يبدو أن عاصفة الغضب التي بدأت فصولها داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل عقب قرارات الفصل الشهيرة التي أطاحت بقيادات تاريخية داخل الحزب، يبدو أن رياحها بدأت تشتد لتعصف بمصدري القرارات بعد أن أعلنت حركة العمل الجماهيري بقيادة القيادي البارز بالحزب حسن أبوسبيب تكوينها لمكتب سياسي انتقالي مكون من قطاعات الشباب والمرأة والطلاب والمهنيين علاوة على تمثيل الولايات بخمسة أعضاء لكل ولاية فيما يضم المكتب ناشطين حزبيين، وشرعت المجموعة التي التأمت أمس الأول بمدينة الحاج يوسف ضاحية شرق النيل في تكوين لجان قانونية وتنظيمية وإعداد أوراق للعمل الحزبي توطئة لمناقشتها في المؤتمر العام للحزب الذي ستتولى الإعداد والتحضير له هيئة رئاسية تشرف على كافة المراحل التي تسبق قيامه.
ساعات الغليان
وسط هتافات مناوئة للمشاركة ومطالبة بنفض اليد منها بدأت جلسة الاجتماع العاصف بمنزل القيادي بالحزب عمر الفاروق، تلك الدار التي حج إليها جمع غفير من الاتحاديين توافدوا من ولايات السودان المختلفة ـ الشمالية وكسلا والقضارف والبحر الأحمر وولايات دارفور الكبرى والجزيرة وسنار بالإضافة إلى ممثلين من قطاعات الشباب والمرأة والطلاب والقطاعات المهنية، وقدم الممثلون مرافعات قوية حذروا فيها من مغبة استمرار الحزب داخل النظام الحاكم رغم أنف جماهيره الرافضة لهذه الشراكة، حتى أن ممثل الشباب جعفر حسن ود إبراهيم توعد المشاركين بقيادة حملة مقاطعة اجتماعية ضدهم وسط قواعد وجماهير الحزب فيما شن هجوماً لاذعاً على الحسن الميرغني وأحمد سعد عمر وكشف في حديثه لـ(التيار) عقب الاجتماع عن خطة شبابية لمحاسبة قبلية للقيادات المشاركة تبدأ بمقاطعتهم اجتماعياً وتكشف عن فسادهم الحزبي خلال السنوات التي قضوها داخل أروقة الحزب وهدد بنشر الغسيل برمته في جميع وسائل الإعلام وتعهد جعفر بصياغة الحزب وفق رؤية جديدة تنهي هيمنة الطائفة وحكم الفرد لصالح المؤسسة والتنظيم، في وقت دفعت فيها أمينة المرأة بالحزب سميرة مهدي بورقة تنظيمية تقترح إعادة هيكلة الحزب من جديد وقالت مهدي في كلمتها أمام المجتمعين أن أُس البلاء في الحزب ناتج عن الخلل التنظيمي داخله ما فتح الباب واسعاً أمام أصحاب الغرض إلى النيل من الحزب والزج به في أحضان الشمولية وأنظمة التنكيل لتحقيق رغبات وأغراض شخصية.
هياكل جديدة
بعد مداولات كثيفة وسماع لوجهات النظر خلص الاجتماع إلى تكوين مجلس سياسي انتقالي جديد للحزب يمثل فيه 5 من كل ولاية بالإضافة إلى تمثيل قطاعات المرأة والشباب والطلاب والمهنيين والناشطين الحزبيين على أن يعقد أول اجتماع له عقب عطلة عيد الفطر المبارك ويتولى المكتب مهمة اختيار هيئة رئاسية للإشراف على قيام المؤتمر العام وإدارة شؤون الحزب إلى حين قيام المؤتمر وتكوين لجنة قانونية للقيام بالمهام المتعلقة بالحزب والسعي لتحقيق الوحدة الاتحادية وعلى الصعيد السياسي جدد المجتمعون الرفض الكامل للمشاركة وعدم شرعية المشاركين بل قرروا إصدار كتاب أسود بشأنهم والتنسيق مع القوى السياسية الأخرى لإسقاط النظام.
خلافات محتملة
ويرى مراقبون أن مخرجات الاجتماع الذي تولى رئاسته الشيخ حسن أبوسبيب من شأنه أن يشعل حمى الخلافات داخل الحزب بين المشاركين في السلطة والرافضين، فالخطوة على تكوين مكتب سياسي جديد تبدو في غاية الخطورة وتعرض الحزب الاتحادي الأصل لخطر الانشقاق فيما يعد أمر الكتوينات الجديدة بمثابة مفاصلة فعلية بين الرافضين للمشاركة والمشاركين، وربما تدفع الخطوة بالحسن الميرغني إلى إصدار قائمة جديدة من المفصولين الجُدد على هدى اجتماع الأسكلا الشهير الذي حدثت بعده أكبر مجزرة فصل شهدها الحزب الاتحادي، وتوقع المراقبون أن تقف كثير من العقبات القانونية عائقا في وجه من يريدون قيام المؤتمر العام للحزب بحجة عدم شرعيتهم أو ربط الأمر بموافقة رئيس الحزب مولانا الميرغني وعلى كل فإن المجتمعين احتاطوا للأمر بتكوين لجنة قانونية لمتابعة الإجراءات والتصدي لأي إشكال قانوني من شأنه أن يعطل مسيرتهم الداعية لشرعنة الرافضين داخل الأطر التنظيمية للحزب عبر تكوين هياكل جديدة تتجاوز المشاركين في السلطة، في كافة ولايات السودان، بيد أن نجل الميرغني أقام فعلياً مكاتب سياسية جديدة في كافة الولايات خلال حملة الحزب الانتخابية دفع فيها بوجوه شابة محل القيادات المعروفة والتاريخية في تلك الولايات، الشيء الذي من شأنه أن ينقل حمى الخلافات إلى الولايات ولربما يدفع بالبعض باللجوء إلى مجلس الأحزاب والقضاء لحسم الخلافات التي بدأت تتجدد وتنمو داخل الحزب الاتحادي الأصل.
تقرير: علي الداليالتيار