الثلاثاء، 9 يونيو 2015

لعنة الانتفاخ بالوهم

هيثم كابو



تحدثنا من قبل كثيراً عن كيفية الخروج بالأغنية السودانية من نفق المحلية والتحليق في فضاءات الإقليمية والعالمية، وقللنا من قيمة الحديث المتكرر عن محاربة الإعلام العربي للغناء السوداني لأن الأمر لا يعدو سوى أن يكون مجرد أوهام انتفخت بالوناتها وكبرت مع مرور السنين حتى بات البعض منا يحسبها واقعاً ويتعامل على أساسها، فالفضائيات أضحت مشاريع تجارية استثمارية في المقام الأول وتلاشت فكرة الأجندات والإقصاء للغناء السوداني على حساب المصري والخليجي واللبناني.. القصة باتت تحركها الآن رؤوس أموال عينها على (الإعلان) وكثافة الرسائل القصيرة (sms) وتسابق الشباب للمشاركة في شريط (الشات) أسفل الشاشة وكل عمل يحقق مشاهدة عالية ويجذب المعلنين والشباب فإنهم لن يتوانوا لحظة في بثه بل وإنتاجه إذا لزم الأمر..!!

* مشكلة محلية الأغنية السودانية تتلخص في محدودية سقف طموح الفنانين السودانيين الذين لا هم لهم سوى تحقيق الشهرة داخلياً، وانعدام الجرأة وتهيب الاقتحام وانتظار القنوات الفضائية حتى تأتي وفودها لتطرق أبواب منازل الفنانين، فالحديث عن تميز الفن السوداني وثرائنا الموسيقي وتراثنا المتنوع ومخزوننا النغمي الكبير تسبب في إصابتنا بـ(تضخم زائد) وجعلنا نخلف رجلاً على رجل وننتظر يوم الفتح العظيم الذي لم يأت ولن يأتي ما لم نسع جادين لتقديم أنفسنا للعالم.

* لا يمكن لأكثر الناس سذاجة مطالبة العواصم العربية بالاحتفاء بفنانين سودانيين لا تتعدى شهرتهم المحيط الداخلي، ولكن يمكن أن تحتفي تشاد أو نيجيريا أو حتى إثيوبيا في أحسن الأحوال أو غيرها من الدول الأفريقية بفنان سوداني لأنها تعرف اسمه ورصيده من الأعمال ووصلها صوته وسكنت نبراته طبلة أذنها، لذا فإن المهم حقاً أن نجتهد في تقديم فنانينا وأن يجتهد معنا أولئك الفنانون في تقديم أنفسهم وتعريف العالم العربي بهم ليتطور الأمر رويداً رويدا حتى يصبحوا نجوما إقليميين، وحينها ستتسابق إليهم وسائل الإعلام العربي ولن نحتاج استجداء عطف القنوات الفضائية حتى نحتفي بهم ونصنع لهم (ضجة وضجيجاً)..!!

* و(بلا مقارنة) فإن عدم الاحتفاء والاهتمام بفنان عربي إقليمي يزور السودان يمثل إخفاقاً إعلامياً تحاسب عليه ضوابط المهنة، وعليكم أن تعرفوا حقيقة أن الشباب السوداني ليس معزولا عن الغناء العربي والغربي لذا فإنك تجده يهتم بكاظم الساهر وإيهاب توفيق وديانا حداد وشيرين وتامر حسني وجنات والجسمي وغيرهم من الفنانين العرب أكثر من اهتمامه بالفنانين السودانيين وذاك أمر مفروغ منه ولا يمكن أن تضرب سياجاً من العُزلة في عالم كبسولة، كما أن من حق الشباب السوداني الاستماع لنجوى كرم وهاني شاكر مثلما استمع الجيل السابق لأم كلثوم وفيروز ووديع الصافي وصباح فخري وعبد الحليم حافظ وذلك لأن لكل جيل أصواته الفنية العربية وحناجره التي تعبر عن آماله وآلامه وأفكاره والزمن الذي يعيشه لا الذي مضى منذ سنين طويلة، وإن كانت المقارنة معدومة بين (جيل الزمن الجميل) ونجوم الفن العربي الحاليين إلا أن سنة الحياة أن تتجدد الأعمال والآمال وتتواصل الأجيال..!!

نفس أخير

* ولنردد خلف لطيفة:

الحقيقة ساعات بتجرح.. بس أريح...

وأنت لو ريحت قلبي بتستريح..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق