الخرطوم – تسنيم دهب:
كما كان باستر كيتون الأمريكي يحمل كاميراه في فيلم «رجل الكاميرا» (1928) في سبيل صناعة شريط سينمائي، الشباب السوداني اليوم، وبسب الرقابة السياسية والأمنيّة، وظروف الإنتاج السيئة، أصبحوا رجالاً بكاميرا «موبايل»، يسعون بشغف في سبيل صناعة السينما من جهة وانتقاد السلطة القائمة وممارساتها، ما جعل معركتهم مستحيلة، كفيلم صامت يسعى لأن ينطق، لأن يصرخ. السينما ليست حكراً على أحد وإن كانت المؤسسات الحكومية تحارب هذه التجارب و تمنع ظهورها، فشاشات الحواسيب والهواتف النقالة هي الهامش الحر لأولئك الشبّان كي يشعّوا.
ويعدّ فيلم طارق خندقاوي مثال حي عن هذا الاضطهاد الممارس تجاه انتاج الشباب في السودان. اذ تأخر تنفيذ فيلمه عاماً كاملاً، والسبب احتوائه مشهد أم تزجر ولدها بمكنسة، بعد وصف المشهد بـ»العنيف». هذا ما دفع الشاب المتحمس إلى الدخول في نقاش حام مع لجنة «المصنفات الأدبية» السودانية بعد رفضهم تمرير الشريط، كأنهم يقولون له بصوت حاسم أنهم «لا يعلمون شيئاً عن العنف المنزلي».
موقف اللجنة جزء من منظومة متكاملة تشكل احد أهم عقبات انجاز الأفلام الشابة، وبالتالي هي عقبة «اضطهاد» للمخرجين السودانيين حتماً. ففي ظل غياب شركات منتجة، وانعدام وجود مؤسسات أكاديمية تعنى بالسينما، إضافة إلى تقلص أعداد دور العرض والمؤسسات السينمائية الخاصة والتضييق السياسي والرقابي، تراجعت السينما السودانية لعقدين من الزمن، إلا أن ثورة شبابية خرجت من رحم الـ «سوشيل ميديا»، وتجارب لا تزال قيد الاشتغال، يناضل أصحابها في سبيل «سينما مستقلة» تقنياتها بسيطة ومواضيعها «متحررة» بعض الشيء، في مجتمع لا تزال الأعراف والتقاليد والدين، تكبل فيه الحالمين بالتغيير.
ولم تجد المبادرات الشابة منصات عرض على أرض الواقع، فلجأت إلى وسائل التواصل الإجتماعي كمساحة بديلة لعرض الأفلام، السبب الذي دفع عدد من المؤسسات إلى تشجيع هذه المبادرات وتقديم الدعم لها، كمؤسسة «سينما الشباب»، التي تأخذ على عاقتها دوراً رعائياً للسينمائيين الهواة.
قدمت المؤسسة خلال عامها الأول أكثر من ثلاثين فيلماً قصيرا،ً بالإضافة إلى إنجازها مهرجاناً، يعنى بالسينما، أطلق عليه اسم «جائزة تهارقا الدولية للسينما والفنون». وهذا اضافة إلى مؤسسة «مهرجان السودان للسينما المستقلة»، التي عملت بجهد لتقديم الدعم التقني واللوجستي للخريجين الجدد من معاهد الفنون والهواة، الذين اعتمدوا بدورهم على أدوات بسيطة كالكاميرات المحمولة، وكاميرات الـ»موبايل»، وأجهزة الإضاءة البسيطة، وتقنيات «بروداكشن»، تعلموها عن طريق الإنترنت وموقع «يوتيوب».. لصناعة أفلام تعبر عنهم وتعكس واقع المجتمع السوداني من وجهة نظر الجيل الشاب.
فقر السودان في دور العرض لم يمنع عرض الأفلام. فمساحات رديفة عنيت بعرض الأعمال الطلابية مثل المراكز الثقافية، التابعة لبعض الدول الأوروبية، كالمعهد الثقافي الفرنسي (سي سي اف) والألماني (غوته)، والمجلس الثقافي البريطاني (بريتش كاونسل). وذلك كخطوة داعمة للحركة السينمائية السودانية، التي انتعشت أخيراً مع أفلام عديدة، ومخرجين كفيلم «الملك جوبا» الذي تناول موضوع انفصال السودان، وفيلم «ذهب ولم يعد» للمخرج محمد كردفاني، الذي تناول هجرة السودانيين للبحث عن الذهب في مناطق غير آمنةو»إيقاعات الأنتنوف» لحَجّوج كوكا، الوثائقي السوداني الحائز على البوابة الذهبية في مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي.
القدس العربي
كما كان باستر كيتون الأمريكي يحمل كاميراه في فيلم «رجل الكاميرا» (1928) في سبيل صناعة شريط سينمائي، الشباب السوداني اليوم، وبسب الرقابة السياسية والأمنيّة، وظروف الإنتاج السيئة، أصبحوا رجالاً بكاميرا «موبايل»، يسعون بشغف في سبيل صناعة السينما من جهة وانتقاد السلطة القائمة وممارساتها، ما جعل معركتهم مستحيلة، كفيلم صامت يسعى لأن ينطق، لأن يصرخ. السينما ليست حكراً على أحد وإن كانت المؤسسات الحكومية تحارب هذه التجارب و تمنع ظهورها، فشاشات الحواسيب والهواتف النقالة هي الهامش الحر لأولئك الشبّان كي يشعّوا.
ويعدّ فيلم طارق خندقاوي مثال حي عن هذا الاضطهاد الممارس تجاه انتاج الشباب في السودان. اذ تأخر تنفيذ فيلمه عاماً كاملاً، والسبب احتوائه مشهد أم تزجر ولدها بمكنسة، بعد وصف المشهد بـ»العنيف». هذا ما دفع الشاب المتحمس إلى الدخول في نقاش حام مع لجنة «المصنفات الأدبية» السودانية بعد رفضهم تمرير الشريط، كأنهم يقولون له بصوت حاسم أنهم «لا يعلمون شيئاً عن العنف المنزلي».
موقف اللجنة جزء من منظومة متكاملة تشكل احد أهم عقبات انجاز الأفلام الشابة، وبالتالي هي عقبة «اضطهاد» للمخرجين السودانيين حتماً. ففي ظل غياب شركات منتجة، وانعدام وجود مؤسسات أكاديمية تعنى بالسينما، إضافة إلى تقلص أعداد دور العرض والمؤسسات السينمائية الخاصة والتضييق السياسي والرقابي، تراجعت السينما السودانية لعقدين من الزمن، إلا أن ثورة شبابية خرجت من رحم الـ «سوشيل ميديا»، وتجارب لا تزال قيد الاشتغال، يناضل أصحابها في سبيل «سينما مستقلة» تقنياتها بسيطة ومواضيعها «متحررة» بعض الشيء، في مجتمع لا تزال الأعراف والتقاليد والدين، تكبل فيه الحالمين بالتغيير.
ولم تجد المبادرات الشابة منصات عرض على أرض الواقع، فلجأت إلى وسائل التواصل الإجتماعي كمساحة بديلة لعرض الأفلام، السبب الذي دفع عدد من المؤسسات إلى تشجيع هذه المبادرات وتقديم الدعم لها، كمؤسسة «سينما الشباب»، التي تأخذ على عاقتها دوراً رعائياً للسينمائيين الهواة.
قدمت المؤسسة خلال عامها الأول أكثر من ثلاثين فيلماً قصيرا،ً بالإضافة إلى إنجازها مهرجاناً، يعنى بالسينما، أطلق عليه اسم «جائزة تهارقا الدولية للسينما والفنون». وهذا اضافة إلى مؤسسة «مهرجان السودان للسينما المستقلة»، التي عملت بجهد لتقديم الدعم التقني واللوجستي للخريجين الجدد من معاهد الفنون والهواة، الذين اعتمدوا بدورهم على أدوات بسيطة كالكاميرات المحمولة، وكاميرات الـ»موبايل»، وأجهزة الإضاءة البسيطة، وتقنيات «بروداكشن»، تعلموها عن طريق الإنترنت وموقع «يوتيوب».. لصناعة أفلام تعبر عنهم وتعكس واقع المجتمع السوداني من وجهة نظر الجيل الشاب.
فقر السودان في دور العرض لم يمنع عرض الأفلام. فمساحات رديفة عنيت بعرض الأعمال الطلابية مثل المراكز الثقافية، التابعة لبعض الدول الأوروبية، كالمعهد الثقافي الفرنسي (سي سي اف) والألماني (غوته)، والمجلس الثقافي البريطاني (بريتش كاونسل). وذلك كخطوة داعمة للحركة السينمائية السودانية، التي انتعشت أخيراً مع أفلام عديدة، ومخرجين كفيلم «الملك جوبا» الذي تناول موضوع انفصال السودان، وفيلم «ذهب ولم يعد» للمخرج محمد كردفاني، الذي تناول هجرة السودانيين للبحث عن الذهب في مناطق غير آمنةو»إيقاعات الأنتنوف» لحَجّوج كوكا، الوثائقي السوداني الحائز على البوابة الذهبية في مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي.
القدس العربي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق