الاثنين، 15 يونيو 2015

هاشم كرار .. تحذير مجنون في أنبوب صرف صحي!



                                                                     

القذافي مجنون، لكن للمجانين-أحيانا- شيء من الرشد!

ايطاليا تقول بذلك، وهي تصرخ في اوروبا كلها: أنقذينا من سيول المهاجرين غير الشرعيين!

بين كل ضربتين للناتو، كان القذافي يحذر: إذا سقطتُ ستمتلئ اوروبا بالمهاجرين، ويكون بينها وبين المتشددين مسافة المتوسط!

اوروبا لم تسمع- في خضم الهدير- إلا وايطاليا الآن تصرخ.. وقبلها يأخذ المتوسط شكل الدم، والدواعش ينحرون في الساحل الليبي ما ينحرون من مصريين وأحباش، ويكتبون بالدم: نحن على متن موجة، امواج إلى هدم الصليب!

ليبيا حكومتان.. وبرلمانان، ونيران متبادلة، ولا حيلة لأي من الحكومتين على وقف طوفان الهجرة بقوارب الموت، والطوفان.. طوفان المهاجرين، يجعل روما كمن بها مس من الجنون!

رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، أطلق صرخة البارحة في أذن اوروبا كلها «تضامني معنا، وإلى فإننا سنوجعك بخطى مؤلمة»!

أو ليست تلك الصرخة شبيهة بصرخة القذافي.. أو ليس فيها شيء من الجنون لا يخلو من (شوية) رشد؟

المفوضية الاوروبية كانت قد طلبت من الدول الأعضاء استقبال 24 ألف مهاجر من الذين يتكدسون الآن في ايطاليا واليونان، لكن الدولتين تريان أن هذا لا يكفي.. بل هو نوع من الاستفزاز، ذلك لأن أعداد المهاجرين أضعاف أضعاف هذا العدد!

رينزي، لم يكشف عن الخطة الموجعة.. لكن تقول كل القرائن، إنه سيكدس حدود ايطاليا بالمهاجرين، ويقول لهم اذهبوا حيث شئتم.. اتفاقية شينغن تمكنكم من العبور إلى أي دولة اوروبية!

بدأت البداية: تكدس مهاجرون على حدود فرنسا.. وفرنسا الآن امام خيارين صعبين: فتح حدودها، او التنكر لاتفاقية العبور الاوروبية!

أوروبا في ورطة حقيقية: لا مراقبة المتوسط، وتدمير قوارب الموت ستحل المشكلة، ولا تمزيق اتفاقية شنغن، ولا الجنون.. وفي الجنون في هذه المرة، ليس أي نوع من الرشد!

الهجرة، مشكلة مزدوجة. مشكلة لدول المهاجرين، ومشكلة لدول الاستقبال رغم الأنف، ولئن كان العالم جادا في معالجة هذه المشكلة، علية أولا الوقوف على الاسباب.. والأسباب واضحة: الفقر والكبت.

يبقى على العالم ان مكافحة هاتين الآفتين، بتفعيل ما يسمى بحوار الأغنياء والفقراء في الشمال والجنوب، وإعلاء قيم المشايلة.. ومفاهيم التنمية الشاملة في الجنوب.. وبسط مفاهيم الحرية والعدالة الاجتماعية والتداول السلمي للسلطة، جنبا إلى جنب مع مكافحة الفساد والإفساد وغلو الحكام.

دون ذلك ستظل المشكلة مزدوجة: دول المهاجرين تصرخُ من تفريغها من العقول والكوادر المهنية والعمالة، ودول الاستقبال عن كره، تصرخ من كل هذا الكم الهائل من المهاجرين... ولم يبق في هذا العالم، بعد سقوط القذافي، من مجنون، يمكن ان يحكي رشدا، وهو قاب قوسين او ادنى من أنبوب صرف صحي! 
الوطن القطرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق