الاثنين، 15 يونيو 2015

سيظل العار يسكننا ما لم نثور لكرامتنا..نحن وحدنا من بيدنا الحل




سبق وأعلن مركز التقاضى بجنوب افريقيا (SALC ) يوم 22 مايو الماضي ، أنً حكومة بلادهم لديها التزام بالقبض على عمر البشير اذا زار جنوب افريقيا لحضور قمة الاتحاد الافريقى. . ما جعل المجرم يتراجع في البداية ، لكن حدث شئ ما جعله يمضي..و كان قاضي محكمة بريتوريا العليا هانس فابريسيوس قد أصدر أمراً مؤقتاً يمنع عمر البشير من مغادرة جنوب افريقيا حتى يطبق بصورة عاجلة أمر قبضه ..حتى الآن لم يحدث شئ..إن حدث و تم القبض على عمر البشير فهذه فرصة لنا للثورة على نظام الاخوان المسلمين المتهالك بعد أن يفقد تماسكه و إن لم يحدث فهى فرصة لنا للضغط على النظام.. .أمًا الشعور بالاحباط و الخيبة عندما نعلم بأنً دولة مثل جنوب افريقيا قد سمحت للمجرم الهارب بالدخول لاراضيها و لم تنفذ السلطات بها أمر القبض الصادر بحقه ،علينا أن نجعل منه دافعاً يحرك بداخلنا العزيمة على الفعل و نزداد يقيناً بأنًنا وحدنا من يمكننا الفعل عندما نرى بأنً الدول الأعضاء في نظام روما و منها جنوب افريقيا نفسها غير حريصة على تطبيق تعهداتها بالقبض على هذا المجرم و تسليمه للعدالة، ....فالراجح أنً هذا المجرم سيعود سالماً لأنًه من الجبن لدرجة أنًه لم يكن ليخاطر بالذهاب إلى جوهانسبيرج ما لم يكن متأكداً بنسبة 100% أنً العدالة لن تنال منه...، قطعاً لا يمكننا أن نلوم الدول التي تتعاون مع النظام ، لكن على من يدعون أنًهم قادة مهتمون بقضايانا و يقودون الاحزاب السياسيًة أن يعترفوا بفشلهم في أبسط ما يفترض قيامهم به و ليفسحوا المجال لغيرهم إن كانوا فعلاً يهتمون لأمر الوطن لأنً عزل النظام خارجيًا من صميم واجباتهم التي تحتمها عليهم مواقعهم و خبرتهم في شؤون السياسة الدولية و منظمات المجتمع المدني.... و في الجانب الآخر علينا القيام بواجبهم الذي تقاعسوا عنه لأنًه ينعكس سلباً علينا و كرامتنا و قضيتنا و مصير وطننا..في الواقع بعض هذه القيادات مدوا لسانهم لنا لدرجة أن يكون الابن الذي يعمل في جهاز أمن النظام و يدرب قوات الجنجويد ، هو من نراه واقفاً خلف والده "بودي جارد" عندما يكون الوالد متقمصاً دور المخاطب لمنظمات المجتمع الدولي لعزل النظام...وصل بنا الحد من الهوان هذه الدرجة...و لنا أن ننكأ جراحنا النازفة و نتساءل أي الوظيفتين يؤديها الابن.. هذا هو الحال الذي وصل إليه أفضل أحزابنا.. إذاً و الحال كذلك ما الذي يمنع جنوب افريقيا من استقبال المجرم؟ العيب فينا نحن.. و الخلل لا يحتاج لجدال ، علينا اصلاحه.

حتى محكمة الجنايات الدولية لا تمتلك شئ لأنًها مغضوب عليها من راعية الامبريالية الولايات المتحدة و هذه معروفة، اذاً هى لا تمتلك الآليًات التي تعينها على أداء واجباتها المهنيًة، و تعتمد كلياً على تعاون الدول معها في تنفيذ مهامها...حيث طالبت المحكمة الجنائية الدول الأطراف مراراً "الوفاء بالتزاماتها بتنفيذ مذكرتي التوقيف بحق عمر البشير، و هذه المرة طالبت جنوب افريقيا التي تستضيف المؤتمر، و لكن من المرجح أن السلطات هناك لن تستجيب من تلقاء نفسها ما لم تتعرض لضغوط من منظمات حقوق الانسان و المجتمع المدني.. نفس جنوب افريقيا هذه التي سبق و أن صرح قادتها بأنهم لا يضمنون سلامة المجرم إن حضر اليها عند تشييع جثمان الراحل مانديلا، و لم يذهب وقتها..إذاً ما الذي تغير الآن في موقف جنوب افريقيا؟ فنفس المجرم لم يتغير و نفس جرائمه ازدادت و تزداد كل يوم يقضيه في السلطة..في الواقع لم يتغير شئ.. فالنظام حريص على تسويق مثل هذه الأحداث على أنها نجاح له في سياسته الخارجيًة أو اختراق كما يحلو لهم القول. أمًا الحقيقة فهى انً النظام لا يزال منبوذاً من الكل و معزولاً داخليًا.. و الأدلة تربو على الحصر.. ثم أنًه حتًى و ان قبضت جنوب افريقيا على المجرم و سلمته للعدالة الدولية ، هذا لن يحل مشكلتنا لأنً المشكلة مع نظام كامل و ليس أشخاص مهما كانوا يمثلون.

على الرغم من أنً القمة المقررة من المرجح أن تركز على قضايا العنف في افريقيا ،و تحديداً العنف الدائر في بوروندي على خلفية إعلان الرئيس بيار نكورونزيزا ترشحه لولاية ثالثة،..اي نفس ما نفذه عمر البشير و اجرى انتخابات صممت لتمنحه شرعية زائفة..و لكن لم يحدث أي رد فعل يذكر من الشارع السوداني الذي لا يهتم بقضاياه مثلما فعل البورنديون..، و السؤال هنا اذا لم نهتم نحن بقضايانا هل نتوقع أن يهتم بها الآخرون؟ قطعاً لا، فحتى منظمات المجتمع المدني و الأفراد و القوى المحبة للسلام و المهتمون بقضايا الانسانيًة يمكن أن يهتموا لما يحدث لنا لأنًنا ببساطة انطبق علينا المثل القائل "جو يساعدوه في حفر قبر أبوهو..دسً المحافير"..نحن لا نهتم بقضايا، ما الذي يجعل غيرنا يهتمون بها؟ النظام الآن يقتل أهالي الجريف و يلصق التهم بالمختلين و يسوق لأنهم ينتحلون شخصيًة الشرطة..و نفس الشئ فعله عندما قتل شهداء سبتمبر...و كلنا نقف متفرجين "ندين" و "نشجب" و نتوعًد و نقف عند هذا الحد...يبطش بأهل لقاوة..و نفس الشئ يحدث، يبطش بأهل كجبار، أم دوم...الشجرة...الخ..تطول القائمة..مشكلتنا أنًنا لا نتفاعل مع قضايانا و لا ننصر بعضنا، سمحنا للنظام بأن يجعل منا قوم متشرذمون...علينا معالجة الخلل قبل فوات الأوان..أوضحت بصفتي الشخصيًة مراراً كيف يمكننا معالجة الخلل و لن أتوقف طالما القلب ينبض بالحياة.. حتى و إن لم يتغير شئ إلاً أنً الواجب في هذه الحالة يتطلب منًا عدم الخنوع أو الوقوف موقف المتفرج .. و أضعف الايمان الكتابة و التعبير عمًا يجيش بالقلب ، و أدنى ما نبلغه من هذا هو القيام بما يمليه علينا الواجب الأخلاقي في أدنى حدوده..

واحدة من عيوب الأنظمة الرأسماليًة المعروفة أنًها تجعل الثروة متداولةً بين الأقليات، التي تتحكم عن طريق الثروة في السلطة فمثلاً في أمريكا 42% من الثروة يملكها 1% من السكان و هؤلاء الـ1% هم من يسيطرون على السلطة فعليًا و بأموالهم يستطيعون شراء الولاءات و يتحكمون في سياسة الحكًام و النواب في غياب الأخلاقيات و الضمير غالباً..، و كذا الحال في كل الدول الرأسماليًة مثل جنوب افريقيا ، الغالبية العظمى من الشعوب ترزح تحت الفقر و الأمراض، و الأقلية تتحكم فيها.. لذلك حتى أمريكا نفسها تشهد الكثير من الاحتجاجات التي تتعامل معها السلطة بقوة باطشة، و أيضاً جنوب افريقيا في عهد رئيسها الحالي زوما و منها على سبيل المثال مذبحة ماريكانا التي قتلت فيها الشرطة بدم بارد 34 من عمال المناجم المحتجين لتحسين أوضاعهم.. و كذلك حركة "احتلوا وول ستريت" في نيويورك و التي استخدمت الشرطة وسائل وحشية لقمعها.. إن تأملنا هذه الأمثلة سنجد أنً الحكومات في الدول الراسماليًة لا تتمتع بالاخلاقيات، لذلك من الطبيعي أن تستقبل جنوب افريقيا الديكتاتور طريد العدالة الدولية، و لا نستغرب ان رأينا أمريكا قد فعلت نفس الشئ لأنً الموضوع ببساطة شديدة أنً الأنظمة في الدول الرأسماليًة رغم أنها منتخبة ديموقراطيًا ألاً أنًها لا تتمتع بالاخلاقيات و القيم التي تنادي بها الانسانيًة لذلك من الطبيعي أن تكون تلك الدول مسرحاً للاضطرابات التي تستخدم فيها السلطات العنف حد القتل بين الفينة و الأخرى..

لكل فرد منا دور من الممكن أن يؤديه في اسقاط النظام، و محاصرته خارجيًاً.. هذا أمر ضروري جداً و فرض عين ، ففي حدوده الدنيا مثلاً على كل من يستطيع استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أن يؤديه ، ففي غياب من يقومون بهذا الدور ممن يتولون أمر الاحزاب السياسية الوطنية علينا أن نعتمد فقط على أنفسنا نحن المتضررين الفعليين من هذا النظام، أن نهتم بقضايانا المعروفة، و ننصر بعضنا بعضاً.. و أن نوصل صوتنا لشعوب العالم التي يمكنها التأثير على حكوماتها التي تمنحها أصواتها و تدفع لها الضرائب، و كذلك منظمات المجتمع المدني في تلك الدول التي يمكنها التأثير في محيطها المحلي و المنظمات الدولية، فالمعرفة وحدها في عصرنا الحالي هى التي تغير المجتمعات و تقوم على أساسها العلاقات بين الدول و تحدد اتجاهات السياسات الخارجية لها.. لكنها في المقابل – المعرفة – لا تحدد الأخلاقيًات في التعامل ، هذه يحددها اهتمام أهل المصلحة بقضاياهم و مخاطبة الضمير الحي الذي يمكنه أن يضغط على حكوماته و المجتمع الدولي... 

العالم ليس غافلاً عمًا يعمل النظام ، و يعلم كل صغيرة و كبيرة عنه أكثر مما يعلم أهل النظام أنفسهم، و لكن المصيبة أنًنا نحن أصحاب المصلحة لا نتحرك بالقدر الكافي لمعاقبة المتسببين في مصيبتنا، و لا نقوم بما يمليه علينا أضعف الايمان سواء عن قصد أم دونه...، شعوب العالم و منظمات المجممع المدني و الناشطين في حقوق الانسان يعرفون تماماً – مثلما تعلم حكوماتهم - أنً الشعب السوداني مغلوب على أمره ، لكن الخبر السيئ هو أنًه لا أحد يتوقًع أن يكون الشعب السوداني بهذه الدرجة من الضعف بحيث أنًه إن ضربه جلاده في خده الأيسر أدار له خده الأيمن ليضربه عليه، و إن ركب جلاده فوق ظهره لم يفعل شئ ما لم ينزل جلاده من تلقاء نفسه...هذا هو الواقع الذي يحتاج لتغييره ، و لن يتغيًر ما لم نغيره نحن بأنفسنا.

صحة الحديث عن المعرفة التي يستبصر بها العالم من حولنا لا يختلف عليها اثنان.. أحدث دليل على ذلك تقرير المعرفة العربي للعام 2014 الذي لا يستطيع النظام انكاره أو تكذيبه لأنًه دون سواه صادر عن جهة عربيًة لا يستطيع أن يطعن في مصداقيتها و هى مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي، و الذي أثبت بأنً سودان الانقاذ هو الأسوأ .. ففى مدركات الفساد ، و مؤشرات السيطرة عليه ، و فعاليًة الحكومة، ، جاء السودان ثانى الأسوأ ، (فقط أفضل حالاً من الصومال)، وفى مقياس سيادة القانون ، و مقياس جودة التشريعات (ثالث الأسوأ ، تليه سوريا و الصومال، أمًا فى نسب البطالة جاء السودان (الأسوأ على الاطلاق بنسبة 14.8% و23.8% وسط الشباب ...يمكن الاطلاع على التقرير كاملاً فهو متاح من 290 صفحة 

الملاحظ أنً جميع الدول التي ورد السودان أفضل منها في موضع ما من كامل التقرير بطوله و عرضه إمًا أنًها سيطرت عليها داعش بالكامل أو تفككت و الطامة الكبرى أنًه حتى الدول التي تفككت و غابت فيها السلطة بصورة كاملة مثل الصومال هى أفضل للعيش من سودان اليوم بدليل أنً نسبة البطالة فيها وسط الشباب أفضل ، أي أنً السودان اليوم أسوأ من الصومال التي يحذرنا ديناصورات السياسة من مصيرها.

هذه الأحزان تقودنا لحتميًة التغيير و التفاعل مع قضايانا بأنفسنا ، افراداً و بصورة جماعيًة منظمة حتى نمتلك المقدرة على التأثير، أو دفن كرامتنا و الاستعداد لدفن جثة الوطن من بعدها.. ، رغم هذا كله يحدونا التفاؤل للتغيير.. رغم الحزن و الاحباط.، فلا شئ نمتلكه غير المحاولة و الاستماته في المحاولة، و حتى تكون المحاولات ناجحة لا بد من المعرفة أولاً ...

طالما أنًنا الأسوأ عالميًا، إذا من الطبيعي جدًا رداءة البنية التحتيًة للاتصالات بالداخل، ، و على الرغم من ذلك هنالك ما يبعث على التفاؤل إذ أنً معظم الناشطين و المهتمين بالتغيير من المتواجدون بالخارج و الداخل على حد السواء يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، فمثلاً عرف العالم بأحداث تابت عندما تولى بعض الناشطون حملة في موقع تويتر...و مثال آخر موقع الراكوبة على الفيسبوك يتجاوز عدد عضويته 350 ألف ، دعونا نقول أنً عشرة بالمائة منهم فقط مهتمون بمخاطبة ضمير العالم الحي، و حريصون على التغيير ( لننحفظ هذا الرقم جيداً بغرض هذا الحديث و حديث آخر كنت قد بدأت في الكتابة عنه..) ..كل واحد منهم شخص من لحم و دم يمكنه أن يساهم في التغيير بنفسه، هذا العدد كافي جداً لاسقاط نظام متهالك لا يملك شئ من مقومات البقاء..كل واحد من هؤلاء الخمسة و ثلاثون ألف يمكن أن يمتلك المعلومة أي المعرفة الموثقة، و يساعد في نشرها ووصولها للعالم الخارجي..و المتلقي المستهدف من القوة المحبة للسلام.. فقط علينا أن نعمل ذلك بطريقة منظمة و مستمرة، و هذا لا يكلف شئ لكنه سيعود بالكثير لقضيتنا و يضمن عزل النظام خارجيًا و دعم قضيًتنا كثيراً..

إذاً نحن مطالبون بالاستفادة مما توفره التقنية لمخاطبة منظمات المجتمع المدني و الأفراد الخيرون حول العالم حتى يتفاعلون ايجاباً مع قضايانا التي تمس الانسانيًة و حقوق الانسان في المقام الأول، لا أحد يمكنه ايصال صوتنا غيرنا ، على سبيل المثال يمكننا الاستفادة من الميزات التي يوفرها موقع تويتر في ايصال صوتنا للعالم. ..كذلك مطالبون بالعمل بأنفسنا على ذلك و أن يتأكد كل منا أنًه قام بدوره ..، ربما لا يمكننا عمل شئ في زيارة المجرم لجنوب افريقيا، لكن يمكننا أن نجعلها الأخيرة لدولة يسود فيها القانون...كل الذين يديرون الصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي واجبهم أن يقودوا هاشتاقات في تويتر باللغتين الانجليزيًة و العربيًة لعمل حملات منظمة تستهدف عزل النظام خارجيًاً ، و التبصير بجرائمه..كما يمكننا الاستفادة من مواقع الرأي العام مثل موقع آفاز و غيره لقيادة حملات رأي عام عالمي و حشد الدعم لقضيتنا. 

مصطفى عمر
mustafasd1@hotmail.com  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق