"الفات الفات في ديله سبع لفات"، "شليل وينو أكلو الدودو"، تلك عبارات عادة ما كانت تصاحب إحدى الألعاب الشعبية التي مارسها أطفال السودان وتوارثوها عبر الأجيال، لتبدأ أخيراً في الاختفاء التدريجي مع ظهور الألعاب الإلكترونية الحديثة، فضلاً عن فضائيات الأطفال. تقوم الألعاب الشعبية في السودان على أساس جماعي، ويندر أن تجد لعبة أساسها فرد، لتكون هذه الألعاب مساهمة منذ وقت مبكر في غرس قيم التكافل والتراحم والتآلف وسط الأطفال. وتقام هذه الألعاب عادة في الشوارع، ويشترك فيها أبناء الحي الواحد بغض النظر عن طبقاتهم الاجتماعية، لتنتج عن ذلك صداقات تمتد إلى ما بعد مرحلة الشباب. يمثل اللعب أهم الاحتياجات الضرورية لعملية الإشباع النفسي والاجتماعي، ومن خلاله يكتسب الطفل المهارات والقدرات، وعبره تُغرس روح التنافس والثقة بالنفس والشجاعة والتعاون. ويمتلك السودانيون موروثاً شعبياً ضخماً من ألعاب الأطفال التي تتنوع من منطقة إلى أخرى ولكنها تجتمع حول شرط واحد وهو اللعب الجماعي، فنجد هناك ألعاباً شعبية يشترك فيها الفتيان والفتيات معاً، وأخرى متصلة فقط بكل فئة. فهناك لعبة تُعرف بـ"شليل وينو"، و"شليل"، في الأصل عبارة عن عظم وهو أساس اللعبة، ويشارك فيها أكثر من خمسة أشخاص يجلسون على الأرض في شكل حلقة ويأخذ أحدهم العظمة بيده ويبدأ في الطواف حول الحلقة وهو يردد بشكل لحني: "شليل وينو"، فترد المجموعة: "أكلو الدودو"، وهكذا إلى آخر النص. ويكون تركيز المجموعة على العظمة التي بيد الطائف لأنه بنهاية الأغنية سيقوم برميها أو إخفائها لتعمد المجموعة للبحث عنها، ومن يجدها يكون الفائز ويكرر اللعبة ذاتها، وهي لعبة تعمل على تنمية التركيز لدى الأطفال. وإلى جانب "شليل"، توجد ألعاب أخرى "كأم الحفر" و"اريكاء عمياء" و"نط الحبل "، "والدجاجة العمشا". ويرى خبراء الاجتماع أن للألعاب تأثيراً خطيراً على نمو الطفل وذكائه وقدراته الإبداعية وسلوكه، ما يستوجب الاهتمام بها وتطويرها لخلق التوازن النفسي داخل الطفل ووقف الاستلاب الثقافي لتأثيراتها في المستقبل على الطفل والمجتمع ككل. تقول فاطمة، (ربة منزل): "عندما كنا أطفالاً، كنا نصنع كل شيء يدوياً، حتى العرائس (الدمى) نصنعها من قطع القماش والقطن، فضلاً عن السيارات التي تصنع من علب الصلصة والسجائر". وتضيف: "كما كنا نقضي اليوم بطوله في اللعب مع أطفال الجيران في الشارع "كرة شراب" وغيرها من الألعاب الشعبية ونحس معها بمتعة فائقة". وتتابع: "الآن الوضع اختلف تماماً ونادراً ما تسمح الأسر لأطفالها باللعب في الشارع خوفاً من الممارسات الدخيلة على المجتمع السوداني، كالتحرش واغتصاب الأطفال". وتردف: "تحرص كل أسرة على أن تجلب اللعب من الأسواق لأطفالها ليلعبوا بمفردهم داخل المنزل أو يقضى جل وقته في مشاهدة برامج الأطفال في الفضائيات". أخيراً، حلّت الألعاب الحديثة محل الألعاب الشعبية وانشغل الأطفال بـ"البلاي ستايشن" وسواها، إضافة إلى متابعة القنوات الفضائية وترديد ما يبث فيها بشكل أنساهم الثقافة المحلية، وجعل من الأطفال شخصيات انطوائية ومنغلقة. وتقول الباحثة الاجتماعية، نسرين محمد، لـ"العربي الجديد": "الألعاب الشعبية عادة ما تتميّز بطابع يقوم على المساواة ولا يُشعِر الأطفال بالدونية، إذ إنه متاح لكل الأطفال لعبها وبدرجة واحدة، بخلاف الألعاب الحديثة التي يرتبط اقتناؤها بمدى مقدرة أسرة الطفل المالية، كما أن من شأنها أن تؤثر على نفسية الأطفال الآخرين". وتضيف: "في الألعاب الشعبية نوع من المودة والتآلف بين أبناء الحي الواحد، كما تمتاز بالطابع الاجتماعي ولا تقوم على الفردية التي من شأنها أن تغذي الانطوائية والعدائية لدى الطفل". وشددت على أهمية تطوير تلك الألعاب الشعبية حتى تستمر. وتوضح: "بعض الألعاب الحديثة والفضائيات تجعل الطفل يعيش في العالم الافتراضي، كما أنها ترتبط بثقافة بعيدة عن ثقافة السودانيين، ما يكون لها تأثير سالب على المجتمع، وتزيد من معدلات الهجرة بحثاً عن ذاك العالم الذي تشكَّل في مخيّلة ذاك الطفل". وتضيف: "كما أن لها علاقة بتنمية العنف، وخصوصاً أن أغلبها قائم على الضرب والقتل"
العربي الجديدصحيفة إلكترونية تهتم بمعاناة الغلابة من أبناء شعبنا المقهور والمغلوب، كما تحاول جاهدة عكس الأخبار الفاضحة لفساد النظام
الجمعة، 5 يونيو 2015
الصين تعاني تلوثا كبيرا في المياه
أعلنت وزارة البيئة في الصين أن نحو ثلث المياه الجوفية في الصين وثلت المسطحات المائية صنفت على أنها غير صالحة للاستهلاك الآدمي المباشر خلال عام 2014 .
وتشن الصين "حربا على التلوث" في محاولة لتلافي بعض الأضرار البيئية الناجمة عن أكثر من ثلاثة عقود من النمو الصناعي السريع الذي أدى إلى مزيد من تلويث إمدادات المياه التي أصبحت غير صالحة للاستهلاك الآدمي أو الري.
وتصنف الصين مواردها المائية إلى ستة مستويات وتقول وزارة حماية البيئة إن 3.4 في المئة فقط من نحو ألف من المسطحات المائية كان يستوفي العام الماضي أعلى معايير "المستوى الأول".
وفي النشرة السنوية الخاصة بالبيئة قالت الوزارة إن 63.1 بالمئة من المواقع التي خضعت للمراقبة كان عند "المستوى الثالث".
وأوضحت النشرة أن بقية المواقع إما كانت غير قابلة للاستهلاك الآدمي أو أنها لا تصلح إلا للأغراض الصناعية او الزراعية.
وفي عام 2013 صنفت الوزارة 71.7 في المئة من المسطحات المائية عند "المستوى الثالث".
وأشار تقرير العام الماضي الى ان نوعية المياه الجوفية في البلاد تسوء وصنف 61.5 في المئة من المواقع على انها إما سيئة نسبيا أو سيئة للغاية.
وقد شرعت الصين في تنفيذ خطة عمل لحماية جودة موارد المياه الشحيحة بالبلاد.
وتلزم الخطة الشركات في قطاع الصناعات التي تسبب قدرا أكبر من التلوث مثل مصانع الورق والصباغة والكيماويات بمعالجة المياه المنصرفة منها علاوة على توقيع عقوبات مالية رادعة على مخالفي القانون الخاص بتصريف الملوثات.
سكاي نيوز
تسرب بيانات 4 ملايين أميركي باختراق إلكتروني
تسبب هجوم إلكتروني في تسرب البيانات الشخصية لملايين الموظفين في الحكومة الفيدرالية بالولايات المتحدة، وفقاً لما ذكرته وكالة حكومية أميركية تجمع معلومات فردية لموظفين اتحاديين.
وقال مكتب إدارة الأفراد الأميركي الخميس إن اختراقاً إلكترونياً تسبب في تسرب بيانات 4 ملايين شخص، موضحاً أن اختراق أمن الإنترنت أثر على بيانات موظفين اتحاديين حاليين وسابقين.
ووفقاً لتقارير إعلامية يشتبه مسؤولون أميركيون في أن الهجوم الإلكتروني منشأه الصين.
وأشارت التقارير إلى أن الاختراق حدث منذ أسبوعين، وأنه يخضع للتحقيق منذ ذلك الحين.
يشار إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أصدر في الأول من أبريل الماضي أمراً تنفيذياً بفرض عقوبات على قراصنة الإنترنت الأميركيين والأجانب، بشكل يتيح للحكومة تجميد أرصدة الأشخاص المتورطين في هجمات إلكترونية على أهداف أميركية.
وقال أوباما أثناء إصداره الأمر التنفيذي إن "التهديدات الإلكترونية تشكل واحدة من أخطر التحديات على الاقتصاد والأمن القومي في الولايات المتحدة، وتتبنى إدارتي استراتيجية شاملة لمواجهة ذلك".
سكاي نيوز
اللامنتمي في رواية «366» للسوداني أمير تاج السر
حازت رواية «366» لأمير تاج السر على إحدى الجوائز من «كتارا» في دورتها الأولى. والمتتبع لأعمال هذا الكاتب السوداني يلاحظ مدى اهتمامه بعالم اللاشعور، ووقوفه مع هفوات الإنسان النمطي، الذي لا يستطيع أن يتعرف على نفسه. فهو غالبا ساخط على الحظ والقدر وينظر بعين الشك والريبة للحالة الاجتماعية. والأهم من ذلك أنه يرى في الأحزاب السياسية نوعا من السفسطائية، ناهيك عن نظام الخوف والترهيب الذي تفرضه السلطات.
ولا شك أن هذه الرؤية لا تأتي من فراغ، فقد مهد لها الطريق رمز من رموز الرواية العربية وهو نجيب محفوظ. من منا ينكر حالة الضياع التي خصص لها نجيب محفوظ نصف حياته الفنية، بدءا من «اللص والكلاب» وحتى «أفراح القبة». لقد رسم صورة اغترابية ومجحفة بحق أبطاله ومساعديهم. ولم يترك لهم في خاتمة المطاف غير المقابر. ولا يخفى على أحد ما في هذا الاختيار من تجريد، فهو يساوي الحياة مع الموت. ويمكن أن نصل لهذه النتيجة نفسها مع أمير تاج السر في هذه الرواية التي تبدأ وتنتهي برسالة من شخص اسمه «المرحوم»، والتي تختار لنفسها مجالا تحده مرايا متعاكسة، لأن موضوع الفصل الأول هو اليأس واختيار الموت عن طريق الانتحار. يعني بتدخل مباشر يلغي الدورة الطبيعية للنفس، وموضوع الفصل الأخير هو الكلام عن عشق يبلغ درجة التبتل ولا يوجد حل له غير الموت، ولذلك إن ما يهمنا هنا هو المرسل، وليس المرسل إليه، وبالأخص أن المرحوم موجود ولدينا دليل إثبات أنه من بقايا الجيل اللامنتمي، وأنه يوزع حياته بالتساوي على شرطه الإنساني، ثم على تصوراته وعالمه النفسي. بينما المرسل إليه خيال أو صورة في الذهن، وربما هو رمز مجرد لما نقول عنه المكبوت.
وباعتبار أن الأحداث تدور حصرا في عالم، 90 في المئة منه ذكور لا بد للصور والرموز أن تكون مؤنثة. وعليه أجزم أن حب بطل الرواية لأسماء «بشخصيتها المركبة: صورتها التي تنقصها التفاصيل والتي نتعرف عليها من النشاط النفسي للمرحوم»، لا تدخل في حالة الحب العذري. فهي ليست قصة عاطفية أصلا. وهذا ما تثبته لنا الحبكة التي تتطور من النهاية إلى البداية، ومن خلفيات المجتمع أو من هوامشه وحتى جوهره المأزوم.
فقد نذرت الرواية نفسها لبناء مشاهد متباينة: من الأعراس في الأحياء الشعبية، حتى بيوت الوزراء ومديرية الأمن الوطني، وما بينهما من عجائب ومفارقات تؤثر في الأحزاب والسياسة.
لقد كان معنى شخصية أسماء بهذا السياق عبارة عن رمز فوق واقعي، إنه إشارة من ضمير بطل الرواية، أو أنه طريق هداية، ولعله بديل تجريدي للصور المحسوسة، وهو ينوب حتما عن جوهر الإيمان. لقد تحمل بطل الرواية ما لا يتحمله أحد إلا إذا كان مؤمنا. فهو لم يعترض على الشقاء ودرب المصاعب، وسار على الوحل والشوك بهمة من يتوجه إلى فجيعة « (ص 10).
حقا، إن بطل رواية «366» اختلف مع نفسه، ولكنه لم يكن عدميا على شاكلة أبطال حداثة الستينيات، أمثال زكريا تامر وغادة السمان. إنه لم يعتنق مبدأ الرفض لمجرد الاستنكار والهجاء، ولا كان مثل غيره من أبطال الجيل المعاكس أمثال شخصيات جاك كيرواك في روايته المعروفة والرائدة «على الطريق»، فهو لم يهرب مثلهم من الموضوع نحو الذات، ولم يختلف مع المبدأ القانوني للحرية «أقصد أن حريتك تنتهي حينما تبدأ حرية الآخرين».. وكانت خطاياه لا تتعدى الإثم المفروض عليه، الذي هو بدوره جراء الشعور بالعجز.
وبالاستطراد، إنه في رحلته من الضياع إلى الهداية لم يتورط بالمشكلة التي يسميها التحليل النفسي «عقدة أوديب»، وأي قراءة مبسطة للرواية سوف تلاحظ أنها نموذج بدئي لهذه العقدة، أليست هي رحلة بحث عن امرأة ولها رصيد في الذهن وهو رصيد يعود لأيام الطفولة ولرضعة الفطام؟.
ومع ذلك فالرواية بريئة من الدم والعنف، إنها تأخذ من أوديب اهتمامه بالأم ولكنه لا يحل محل الأب ولا يرتكب حياله جريمة القتل المعروفة.
أولا هو لم يخرج على الأصول المرعية في تسلسل الأحداث، وتتاليها وفي ترابط الأسباب بالنتائج، ثم في طريقة بناء الشخصيات التي هي صورة عن تقاليد مجتمع بطريركي وله خلفيات طوطمية، والمثال على ذلك طقوس الموت عند شمس العلا، وأساليب الصراع للبقاء عند جارته الجديدة عفراء.
وثانيا حتى الجرائم التي وردت في الرواية لم تنتهك الشرط الخاص للحياة، فهي جرائم نظيفة ومن غير نقطة دم واحدة، وأضرب مثلا على ذلك الأسلوب المبتكر في قتل تجار الماشية (ص 135).
ثم ثالثا وأخيرا، لقد انتهت قصة العشق أو الغرام العفيف بموت العاشق من غير إسراف بالدراما، وكذلك من غير أي وعود بالخلاص، وكان موت البطل «الذي تسميه الرواية بالمرحوم» تصعيدا للجوهر الإيماني وبمثابة عودة إلى الفطرة أو اللاشعور، وربما اللامتناهي، وبقليل من التساهل يمكن أن أرى أنه فعلا قرار رمزي والغاية منه الاتحاد مع الصورة الكلية الله.
ولا أعتقد أن هذا التفسير يتضارب مع الرؤية الرمزية لصراع الخير والشر في مجمل أعمال تاج السر، فهو إن صوّر جوهر التوحيد في الألوهية برمز أسماء «ضع في الذهن أنها حبيبته الوحيدة وغير المرئية»، فقد رسم صور الشر المتعددة والمتشابهة في روايته السابقة «قلم زينب»، وفيها إسقاط غير مباشر على شخصية الأفاق محور الأحداث، الذي يبدو للقارئ وكأنه صورة لإبليس، فهو من غير مكان إقامة وليست له هوية محددة، وغالبا وجهه أسمر بسبب ضياء الشمس الحارق.
وهنا أشير لفرضية جورج طرابيشي.. أن أعمال نجيب محفوظ، ولا سيما «الطريق»، هي رحلة رمزية مخصصة للتواصل مع أفضل معنى لصور الجلالة الله. والحقيقة أن صابر بطل «الطريق» كان مدفوعا بدوافع نرجسية تعادي مفهومنا للخير وتقترب من المنطقة الحرام، لقد كانت لديه أسباب تحدوها المنفعة وليس الإيمان، وخلال ذلك لم يتورع عن كل الموبقات، وإذا بدأت الرواية بمشهد احتضار الأم ثم وفاتها، وهذا يحمل بصمات التهام الأم «بطقس أوديبي مروع» فإنها تنتهي أيضا بجريمة قتل مدبرة لرجل عجوز «وفي ذلك بصمات جريمة وأد الأب بطقس أوديبي أيضا». لقد التأم في المشهد قبل النهائي من «الطريق» كل أطراف عقدة أوديب: الزوج العجوز المخدوع، الزوجة الحسناء الفاتنة، والعاشق المتيم مفتول العضلات الذي يقيم معها علاقة زنى، وهذا يعني أن كل أركان الاستعارة الصريحة متوفرة أيضا، وهي: المشبه والمشبه به ووجه الشبه.
وهكذا أعتقد أن «الطريق» تتفق مع رواية «366» في نقطة يتيمة، وهي الانتماء لتقاليد الرواية المضادة، ولكنها تختلف معها في النظر لمفهوم الإيمان ورمزية الله.
لقد كان نجيب محفوظ في روايته لا أدريا وشعائريا، وهذا يتضح بصورة تامة في أعماله الرمزية الأخرى، ولا سيما «أولاد حارتنا»، بينما كان بطل أمير تاج السر أقرب لحالة الوجد وبالدرجة نفسها من الانطواء الرومانسي على الذات، ويكفي أنه قدم حياته ثمنا لقناعاته.
لقد أقدم أمير تاج السر على تطوير الصيغ المعدلة لمشاكل أحفورية لا تذهب من ذهن المثقف العربي في أعمال هي درة العقد لديه، منها «أرض السودان المر والحلو»، التي أرى أنها إعادة صياغة لطرح الطيب صالح في «موسم الهجرة إلى الشمال»، ولكنه اختار أن يكون مسرح الأحداث في السودان وليس أوروبا، وأن تكون الجنوسة معكوسة، بحيث أن العضلات للمؤنث والضمير والوجدان للمذكر، بعبارة أخرى: كان رأس التخلف امرأة دموية تشبه مصاص الدماء الذي ابتكرته الإمبريالية، خلال عصر بناء الإمبراطوريات.
وهذا ينسحب على روايته الاستثنائية «قلم زينب» التي يبز بها «يوميات نائب في الأرياف» لتوفيق الحكيم، وإذا كان هذا العمل رواية مهنية، فهو تصوير لحياة طبيب أثناء العمل في العيادة، مثلما هي رواية توفيق الحكيم الفريدة والرائدة، التي ترسم صورة محقق شاب متحمس، فإن «قلم زينب» رواية تعيد رسم الخطوط بين الموضوعات بواسطة الإزاحة، فالمدينة تتسع لتحتل الفضاء المخصص للريف، بما فيه من طبيعة عذراء وغامضة وتحتاج لمزيد من الجهود لاكتشافها وإعادة تعريفها، أو لتشذيبها من مشكلة الشخصنة والإسقاط، والمرأة تتحول إلى رمز للغواية غير التقليدية وتحتل الفضاء الذهني للرجل المتعلم ولا تكتفي بفضائه النفسي. وإن كان وراء ذلك حكمة: يمكننا أن نردها لحكمة هذه الرواية «366» نفسها.. إن الخطأ في المعايير وليس في المعاني، وإن الخطر يأتي من الحل الراديكالي الذي يفرضه اليأس وضياع الهدف.
كاتب سوري
اللامنتمي في رواية «366» للسوداني أمير تاج السر
صالح الرزوق
هاشم كرار .. من منكم يملك الإجابة؟
استقال طوني بلير من مهمته كمبعوث أممي خاص للجنة الرباعية!
الخبر، ليس جديدا، حتى تبثه الوكالات البارحة، كخبر عاجل!
طوني استقال، حتى قبل أن يبدأ مهمته.
من منكم- يا سادتي- من يعرف إنجازا واحدا لمستر طوني، منذ أن تم اختياره مبعوثا للرباعية.. بل من منكم في الأصل من يعرف إنجازا لهذه الرباعية.. بل من منكم من يعرف إنجازا واحدا للأمم المتحدة، لصالح التسوية الإسرائيلية الفلسطينية، غير بيانات الشجب والاستنكار إزاء أي عدوان إسرائيلي، ظالم وهمجي وفظائعي، ضد الفلسطينيين؟
الأحفاد يحملون جينات الأجداد، فكيف يترجى الفلسطينيون مِن مَن هو جده بلفور- صاحب الوعد المشؤوم- أن يقدم شيئا، ويرد حقوقا، هي بكل مقاييس أجداده، بعيدة المنال!
استقال بلير، أو لم يستقل (مفيش) رباعية أصلا.. عين الكوري القصير- بان- بديلا لبلير أو لم يعيّن، برضو (مفيش).
اسألوا الحماسيين.. وصائب عريقات.
من مبعوث استقال، لمبعوث يستقيل، ستظل القضية الفلسطينية، هكذا تدور في حلقة الاستقالة التي لن تنتهى على الإطلاق. الحلقة مفرغة، والقصد أن تفرغ القضية الفلسطينية، من كل مضامينها مع الحق والتاريخ.
انظروا: كانت «لقضية: قضية العرب المركزية.. ثم أصبحت القضية الفلسطينية، ثم أصبحت المنطقة العربية «الشرق الأوسط»، ثم اتسع الشرق الأوسط، ليصبح الشرق الأوسط الكبير.. ليصير هذا الشرق الأوسط الكبير مسرحا للفوضى الخلاقة، وتنشغل كل دولة فيه بنفسها في مصارعة التشدد والأطماع التوسعية وحروب المذاهب والطوائف، والبقية تأتي، لتحتل القضية المركزية في النهاية، آخر اهتمامات الشرق الأوسط الكبير.. والعالم!
أين هي «القضية» الآن؟
أين جهود السلام؟
كيري، مثل هيلاري، مثل أولبرايت، مثل بيكر، مثل كيسنجر.. كل يمسك بالملف- لا من حيث انتهى إلى قبله، ولكن من حيث يبدأ هو، لينتهي.. وهكذا.. لف ودوران. وفي كل جولة مكوكية لأي من وزير خارجية أميركي، تبرز مسألة جديدة، يدور حولها الحديث، لتنزوي بالتالي المسألة التي قبلها.. وهكذا حتى تصبح «القضية» في النهاية لا قضية ولا يحزنون!
أين القضية الآن؟
سؤال كبير. أكبر من أن تجيب عنه السلطة أو حماس.. أو الاثنان معا في خضم كل هذه الخلافات الفلسطينية الفلسطينية، والخلافات العربية.. وكل هذا المكر الغربي.. وكل هذا اللف والدوران.
أيها السادة: من منكم يملك الإجابة.. من؟!
الوطن القطرية
اكتشاف "لغز" اختفاء بحيرات غرينلاند
نجح فريق من العلماء الأميركيين في التوصل إلى تفسير لاختفاء المياه من بحيرات قابعة على قمة الغطاء الجليدي لجزيرة غرينلاند فجأة خلال العام الماضي، بمعدلات تفوق تدفق المياه من شلالات نياغرا، بعد أن شكلت ظاهرة غريبة أثارت حيرة العالم.
وقال علماء بمؤسسة "وودز هول" لعلوم المحيطات التابعة لمعهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا، إن أعمدة رأسية في الغطاء الجليدي يمكنها أن تنقل المياه المنصهرة إلى أسفل البحيرة الجليدية لترفعها لأعلى، مما يتسبب في إحداث شقوق في البحيرات فوق الجليدية، ويؤدي بالتالي إلى تفريغ المياه من البحيرات في غضون أيام.
وخلص البحث الذي نشرت نتائجه في دورية (نيتشر) إلى أن تجفيف البحيرات بهذه الطريقة يمكن أن يزيد من منسوب مياه البحار من خلال الضخ المفاجئ لكميات هائلة من المياه إلى المحيط، مع تسهيل انزلاق طبقات الجليد بعيدا عن الشواطئ، وفق ما ذكرت وكالة "رويترز".
إلا أن هذه النتائج تشير إلى أن البحيرات التي تتأثر بذلك هي تلك الدافئة الموجودة على ارتفاعات منخفضة على الصفيحة الجليدية، التي تكثر بها الأعمدة الرأسية المعرضة للذوبان.
وقالت كبيرة المشرفين على الدراسة، لاورا ستيفنز: "اكتشافنا سيساعدنا على التنبؤ بصورة أكثر دقة بكيفية تأثير البحيرات فوق الجليدية على الصفائح الجليدية وارتفاع منسوب مياه البحار مع زيادة درجة الحرارة بالمنطقة مستقبلا".
سكاي نيوز
إجراءات قاسية لإصلاح الفيفا
قُرعت أجراس الإنذار في مختلف أنحاء العالم بعد اعتقال سبعة من المسؤولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) في مايو/آيار الماضي، للاشتباه في تورطهم في قضايا فساد. وقد أعلن رئيس الفيفا، سيب بلاتر، أنه سيتنحى عن منصبه بعد ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وهنا تطل بعض الأسئلة؛ كيف أمكن حدوث هذا الفساد، مع بقاء هذه القيادات في مواقعها لسنوات طوال؟ ومن كان يشرف على من يشرفون على شؤون كرة القدم؟
وبالنظر إلى حجم مخالفات الفيفا، وطول أمدها، واتساع نطاقها، فإنها بمثابة تحذير من المخاطر المحتملة في المنظمات التي يديرها أعضاؤها بلا رقيب.
ومن الهام في هذا النوع من المنظمات أن يكون للأعضاء دور كبير في إدارتها، لكن ثمة خطر حال إدارة الأعضاء وحدهم للمنظمات من أن يصبح المناخ العام للمنظمة أشبه بـ"غرفة الصدى"، بحيث تغلب المصالح الفردية للأعضاء على مصلحة الكيان ككل.
ولا تقتصر هذه المخاوف على الفيفا، فمثلا اضطرت المجموعة المتحدة، وهي أكبر مجموعة اقتصادية تعاونية في المملكة المتحدة، لتغيير هيكلها الإداري. وتدير هذه المؤسسة مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأنشطة الاقتصادية، تتضمن مصرف، وسلسلة متاجر، ووكالات للسفر، ودور للجنائز وغيرها الكثير.
وكان الدافع وراء التغيير هو حدوث سلسلة من الازمات في النشاط المصرفي، تلاها نشر عدد من الموضوعات الصحفية عن الكوارث الإدارية، والميزانية غير المنضبطة.
ابحث عن الجذور
وأحد أكبر الازمات في المنظمات المماثلة للفيفا هي سعي أعضاؤها إلى التأثير على قرارات المجموعة، بحيث تفيد رغباتهم ومصالحهم واحتياجاتهم، على حساب مصالح المنظمة ككل.
كما تعاني هذه المنظمات من غض الطرف المتعمد، أي تجاهل الأعضاء للمشكلات، أو الفرص التي قد تستفيد منها منظماتهم، طالما أن احتياجاتهم تُلبى بشكل فردي. ويؤدي تفاقم هذه الأمور في النهاية إلى تدمير المنظمة برمتها.
ولكن الجانب الإيجابي في هذا السياق أن الفشل الإداري وغياب قواعد إدارية محددة قد يكون هو نفسه حلا للمشكلة.
وقيادة هذه المؤسسات هي من تحدد الأسلوب السائد فيها، فلا يمكن لمجلس إدارتها أوفريقها التنفيذي الاكتفاء بإعلان عدم انحياز قراراتهم، وأنها تصب في صالح المنظمة ككل. لكن عليهم العمل بنزاهة وشفافية، وأن يكونوا مستعدين للمساءلة حال حدوث مشكلة. كذلك عليهم وضع معايير ثابتة لضمان دوام هذه.
إدارة جديدة للفيفا
ربما تبدو هذه العملية صعبة، على حسب وضع المؤسسة. لكن هناك ثلاثة مراحل هامة للتغيير؛ التحطم، والاعوجاج، والانضباط.
والفيفا تعتبر نموذجا مثاليا للمنظمة المحطمة. وبعد إعلان بلاتر عن تركه منصبه، وستُعقد جمعية عمومية استثنائية لانتخاب رئيس جديد. لكن ذلك لن يكون كافيا؛ إذ أن المنظمة بحاجة إلى تغيير شامل من جذورها.
وتحتاج المنظمة تغيير كامل في هيكلها الإداري. وهنا يجب الفصل بين دور الرئيس التنفيذي، ودور رئيس الاتحاد. كما يجب إجراء تحقيق شامل وصارم، على يد مستشارين موثوق بهم من خارج الفيفا. وكذلك يجب أن يجري التحقيق طرف محايد يحظى بسمعة حسنة على الصعيد الدولي، ليتولى التحقيق، ورفع التقارير، و المساعدة في التمهيد لإعادة هيكلة المنظمة.
والسؤال هنا: إلى من سيرفع هؤلاء المستشارون تقاريرهم؟ فانتخاب رئيس جديدللفيفا لن يحدث قبل ديسمبر/كانون الأول المقبل على أقرب تقدير. لذا، يجب إفساح المجال أمام اختيار رئيس مؤقت أو مجلس من أشخاص لم تطالهم الفضيحة الأخيرة.
أما إذا بقي بلاتر، سيصبح كما لو أنه "يدير الفيفا من قبره"، بحيث ينشغل بتاريخه الشخصي، أكثر من الاهتمام بإحداث التغيير الحقيقي المطلوب.
قواعد الإصلاح
أما إذا ما بدت المشكلات غير قابلة للإصلاح، ثمة خيار جذري آخر، وهو حل الاتحاد برمته، والبدء من جديد. ويمثل ذلك سبيلا للقفز من مرحلة المنظمة المحطمة إلى المنضبطة. وأحيانا يكون هو الخيار الوحيد للمضي قدما.
وهناك الكثير من المؤسسات التي تكون في مرحلة الاعوجاج، وليس التحطم. بعضها بدأ إعادة هيكلة الإدارة والقيادات، لكن هذا النوع من التغيير لم يعد كافيا. وهناك مؤسسات أخرى تمثلت أزمتها في حدوث مشكلات. وفي كلتا الحالتين، يجب الإقدام - بجراءة وشجاعة - على إحداث تغيير.
أما بالنسبة للمؤسسات الجديدة، يمكن القول إنها تحظى بموقف جيد للغاية، إذ تبدأ عملها بصفحة بيضاء، ولديها الفرصة للاستفادة أخطاء السابقين. وثمة العديد من الأمور التي يتعين إرساؤها وتوضيحها منذ البداية؛ أولها اختيار شخصيات مستقلة في مجلس الإدارة لتقديم رأي غير منحاز أو محسوب على جهة، تماما كما في الشركات الناشئة.
كما أن تحديد فترات البقاء في المناصب أمر شديد الأهمية لرئيس المنظمة، وأعضاء مجلس الإدارة.
كذلك يجب الفصل بين مهام رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي، بحيث تظل المؤسسة مستقرة نسبيا حال حدوث أزمة تودي بشخص أو أكثر. كما يحمي هذا الإجراء أعضاء المجلس الذين ينادون بالتغيير، إذ سيكونون أقل عرضة للانتقام إذا فشلت محاولاتهم.
وهناك شيء أساسي آخر غالبا ما يُغفل، وهو أهمية توضيح أدوار أعضاء مجلس الإدارة. بحيث يتضح إذا ما كانوا يمثلون مصالحهم ومنظماتهم، أم يتخلون عن ارتباطهم المباشر بتلك المنظمات أم يعنون فقط بصالح المنظمة الأكبر.
ولاشك أن المنظمات التي تقوم على عضوية كيانات أصغر، مثل الفيفا، تُدار بالشكل الأمثل عندما تلتزم بقواعد إدارية سليمة، ويشغل عضوية مجالس إدارتها أشخاص متعلمون وملتزمون بتحقيق مصالحها.
وتنشأ هذه المنظمات لتحقيق الصالح العام، لكن النوايا الحسنة لا تكفي، سواء أكان الأمر يتعلق بمؤسسات ضخمة مثل الفيفا، أو مؤسسات أصغر. وقد يكون إصلاح مثل هذه المؤسسات مهمة شاقة، ولكنها يجب التصدي لها في مرحلة مبكرة قدر الإمكان، بحيث يكون التغيير أسهل، وأكثر فائدة.
لوسي ماركوسكاتبة وخبيرة أعمال
BBC
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)