تحقيق: إنتصار السماني خالد
كان الصراع على مياه النيل مدفوناً في التاريخ، فمنذ حكم الإمبراطور في إثيوبيا، ثم النظام الماركسي «منجستو» وحتى النظام الحالي، كان حلم السد يراود الأنظمة الحاكمة لدول المنبع، وكان أول تحرك فعلي لها عندما سعت إثيوبيا عام 1981 لاستصلاح «227» ألف فدان في حوض النيل الأزرق بدعوى عدم وجود اتفاقيات بينها وبين الدول النيلية الأخرى، كما قامت بالفعل عام 1984م بتنفيذ مشروع سد «فيشا» ــ أحد روافد النيل الأزرق ــ بتمويل من بنك التنمية الإفريقي، وهو مشروع يؤثر في حصة السودان من مياه النيل بحوالي «0.5» مليار متر مكعب، وتدرس «3» مشروعات أخرى يفترض أنها سوف تؤثر في السودان بمقدار «7» مليارات متر مكعب سنوياً. وقبل ان تكتمل الدراسة جاءت اثيوبيا بسد النهضة الذى احدث انشاؤه جدلاً كبيراً لم يصلوا من خلاله الى رؤية واضحة بشأن مخاطر السد على دول الحوض.. «الإنتباهة» سلطت الضوء على رأي خبراء المياه بخصوص هذا الشأن. آثار سالبة للسد خبير المياه والدراسات الاستراتيجية والأمنية دكتور سيف الدين يوسف محمد سعيد، تحدث عن الآثار السلبية لسد النهضة، قائلاً انه يحقق إمداداً مائياً مستقراً وامداداً كهربائياً رخيصاً، إلا أنه سيحرم السودان من مياه الفيضانات التي تغذي المياه الجوفية وتخصب التربة، ولم تتم حتى الآن دراسة لمعرفة مقدار النقص في المياه الجوفية وتكلفة وعواقب استخدام المخصبات الكيميائية. ومن المعلوم أن المياه الجوفية تستعيد عافيتها وتكون التغذية اكثر في مواسم الفيضانات الغزيرة وليس العكس، كما انه سيحرم السودان من مياه الفيضانات التي تحقق مخزوناً مائياً استراتيجياً داخل السودان يمكن استغلاله في أوقات الجفاف «مثل جفاف 1984م»، علماً بأن آخر مؤتمر للتغيرات المناخية اشار الى نقص في إيراد الهضبة الإثيوبية يقدر بحوالى 20%، كما أن للنيل دورة شبه ثابتة مداها عشرين عاماً «سبع سنوات سمان وسبع متوسطة الإيراد وسبع عجاف». ولا توجد اتفاقية لتأمين حصة السودان خاصة في أوقات الجفاف، بالاضافة إلى ان السد سيحجز الرواسب خاصة الحصى مما يؤدي الى انخفاض قاع النيل وتآكل التربة على طول مجرى النيل، وهذا بدوره سيؤثر سلباً في تغذية المياه الجوفية. وسيتأثر الري الفيضي على ضفتي النيل والنباتات، مما يضطر البعض الى ترك الجروف والانتقال الى مناطق اخرى. وهنالك تجارب لزيادة عمق النهر، ففي سد هوفر في امريكا ازداد عمق النهر الى اربعة امتار بعد تسعة سنوات من بناء السد، كما سيزداد العجز فى كمية المياه الواردة لكل من السودان ومصر لاكثر من 5.4 مليار متر مكعب، اذ ان الدراسة التي اعدها مكتب الاصلاح الامريكي وقبل تحديثها تنبأت بعجز قدره «5.4» مليار متر مكعب، ومن الطبيعي ان يزداد العجز بعد ارتفاع السعة التخزينية للخزانات الاربعة الى «150» مليار متر مكعب، حيث لم تتم دراسة لمعرفة مقدار العجز على المدى الطويل. وسيؤثر سلباً في البيئة والأسماك وفي الحياة المائية بشكل عام، ولم تتم دراسة بيئية واقتصادية اجتماعية، اضافة الى ان ملء الخزانات الى مستوى التشغيل سيؤدي الى خفض الإيراد المائي الشهري للنيل الأزرق طيلة فترة ملء الخزان، مع الاخذ في الاعتبار دورات النيل والتي اشرنا اليها سابقاً مع عدم وجود ضمانات لاستمرار الايراد السنوي للسودان في السنوات العجاف. كارثة محتملة اما الكارثة الكبرى هى ان السد يقع في منطقة الأخدود الإفريقي العظيم، وهي منطقة فوالق وتشققات وصخور بركانية ضعيفة البازلت، ومعروف علمياً أن البازلت من الصخور الضعيفة، كما أن هنالك حزام زلزالي غير نشط يمر جنوب صدع الاناضول الى وسط البحر الأحمر الى الأخدود الافريقي، ويؤثر في كل من اثيوبيا واليمن. وتحريك النشاط الزلزالي في المنطقة نسبة للوزن الهائل للمياه المثقلة بالطمي «74 مليار متر مكعب والطمي 420 مليار متر مكعب»، يمكن أن يؤدي الى نشاط زلزالي في بحيرة السد يحدث تشققات في بنية السد وانهياره، وانهيار السد يعني انهيار سد الروصيرص وسنار، ولن تتأثر إثيوبيا بذلك مطلقاً، وهنالك سوابق لحدوث زلازل في بحيرة السد بسبب الوزن الهائل «بحيرة سد اورفيل بولاية كلفورنيا عام 1975م، بحيرة سد كونيا غرب الهند 200كم جنوب بومباي عام 1967م مما تسبب في قتل 200 وجرح 2300 شخص وتدمير 80% من المنازل في المنطقة، بحيرة سد هسينج فينج كيانج جنوب الصين عام 1962م مما ادى الى تخريب جسم السد، وتطلب ذلك عمل الاصلاحات العاجلة له، و «18» موقعاً في الصين ارتبطت بخزان السد»، هذا غير حجز اثيوبيا «74» مليار متر مكعب داخل حدودها في ظل التغيرات المناخية وحاجة دول المصب لمزيد من المياه لتأمين الغذاء، وهذا من شأنه ان يثير المخاوف لدول اسفل النهر بحسبان ان تحكم المياه خارج حدودها، ويمكن إثيوبيا من فرض ارادتها بخصوص المياه والاتفاقيات القائمة التي عبرت مراراً بعدم الاعتراف بها وضرورة مراجعتها. انتقادات حادة وجهت اليه انتقادات حادة واتهم بانه قد ضخم من الفوائد وقلل من الآثارالسلبية، والحديث لسعيد، واظهر تجاهلاً تاماً للآثار الاجتماعية، اما التقرير الذي صدر عن البنك الدولي عام 2000م فقد جاء فيه ان السدود الكبيرة رغم انها قدمت مساهمات في التنمية البشرية، وان الفوائد كانت معتبرة، الا انه في كثير جداً من الحالات وفي سبيل تحقيق تلك الفوائد، تم دفع ثمن غير مقبول وغير ضروري خاصة في ما يتعلق بالجانب الاجتماعي والبيئي، وهذا الثمن دفعه المواطن اسفل النهر، وقدم التقرير بينة كافية على ان السدود الكبيرة فشلت في انتاج الكهرباء وتوفير المياه والسيطرة على الفيضانات، بالقدر الذي تصوره المخططون والمنفذون لتلك السدود. واشار التقرير الى ان اكثر من نصف السدود فشلت في انتاج الكهرباء، لذلك فالاتجاه العالمي الآن الاستعاضة عن السدود الكبيرة بسدود صغيرة، وهنالك اتجاه لازالة السدود الكبيرة وتضمين تكلفة ازالة السدود في الدراسات الجديدة، علماً بأن لاثيوبيا بدائل لانتاج ما تحتاجه من الكهرباء بتشييد سدود صغيرة وبكفاءة عالية وتكلفة اقل، وبذلك تحقق رفاهية شعبها دون تسبب الضرر للآخرين. أطماع خلف السد خبراء السدود تحدثوا عن خطورة الخلاف الحالي بين دول منابع النيل ودول المصب، وهو تصاعد التدخل الإسرائيلي في الأزمة عبر إغراء دول المصب بمشروعات وجسور وسدود بتسهيلات غير عادية تشارك فيها شركات أمريكية، بحيث تبدو إسرائيل وكأنها إحدى دول حوض النيل المتحكمة فيه، أو بمعني آخر الدولة رقم «11» في منظومة حوض النيل، والهدف بالطبع هو إضعاف السودان الذى لن تكفيه كمية المياه الحالية مستقبلاً بسبب تزايد السكان. وتطمع إسرائيل في أن تكون لها بصورة غير مباشرة اليد الطولى في التأثيـر في حصة مياه النيل الواردة لمصر والسودان، وذلك كورقة ضغط على هاتين الدولتين للتسليم في النهاية بما تطلبه إسرائيل، وللخبراء الصهاينة لغة في مخاطبة السلطات الإثيوبية تتلخـص في ادعاء خبيث يقول إن حصص المياه التي تقررت لبلدان حوض النيل ليست عادلة لأنها تقررت في وقـت سابق على استقلالهـا، وأن إسرائيل كفيلة بأن تقدم لهذه الدول التقنية التي تملكها من ترويض مجرى النيل وتوجيهه وفقاً لمصالحها. وعلى هذا خصصت إسرائيل مساعدات لإثيوبيا لإقامة السدود وغيرها من المنشآت التي تمكنها من السيطرة والتحكم في مياه النهر، ورغم أن كل العواصم المعنية بالأزمة بدءاً بأديس أبابا ومروراً بالقاهرة تدرك أغراض إسرائيل من هذا الدعم، إلا أنها تغض الطرف وتكتفى بتحديد المشكلة مع الطرف الآخر. والاحتمال الأرجح هو «تورط» إسرائيل بالمشاركة في مساعدة إثيوبيا في إنشاء السدود على النيل الأزرق، ويبدو أن الدور الإسرائيلي قد بدأ ينشط في السنوات الخمس الماضية، إذ بدأت سلسلة نشطة من الاتصالات مع دول منابع النيل خصوصاً إثيوبيا، وتمثل عمق العلاقات بزيارة رئيس وزراء إثيوبيا الراحل زيناوي، لتل أبيب في أوائل يونيو 2004م، كما لعبت إسرائيل دور الداعم والمحرض ليوغندا لتعلن رفضها اتفاقية مياه النيل القديمة المبرمة عام 1929م بين الحكومة البريطانية ــ بصفتها الاستعمارية ــ نيابة عن عدد من دول حوض النيل «يوغندا وتنزانيا وكينيا ومصر، وكان هذا الاتفاق يتضمن إقرار دول الحوض بحصة مصر المكتسبة من مياه النيل، وأن للسودان الحق في الاعتراض «الفيتو» في حالة إنشاء هذه الدول أية سدود علي النيل. ومع أن هناك مطالبات منذ استقلال دول حوض النيل بإعادة النظر في هذه الاتفاقيات القديمة، بدعوى أن الحكومات القومية لم تبرمها ولكن أبرمها الاحتلال نيابة عنها، وأن هناك حاجة لدى بعض هذه الدول خصوصاً كينيا وتنزانيا لموارد مائية متزايدة، فقد لوحظ أن هذه النبرة المتزايدة للمطالبة بتغيير حصص مياه النيل تعاظمت في وقت واحد، مع تزايد التقارب الصهيوني من هذه الدول وتنامي العلاقات الإفريقية مع الصهاينة. مخاطر جسيمة وزير الرى السابق المهندس كمال علي محمد، تحدث حول مخاطر سد النهضة على السودان قائلاً: أولاً: إننا نعترف بحق إثيوبيا في الاستفادة من مياه النيل لصالح شعبها دون الإضرار بالشعب السوداني. ثانياً: من المعلوم أن فيضان النيل الأزرق لهذا العام جاء منخفضاً ويشكل تحذيراً ودليلاً علمياً وعملياً على المخاطر الجسيمة التي سوف يسببها قيام سد النهضة على السودان لاحقاً. ثالثاً: نود أن نقدم النصح للإخوة خبراء وزارة الكهرباء والموارد المائية بأن يعترفوا بالمخاطر الجسيمة لسد النهضة على السودان، وننصح انفسنا وانتم بعدم التستر وراء المنظمات الفئوية التي تتباين وتختلف آراء اعضائها حول المشروعات بين مؤيد ومعارض، حيث أن كل المتابعين من مهندسين وقانونيين ومهنيين اتضحت لهم الحقائق بعد أن رفعت اللجنة الثلاثية المدعومة بخبراء دوليين تقريرها في مايو 2013م، وأوضحت المخاطر الأربعة وهي عدم سلامة السد وعدم اكتمال الدراسات الأساسية ومخاطر الملء الأول، وتداعيات نظم التشغيل وتدني كفاءة إنتاج الكهرباء إلى أقل من 33%، وبالرغم من ذلك أعلن خبراء وزارة الكهرباء والموارد المائية قرارهم الخاطئ منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم بأن سد النهضة ليست فيه آثار سالبة على السودان، ولكنهم تراجعوا أخيراً واعترفوا بأن فيه مخاطر، ولذلك اتفقوا على اختيار بيت خبرة فرنسي وهولندي ليقوم بدراسات «لتقليل السلبيات والأضرار من سد النهضة وإجراء الدراسات الأساسية الناقصة»، ولا يدري أحد متى سيبدأ هؤلاء الاستشاريون دراساتهم ومتى سوف تنتهي! ربما بعد اكتمال بناء السد. وجاء فيضان هذا عام 2015م المنخفض ليفضح كل الذين يزعمون ويدعون أن سد النهضة فيه فوائد للسودان، ليبرهن لهم وللشعب السوداني أن سد النهضة سيكون كارثة على الشعب السوداني. مخاوف الأمن المائي رابعاً: كل المهتمين بسد النهضة يعلمون منذ أوائل الستينيات أن إثيوبيا وافقت على دراسات هيئة الاستصلاح الأمريكية، وهي أكفأ هيئة في العالم في مجال السدود، والتي حددت سعة التخزين بمقدار «11» مليار متر مكعب وليس «74» مليار. ولكن السودان أخطأ وأصر على الوقوف مع إثيوبيا بأن يكون حجم السد «74» مليار بدون أية أسس علمية، وأن الجميع يدركون أن السد بهذه الضخامة سوف يهدد السلامة والأمن المائي القومي السوداني. خامساً: لقد أوضحنا نحن بالدراسات وبالمنهج العلمي لكل الجهات، وهي وزارة الكهرباء ورئاسة الجمهورية والسيد الرئيس ونواب الرئيس والقياديون في الدولة، وفي الندوات والمقالات، أوضحنا أضرار سد النهضة بسعة «74» مليار متر مكعب على السودان، ونصحناهم قبل أكثر من عامين بأن يتصلوا بإثيوبيا ليكون حجم التخزين «11» مليار متر مكعب، وأوضحنا أن ما يردده خبراء وزارة الكهرباء والموارد المائية بأن حجز مياه الفيضان والطمي في سد النهضة وتمرير «130» مليون متر مكعب في اليوم في السنة العادية مفيد للسودان، هذا خطأ كبير، بل العكس هو الصحيح علمياً وهندسياً وهايدرولوجياً وزراعياً، لأن الأضرار الخطيرة بسبب حجز مياه الفيضان تشمل استحالة ملء خزاني الرصيرص وسنار، واستحالة توفير مياه الري لكل مشروعات الري على طول النيل الأزرق خلال فترة الملء وهي «46» يوماً، واستحالة توليد الكهرباء من سدي الرصيرص وسنار في هذه الفترة، هذا علاوة على أن حجز مياه الفيضان وحجز الطمي في سد النهضة لهما آثار خطيرة على زراعة الجروف والمياه الجوفية والري الفيضي والحياض والغابات والمترات والآبار والنخيل والبساتين، وهذه المخاطر الجسيمة تحدث اليوم في هذا الفيضان المنخفض فيضان 2015م الذي نعايشه اليوم، بالرغم من أن حجمه يساوي أربعة أضعاف حجم المياه التي سوف يمررها سد النهضة عند اكتماله، وهذا يؤكد بوضوح أن سد النهضة سيكون كارثة على السودان، هذا إلى جانب فقدان السماد الطبيعي والطوب من الطمي ومخاطر نحر قاع النهر وقنوات الري وتدمير السلامة التصميمية لقنوات الري والهدام، والمعروف أن إزالة الطمي من الترع ومداخل الطلمبات تتم بالكراكات وليس بإنشاء خزان بسعة «74» مليار، هذا إلى جانب مخاطر الملء الأول وتشغيل السد وانعدام الدراسات الأساسية البيئية والاقتصادية والاجتماعية، كما أننا إذا جمعنا احتياجات الري اليومية من مشروعات النيل الأزرق المرتقبة في إثيوبيا واحتياجات ترعتي كنانة والرهد ومشروع السوكي ومشروع الرهد ومشروعات طلمبات ولاية سنار وسكر شمال غرب سنار ومشروع الجزيرة والجنيد والحرقة ونور الدين وسوبا وشرق النيل المقترح، سوف نجد بالحساب البسيط أن المياه التي سوف تصل الخرطوم من الـ «130» مليون متر مكعب يومياً من سد النهضة ستكون أقل من خمسة ملايين متر مكعب في اليوم، إذا وضعنا في الاعتبار المخاطر المائية بسبب انفصال الجنوب الذي أدى إلى فقدان 70% من الأمطار والمراعي والغابات، إلى جانب مخاطر تغير المناخ والجفاف الذي ضرب معظم أنحاء السودان هذا العام، هذا إلى جانب مخاطر وثيقة إعلان المبادئ التي وقعها الرؤساء الثلاثة في «23» مارس الماضي والتي أرجو من كل مهندس وقانوني أن يقرأها ليرى بنفسه أنها أعطت إثيوبيا كل الحق والكنترول لبناء سد النهضة وتشغيله، وأنها نسفت اتفاقية 1902م ومبدأ الإخطار المسبق وتدمير الأمن القومي المائي السوداني، ولم تعط السودان إلا مجرد أسبقية في شراء الكهرباء عندما يكون هنالك فائض، لأن كهرباء سد النهضة هي بأكملها لصالح الشعب الإثيوبي وحده. وهكذا فإن كل هذه المخاطر التي ذكرناها أعلاه والمؤسسة على أسس علمية ورقمية وقانونية وليست على سيناريوهات نظرية، إنما توضح بجلاء الكارثة الكبرى التي يتعرض لها السودان والأجيال القادمة من سد النهضة، ولذلك أنصح السيد الوزير وخبراءه بأن يراجعوا موقفهم من سد النهضة، لاسيما أنه برزت خلافات بين خبراء وزارة الكهرباء والموارد المائية بشأن منافع وأضرار سد النهضة في ندوتي دار المهندس والجامعة الاسلامية يوم 5/9/2015م، وأود أن أؤكد أن كمال علي ظل وسيظل يتحدث عن مخاطر سد النهضة على وطننا السودان وليس عن اية جهة اخرى بالحقائق العلمية. جدل مستمر عبر خبراء سودانيون عن تخوفهم من مغبة انهيار سد النهضة الإثيوبي، الذي يتم إنشاؤه حالياً، وتسببه في كارثة على البلاد باعتباره قريباً من منطقة الزلازل في الأخدود الإفريقي. وقال الدكتور محمد الأمين نور المستشار بوحدة تنفيذ السدود بالسودان، إنه مهما نفذت إثيوبيا من تحوطات ومقويات فإنها لن تزيل المخاطر المحتملة، وأضاف قائلاً: الخطر سيظل معلقاً فوق رؤوس أهل السودان من ولاية النيل الأزرق حتى الخرطوم. وأشار الأمين إلى غياب ثقافة إزالة المخاطر من الجهات المختصة، لافتاً إلى أن السودان مع ذلك لن يتأثر خلال فترة ملء الخزان التي ستمتد إلى نحو «6» سنوات، ودعا إلى ضرورة إجراء دراسات مشتركة بين مصر والسودان وإثيوبيا، حول مخاطر السد وسبل مواجهتها. وأكد الخبير السابق بوزارة الموارد المائية السودانية الحسن محمد طاهر، أن معظم الخبراء بالوزارة كانوا معترضين على قيام السد، وقال: إن المشروع نفذ في منطقة أخاديد، وإذا حدث زلزال لن تمسكه خرسانة ولا غيرها، وسيهدد كل أهل السودان في حين قلل الدكتور عثمان حمد المستشار بوزارة الموارد المائية والكهرباء بالسودان، من المخاوف بشأن انهيار السد، وقال: الخزان لا يمكن أن ينهار مباشرة، وإذا حدث سيحدث شرخ في السد الخرساني، مشيراً إلى أن سلامة السد درست من قبل خبراء عالميين بجانب لجنة مختصة تتابع هذا الأمر، مبيناً أن السد يبعد عن منطقة الزلازل المذكورة بنحو «500» كيلومتر. ماذا بعد السد؟ ويؤكد الخبير حيدر يوسف أنّ قيام السد سيفقد السودان ميزة تجديد التربة وتغذية المياه الجوفية. كما أنّ الخريطة الاقتصادية الإثيوبية لم تكن تتضمن سد النهضة، وهو ما يرفع الاتهامات ضد إثيوبيا بأنّه سدّ سياسي وليس اقتصادياً. وقد ورد أنّ من أهدافه السيطرة على الفيضان، بينما الأصحّ قول إدارة الفيضان. وهناك مخاطر أخرى تكمن في موقع السد في منطقة زلازل الأخدود الإفريقي، وهو ما يجعله عرضة للانهيار. وفي هذه الحالة ستغرق أجزاء كبيرة من الأراضي السودانية. ويبقى السؤال لحكومتي مصر والسودان: ماذا بعد السد؟ مخاوف حقيقية إلا أن المهندس البروفيسور عبد الله عبد السلام، رئيس كرسي اليونسكو للمياه، كان له رأي مغاير. وتحدث عن مخاوف حقيقية حول سد النهضة. أولها خطأ في التصميم الهندسي، حيث لا توجد مخارج سفلية لتمرير المياه في حال توقف عمل التوربينات أو انخفاض مستوى بحيرة السد عن مستوى مداخل التوربينات، ثم أشار إلى انعدام الجدوى الاقتصادية لأي سد ينشأ لتحقيق غرض واحد، وأن السدود يجب أن تبنى لتحقيق أكثر من فائدة، وتحدث عن أن المنتج من الكهرباء من السد في أفضل حالاته لن يتجاوز ألفي ميقاواط ساعة، وهي بالكاد تكفي حاجة إثيوبيا نفسها، واستدل على هذه الفرضية بأن إثيوبيا انشأت خطوط نقل الكهرباء إلى داخل أراضيها وليس إلى الأراضي السودانية، بما يشي بأن كهرباء السد لن تتجه إلى السودان. وتحدث عن فترة ملء البحيرة واعتبر أنها تهدد وارد المياه إلى دولتي أسفل النهر بصورة كبيرة. واستغرب ألا يتضمن إنشاء السد استراتيجية ملء البحيرة. وطالب بأن يتم بناء السد على مراحل لأنه الأجدى اقتصادياً وهندسياً. وطرح تساؤلاً عن إن كانت مصادفة أن سعة بحيرة سد النهضة تبلغ «74» مليار متر مكعب، وهي تعادل بالضبط حصة السودان ومصر من مياه النيل حسب اتفاقية 1959م. أسئلة تحتاج إلى إجابات بالإضافة إلى المخاوف الإقليمية، هناك الكثير من علامات الاستفهام حول المشروع، والتي تتمثل في مقدار الوقت الذي سيستغرقه ملء البحيرة الخلفية، وما تأثيرات ذلك في الأمن المائي لدول المصب؟ وما تأثير الطمي في الخزان؟ والتأثير المتوقع في التنوع البيولوجي في منطقة الخزان ودول المصب؟ وما مدى تأثير ذلك في السدود المقترحة على النيل الأزرق، والتوسع في استغلال الأراضي في دول المصب؟ وهل هناك اعتبارات للنشاط الزلزالي في المنطقة كما ذكر بعض الخبراء؟ واحتمال اكتساح المياه للسد، ومدى موثوقية معايير سلامة السدود في إثيوبيا.
الانتباهة