الخرطوم ـ نفى الصادق المهدي رئيس حزب الأمة المعارض وجود ضغوط من المجتمع الدولي على «قوى نداء السودان» بعكس الضغوط على الحكومة السودانية، مشيرا إلى أن الخرطوم عانت بشدة من تلك الضغوط وقدمت تنازلات كبيرة، معتبرا أن المفاوضات مع الخرطوم لم تفشل، وأنهم كانوا على وشك توقيع اتفاق.
وقال في حديث لـ «القدس العربي» إن المجتمع الدولي ظل يضغط بقوة على الحكومة، وصدر عن مجلس الأمن أكثر من 63 قرارا، أغلبها حول الفصل السابع مما يعني أن النظام خطر على الأمن والسلم العالميين. وأضاف أن المجتمع الدولي لن يتحدث عن رفع الديون البالغة 50 مليار دولار دون حدوث سلام، ولا تزال العقوبات الاقتصادية القاسية مستمرة، وهنالك ملف مكافحة الإرهاب.
ويرى المهدي عدم وجود أي ضغوط على قوى المعارضة في الفترة الأخيرة ـ كما يتراءى للكثيرين ـ وأوضح أن قبولهم للتفاوض مع الحكومة ناتج من رؤية جماعية وقناعات حقيقية. وقلّل من الحديث عن فشل التفاوض، ووصف رفع المفاوضات من قبل الوسيط الأفريقي (إلى أجل غير مسمى) بالصدمة للفت انتباه الطرفين، مضيفا أن التفاوض قطع شوطا كبيرا، وكان الطرفان قاب قوسين أو أدنى من توقيع اتفاق. وأبدى عدم رضائه لرفع التفاوض، مضيفا أنه يبذل الآن جهودا كبيرة مع كل الأطراف لإيجاد معادلة تقرّب وجهات النظر.
وحصر خلافات التفاوض في أربع نقاط في المسارين. وأشار إلى وجود خلاف في نقطة واحدة حول جنوب كردفان والنيل الأزرق بخصوص توصيل المساعدات الإنسانية تتعلق بإيجاد معادلة بين السيادة الوطنية وتوصيل المساعدات من الخارج. ولفت المهدي إلى أن الاتفاق تم على إيصال المساعدات عبر منطقة أصوصا بأثيوبيا بعد أن كانت الحركة الشعبية تصر على ثلاث مناطق.
وقال إن التفاوض مع حركات دارفور المسلحة انحصر في ثلاث نقاط فقط هي: مواقع القوات الدارفورية وكيفية التعامل معها أثناء وقف العدائيات، وهنالك خلاف حول تكوين الآلية التي تشرف على توزيع المعونات الإنسانية، أما نقطة الخلاف الثالثة فهي حول إطلاق سراح الأسرى.
وقال المهدي إن الخلافات كانت (واسعة جدا) ثم بدأت تضيق وتنحصر في نقاط بسيطة، وعبّر عن تفاؤله الشديد بالتوصل إلى حلول في المرحلة المقبلة.
ونفى أن يكون التوقيع على (خريطة الطريق) شقّ صفوف المعارضة وقال: «قوى الإجماع الوطني وقعت كلها على مشروع (نداء السودان) الذي ينص على الدخول مع النظام في حوار باستحقاقاته أو إسقاط النظام عبر الانتفاضة الشعبية. لكن بعض الفصائل تذبذب موقفها مؤخرا ورفضت الحوار من أساسه، والعناصر التي رفضت الحوار مع الحكومة محدودة وهذا لا يعني وجود شرخ في قوى «نداء السودان».
ورفض المهدي مزاعم الحكومة بأنهم وقعوا على خريطة الطريق التي رفضوها في آذار/مارس 2016، مشيرا إلى أن حوارهم مع الوسيط الأفريقي ثامبو امبيكي توصل إلى «تعديل في أجندة التفاوض» مع الإبقاء على نص خريطة الطريق، موضحا أن هذا يعد انتصارا لهم.
وجدد موقف المعارضة من الحوار الوطني الذي يدور في الخرطوم، مؤكدا أنهم بصدد حوار وطني شامل يجري خارج السودان بمشاركة الحكومة وقال: «لسنا معنيين بحوار الداخل رغم أنه تبنّى معظم رؤى وأطروحات المعارضة المتمثلة في تحول ديمقراطي كامل يرتكز على كفالة الحريات، تحقيق السلام، حكم انتقالي، ووضع دستور جديد للسودان، ونحن أثّرنا في حوار الداخل دون أن نشارك فيه لأن توصياته اعتمدت نسبة كبيرة من رؤيتنا، لكن هذا لا يعني أننا سوف نشارك فيه».
ونفى الصادق المهدي قيادته لتيار يهدف لتحقيق تسوية سياسية تنقذ البشير من المحكمة الجنائية وتبقي على الوضع كما هو ، مشيرا إلى أن الحكومة عرضت عليه ثلاث مرات الدخول في مشاركة واسعة تتضمن توليه رئاسة مجلس الوزراء لكنه رفض، وقال: «أريد حلا سودانيا شاملا يشارك فيه الجميع، وهنالك فرصة سانحة الآن لإيجاد حل كما حدث في جنوب افريقيا وشيلي وبولندا حيث تحول الصراع إلى اتفاق يستجيب لمطالب الجميع، وما زالت هذه الفرصة موجودة، وكما صبرنا على الحرب يجب أن نصبر على السلام».
وقال المهدي إن أهدافهم ثابتة ولم تتغير وتتلخص في إيجاد السلام والتحول الديمقراطي عبر حوار وطني شامل بكل استحقاقاته مع النظام الحاكم أو عبر الانتفاضة الجماهيرية، مشيرا إلى أنهم يمضون في الحوار بشكل طيب، ومؤكدا أن الانتفاضة لا تستأذن أحدا ولديها وقودها الداخلي من خلال تراكم الغضب والضغوط على الشعب.
صلاح الدين مصطفى
القدس العربي