بسم الله الرحمن الرحيم
رسائل التأصيل التقدمي
الامام الصادق المهدى
رسالة رمضان
أحبابي في الله وأخواني وأخواتي على طريق الاستقامة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أما بعد-
فهذه الرسالة فيها بيان:
1) منهاجنا الاجتهادي التجديدي.
2) الفريضة والسنة في رمضان.
3) الطاعات الست.
4) الهدايات السبع.
5) شرعية القيادة.
6) المستجدات العشر.
7) حالة الوطن وما يحيط به في أمته وفي عالمه.
أولاً: منهاجنا الاجتهادي التجديدي يقوم على أساس واضح هو:
- الدين فيه ثوابت هي العقائد، والعبادات، والشعائر، والأخلاق. هذه تستوجب أصولية نقلية. وفي الدين معاملات وعادات هذه متحركة ضمن مقاصد الشريعة.
- نصوص الوحي تستوجب التدبر لا الاتباع بلا تدبر: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)؟[1]
- مراعاة الواقع واجبة لأن المطلوب اجتهاداً في كل الحالات هو معرفة الواجب والإحاطة بالواقع والتزاوج بينهما.
هذه الحقائق الثلاث معناها أن النهج الصحيح في غير الثوابت مهمة حاضرية ومستقبلية لا مهمة ماضوية، لأن أمرها: “لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال”.
اتباعاُ لهذا المنهاج سوف أبعث هذه الرسائل في أمهات المسائل وأبدأ برسالة رمضان هذه، والله ولي التوفيق.
ثانياً: الفريضة والسنة في رمضان: قال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ صِيَامَ رَمَضَانَ وَسَنَنْتُ قِيَامَهُ ، فَمَنْ صَامَهُ وَقَامَهُ احْتِسَابًا خَرَجَ مِنَ الذُّنُوبِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ”[2]، ومن السنة المؤكدة إخراج زكاة الفطر قبل صلاة عيد الفطر، وصلاة العيد نفسها سنة مؤكدة. قال الإمام الشاطبي: كل ما أوجبه الشرع وافقه العقل. فزكاة الفطر شكر لله على النعمة،وتكافل بين المسلمين، وجبر للهفوات، إنها كفارة لصاحبها ومؤونة لمستحقها.
والصيام تمرين في الصبر، والصبر من مكارم الأخلاق. والصيام إذا اتبع بضوابطه المطلوبة حمية من زوائد الطعام.
وفي الصيام كسر لعادات المعيشة، فكسر العادة أحياناً ينشط المعتاد.
والصيام فوق معانيه العقلية تقوى لله ينال الصائم رضاه.
ثالثاً: الطاعات الست نص عليها الإمام المهدي عليه السلام في منشور الصيام، وهي:
- غض البصر وكفه عما يذم ويكره.
- حفظ اللسان من الهذيان، والكذب، والغيبة، والنميمة، والفحش، والجفاء، والخصومة.
- كف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه كسماع الكذب والغيبة.
- كف بقية الجوارح عن الآثام.
- عدم الإكثار من الطعام الحلال عند الإفطار.
- التضرع لله أن يقبل الصيام.
رابعاً: الهدايات السبع:
- الإخلاص في صلاة القيام، والإكثار من تلاوة القرآن ممارسات تعزز بيئة رمضان الروحية فهو شهر مميز من فترات الزمان.
- وشهر رمضان يستوجب زيادة في التراحم والصدقات تأسياً بنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس رضي الله عنه: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ”[3].
- ومثلما ترتفع الطاقة الروحية في رمضان ينبغي أن ترتفع الطاقة الاجتماعية فيه من زيارات ومآدب تضم الأهل والأحباب.
- النظافة من الإيمان، والنظافة من الحسنات المستحبة في رمضان. البصق المستمر عادة مقرفة. فالواجب ألا يدخل شراب أو طعام من خارج الجوف إلى داخله. والسواك المستمر مستحب أثناء الصيام كما في غير رمضان فقد قال نبي الرحمة: “لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ”[4]. هذا لا يتناقض مع حديث نبوي: “لخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ”[5]. فالصيام مهما كثر السواك يغير رائحة الفم وهذا وهو الخلوف لا العفونة المتعمدة بعدم السواك.
- الصيام والمشقة: المشقة أنواع: مشقة السفر. ومشقة المرض وهي نوعان مرض وقتي ومرض دائم. ومشقة بسبب الشيخوخة. ومن مقاصد الشريعة نفي الحرج: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)[6]. وقول تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)[7]. وقوله: (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا)[8]. مشقتا السفر، والمرض الوقتي، ترخصان لأصحابهما الإفطار والقضاء فيما بعد. مشقة المرض الدائم، والشيخوخة والعمل الشاق للغاية مشقات تدخل في رخصة خاصة يبينها قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)[9]. أي يفطرون ويفدون أنفسهم بإطعام مسكين عن كل يوم.
- رمضان والمرأة: الصيام في رمضان يسقط عن المرأة الحائض، والنفساء، وذلك للتخفيف عليها على أن تقضي ذلك في أيام أخرى. فسر بعض الناس لهذا السبب أن النساء ناقصات دين. هذه الرخصة لا عيب فيها، وليست عقوبة لإخراج آدم من الجنة كما يزعم بنو إسرائيل. إنها مثل الرخصة للمريض. إن المشاق التي تعانيها المرأة وهي: الحيض، والحمل، والنفاس، والرضاعة، والحضانة، هي بسبب الأمومة، وهي أروع مهمة في الوجود الطبيعي، ما يوجب رفع مكانة المرأة. لذلك قال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: “الجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأُمْهات”. ولذلك عندما سأل الصحابي نبي الرحمة: “مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي أجاب: أُمُّكَ ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ أُمُّكَ. كررها ثلاثاً ثم ورد في الرابعة: أَبُوكَ”.[10]
الحائض ليست نجسة كما يعتقد بنو إسرائيل وآخرون. فالسيرة النبوية تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن متكئاً على زوجه وهي حائض. وتفرش له سجادة الصلاة وهي حائض. وروت السيدة عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تناوله المصلاة فقالت إني حائض. فقال ” تَنَاوَلِيهَا فَإِنَّ الْحَيْضَةَ لَيْسَتْ فِي يَدِك”[11]. والإمام المهدي عليه السلام طلب من زوجه الحائض أن تناوله المصحف فامتنعت لأنها حائض. قال لها ناولينيه فإن المؤمن لا ينجس.
خامساً: شرعية القيادة. فرق المسلمين السنية والشيعية والصوفية تتطلع للمهدي، ولكل فرقة في ذلك مذهب. مذهبنا في هذا الأمر هو ما بينه الإمام المهدي عليه السلام وهو أن المهدية هي وظيفة إحياء الدين، وهي ليست مرتبطة بتوارث معين كما هو حال مذهب السبعية والاثنى عشرية. ولا مرتبطة بوقت معين كما تقول بعض فرق أهل السنة إنه يظهر في آخر الزمان. مهدية الإمام محمد المهدي في السودان مرتبطة بسوء حالة الأمة الموجب للتصدي لها، ومرجعيته القرآن والسنة كأسس لذلك التصدي. الجانب الغيبي فيها إنه خوطب للقيام بهذه المهمة. ولكن الجانب العقلي كما أوضحه في أقواله وأفعاله هو تردي حالة الأمة، وضرورة التصدي لخلاصها بإحياء الكتاب والسنة. نعم اختلفت الفرق على صحة الأحاديث عن المهدي وتفسيراتها. ولكن وظيفة أحياء الدين ثابتة في القرآن إذ قال تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)[12] وقوله: (فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ)[13].وقوله: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ)[14].
للقيام بهذه المهام لا بد من قيادة. وضع الإمام المهدي عليه السلام لهذه القيادة مبدأ ليتقلدها: “من تقلد بقلائد الدين ومالت إليه قلوب المسلمين”.
في كيان الأنصار صارت القيادة إمامة. أوجب الإمام الصديق أن تكون الإمامة انتخابية. وعلى هذا الأساس أقمنا هيئة شئون الأنصار لقيادة الأنصار في ظل إمام منتخب وبموجب بيعة توجب احترام حقوق الإنسان والشورى والطاعة المبصرة.
إن تطوير هيئة شئون الأنصار على هذه الأسس ثورة هادئة ليس لها في تجارب المجتمعات التقليدية مثيل.
سادساً: المستجدات العشر:
- اليوم من فجره إلى المغرب في أرض التنزيل والمناطق المشابهة ذو طول معلوم وإن اختلف الطول قليلاً، ولكن هنالك بلدان صارت مقاماً لمسلمين اليوم فيها مختلف الطول بصورة كبيرة من طول اليوم في أرض التنزيل. لذلك ونفياً للحرج ينبغي في كل هذه الحالات ضبط ساعات الصيام قياساً على حالة أرض التنزيل.
- تطورت المعرفة الطبية، فهناك أمراض يزيدها الصيام سوءًا، وأمراض مزمنة، هذه الأمراض يرجى أن يمنع معها الصيام: (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا)[15]، وقال نبي الرحمة: (وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا)[16].
- المسافة المرخصة للإفطار في السفر كانت تقاس بالمسافات الطولية، وهذا لم يعد صالحاً، فوسائل التنقل الحديثة تقطع تلك المسافات في لمح البصر ولا مشقة فيها. لذلك تحدد المسافة المبيحة للإفطار للمسافر بالوسائل التقليدية، وبالسيارات، وبالطائرات. وهذا مع على لجنة الإفتاء في هيئة شئون الأنصار تحديده اجتهاداً.
- زكاة الفطر، وهي محددة وواجبة على كل شخص مؤمن يمكن أن تجمع مساهمة في عمل يدر ربحاً أكبر للمستحقين. فالفطرة تقدر نقدا كل عام، ويمكن أن توظف استثمارياً لمصلحة الفقراء والمساكين. هذا موضوع يستحق أن تبذل لجنة الإفتاء أيضاً فيه اجتهاداً.
- رؤية الهلال وسيلة لا شعيرة. استشهد بعض الناس بمقولة النبي صلى الله عليه وسلم “صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ”[17]، أي الهلال. لذلك أنكروا ثبوت الرؤية الفلكية للهلال واستخدام علم الفلك في تحديد بدء الشهر ونهايته. الرؤية لها معان كثيرة: منها النظر بالعين: (مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ)[18] ومنها العلم بالشيء: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ)[19]، ومنها السماع: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً)[20]، أو تقدير الأمر: (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا* وَنَرَاهُ قَرِيباً)[21]، المقصود بالرؤية في الحديث هو تأسيس استخدام المنهج الطبيعي لتحديد بدء العبادة وليست مقصورة فقط على العين المجردة بل أيضا بالعلم بالشيء. لذلك إذا تم شعبان ثلاثين يوماً وجب الصيام أي استخدام الحساب لإثبات دخول الشهر. السؤال: هل رؤية الهلال وسيلة لمعرفة الشهر الجديد أم غاية في حد ذاتها؟ إنها وسيلة لمعرفة الشهر الجديد ما يفتح باباً واسعاً لاستخدام الحساب، وهو مستخدم بتمام الشهر ثلاثين يوماً، وغيره من علوم الفلك ووسائل الرؤية الحديثة. نحن مكلفون بمعرفة سنن الطبيعة واستخدامها في حياتنا، ما يعني مشروعية استخدام علوم الفلك ووسائل الرؤية الحديثة.
- النظام التقليدي هو اصطفاف النساء وراء الرجال في صلاة الجماعة. وفي تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ)[22]. روى الترمذي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: “كَانَتِ امْرَأَةٌ تُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسْنَاءُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَكَانَ بَعْضُ الْقَوْمِ يَتَقَدَّمُ حَتَّى يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِئَلَّا يَرَاهَا، وَيَسْتَأْخِرُ بَعْضُهُمْ حَتَّى يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ فَإِذَا رَكَعَ نَظَرَ مِنْ تَحْتِ إِبْطَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هذه الآية”. ورويت أحاديث أن خير صفوف الرجال أولها وخير صفوف النساء آخرها. قلت إن النظام الأفضل لتنجنب هذا اللمم هو أن يكون الفاصل بين الرجال والنساء رأسياً لا أفقياً، فيكون صف الرجال على يمين أو يسار الإمام وكذل صف النساء، ويكون بين الصفين فاصل مناسب مثلما هو الحال في الصلاة في المسجد الحرام.
- مسألة النقاب: النقاب عادة ليست عبادة. جاء في لبس المرأة: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ)[1]، و(قُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) وهي آيات تحض على حشمة المرأة وخصصت أجزاء معينة بالذكر كالرأس والصدر، ولكنها لم تنص على حجابها الكامل. وقال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ)[23] وهذا توجيه لغض النظر عن شيء مرئي لا مغطى. وروى أبو داؤد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسماء رضي الله عنها: “يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا”[24] وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ. أي أن المطلوب في أزياء النساء هو الاحتشام. كلمة حجاب وردت في القرآن فيما يتعلق بالساتر المطلوب لدى مخاطبة نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أمر دعت إليه الضرورة لا سيما بعد حديث الإفك، واقترحه عمر رضي الله عنه، وأيده القرآن سداً للذرائع. الصحيح أن نقول باحتشام زي المرأة وكذلك الرجل. أما النقاب فلا أصل له، وعبارة حجاب مستخدمة اليوم في غير معناها القرآني. واليوم انتشرت في البلدان حركات الإرهاب، وحركات الجريمة المنظمة، وحركات الطابور الخامس، وكلها حركات تستخدم النقاب للقيام بالأعمال الشنيعة. كذلك كل المعاملات الحديثة كرخص السيارة وجواز السفر وغيرها تستوجب أوراقاً ثبوتية تسجل صورة الشخص وتوجب المقارنة بين الصورة وحاملتها. النقاب يحول دون ذلك.
- ومن العادات السيئة أن بعض الناس في رمضان يذيعون تلاوة القرآن بمكبرات الصوت. هنالك أناس يمارسون حياة طبيعية وهم غير مستعدين للاستماع للقرآن، هذا مدخل لتأثيم ينبغي تجنبه لأن الأمر الإلهي واضح: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[25].
- المسلمون في الغربة في بلدان أغلبيتها غير مسلمة يستحقون مراعاة خاصة احتراماً لشعائرهم وهذا مما يجب ضمه لاتفاق مقترح بينهم وبين البلدان المضيفة لاحترام شعائرهم واحترامهم قوانين الدول المضيفة لهم.
- في بلدان المسلمين اليوم العادة غلبت مقاصد العبادة، وصار الناس يكثرون في المأكول والمشروب في رمضان زيادة عن الأيام الأخرى، وبالتالي تتورم الأجسام. ونوجه في هذا الأمر أن يحرص الناس أن تنقص جسومهم في رمضان لا أن تزيد وإلا هزمت بعض مقاصد الصيام.
سابعاً وأخيراً:
أ) بلادنا تمر بظروف عسيرة، وبعد تجربة جنوب أفريقيا صار اعتقال رأس الدولة واردا بأمر المحكمة الجنائية الدولية. هذا يعني أن على كل القوى السودانية المتطلعة لنظام جديد أن توحد كلمتها وتحدد خريطة طريقها لهذا النظام الجديد. وعلى جماعة النظام الحاكم الاستعداد لهذا الاحتمال، وأفضل ما يمكن أن يفعلوه هو الاستجابة لمطالب الشعب السوداني المشروعة في سلام عادل شامل وتحول ديمقراطي حقيقي، ما يفتح الباب لتسوية سلمية للقضية عن طريق مجلس الأمن. من الحماقة أن ينتظروا حتى يقع الفأس في الرأس.
ب) منطقتنا كلها تعاني من استقطابات مدمرة ولا سبيل لوقف انهيار الدول وتشرذمها المحتمل إلا عن طريق مشروع توفيقي اقترحناه في نداء لاستنهاض الأمة وسوف نعمل بكل الوسائل ليجد الاستجابة لأنه هو طوق النجاة.
ج) العولمة وقضايا الاقتصاد والتجارة وغيرها من العوامل وحدت هموم العالم في قضايا المصير العالمي. ومسألة الإرهاب، والهجرات، واللجوء غير القانوني، قضايا لا يمكن أن تعالج قطرياً، ولا أن تحصر في مناطق معينة بل هي هموم تتطلب تشخيصاً وعلاجاً دولياً. هذا ما اقترحناه لنادي مدريد ليجمع كافة الأطراف المعنية في ملتقى جامع للاتفاق على تشخيص مشترك للأزمات وخطة موحدة لمواجهتها.
أحبابي في الله وأخواني وأخواتي على طريق الاستقامة
هذه هي القضايا التي تشكل أجندة غيابي عنكم 10 أشهر أعتبرها مثمرة:
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت وقد يبتلي الله بعض الناس بالنعم
وروحياً قد أصبح بنا من نعم الله ما لا نحصيه من كثرة ما نعصيه، فلا ندري أيهما نشكر؟ أجميل ما ينشر أم قبيح ما يستر؟ ويسعدني وصف العلامة السعدي: عنوان سعادة الإنسان إخلاصه لخالقه وسعيه في نفع مخلوقاته، والله ولي التوفيق.
غرة رمضان 1436هـ
18 يونيو 2015م