الجمعة، 19 يونيو 2015

فوز المعارضة في الانتخابات الدنماركية

فوز المعارضة في الانتخابات الدنماركية



تغلبت أحزاب المعارضة في الدنمارك على الائتلاف الحاكم في الانتخابات العامة.
ومع انتهاء فرز الأصوات، تغلب يمين الوسط بزعامة رئيس الوزراء السابق لارس لوك راسموسين على إئتلاف يسار الوسط بزعامة رئيسة الوزراء هالي ثورنينغ شميدت.
واستقالت ثورنينغ شميدت من منصبها كزعيمة للديمقراطيين الاشتراكيين.
وسيصبح حزب الشعب الدنماركي، وهو حزب يميني معارض للهجرة، ثاني أكبر حزب في البرلمان.
وفي الكلمة التي ألقاها بمناسبة فوزه قال راسموسين "منذ أربعة أعوام أعدنا مفاتيح مكتب رئيس الوزارء. أعتقد أنها كانت مستعارة فقط".
وقال إنه سيسعى "للسيطرة على تدفق اللاجئين".
وحصل حزب الديمقراطيين الاشتراكيين بزعامة ثورنينغ شميدت على أعلى نسبة من الأصوات، حيث بلغت حصته منها 26.3 بالمئة، وفقا لوسائل الإعلام الدنمركية.
لكن حلفاءها أخفقوا في الحصول على أصوات أكثر من المعارضة واستقالت من منصبها بعد الإقرار بالهزيمة
BBC

الهجوم على كنيسة تشارلستون: الشرطة الأمريكية "تعتقل"شابا أبيض مشتبها به

ديلان روف المتهم في قتل 9 اشخاص داخل كنيسة في مدينة تشارلستون بولاية ساوث كارولينا.


قبضت الشرطة الأمريكية على الشاب المشتبه في قتله 9 أشخاص في إطلاق النار داخل الكنيسة في مدينة تشارلستون بولاية ساوث كارولينا.
وأكدت وزيرة العدل لوريتا لينتش أن الشاب ديلان روف البالغ من العمر 21 عاما قد أعتقل.
وقالت الشرطة إن المسلح حضر درسا دينيا في كنيسة عمانوئيل التاريخية في تشارلستون لأكثر من ساعة قبل أن يبدأ باطلاق النار، ويقتل 6 نساء و3 رجال بينهم راعي الكنيسة كليمينتا بينكني الذي كان أيضا أحد أعضاء مجلس الشيوخ في الولاية.
وقالت الشرطة إنها تتعامل مع الهجوم على أنه "جريمة كراهية."
وقالت الوزيرة لينتش إن وزارة العدل ستنظر في كل وقائع الحادثة ودوافعها قبل التوصل الى افضل السبل للمضي قدما في أي دعوى قد تقام.
وقالت وسائل اعلام أمريكية إن روف اعتقل في بلدة سلبي بولاية نورث كارولينا بعد الهجوم بـ 13 ساعة، فيما أكدت الشرطة أنه اعتقل عند تقاطع مروري في البلدة المذكورة.
وكنيسة عمانوئيل الأفريقية الأسقفية الميثودية هي واحدة من أقدم كنائس الأمريكيين السود في جنوب الولايات المتحدة.
وفي وقت لاحق، عبر الرئيس باراك أوباما عن غضبه ازاء الهجوم، وقال إن هذا النمط من العنف المرتبط بالاسلحة النارية لا يحصل في بقية الدول المتقدمة.
وأضاف الرئيس الأمريكي أنه وزوجته ميشيل كانا على معرفة براعي الكنيسة الذي قتل في الهجوم.
وقال إن على الولايات المتحدة مراجعة السبل التي يتمكن بها القتلة من الحصول على الأسلحة النارية.
كما قالت هيلاري كلينتون الساعية للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية المقبلة إن على الولايات المتحدة مواجهة "حقائق مزعجة" حول العنصرية والعنف.
وقالت وزيرة الخارجية السابقة "علينا مواجهة حقائق مزعجة تتعلق بالعنصرية والعنف والتفرقة. كم من الناس، من أطفال، ومصلين والذين يحضرون العروض السينمائية ينبغي أن يقتلوا قبل أن نتصرف؟"
BBC

خلافات بين الوفود المشاركة في محادثات السلام اليمنية في جنيف

الحوثي في مؤتمر صحفي
واجهت محادثات السلام اليمنية التي دخلت يومها الرابع في جنيف خلافات جديدة بعد انقسامات بين الوفود المشاركة.
وقال المبعوث الدولي الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إن عدد أعضاء الوفود المشاركة في المحادثات لا ينبغي أن تزيد عن عشرة أشخاص لكن بعض الوفود شددت على ضرورة مشاركة كافة أعضاء الوفد في المحادثات.
وأشار ياسر العوضي، نائب رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام إلى أن المشاركين في الوفود يمثلون أطيافا سياسية مختلفة من بينها الحوثيون ومن غير الوارد أن يرغب أي منهم في التخلي عن حقه في المشاركة في المفاوضات.
وعلى هامش المحادثات، اندلعت معركة بالأيدي بين أنصار الفصائل المتحاربة المختلفة في اليمن فيما يؤكد على الانقسامات التي أحبطت جهود الأمم المتحدة في الوساطة في هدنة في الصراع المستمر منذ نحو ثلاثة أشهر.
وقطع أنصار الحكومة اليمنية مؤتمرا صحفيا عقده مسؤولون في جماعة الحوثي ورشقوهم بالأحذية ووصفوهم بأنهم "يقتلون الأطفال" في اليمن.

ويقول أنور العنسي موفد بي بي سي إلى جنيف إن ولد الشيخ أجل اجتماعا كان مقررا له مع وفد الحوثيين مساء الخميس لإطلاعهم على نتائج مداولاته مع وفد حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بخصوص عدد من التصورات والأفكار التي طرحها وفد الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام لتطبيق الهدنة.
ومن المقرر ان تختتم المحادثات يوم الجمعة أو السبت وتحدث المندوبون عن عدم تحقيق تقدم يذكر نحو التوصل إلى الهدنة التي دعت إليها الامم المتحدة.
ويشارك في المفاوضات وفد عن الرئيس، عبد ربه منصور هادي، الموجود في السعودية، ووفد عن الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، الموالي للحوثيين.
وأدى الصراع حتى الآن إلى مقتل أكثر من 2500 شخص، وتشريد أعداد هائلة من السكان ونشوء أزمة انسانية كارثية في البلاد.
ومع قدوم شهر رمضان هذا العام يعيش اليمنيون أزمة إنسانية، في ظل النقص الحاد في الوقود، ومادة الغاز المنزلي، وانتعاش بيعها في السوق السوداء بأسعار تزيد ستة أضعاف عن سعرها الرسمي.
ويقول المحللون إنه من غير المحتمل أن تحقق المفاوضات نجاحا لافتا، بل إنه من المتوقع ألا يجلس المتفاوضون في غرفة واحدة في بداية الأمر.
BBC

يونيسيف: مصرع 129 طفلًا في جنوب السودان خلال الشهر الماضي




أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) اليوم الخميس مصرع 129 طفلا على الأقل في جنوب السودان الشهر الماضي ، وذلك خلال هجوم للقوات الحكومية على معاقل المتمردين الموالين بولاية الوحدة.
وقال أنتوني ليك المدير التنفيذي لليونيسيف ، في تصريحات نقلتها شبكة (فوكس نيوز) الأمريكية ، " إن ناجين أفادوا بأن صبية وفتيات تعرضوا للاغتصاب الجماعي والقتل".
وأضافت المنظمة أن حوادث القتل وقعت على مدار أكثر من 3 أسابيع في ولاية الوحدة الشهر الماضي ، حيث وقعت اشتباكات بين الحكومة والمتمردين.
من جانبه ، شكك المتحدث باسم جيش جنوب السودان فيليب أجوير في مصداقية ذلك التقرير ، قائلا إنه من غير الممكن ارتكاب مثل تلك الفظائع في جنوب السودان ، وطالب بإجراء تحقيق كامل واحالة المسؤول ، أيا كان منصبه ، الي العدالة.
يذكر أن المعارك بين القوات الحكومية والمتمردين لا تزال مستمرة منذ ديسمبر عام 2013.

أ.ش.أ

تحفظ أوروبي على "جدار الصد" المجري

تحفظ أوروبي على "جدار الصد" المجري 

أعربت المفوضية الأوروبية الخميس عن تحفظها إزاء مشروع المجر بناء جدار على حدودها مع صربيا لوقف تدفق المهاجرين.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية نتاشا برتو للصحفيين إن "المفوضية تشجع الدول الأعضاء على استخدام تدابير بديلة. لقد أسقطنا للتو الجدران في أوروبا وليس علينا أن نبدأ ببناء أخرى" في إشارة إلى قرار المجر البدء تدريجيا بفتح حدودها مع النمسا في 1989، مع بدء حركة انفتاح بين الشرق والغرب توجت بسقوط جدار برلين في خريف تلك السنة.
وتعتزم المجر بناء سياج بارتفاع أربعة أمتار على امتداد 175 كيلومترا على الحدود مع صربيا وهو قرار اعتبرته بلغراد "مفاجئا وصادما".
وتقول بودابست إن 54 ألف مهاجر وطالب لجوء دخلوا أراضيها منذ يناير مقابل 2000 في الإجمال سنة 2012. وقالت الحكومة إن أعمال بناء الجدار ستبدأ "بعد الانتهاء من الفترة التحضيرية في 24 يونيو.
وقالت نتاشا برتو إن الدول الأعضاء لديها مسؤولية تأمين حدودها "ومع ذلك، فإن أي إجراء يجب أن يتفق مع الأسس الأوروبية والالتزامات الدولية" للاتحاد الأوروبي بشأن استقبال طالبي اللجوء واللاجئين وكذلك مع "المبدأ الإنساني بعدم ردهم".
وحتى الآن هذا العام، طلب أكثر من 53 ألف شخص اللجوء في المجر، مقارنة بما يقل عن 43 ألف شخص في 2014 و2150 في 2012.
وأكثر من 70% من طالبي اللجوء خلال الأشهر الثلاثة الماضية من سوريا وأفغانستان والعراق، رغم أن الغالبية العظمى تتجه إلى الغرب للوصول إلى بلدان مثل ألمانيا والسويد بعد وقت قصير من تقديم طلبات اللجوء.
سكاي نيوز

البشير والجنائية الدولية: في انتظار المحكمة الأعدل

صبحي حديدي


حُقّ لحاكم السودان، الفريق عمر البشير، أن يتباهى بأنّ المحكمة الجنائية الدولية قد استسلمت له، برفع الأيدي كما قال؛ ولأنها ذراع للاستعمار الجديد حسب توصيفه، فقد «فشلت لأنّ الشعب السوداني رفض أن يسلّم أي مواطن لمحاكم الاستعمار». أسبابه في هذه المباهاة لا تقتصر على عودته من جنوب أفريقيا إلى السودان، سالماً آمناً مطمئناً، مسلحاً بعصا المارشالية الشهير، فحسب؛ بل كذلك لأنّ المدعية العامة للمحكمة، فاتو بنسودا، قررت حفظ التحقيقات في جرائم دارفور، وأحالت الملفّ إلى مجلس الأمن الدولي (كما فعلت سابقاً، مراراً في الواقع، لأنّ السودان، قبل كينيا وجيبوتي ومالي والكونغو وتشاد، لم تتعاون مع المحكمة في القبض على البشير).
الجولة القضائية لم تكن، بادىء ذي بدء، قد دارت بين البشير، الدكتاتور والحاكم الفرد والانقلابي؛ والقاضي هانز فابريشيوس، الذي أصدر مذكرة التحفظ، ويُعرف في جنوب أفريقيا بالشجاعة والرصانة والقرارات التاريخية (رأيه حول حقّ المريض، الميئوس من شفائه، في إنهاء حياته بيديه). لقد كانت صداماً بين المؤسسة القضائية في جنوب أفريقيا، التي طبّقت القانون واحترمت دستور البلد، من جهة (قال فابريشيوس: «حين يُطلب فتح تحقيق بموجب قانون المحكمة الجنائية الدولية، ويوجد أساس معقول للقيام بالتحقيق، فإنّ الاعتبارات السياسية أو المبادرات الدبلوماسية لا يُعتدّ بها»)؛ والسلطة التنفيذية، ممثلة بالرئاسة أوّلاً، حيث اعتبرت بريتوريا أنّ البشير رئيس قائم على رأس عمله، ضيف البلد و»منظمة الوحدة الأفريقية»، وهو لهذا يتمتع بحصانة لا يجوز المساس بها.
أكثر من ذلك، أبدى بعض منظّري حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» غضبهم لأنّ هذه الحكمة لا تتشاطر إلا على القادة الأفارقة، وتتحامل على الدول الفقيرة وحدها، وهذا صحيح، بالطبع؛ وهي أداة من أدوات الإمبريالية المعاصرة، وفي هذا كثير من الخطل، حتى إذا كان جوهر الحجة سليماً من حيث مآلات عمل المحكمة، وليس من حيث تكوينها أو نظامها الداخلي. لافت، إلى هذا، أنّ الهجوم على المحكمة كان بمثابة طعن، ضمني، لكنه صريح، بنزاهة القضاء في جنوب أفريقيا أوّلاً؛ وكذلك ـ ولعله تفصيل لا يقلّ خطورة ـ بمثابة تراجع عن خطّ أخلاقي في العلاقات الدولية، استنّه نلسون مانديلا وقامت ركيزته الكبرى على ضرورة ربط السياسة الخارجية بمعايير حقوق الإنسان.
وشخصياً لا أحمل، البتة، أيّ مقدار من التعاطف مع البشير، وأثق استطراداً أنه جدير بالمثول أمام المحكمة
بتُهَم ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الانسانية، وجرائم إبادة؛ أسوة بشركائه، وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين، وزير الداخلية السابق أحمد هارون، وزعيم ميليشيا الجنجويد علي كشيب (لم يعتقل أي منهم، أيضاً، للتذكير). ولقد أثلج صدري أن يسجّل القاضي فابريشيوس سابقة كهذه ضدّ حاكم على رأس عمله، خاصة إذا كان من طينة حكّام بلادنا، غاصبي السلطة المستبدّين. غير أنّ ما كان سيثلج الصدر أكثر، ويُسقط عن الممارسة بأسرها صفات النفاق والانتقائية والكيل بعشرات المكاييل المتباينة، هو أن تُسجّل السابقة الأولى ضدّ كبار مجرمي الحرب قبل صغارهم، في الأنظمة الديمقراطية والمتقدّمة قبل تلك الشمولية أو النامية أو الفقيرة من طراز أوغندا والكونغو وأفريقيا الوسطى والسودان، وهذه هي حصيلة عمل المحكمة حتى اليوم.
ثمة، في طليعة الأمثلة على عتاة مجرمي الحرب الكبار، الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في غزو العراق وأفغانستان (1,2 مليون ضحية، فضلاً عن حقيقة أنّ النزاع في دارفور داخلي، وليس غزواً عسكرياً على غرار ما فعل بوش)؛ ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير في الملفات ذاتها، خاصة جنوب العراق، والبصرة؛ ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقبله إيهود أولمرت، إيهود باراك، إسحق شامير، إسحق رابين، مناحيم بيغن… وما يضيف إلى النفاق غطرسة وعنجهية واستهتاراً أنّ الولايات المتحدة رفضت الانضمام إلى المحكمة عند تأسيسها، في روما سنة 2002، وما تزال ترفض خضوع أيّ مواطن أمريكي لقوانينها. ولأنها عضو دائم في مجلس الامن الدولي، والقوّة الكونية الأعظم، لكنها ترفض المصادقة على ميثاق المحكمة؛ كيف يستقيم أن يُشتكى إليها، كما فعلت السيدة بنسودا؟
أمّا مثال بشار الأسد، فإنّ كلّ ما استطاعت المحكمة القيام به هو «جمع الأدلة» على ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية في سوريا، منذ الانتفاضة الشعبية في آذار (مارس) 2011، أو حتى قبل ذلك، في عشرات المجازر، التي كانت مجزرة مدينة حماة، 1982، ذروتها الوحشية. ولكن حتى بعد جمع «الأدلة»، أو العشرات والمئات منها، فإنّ المحكمة ستظلّ عاجزة عن فتح تحقيق رسمي، لأنها بحاجة إلى قرار من مجلس الأمن لإحالة الملفات إلى المحكمة، ولا حاجة للتذكير بأنّ واشنطن وموسكو وبكين سوف تجد الكثير من الأسباب المشتركة، لرفض الإحالة. أكثر من هذا، يضيف الإهانة إلى جراح السوريين أنّ نظام الأسد ينبغي أن يوافق، أوّلاً، على قبول اختصاص المحكمة في النظر في هذه الانتهاكات!
من الخير العودة إلى سابقة أخرى، بصدد إحالة حاكم على رأس عمله إلى جهة قضائية دولية، أي مثول الزعيم الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش أمام المحكمة الدولية لجرائم الحرب، في خريف العام 2002، قبل أشهر من إطلاق محكمة الجنايات الدولية. ولعلّ بين أفضل التعليقات على محاكمة ميلوسيفيتش كان ذاك الذي كتبه هوغو يونغ، حين اعترف بأنّ الزعيم الصربي لا يقف في قفص الاتهام لأنه ارتكب سلسلة من الجرائم بحقّ الإنسانية؛ بل، بالأحرى، لأنه ارتكب الخطأ القاتل المتمثّل في اجتياح كوسوفو عسكرياً في زمن غير ملائم، أي في زمن فرض الوصاية الأمريكية ـ الأوروبية على الإقليم. في عبارة أخرى، هنالك كلّ الفرصة في أنّ الجرائم التي حوكم ميلوسيفيتش بموجبها، بما في ذلك جرائم كرواتيا والبوسنة، كانت ستُنسى تماماً لو أنها ارتُكبت في سياقات أخرى.
وبالطبع، تغافل يونغ عن بُعد آخر للمسألة، هو الوجه الثاني لحكاية المحاسبة على الجرائم المرتكبة بحقّ الإنسانية: حين وقف مجرم حرب مثل ميلوسيفيتش في قفص الاتهام، كان زميل له، مجرم حرب، هو رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون يواصل ارتكاب جرائمه اليومية، بل كان يحظى بتصفيق الولايات المتحدة، وتأييدها وإطرائها. معظم العواصم الأوروبية التزمت الصمت، أو اكتفى قادتها بالتأتأة الجوفاء حول ما هو «بنّاء» أو «غير بنّاء» في العنف النازيّ اليوميّ الذي مارسته قوّات الاحتلال الإسرائيلي ضدّ الفلسطينيين.
هذه عناصر يمكن، في ضوء تفكيكها إلى مكوّناتها الفعلية، أن تنقلب إلى مضامين أخرى، مضادّة لتلك الكليشيهات التي يجري تداولها كلما تقاطعت الخيوط في لعبة دولية/ إقليمية جديدة، وشاع إغماض العين عن الجوهر (حروب النفط والذهب في إقليم دارفور، وانتفاضة الشعب من أجل الحرية والكرامة في سوريا، مثلاً)؛ مقابل إبراز معطيات السطح وحده (الحروب الإثنية بين «عرب» و«أفارقة» في إقليم دارفور، وحروب «الجهاديين» من أجل «خلافة إسلامية» في سوريا). ومع ذلك، ورغم إفلات البشير، اليوم، من شبح المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية؛ فإنّ الشعب السوداني ـ الذي يواصل سداد أثمان باهظة مزدوجة، جرّاء عقوبات «المجتمع الدولي» والابتلاء بنظام البشير، في آن معاً ـ هو صاحبة الحكمة العليا الختامية، الوطنية حقاً، والأشدّ عدلاً بالتأكيد. وهذه قادمة، لا ريب فيها، طال الزمان أم قصر.

٭ كاتب وباحث سوري يقيم في باريس
القدس العربي


في تجليات محنتنا السودانية البشيرية

د. عبدالوهاب الأفندي

(1) مررنا وكثير من أهل السودان في مطلع هذا الأسبوع بمحنة عصيبة حين واجه الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير التهديد بالاعتقال وهو يزور جنوب إفريقيا لحضور القمة الافريقية، وهو مصير لم ينج منه إلا بالهرب بتواطؤ من مضيفه الرئيس جاكوب زوما الذي كان سيصبح في ورطة أكبر لو وقع الاعتقال.

(2) لم يكن مصير البشير هو سبب انزعاجنا، فالرجل يستحق الاعتقال وأكثر، ليس فقط جزاء وفاقاً لما قدمت يداه، ولكن لقاء حماقة السفر إلى بلد لا يأمن فيه على نفسه. وفوق ذلك، لقاء ما قصر في القيام به. فقد أتيحت له أكثر من فرصة لإخراج البلاد من أزمتها، ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه. ولكن ما حز في النفس كان تمريغ سمعة البلاد في الوحل، وتعرض الكرامة الوطنية للإذلال في شخص ممثل البلاد في المحافل الدولية.

(3) فها هو الرئيس يضطر مرة أخرى للهرب كأنه لص مطارد، ولم يجد الفرصة حتى لإلقاء كلمته التي قطع آلاف الأميال لإلقائها، وبكلفة باهظة على دافع الضرائب المنهك. وليت هذا كان كل ما في الأمر، بل إن أيا من الزعماء الأفارقة لم يتضامن معه ولو بشطر كلمة. حتى رئيس زمبابوي سيئ الصيت روبرت موغابي، الذي رأس جلسات القمة، وأكثر في حديثه من لوم الامبريالية وتسلطها، لم يفتح الله عليه بكلمة واحدة في تأييد صديقه المطارد. الكل تحامى رئيسنا المحترم المحبوب تحامي البعير الأجرب.

(4) أما من فتح الله عليهم بالنطق، مثل وزير العدل السنغالي، فقد طالب بتنفيذ أمر الاعتقال في حق الرئيس وألح على ذلك. وقد روت بعض المصادر أن بوتسوانا هددت بإنزال طائرة الرئيس واعتقاله إذا عبر أجواءها. ولا جدوى في هذا المجال لما صدر من تهديدات من وزير الخارجية السوداني الجديد باتخاذ إجراءات ضد الدول التي تؤيد أمر الاعتقال، لأن السودان ليس لديه ما يهدد به أصلاً.

(5) مثل كل هذا الإذلال والمهانة كارثة وطنية بلا شك، ولكن الأدهى والأمر هو ما صدر عن الوزير ورئيسه وطائفة من المسؤولين من احتفال بهذا «النصر المبين»!! فإنها حقاً مصيبة المصائب أن يكون هم المسؤولين في بلد ما انتظار طائرة الرئيس كلما غادر البلاد، وتنظيم الاحتفالات والمسيرات ابتهاجاً بعودته، كأنه سيف الدولة قافلاً من قتال الروم. فهذه حقاً أم المهازل.

(6) يجب أن نتذكر، بعيداً عن هذا الضجيج، أن مشكلة الجنائية الدولية و «الغرب» مع البشير وموغابي وحسين هبري وتشارلز تيلور ورايلي أودنغا أو أوهورو كنياتا وغيرهم تتعلق بما اقترفت أيديهم في حق مواطنيهم، وليس لثأر بينهم وبين الخارج. بل بالعكس، نجد هؤلاء يتهافتون على خدمة الغرب ويفتخرون بذلك. وقد اعترف وزير خارجية البشير ضمناً بذلك وهو يخاطب الصحافيين بعد عودة رئيسه الميمونة من «غزوة جوهانسبيرغ»، حين قال إن هنالك مجرمين كثر طلقاء، فلماذا يستهدف البشير دون غيره؟ فهو يعترف مشكوراً بأن رئيسه مجرم، ولكنه يعترض على ملاحقته دون بقية المجرمين. ولو أن كل مرتكب جريمة أصر على أن يمكث طليقاً حتى يعتقل كل مجرم آخر لبقيت السجون قاعاً صفصفاً.

(7) لا بد إذن، وقبل كل شيء آخر، من مخاطبة لب المسالة، وهي أن هناك مواطنين سودانيين تعرضوا لأبشع أنواع القتل والتشريد، وملايين غيرهم شردوا، ولا يزالون مشردين تحت سمع الرئيس وبشره. ومن اعتدى على هؤلاء ليسوا نفراً من الجن، بل هم بشر معروفون بأسمائهم وأعيانهم. ورئيس البلاد إزاء هذا في واجد من أمرين: إما أنه متواطئ فيما وقع من إثم وظلم عظيم، كما هي تهمته، أو أنه عجز عن حماية مواطنيه والاقتصاص لهم ممن ظلمهم. وفي الحالين فهو لا يصلح رئيساً.

(8) عندما يتعرض من يتحمل مثل هذه المسؤولية الجسيمة إزاء إزهاق أرواح بعشرات الآلاف، وإخراج الملايين من عباد الله المؤمنين من ديارهم بغير حق للمساءلة والملاحقة من أي جهة كانت، فلا يحق له أن يبحث في عيوب من يسائله عن جرمه. فليست هذه هي القضية. وإذا كان يعترض على الجنائية الدولية، فليختر جهة غيرها يحتكم إليها المظلومون.

(9) خلاصة الأمر أن البشير يستحق ما يتعرض له من مهانة وإذلال، فهو بما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير. ولكن البلاد لا تستحق ذلك. وعليه أصبح من الضرورة فك الارتباط بين الاثنين. فليس من العدل أن يتحمل الضحايا الوزر مرتين، مرة بالجناية ومرة بعقوبتها.

(10) ما كشفت عنه التطورات الأخيرة هو ضرورة التخلي عن وهم أن عمر البشير يمكن أن يكون جزءاً من الحل، لأن الرجل هو عين المشكلة. لقد تعلقنا ومعنا كثير بأمل واهٍ حول إمكانية أن ينزل الرجل على حكم العقل، خاصة بعد أن دعا إلى الحوار وبشر به، واستجاب له غالب أهل السودان. ولا شك أن الوصول إلى حل بالتراضي يجنب البلاد كلفة الاضطراب وظلمة المجهول. ولكن يجب أن نعترف بأننا كنا على خطأ، وأن الرجل وبطانته لا خير فيهم. وآخر الدواء الكي كما يقولون. فلينصرف الرجل لخاصة شأنه مشكوراً، إذ يكفي ما اجترحت يداه في حق البلاد حتى هذه اللحظة.
❊٭ كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن
القدس العربي