فتحت مراكز الاقتراع أبوابها، يوم الاثنين، في دارفور، غرب السودان، للاستفتاء حول الوضع الإداري لهذه المنطقة المضطربة، في تصويت يقاطعه المتمردون.
وبدأت عمليات التصويت عند الساعة التاسعة (6.00 بتوقيت غرينتش)، وستستمر لثلاثة أيام، حيث سيقرر الناخبون ما إذا كانوا يريدون الاحتفاظ بالوضع الحالي لدارفور المقسم إلى خمس ولايات، أو دمجها في منطقة واحدة، بحسب "فرانس برس".
ويأتي الاستفتاء ضمن مسار "اتفاقية الدوحة لسلام دارفور"، التي وقعتها الحكومة السودانية مع حركة التحرير والعدالة بوساطة قطرية في العام 2012.
ونقل شهود عيان لـ"العربي الجديد"، تباينا في إقبال المواطنين على الاستفتاء، حيث ظهرت صفوف ببعض المراكز الكبيرة، لا سيما في مدينة الفاشر، بينما غاب الإقبال في مراكز أخرى، وكان الإحجام عن المشاركة في معسكرات أخرى شبه منعدم خاصة أبوشوك.
وأوضحت المصادر ذاتها، أن الاستفتاء، لم يجد صدى واسعا، بسبب ضعف الدعاية له.
وأكد رئيس السلطة الإقليمية لدارفور التجاني السياسي، أن الترتيبات الإدارية والأمنية التي اتخذت، كفيلة بإنجاح الاستفتاء، مشدداً على أهمية تسهيل وصول المواطنين إلى صناديق الاقتراع.
وأعلن رئيس مفوضية الاستفتاء عمر جماع، انسياب عملية الاستفتاء بجميع أنحاء دارفور دون عوائق. وقال لـ"العربي الجديد"، إن جميع المراكز فتحت أبوابها في الثامنة والنصف صباحاً، بالتزامن مع انتشار المراقبين الأجانب والمحليين، وأضاف "لم تصلنا أية شكوى من أي جهة عن تهم بتجاوزات أمنية أو خلافات".
وذكر المتحدث ذاته، أن العملية حتى الآن تسير "بصورة ممتازة"، نافياً وجود نية بتمديد أيام الاقتراع عن الثلاثة أيام المعلنة، موضحاً أنه "حتى الآن نحن في وضع مميز ونعتقد أنها بداية جيدة".
ويتعين على الناخبين أن يقرروا، خلال الاستفتاء، ما إذا كانوا سيبقون على الهيكلية الحالية المؤلفة من خمس ولايات، أو دمجها في منطقة واحدة. وظل دارفور إقليماً واحداً منذ انضمامه للسودان في عام 1916 وحتى عام 1994، عندما قرر البشير تقسيمه إلى ثلاث ولايات، ثم إلى خمس في عام 2012.
ويدعم الرئيس السوداني، عمر البشير، الخيار الأول، لكنه يواجه انتقادات من المراقبين الذين يقولون إنه يسعى إلى تعزيز سلطته في المنطقة، التي تبلغ مساحتها 500 ألف كيلومتر مربع، وتضم ثروات كبيرة، في الوقت الذي يرى المتمردون أن المعارك ليست مناسبة لتنظيم الاستفتاء، لكن الحكومة السودانية تعتبر الوضع في دارفور مستقرا بما يكفي لإجراء التصويت.
وتشدد الحكومة على أن الاستفتاء واحد من بنود "اتفاق سلام الدوحة"، الذي وقعته مع تحالف فصائل متمردة عام 2011. أما المجموعات المسلحة التي رفضت توقيع الاتفاق فتعتبر أن نتائجه لا معنى لها، لأن العديد من الناخبين، ومن بينهم نازحون، لن يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم بسبب الاضطرابات.
ومع أن حدة الأعمال المسلحة انخفضت في الإقليم، إلا أن اشتباكات تقع من وقت لآخر، كما حدث في كانون الثاني/يناير الماضي في منطقة جبل مرة المعزولة.
من جهتها، حذرت الولايات المتحدة الأميركية من خطورة الاستفتاء، وقالت إنه يمثل تهديدا لعملية السلام، وأكدت أنه لن يعبر عن جميع أهل دارفور بشفافية كاملة.
وعبرت واشنطن، في بيان لها، عن قلقها الشديد إزاء تمسك الحكومة بإجراء الاستفتاء، معتبرة أن الظروف الحالية غير مهيأة تماما لإجرائه، وقالت إنه لا يمكن للاستفتاء الحالي أن يحمل صفة المصداقية، أو يُعد معبرا عن إرادة الشعب في الإقليم، لاسيما أنه اقتصر على المقيمين في المنطقة لفترة محددة، من دون غيرهم من أبناء دارفور المنتشرين في أنحاء السودان وخارجه، فضلا عن انعدام الأمن.
وأكد المصدر ذاته أن الخطوة من شأنها تقويض عملية السلام الجارية الآن لإلحاق الحركات المسلحة الدارفورية في عملية السلام، عبر اتفاق مع الحكومة في الخرطوم ينهي حالة الحرب في المنطقة.
وأكد البيان أن السلام في الإقليم سيتحقق عبر عملية سياسية تعالج الأسباب التي قادت إلى الصراع، والتي تضمن وقفا دائما للأعمال العدائية، مع خلق مساحة للمشاركة الفعالة للجماعات الدارفورية وجميع السودانيين في الحوار الوطني.
وتخوض مجموعات مسلحة من أصل غير عربي حركة تمرد، بسبب ما تعتبره تهميشا من الخرطوم للإقليم. وأوقع النزاع 300 ألف قتيل، بحسب الأمم المتحدة، بينما تقول الخرطوم إن الحصيلة 10 آلاف قتيل وأكثر من مليون نازح.
العربي الجديد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق