الخرطوم ـ «القدس العربي»:
أثارت مشاركة السودان بجنود مقاتلين في الحرب التي تدور في اليمن ردود أفعال كبيرة ،خاصة على المستوى الشعبي، وذلك بعد نشر مقاطع فيديو يمنية تسخر من هذ المشاركة.
ووصلت كتيبة مشاة سودانية إلى عدن يوم السبت الماضي، بوصفها دفعة ثانية من لواء كامل يشارك به السودان ضمن قوات التحالف العربي التي تقودها المملكة العربية السعودية ضمن عملية «إعادة الأمل».
وتبادل السودانيون مقطع فيديوعبارة عن تقرير لقناة «اليمن اليوم» يسخر مما سماهم المرتزقة السودانيين الذين يدافعون عن السعودية ويقاتلون أحفاد الأوس والخزرج، بدلا من الذهاب لإستتباب الأمن في دارفور أو ابيي ووجد هذا المقطع تعليقات كثيرة، حيث وصف البعض مضمونه بالعنصرية ،بينما ألقت الغالبية باللائمة على الحكومة السودانية.
وعلى المستوى السياسي أصدر حزب الأمة القومي المعارض الذي يتزعمه الصادق المهدي بيانا رفض فيه «الزج بالقوات المسلّحة السُّودانيّة في مهامٍ قتاليّة بين الدول العربية» وطالب أن يُقصر دورها في الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد الشّقيقة والصّديقة.
وقال إنه يتفهم ويؤيد حقّ المملكة العربية السعوديّة في الدفاع عن حدودها، وتأمين أمنها القوميّ، ودعم الشرعيّة في اليمن ويدين الاستيلاء على السُّلطة بالقوّة ويقف مع الخيار الدّيمقراطيّ للشّعب اليمنيّ، ووصف الصراع الدائر هناك بالطائفي.
وأضاف في بيانه: «نرفض إقحام بلادنا السودان عسكريًّا في حرب لن تحقّق سوى تعميق النّزاع الطائفيّ وسفك دماء الشّعوب المعنيّة وتدمير منشآتهم وتشريدهم وإتاحة الفرصة لتمدُّد أجندات الغلوّ، ما يستدعي حتما تدخُّلات أجنبيةوندين مشاركة بلادنا عسكريا في حرب اليمن الطائفيّة ونرحّب بأيّ دور للإغاثة الإنسانيّة».
وقال الحزب إن الأنباء الواردة من اليمن تُؤكد أنّ القاعدة وتنظيم الدولة يقومان بهجماتٍ متزامنةٍ على عدن وصنعاء أي يستهدفان طرفيّ الاقتتال في اليمن وأضاف في بيانه:«سوف نسعى شعبيًّا ومع الدُّول الّتي نأت بنفسها عن الانخراط في حروب طائفيّة نتائجها خاسرة في كلّ الوجوه لوقف هذه الحرب ومصالحة أطرافها».
وقال إنّ مشاركة الجيش السُّودانيّ، وعبر تاريخه في عمليّات خارج الوطن، كان دوماً من أجل حفظ السّلام والعون الإنسانيّ، كما حدث في لبنان، والكويت، ولم يشارك في مهام قتاليّة، إلاّ ردًّا للعدوان الإسرائيليّ على الشّقيقة مصر. وأضاف « آن الأوان أن يُنص في الدُّستور على تحديد دور القوّات المُسلّحة السُّودانيّة ومهامها خارج الوطن بموجب قانون».
من جهة أخرى ،دعا النائب الأول للرئيس سوداني، بكري حسن صالح لتقديم المزيد من الدعم والمساندة لليمن خاصة فيما يلي المجال الصحي.
وذلك بعد لقائه، وزير الصحة اليمني، د. ناصر محسن باعمر الذي وصل الخرطوم أمس الأول في زيارة تهدف للوقوف علي أحوال وأوضاع الجرحي اليمينيين في السودان.
وقال الوزير اليمني، إن الزيارة تأتي من أجل تقديم الشكر للسودان حكومة وشعباً لوقفتهم مع اليمن وشرعيته لتجاوز محنته وتفقد الجرحى اليمنيين في مستشفيات الخرطوم.
وأضاف أن السودان قدم لهم دعماً مقدراً شمل الأدوية والأجهزة والمعدات الطبية وفرقاً طبية متواجدة في مسارح العمليات ما زالت تشرف على علاج الجرحى والمصابين.
ويشارك السودان في تطبيب الجرحى في اليمن بفريق طبي من الهلال الأحمر السوداني، يضم 18 طبيباً في مختلف التخصصات الجراحية كما أرسل الهلال الأحمر السوداني طائرة محملة بأدوية الطوارئ، يرافقها فريق للدعم الفني والتنسيق قبل أكثر من شهر.
ومنذ المشاركة الأولى في تحالف «عاصفة الحزم» حدث جدل كثيفا في أوساط المجتمع السوداني ،خاصا في مواقع التواصل الاجتماعي، تنوع ذلك الجدل بين السخرية ومناقشة الأمر بجدية، الأمر الذي جعل الحكومة السودانية تكثر من التصريحات والتوضيحات بهذا الشأن.
ويقول المحلل السياسي عبدالله رزق إن مشاركة السودان في «عاصفة الحزم» كانت عملية حتمية، وتمت بضغوط على السودان الذي يعتقد أنه يدعم الجماعات الإسلامية وهكذا وجد السودان نفسه في عزلة إقليمية «عربية وافريقية» إضافة للعزلة الدولية التي يعيشها.
ويرى أن عودة السودان للخليج والتخلص من المحور الإيراني استلزمت تحولات داخلية في النظام،وعلى وجه التحديد إقصاء اللوبي المرتبط بمصالح مع إيران وتركيا وإبعاده من مراكزصناعة القرار، وتعزيزموقف اللوبي الخليجي وتخفيف دعم الجماعات الإسلامية المتشددة.