دعت المعارضة في جنوب إفريقيا، الأحد، إلى تحقيق كامل في تقاعس الحكومة عن اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير، الذي يواجه اتهامات بالإبادة الجماعية من المحكمة الجنائية الدولية.
وطالب التحالف الديمقراطي المعارض مكتب المدعي العام أن يحدد من المسؤول عن التفويض باستخدام موارد الدولة للسماح بعودة البشير إلى بلاده، بعد ان حضر قمة للاتحاد الإفريقي بجوهانسبرغ.
والاثنين الماضي وقبل أن تصدر محكمة في بريتوريا حكما بأنه ينبغي احتجاز البشير في جنوب إفريقيا وتنفيذ مذكرة اعتقال المحكمة الجنائية الدولية، غادر البشير البلاد عن طريق قاعدة ووتركلوف الجوية عائدا إلى الخرطوم.
ووجهت المحكمة الجنائية الدولية اتهامات للبشير، الذي يحكم السودان منذ أكثر من 25 عاما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.ولم يرد مسؤولون من جنوب إفريقيا على طلبات بالتعقيب، بينما تفادى الرئيس جاكوب زوما الأسئلة عن الموضوع، بعد أن ألغيت جلسة في البرلمان بهذا الشأن، الخميس.وجاء في بيان التحالف الديمقراطي "مع مرور الوقت منذ هروب الرئيس السوداني عمر البشير من البلاد، تزداد الأدلة التي تشير إلى مخطط محكم ومنسق بعناية من الرئاسة بالتواطؤ مع أجهزة الأمن لتسهيل هروبه".
حطّمت طائرة الرئيس السوداني، عمر البشير، بهبوطها في مطار الخرطوم، يوم الإثنين الماضي، 15 يونيو/ حزيران، المذكرة الصادرة بأمر اعتقاله في أثناء حضوره القمة الأفريقية الخامسة والعشرين في جوهانسبرغ.
قدّمت المذكّرة إحدى منظمات حقوق الإنسان في جنوب أفريقيا، ملتمسة من محكمة بريتوريا العليا إصدار أمر لحكومة جنوب أفريقيا بمنع البشير من مغادرة البلاد وإلقاء القبض عليه، لتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية. وفي أمر الاعتقال هذا، تجديدٌ لمذكرة المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرتها عام 2009، متهمة الرئيس البشير بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وتتعلق الاتهامات بالصراع في دارفور منذ 2003، والذي أدى إلى مقتل آلاف الأشخاص، وتشريد الملايين.
كان احتمال اعتقال البشير كبيراً، وفقاً لتصريحات المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، لأنّ جنوب أفريقيا تخضع لالتزام قانون روما بالقبض عليه، وتسليمه للمحكمة. وآملة، في الوقت نفسه، بأنّه عند القبض عليه، ينبغي إحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية التي أُحيلت إليها قضيته من مجلس الأمن عام 2005.
لا يكلّ الرئيس السوداني عمر البشير ولا يملّ الأسفار، منذ أعلنت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتها عام 2009. وبهذه الحركة الدائبة جرّ مشكلات كثيرة أوقعت الشعب السوداني في موقف أخلاقي، من تقييم كثير من مواقف الدول التي تُحرِج البلاد في شخصه.
لم يتوان البشير عن السفر إلى جنوب أفريقيا، بحمايةٍ وفرّها له الاتحاد الأفريقي، كونه ضيفاً تحت مظلته. وكأنّ البشير لا يدري أنّ الاتحاد نفسه بحاجة إلى حماية، وهو يضم نحو 43 دولة وقّعت على اتفاقية روما المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية التي أُنشئت عام 1993. ومنذ ذلك الوقت، وجهّت المحكمة الجنائية الدولية تهماً لثلاثين شخصاً، ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية في ثماني دول أفريقية، هي الكونغو الديموقراطية، جمهورية أفريقيا الوسطى، أوغندا، السودان، كينيا، ليبيا، ساحل العاج، مالي.
ولعل التحقيقات التي فُتحت في جمهورية الكونغو الديموقراطية وأفريقيا الوسطى ومالي وأوغندا، وجاءت بطلب من هذه الدول، بوصفها موقعة على اتفاقية روما، تختلف عن القضايا المتعلقة بالسودان وليبيا، والتي تم فتحها بطلب من مجلس الأمن الدولي، لأنّهما غير موقعتين على الاتفاق. وبالإضافة إلى أنّ الاتحاد الأفريقي يضمّ، من بين أعضائه، أكثر الرؤساء ديكتاتورية في العالم، فإنّه يتسنّم رئاسته حالياً الرئيس روبرت موغابي، الذي يمكث في سدة الحكم في زمبابوي منذ 1987، ثم سعى بعدها إلى تمديد مدة إقامته على رأس الحكومة، بعد تعديل الدستور لإطالة فترة حكمه الذي حوّل البلاد إلى مستنقع من الفساد السياسي والاقتصادي.
ليس هذا هو الهروب الكبير الوحيد بالنسبة للرئيس السوداني عمر البشير، على الأقلّ أفريقيّاً، فقد تعرّض للتوقيف في العاصمة النيجيرية، أبوجا، التي غادرها قبل إكمال جلسات القمة الأفريقية المخصصة لمناقشة أمراض الملاريا والإيدز والسل في أفريقيا، وذلك في يوليو/ تموز 2013. وقد تحركت أيضاً المنظمات الحقوقية النيجيرية، آنذاك، وحثت إدارة الرئيس النيجيري السابق، جودلاك جوناثان، قبل زيارة الرئيس السوداني بالالتزام بتعهداتها، باعتقاله فور وصوله، تنفيذاً لمذكرة المحكمة الجنائية الدولية.
ومثلما اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أنّ زيارة البشير نيجيريا تمثل امتحاناً حقيقياً لالتزام نيجيريا بقرارات المحكمة الجنائية، ها هي تعبّر، أيضاً، بأنّ مجرد السماح للرئيس البشير بالذهاب إلى جنوب أفريقيا، من دون اعتقاله، يمثّل وصمة كبرى في سمعتها، وتستغرب من أنّ الالتزامات القانونية لجنوب أفريقيا كعضو في المحكمة الجنائية الدولية، من المفترض أن تعني التعاون لاعتقال البشير، وليس التواطؤ معه في ترتيب هروبه.
ومن هذا الخندق للجنائية الدولية في أفريقيا، تردد الرئيسان السوداني عمر البشير والمصري عبد الفتاح السيسي، في الذهاب إلى جوهانسبرغ. لم يحتمل الأخير وصم الشارع الأفريقي له بالرئيس الدموي الذي يعتقل الشرفاء، وينكل بالمعارضين، وهي أفريقيا نفسها التي كلما حاول الاقتراب منها زادته صدّاً وبعداً، فاتخذ قراره بعدم الذهاب، خصوصاً بعد التظاهرات في جوهانسبرغ المنادية بتسليمه للمحكمة، بتهم الإبادة الجماعية. أما الرئيس البشير فأخذ الأمر كتحدٍ، ما دعاه إلى خوض المغامرة، غير مكترث بما يمكن أن تجرّه له، وللبلد الذي يمثّله.
الأكثر مدعاة للإثارة والتوقف أنّ الرئيسين، السوداني والمصري، يفقدان بوصلتهما شيئاً فشيئاً. يناضل البشير من أجل كسب البوصلة العربية، بعد أن فقد اتجاهه الأفريقي، وتعاطف الاتحاد الأفريقي معه. ويبدأ السيسي من حيث انتهى البشير، فبعد أن فقد الدعم العربي، وبهتت العطايا التي كان يريدها من الخليج، بدأ يتلمّس الطريق إلى أفريقيا. ولكن، لا الدول الأفريقية، على مستوى حكامها الديكتاتوريين، أو على مستوى شعوبها المنكوبة بهذه العهود الجاثمة على صدرها، وكاتمة أنفاسها، لديهم الصبر في عقد تجارب التقارب هذه، ولا الدول العربية لديها استعداد للاحتفاء بهما.
تسبّب البشير بمشكلة لنفسه ولبلده وللقمة الأفريقية والدولة المضيفة، وهذه مجموعة مشكلات تتجاوز مسألة الحرج إلى الوقوف أمام حسابات دولية وإقليمية كبيرة. ولا تنحصر، كما يعتقد، وهو في أسوأ مطاردة حدثت لرئيس سوداني، في نقطة إقلاع طائرته التي أبرزت معها وضعاً أمنياً إضافياً أجبر مضيفه، جاكوب زوما، إلى نقلها من مطار تامبو الجنوب أفريقي الدولي إلى قاعدة وتركلوف العسكرية.
كان على الرئيس الجنوب أفريقي عدم التدخل في الإجراءات القضائية المستقلة، وفي الوقت نفسه، كان عليه ترتيب إخراج الرئيس السوداني من البلاد بسرعة، لأنّه لو تم القبض عليه هناك، سيكون الوضع أكثر سوءاً لجنوب أفريقيا. ويتضح، هنا، أنّ حماية زوما البشير ليس بالحرص على شخصه، ولكن لأنّ الاعتقال كان سيوقع الرئيس الجنوب أفريقي ودولته في مصاعب شتى. فمن الناحية الإقليمية، تتراءى لجنوب أفريقيا قيادة القارة، بوصفها مثالاً للدولة الديمقراطية التي تتمتع بسند شعبي، على اتساع القارة الأفريقية، كما تتمتع بالتعاطف، كونها بلد أيقونة التحرر الأفريقية، نيلسون مانديلا، والتي ما زالت تحمل عبء ذكرى الأبارتهايد والتمييز العنصري، جنباً إلى جنب مع قصة نضاله. فلا بد لجنوب أفريقيا أن تضع اعتباراً لحماية دول القارة، والتعاطف مع شعوبها المظلومة. ولا تجازف دولةٌ، مثل جنوب أفريقيا، بسمعتها الدولية، ووضعها القيادي للقارة، وفي الوقت نفسه، تحاول الظهور بمظهر الدولة المعافاة من علاقاتها مع النُظم الديكتاتورية.
أما الفائدة الكبرى التي يمكن أن تكون قد تحققت، بشكل خاص، لشعبي وادي النيل، على الرغم من تخلّف الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن حضور القمة الأفريقية، وهروب الرئيس السوداني، عمر البشير، قبل إلقاء كلمته، فتظهر في قوة التحرك وقيمة الفعل بالاحتجاج الشعبي، ونشاط منظمات المجتمع المدني، حتى لو كانت خارج حدود الدولتين الموبوءتين بمثل هؤلاء الحكّام.
سيحتفظ أرشيف الصور التذكارية للقمة الأفريقية بمظاهر التوتر التي اعتلت وجوه القادة، وأغلبهم من الديكتاتوريين القدامى، وهي كالحة من فرط الرعب. كما سيحفظ لهم التاريخ انقسامهم إزاء قرار اعتقال البشير إلى قسمين، أحدهما مؤيد للاعتقال، والآخر صامت خوفاً من أن يلقى المصير نفسه.
منى عبد الفتاح كاتبة صحفية من السودان. حاصلة على الماجستير في العلوم السياسية. نالت دورات في الصحافة والإعلام من مراكز عربية وعالمية متخصصة. عملت في عدة صحف عربية. حائزة على جائزة الاتحاد الدولي للصحفيين عام 2010، وجائزة العنقاء للمرأة المتميزة عام 2014.
دراما غير مسبوقة في تاريخ الحياة الدبلوماسية والسياسية في العالم. رئيس دولة لا يُطارد من المحكمة الجنائية الدولية فقط، وإنما من محاكم دولة، يحضر مؤتمراً قارياً فيها. يوضع الرئيس السوداني عمر البشير تحت الحبس، ويمنع من الحركة بأمر من محكمة محلية في بريتوريا. خبر سيطر على الأحداث أياماً. وهذه ليست المرة الأولى التي يطارد فيها البشير، أو تدق له أجراس الإعلام العالمي طريداً من العدالة الدولية. وليست هي المرة الأولى التي يهرب فيها الرئيس عمر البشير من قبضة المحاكم في دولة أخرى، فقد سبقها مغادرته أبوجا في نيجيريا، وبقاء مقعد السودان شاغراً بين الرؤساء وزعماء القارة الأفريقية. وسبقها كذلك خروجه، وتركه مقعد السودان شاغراً في الدوحة، في مؤتمر التعاون بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية. وقتها كانت المفارقة أكبر، فقد كان يوم صدور البيان التضامني الخاص من القمة العربية مع البشير، وفي اليوم التالي، كان قادة دول أميركا الجنوبية يرفضون أي فكرة لإدراج بند طارئ حول عمر البشير، وقالت دول أميركا الجنوبية إنها لا ترفض إدراجه ضمن أعمال القمة فحسب، وإنما "على عمر البشير أن يسلم نفسه للمحكمة الجنائية ويواجه العدالة". وانتهى الأمر به أن ترك مقعده شاغراً في قمة تاريخية، وفي الدوحة.
وأصبح من المألوف، وعلى مدى السنوات منذ عام 2007، أن كل رحلة خارجية يقوم بها الرئيس السوداني تتم وسط ضجيج إعلامي قوي، تتناقله وسائل الإعلام العالمية والصحف في كل أنحاء العالم. وأصبح مألوفا أن دولاً إفريقية تنأى بنفسها، وتتحاشى مشاركة الرئيس عمر البشير في المناسبات الوطنية، كما فعلت جنوب أفريقيا نفسها، مراتٍ، حينما حذرته من قبل، وفي مناسبتين، من القدوم مخافة تعرضه للاعتقال. وقد فشل في زيارة إندونيسيا لقمة عدم الانحياز. واللافت أن كل هذا القدر المؤسف من الملاحقة المهينة للرئيس لا يقابل في السودان، ورسمياً، إلا بحالة من الاستخفاف والازدراء، وادعاء البطولة الزائفة والانتصار على المحكمة الجنائية الدولية، ومن دون التجرؤ على مناقشة الأمر، ومدى خطورته وحطه من قدر السودان ورئاسته، ومن رئيسه باعتباره رمز السيادة.
من كل ما تقدم، نجدنا أمام حالة تاريخية لم يعرفها العالم من قبل، تطرح سؤالاً إلى متى؟ فإلى متى تواصل المحكمة الدولية الاكتفاء بإطلاق أجراس الإنذار في سيرك إعلامي عالمي؟ وهل هي عاجزة عن استصدار قرار دولي من مجلس الأمن، يحدد طبيعة الخطوة تجاه الرئيس البشير، لأن استمرار هذا الوضع يهين المحكمة والسودان ومؤسسة الرئاسة فيه، فهل هذا ما تبشر به المحكمة؟ وكيف تنظر الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى هذا السيرك والتهريج باسم العدالة الدولية؟ فإما أن تكون محكمة بصلاحيات، أو أن تتوقف عن أن تكون مصدراً لإهانة الدول ومؤسساتها والمجتمع الدولي كله.
من الجهة السودانية، كفّت ووفّت دموع وزير الخارجية، إبراهيم غندور، عقب العودة الأخيرة إلى الخرطوم، في التعبير عن الدرجة المأساوية التي بلغتها الأمور. ولك أن تتخيل أن رئيس الجمهورية يؤمر بالبقاء في مقر إقامته، ثم يبلغ الأمر ليصبح أمر مشاركته في القمة، وهي الهدف من الزيارة، مستحيلاً. مراسلة "الجزيرة" الإنجليزية، (تغطيتها لتطورات الموقف هي الأفضل بين كل شبكات التلفزة العالمية التي غطت الحدث وبامتياز)، ومن أمام المحكمة، قالت إن المخرج الوحيد للرئيس السوداني أن تنجح حكومة جنوب إفريقيا بإدخاله القاعدة العسكرية القريبة من جوهانسبرغ، والتي يستحيل دخول قوات الشرطة المخولة بالقبض على الرئيس البشير إليها، وماعدا ذلك سيتم اعتقاله.
وقد جسّدت دموع غندور الوضع المأساوي الذي عاشه الرئيس عمر البشير، ومعه البعثة المرافقة والدبلوماسية السودانية، سواء القريبة من الحدث، أو دبلوماسية السودان، حيثما وجدت، فما جرى فوضى وانحطاط لا تريده دولة لرموزها أبداً. ومن غير المقبول أن تستمر هذه الحالة، فالرئيس لا يمكن أن يستمر في وضع يجلب كل هذا الهوان للدولة والشعب، ثم يأتي إلى الخرطوم، ويجندوا له الأمن والمستغفلين وبسطاء الناس، ليقولوا إن كل شيء على ما يرام، وإن "الرئيس قد هرب ونجح في الإفلات، وأهان المحكمة الجنائية".
إما أن تحل الحكومة السودانية الوضع برمته بمواجهته، فإما رئيس كامل الصلاحيات، يمشي بين الناس مرفوع الرأس، كما كان رؤساء السودان ذات يوم، أو أن يبت في أمر استبداله، فقد أصبح رمز الدولة اليوم أحد أسباب الحط من قدرها، وأحد المعوقات لعودة الدولة إلى أحضان المجتمع الدولي، وإقامة علاقات سوية مع كل أعضائه. وأكثر من هذا، معلوم أن كل الوفود الرسمية رفيعة المستوى، من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، تتحاشى مقابلة رأس الدولة السودانية، فهل من إهانة أكثر من هذا؟ الأمر الآخر أنه ما كان للمحكمة الجنائية الدخول إلى هذا الوحل السوداني، إلا أن جرائم ارتكبت في إقليم دارفور، وهذا تؤكده الحكومة نفسها، وعجزت الدولة عن التعامل معها بشكل جدي وعادل ومنصف، علما أن الحكومة السودانية هي من شكلت اللجان للتحقيق، وهي من أثبتت وقوع جرائم ضد الإنسانية في دارفور، وتشريد مئات الألوف وقتل آلاف من أبناء الإقليم في حربٍ، يمكن إيقافها ووضع حلول نهائية لها.
كان في وسع القضاء السوداني وحده التعاطي مع هذه المشكلة، وهو ما أكده لي المدعي العام السابق للمحكمة الجنائية، لويس مورينو أوكامبو، والذي أكد لي أن لجنة المستشار دفع الله الحاج يوسف صاغت تقريراً قانونياً رائعاً وواضحاً، يصلح تماما أن تشكل على أساسه محاكمة لكل الأطراف. وزاد أن 80 % من الوثائق المعتمدة لدى المحكمة الجنائية مصدرها حكومة السودان نفسها. وأقول، هنا، إن أفضل ما أنجزته مفاوضات الدوحة أنها وضعت إطاراً يصلح لحل جذري للأزمة. فماذا تنتظر الحكومة لتقدم على السهل في القضية، وهو الحوار، وليس فقط لدارفور، وإنما الحوار الشامل، مخاطبة كل أزمات السودان، لأن الأزمة في دارفور عرض لأزمة شاملة، دخلها السودان مدفوعاً بسياسات الحكومة الإسلامية الشمولية، والتي فشلت في كل ما جاءت لأجله.
عاد الرئيس عمر البشير إلى الخرطوم، لكن الجراحات والدمامل التي خلفتها زيارته ستظل مصدراً للقلق، داخلياً وأفريقياً وعالمياً. فكل هذه الأطراف معنية بوضع نهاية لهذه المطاردة التعيسة، والمشهد الذي بات مضجراً ومملاً، ويدعو للإشفاق على حال رئيسٍ، يبدو أنه لا يدرك أنه مستهدف لجرائم موثقة، وأن هذه الطبول ستقرع في كل مرة يخرج فيها، فإما أن يكون رئيسا مدركاً أفعاله، ويسعى إلى تجنيب بلاده المذلة والهوان. وهنا، ليس هناك أفضل من شجاعة التنحي عن منصبه، المنقوص بوجوده، والسيادة المهانة، فيكون قد أحسن صنعاً في بلاده، وأهلها ونصاعة تاريخها. أو أن تستمر هذه المهزلة التي ستنتهي، حتماً، بوقوعه في فخ العدالة الذي لا يسقط فيه حق بالتقادم، طال الزمن أم قصر. من يعرف قدر السودان التاريخي المؤسس منظمة الوحدة الأفريقية ومكانة قادته تاريخياً في دعم حركات التحرير الوطني الأفريقية، وحزب نيلسون مانديلا نفسه، يصل إلى نقطة الدموع التي ذرفها وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، ولكن لأسباب أخرى.. على التاريخ المضيع.
طارق الشيخ كاتب وصحفي سوداني، دكتوراة من جامعة صوفيا، نشر مقالات وموضوعات صجفية عديدة في الصحافة العربية، يعمل في صحيفة الراية القطرية، عمل سابقاً رئيس تحرير ل "الميدان" الرياضي السودانية.
يتزايد عدد مبعوثي الأمين العام للأمم المتحدة، مع تزايد بؤر التوتر في العالم، ووصل عدد هؤلاء في الوقت الراهن إلى 111 مبعوثاً خاصاً موزعين على مختلف القارات والمناطق الجغرافية الساخنة في العالم، يعمل ثلثاهم كوسطاء في صراعات مسلحة أو قضايا شائكة، فيما يعمل الثلث الثالث في قضايا غير سياسية لكنها مهمة، لما تمثله من تحديات عالمية كبيرة تؤثر على قطاعات واسعة من سكان العالم صحياً، اقتصادياً، اجتماعياً، تنموياً، إنسانياً أو غير ذلك.
"العربي الجديد" تفتح ملف المبعوثين الدوليين لتسليط الضوء على اللغط السائد حول مهامهم، ومحاولة فهم أسباب الانتقادات الواسعة للمنظمة الدولية التي بادرت هي نفسها قبل أسابيع، وفقاً لما علمته "العربي الجديد" من مصدر مطلع على ما يجري في كواليسها، بتشكيل لجنة داخلية من خبراء ودبلوماسيين سابقين، من دون إعلان أو ضجيج، لإجراء مراجعة متأنية ودراسة الجدوى من بعثاتها إلى مناطق الصراع، في ظل تضارب المصالح الدولية، وعدم القدرة على تحدي مصالح كبار مموّلي المنظمة.
ولا تزال اللجنة تعمل على مراجعة وتقييم مدى النجاح أو الفشل الذي تحقق أو لم يتحقق طوال العقود الماضية، وعلى وجه الخصوص في عمل المبعوثين السياسيين الذين نجح معظمهم في تحقيق إنجاز واحد مشترك في كل القضايا، وهو جعل الأطراف المتصارعة التي لا تجتمع على شيء أبداً تتوافق على توجيه اللوم لهم، وتحميلهم مسؤولية نزاعات كانت سبباً لوجود المبعوثين ولم يكونوا سبباً لوجودها أساساً، حسب تعليق أدلى به لـ"العربي الحديد" أحد أبرز المبعوثين إلى المنطقة العربية.
ويولي هذا الملف عناية خاصة بالمبعوثين إلى المنطقة العربية من مختلف الجنسيات وكذلك بالمبعوثين العرب إلى مختلف الصراعات والقضايا العالمية. وربما لا يوجد حالياً سوى ثلاثة مبعوثين فقط تنطبق عليهم الصفتان (أصل عربي وقضية عربية)، من بين 19 مبعوثاً يمثلون الأمين العام للأمم المتحدة في 9 بلدان عربية (أفريقية وآسيوية). ويعتصر الصراع السياسي 8 من البلدان التسعة، تحوّلت أربعة منها على الأقل إلى بؤر عنف رئيسية، وماجت بالصدامات المسلّحة، الأمر الذي جعل المبعوثين إليها لا يحصرون عملهم فيها بل وسّعوه إلى دول مجاورة تؤثر وتتأثر بالصراعات في تلك البؤر، وهو ما جعل بعض المراقبين يتندر بأن توسيع عمل المبعوثين نذير شؤم ينذر بنشوء بؤر صراع جديدة في الدول التي يزورونها.
مناطق الصراع
لا توجد بؤرة توتر أو صراع في العالم حالياً إلا وفيها مبعوث يمثّل الأمين العام للأمم المتحدة كوسيط محايد، أو هكذا يفترض أن يكون. وكلما زاد عدد الصراعات في قارة من القارات أو في منطقة جغرافية معينة في عالم اليوم، زاد عدد المبعوثين الأمميين إلى تلك المنطقة أو في تلك القارة. بل إن بعض الصراعات في مناطق معينة يمثّل الأمين العام فيها أكثر من مبعوث في وقت واحد، وبعضهم يتم تعيين نائب له يدخل أيضاً في العدد الكلي لقائمة المبعوثين. ويتزايد عدد المبعوثين الأمميين تزايداً اطرادياً مع فداحة المشكلات ومدى اتساع رقعة العنف في المنطقة الجغرافية الجاري فيها الصراع.
ومن بين 75 مبعوثاً سياسياً يمثلون الأمين العام للأمم المتحدة إلى مناطق الصراع في العالم، تأتي أفريقيا في مقدمة القارات التي استحوذت على أكثر من نصف هؤلاء المبعوثين، إذ يوجد فيها 43 مبعوثاً أممياً يمثلون الأمين العام للأمم المتحدة في 17 بؤرة صراع، أهمها: بوروندي، ليبيا، الصحراء الغربية، الصومال، الكونغو الديمقراطية، أفريقيا الوسطى، أبيي، جنوب السودان، دارفور، غرب أفريقيا، غينيا - بيساو، غينيا الاستوائية وغابون، كوت ديفوار، ليبيريا، مالي، إلى جانب الاتحاد الأفريقي الذي يُعتبر في حد ذاته بؤرة صراع منفصلة. ولم يتمكن المبعوثون الحاليون إلى بؤر الصراع الأفريقية أو من سبقهم من إيجاد حلول ناجعة لها.
وبالمقارنة مع قارة أفريقيا، فإن بؤر الصراع يتناقص عددها إلى حد كبير تناقصاً اضطرادياً مع تناقص عدد مبعوثي الأمم المتحدة في أوروبا والأميركتين وشرق آسيا.
ففي الأميركتين تكاد تكون هاييتي هي بؤرة العنف الوحيدة، ويوجد بها أربعة مبعوثين دوليين، وفي أوروبا بكاملها توجد أربع بؤر رئيسية للصراع قد يكون الصدام المسلح مكبوتاً فيها حالياً ولكنها تظل دوماً مهددة به وهي قبرص وكوسوفو وجورجيا وجمهورية مقدونيا. وكل بؤرة من بؤر الصراع الأوروبية يمثل الأمم المتحدة فيها مبعوث واحد باستثناء قبرص التي يمثّل الأمين العام فيها مبعوثان هما المستشار الخاص للأمين العام بشأن قبرص والممثل الخاص للأمين العام، ورئيس قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص.
أما آسيا فيوجد فيها أربع بؤر رئيسية للصراع غير عربية وهي أفغانستان، وميانمار، وآسيا الوسطى، وكشمير. وتنفرد أفغانستان بثلاثة مبعوثين أمميين، بينما يمثل الأمين العام مبعوث واحد بكل بؤرة من البؤر الثلاث الباقية. ويسمى المبعوث المعني بكشمير بكبير المراقبين العسكريين ورئيس بعثة فريق مراقبي الأمم المتحدة العسكريين في الهند وباكستان.
أما إذا ما تم احتساب المبعوثين إلى المنطقة العربية في إطار العدد الكلي لقارة آسيا فسوف تأتي آسيا في المركز الثاني بعد أفريقيا من حيث الصدارة في عدد المبعوثين الدوليين، إذ يرتفع العدد إلى 22 مبعوثاً، بينهم 6 فقط يمثلون الأمين العام في بؤر صراع آسيوية غير عربية، بينما يمثل 16 مبعوثاً أممياً الأمين العام في دول المشرق العربي.
بؤر عربية
عدد المبعوثين إلى المنطقة العربية بشكل عام يكاد يقترب من عدد أعضاء جامعة الدول العربية التي لا تمثل عددياً سوى 11 في المائة من عدد أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة (193 دولة)، ومعنى ذلك أن المنطقة العربية قد استحوذت على ما تقدر نسبته بـ24 في المائة من الصراعات المسلّحة في العالم بما يتجاوز ضعف النسبة العددية للدول العربية، إذا ما اعتبرنا عدد المبعوثين مؤشراً لسخونة الأوضاع في أي بقعة جغرافية في العالم.
حالة عربية استثنائية واحدة لمبعوث واحد فقط يمثل الأمين العام للأمم المتحدة في دولة عربية لا تُعتبر بؤرة صراع أو صدام مسلح، وهي الكويت، التي يمثل الأمين العام للأمم المتحدة مبعوث للشؤون الإنسانية فيها، أما بقية المبعوثين فيتوزعون على خمس بؤر عربية رئيسية للصراع، لم تُحتسب ليبيا من ضمنها هنا لأنها تقع جغرافيا خارج نطاق دول المشرق العربي، وقد جرى عدها ضمن بؤر الصراع الأفريقية الرئيسية، كما لم يتم احتساب مبعوثين اثنين للأمين العام إلى الصحراء الغربية (المغربية) للسبب ذاته.
بؤر الصراع الخمس يمكن تحديدها بسهولة عن طريق إلقاء نظرة على قائمة المبعوثين إليها وهي سورية، العراق، لبنان، فلسطين، اليمن.
وباستثناء اليمن التي لا يمثل الأمين العام فيها سوى مبعوث واحد، فإن بقية البلدان الأربعة تتقاسم فيما بينها 14 مبعوثاً أممياً، لا يبدو أنهم يعملون على حل الصراعات في تلك البقع الساخنة، وإنما يحاولون إدارتها على مبدأ إدارة الأزمات لا حلها.
وأبرز المبعوثين حالياً إلى دول عربية أو بؤر صراع عربية، المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بشأن الأزمة السورية ستيفان دي ميستورا (إيطالي - سويدي)، والمنسّق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط الممثل الشخصي للأمين العام لدى منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، ومبعوث الأمين العام إلى اللجنة الرباعية نيكولاي ملادينوف (بلغاري)، ونائب المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، ومنسق الأمم المتحدة الخاص للأنشطة الإنمائية في الأراضي الفلسطينية المحتلة روبرت بيبر (أسترالي)، ومبعوث الأمين العام الخاص لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1559 بشأن لبنان تيري رود لارسن (نرويجي)، والممثل الخاص للأمين العام في العراق يان كوبيش (سلوفاكي) والمستشارة الخاصة بنقل قاطني معسكر الحرية إلى خارج العراق جين هول لووت (أميركية)، والمنسّقة الخاصة للأمين العام في لبنان سيغريد كاغ (هولندية)، ونائب المنسق الخاص للأمين العام في لبنان الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي فيليب لازاريني (سويسري) ورئيس البعثة وقائد القوة لمكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لشؤون لبنان اللواء لوتشيانو بورتولانو (إيطالي)، والممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا برناردينو ليون (إسباني)، المبعوث الخاص للأمين العام في الصحراء الغربية كريستوفر روس (الولايات المتحدة)، والمستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد (وهو عربي من موريتانيا).
مبعوثون عرب
عامل إضافي إذا ما توفر في مبعوث بعينه إلى منطقة عربية فإن الأضواء قد تسلّط عليه أكثر من غيره وربما الانتقادات والإشادات على حد سواء. هذا العامل هو قدرة المبعوث على الحديث باللغة العربية كأن يكون من أصل عربي أو نشأ في بيئة عربية، على أن تكون القضية المكلف بملفها ساخنة عربياً. فعندما يجتمع العاملان سوياً (مبعوث عربي وقضية عربية ساخنة إعلامياً) فإن الاهتمام وفرص النجاح قد تصل إلى ذروتها فضلاً عن ارتفاع منسوب المخاطرة.
ولعل المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد مثال حي على حجم التحدي الذي ينتظره، وهو ذات الوضع الذي كان يتمتع به ويواجهه في آن واحد سلفه جمال بنعمر (مغربي الأصل والنشأة والثقافة وإن كان بريطاني الجنسية).
ولكن بنعمر وولد الشيخ لم يكونا العربيين الوحيدين في مجالهما، فقد كان من أبرز من سبقهما إلى أداء مهام مشابهة لمهمتهما وزير الخارجية الجزائري الأسبق الأخضر الإبراهيمي، عندما تولى في فترات مختلفة تمثيل الأمين العام في ملفات شائكة في سورية والعراق واليمن، لكنه على الرغم من شهرته الواسعة لم يتمكن من تحقيق نجاح عملي للمنظمة الدولية، ربما لعوامل خارجة عن إدارته.
ومن الشخصيات العربية أيضاً المكلفة بملف عربي حالياً، يأتي أيضاً نائب المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بشأن الأزمة السورية رمزي عز الدين رمزي (مصري)، وقد اختير لهذا الموقع منتصف العام الماضي، ونائب الممثل الخاص للأمين العام رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا علي الزعتري (أردني).
وهناك مبعوثون عرب آخرون يمثلون الأمين العام للمنظمة الدولية في قضايا ذات طابع عالمي أو كمبعوثين إلى مناطق صراع غير عربية، أبرزهم: الممثل السامي للأمين العام لتحالف الحضارات ناصر عبد العزيز النصر (قطري)، ومبعوث الأمين العام للشؤون الإنسانية عبد الله المعتوق (كويتي)، ومبعوث الأمين العام لشؤون الشباب أحمد الهنداوي (أردني)، والمبعوث الخاص لمنطقة البحيرات الكبرى سعيد جينيت (جزائري)، والممثلة الخاصة للأمين العام للأطفال والصراعات المسلحة ليلى زروقي (جزائرية)، والممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي مُنجي حمدي (تونسي).
كما أن مصر أيضاً من البلدان العربية التي قدّمت مبعوثين أمميين في حين أنها لا تشهد صراعاً مسلحاً خطيراً يستدعي إرسال مبعوث دولي إليها، ومن أبرز المبعوثين المصريين ماجد عبد العزيز، ونائب الممثل الخاص للأمين العام والمنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية بالنيابة في بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في هايتي مراد وهبة (مصري).
بعد يومين من تسريبات وزارة الخارجية السعودية عبر موقع "ويكيليكس" وما حوته من معلومات بشأن اتصالات مع زعماء وقادة سياسيين عراقيين، كشف مصدر رفيع في البرلمان العراقي عن قرار بعقد جلسة لمناقشة بعض تلك الوثائق. وقال برلماني عراقي بارز رفض الكشف عن اسمه لـ"العربي الجديد"، إن الوثائق أكدت حقيقة حرص السعودية على وحدة وأمن العراق على عكس ما دأبت حكومات ما بعد الاحتلال على ترديده تماشياً مع النغمة الإيرانية المعروفة. "برلماني عراقي: بعض الوثائق تحمل فضائح لشخصيات طالما ناصبت العداء للسعودية بالعلن لكنها كانت تتهافت للحصول على المساعدات والمنح" وأوضح أن "بعض تلك الوثائق تحمل فضائح لشخصيات طالما ناصبت العداء للسعودية بالعلن وداخل الشارع العراقي الشيعي تحديداً لكنها كانت تتهافت للحصول على المساعدات والمنح". وأشار إلى أن "بعض تلك الوثائق يمثل عامل إدانة لكثير من السياسيين العراقيين ولهذا تقرر إدراج جلسة خاصة على جدول أعمال البرلمان للأسبوعين المقبلين لمناقشة تلك الوثائق". من جهتها، قالت مقررة لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، إقبال حسين، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق ليس معنياً بهذه الوثائق إلا ما يبين علاقة سياسيين وشخصيات معها على حساب العراق". ولفت إلى أن "الوثائق لن تكون ذات تأثير كون مشاكل العراق أكبر بكثير مما يتصور بعضهم، وسبق للموقع أن قام بنشر وثائق تخص العراق ودول المنطقة ولم يتخذ بها أي إجراء مع الأسف". بدوره، قال القيادي في تحالف القوى النائب عبد العظيم العجمان، في تصريحات صحافية في بغداد، اليوم الأحد، إن "تحالف القوى سيعقد، خلال اليومين المقبلين، اجتماعاً موسعاً يناقش فيه محاور عدة"، مشيراً إلى أن "أبرز محاور الاجتماع هي زيارة رئيس مجلس النواب سليم الجبوري إلى واشنطن والدول الأوروبية، وموضوع وثائق ويكيلكيس وتداعياتها". وأوضح أنه "لغاية الآن لم يتم التأكد من مدى صحة الوثائق المسربة"، مرجحاً "أن تكون فيها معلومات صحيحة وأخرى خاطئة". ونشر موقع ويكيليكس، يوم الجمعة الماضي عشرات الآلاف من الوثائق السرية التابعة لوزارة الخارجية السعودية ضمن سلسلة اختراقات ناجحة نفذها الموقع منذ سنوات طالت الولايات المتحدة وبريطانيا ودولاً أوروبية أخرى. وأظهرت الوثائق اتصالات لشخصيات عراقية سياسية وإعلامية تقوم بطلب أموال ودعم من الجانب السعودي لهم لقاء القيام بخدمات عدة، كما تبين الوثائق رفض الرياض تلك الخدمات، فيما أظهرت وثائق أخرى حرص السعودية على وحدة وأمن العراق وتأكيدها ذلك في كتب رسمية متناقلة بين مراكز ودوائر المؤسسة الدبلوماسية السعودية. -
العربي الجديد
كشف أميت سينغال نائب رئيس بحث جوجل عبر مدونتها الرسمية للسياسات العامة، عن أنها ستبدأ في الأسابيع القادمة باستقبال طلبات لإزالة المحتوى الانتقامي من نتائج البحث الخاصة بها.
وقالت جوجل أنه في الأسابيع القادمة سيتم تحديد رابط لاستمارة طلب حذف المحتوى الانتقامي من محرك البحث، وستحدث المنشور الموجود حالياً: http://goo.gl/mhHytr، وتضع فيه رابط الاستمارة لطلب حذف المحتوى الانتقامي الذي تم نشره بدون إذن أو معرفة الضحية من نتائج محرك البحث “جوجل”.
وتذكر مبادرة الحقوق المدنية على الإنترنت CCRI في إحصائياتها، أن 90% من المستهدفين من المحتوى الانتقامي هم من النساء، كما أن 93% منهم يتعرضون لضغوطات ومشاكل بسبب نشر هذه الصور والمواد، و49% يتعرضون لمضايقات على الإنترنت من الذين شاهدوا المواد الخاصة بهم.
وتقول جوجل أنهم في الأيام القادمة سيبدأون باستقبال طلبات على إزالة الصور الإباحية أو المسيئة التي تمت بدون موافقة الضحية، من على نتائج البحث، وسيتم هذا بنفس الكيفية التي يحذفون بها البيانات الشخصية من على النتائج، مثل رقم الحساب البنكي أو التوقيع الشخصي.
وتشير جوجل إلى أن هذا لن يُنهي المشكلة بالتأكيد، حيث أنهم ليس لهم سلطة على أصحاب المواقع لحذف المحتوى، لكنهم يأملون بأن تساعد إزالة الروابط من على محرك البحث، ولو بنسبة قليلة.
حثت السعودية، يوم السبت، مواطنيها على عدم نشر “أي وثائق قد تكون مزورة تساعد أعداء الوطن في تحقيق غاياتهم”، في إشارة واضحة لنشر موقع ويكيليكس يوم الجمعة أكثر من 60 ألف وثيقة دبلوماسية يقول إنها لاتصالات دبلوماسية سعودية سرية.
ودعت وزارة الخارجية السعودية – طبقاً لـ (رويترز) – مواطنيها في بيان إلى تجنب الدخول على أي موقع بغرض الحصول على وثائق أو معلومات مسربة قد تكون “غير صحيحة”، بقصد الإضرار بأمن الوطن.
والوثائق المنشورة التي قالت منظمة ويكيليكس إنها اتصالات للسفارة هي رسائل بالبريد الإلكتروني بين دبلوماسيين وتقارير من هيئات حكومية أخرى تتضمن مناقشات عن موقف السعودية من القضايا الإقليمية وجهود للتأثير على وسائل الإعلام.
رد فعل
وبيان وزارة الخارجية السعودية هو أول رد فعل رسمي للحكومة منذ نشر الوثائق التي تقول ويكيليكس إنها الدفعة الأولى من أكثر من نصف مليون وثيقة سعودية حصلت عليها وتعتزم نشرها خلال الأسابيع المقبلة.
ولم تقل منظمة ويكيليكس من أين حصلت على الوثائق، لكنها أشارت إلى بيان أصدرته الرياض في مايو، قالت فيه إنها تعرضت لاختراق لشبكات الكمبيوتر. وفي وقت لاحق أعلنت جماعة تصف نفسها باسم الجيش اليمني الإلكتروني مسؤوليتها عن هذا الهجوم.
وكان موقع ويكيليكس قد بدأ في نشر وثائق دبلوماسية أميركية في عام 2010.
ووافقت يوم الجمعة الذكرى الثالثة للجوء مؤسس ويكيليكس جوليان أسانج لسفارة الإكوادور في لندن لتفادي ترحيله إلى السويد في ما يتصل بمزاعم عن ارتكاب جرائم جنسية.