى أن الهجرة من السودان منذ عام( 1975م) وحتى (2009م) بلغت نحو (11) مليون مهاجر( 85% ) منهم في سنوات “حكم الإنقاذ”، حيث هاجر منذ(1989) وحتى( 2009 ) نحو (عشرة) مليون مواطن للخارج ! أي بالتحديد (9,858,176)، هذا غير الهجرات الكبيرة التي حدثت مؤخراً .


وبحسب التقرير فإن السودان يقع ضمن أسوأ مرتبة في العالم، حيث تتراوح نسبة البطالة ما بين (12%) إلى(31 %) .
وكانت منظمة “العمل الدولية” قدرت نسبة البطالة في السودان بـ (15.33 %) ، ولكن بعثة التقييم المستقل عن شمال أفريقيا (independent evaluation of the ILO decent work country Programme stategies and activities 2010 – 2013) وجدت أن نسبة البطالة في السودان تصل إلى (20.7%)، وتصل بين الشباب إلى (32.8%) .
وأقرت وزيرة العمل والإصلاح الإداري إشراقة سيد محمود السابقة بأن نسبة البطالة وسط خريجي الجامعات بلغت (40%)، وذلك خلال (بيان) لها حول معالجة مشكلة البطالة بالمجلس الوطني أواخر العام الماضي. 
وقال أمين أمانة الشباب بالمؤتمر الوطني السابق “حامد محمد نور” بأن نسبة بطالة الخريجين وصلت إلى (45%) .
العالم من حولنا
أعلن السفير الروسي في الأمم المتحدة “فيتالي تشوركين” يوم “الأربعاء” الماضي أن مجلس الأمن يعتزم إصدار قرار يجيز للاتحاد الأوروبي التدخل في المياه الدولية في البحر المتوسط لمكافحة الهجرة غير الشرعية، موضحاً في تصريحات “صحفية” بأن مشروع القرار في حال إقراره سيجيز للبحرية الأوروبية أن تتدخل ضد سفن المهربين “في أعالي البحار وليس في المياه الإقليمية” الليبية “، ولم يعط “تشوركين” أي تفاصيل إضافية عن مشروع القرار، لكنه رجح أن يتم إقراره في “سبتمبر” الجاري .
وكان الاتحاد الأوروبي أطلق مهمة بحرية لمكافحة سفن المهربين، وذلك بغرض أعمال المراقبة وتبادل المعلومات، على خلفية حادث غرق “سفينة” قبالة ليبيا أسفر عن مصرع (700) شخصاً، حيث ينوي الاتحاد الأوروبي التصدي مباشرة للشبكات الإجرامية من مهربي المهاجرين عبر توسيع صلاحيات مهمته البحرية بعد الحصول على تفويض من مجلس الأمن،
وفاقم النزاع المسلح بليبيا من الهجرة غير الشرعية عبر سواحلها التي تفتقد الرقابة الفعالة في ظل الامكانات المحدودة لقوات خفر السواحل الليبية وانشغال السلطات هناك بالنزاع المسلح الدائر ببلادها منذ عام.
ويواجه المهاجرون بصورة غير شرعية- عبر “المراكب” و “الزوارق” البحرية التي تبحر من ساحل ليبيا باتجاه إيطاليا – خطر “الغرق” لتكدسهم في مراكب متهالكة، و “القرصنة” من “تجار البشر”، فيتخلى عنها المهربون ويتركونهم لمصيرهم .
وفي الأثناء أعلنت مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة الجمعة أن أكثر من(300) ألف مهاجر ولاجيء عبروا المتوسط إلى أوروبا منذ بداية العام (2015)، بينهم نحو(110) آلاف إلى إيطاليا والباقي إلى اليونان، بالطبع سيكون بينهم سودانيون.
وقد وصل أكثر من (230) ألف مهاجر إلى اليونان بحراً منذ مطلع العام بالمقارنة بحوالي (17500) فقط في الفترة ذاتها من العام الماضي، فيما تواجه السلطات اليونانية صعوبات بالغة في تقديم الخدمات والمساعدات للاجئين، بجانب مساعدة الجزر التي تكتظ بالآلاف من المهاجرين الجدد، والتخوف من أن يؤدي ذلك ” لخلل بالنشاط الاقتصادي والاجتماعي” قد ينتج عنه توترات مع السكان المحليين،
وفي غضون ذلك اتهم الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” الدول الأوروبية بتحويل البحر المتوسط إلى “مقبرة للمهاجرين” في أول تعليق له على نشر صورة الطفل السوري الذي عثر عليه غريقاً على أحد شواطيء تركيا.
وقال أردوغان في خطاب ألقاه في “أنقرة” يوم (الخميس) الماضي: إن “الدول الأوروبية التي حوَّلت البحر المتوسط إلى مقبرة للمهاجرين شريكة في الجريمة التي تقع كلما يقتل لاجيء.
وفي “فينا” عاصمة النمسا تظاهر الآلاف تضامناً مع اللاجئين وتنديداً بالمعاملة السيئة التي يجدونها، وذلك على خلفية العثور على جثة (71) لاجئاً داخل شاحنة على حدود النمسا بالقرب من الميجر، وشارك في التظاهرات أكثر من (20) ألف متظاهر من نشطاء حقوق الإنسان، ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب، وبعض العرب الموجودين، وقال أسقف النمسا “الكاردينال كريستوف” : (ليس باستطاعتنا أن نشيح وجوهنا بعيداً عن الأزمة) .. يقصد قضية المهاجرين وطالبي اللجوء.

الصيحة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق