السبت، 30 مايو 2015

مذكرة التفاهم بين وزارتي الشؤون الإسلامية السعودية وأوقاف السودان


تم توقيع البرنامج التنفيذي لمذكرة التفاهم بين وزارتي الشؤون الإسلامية والأوقاف في المملكة والسودان.
إذ ينص البرنامج على تبادل الأنظمة والخبرات والمعلومات المتصلة بطباعة المصحف الشريف وتقنياتها، وبعمارة المساجد وصيانتها.
ووقعت المملكة العربية السعودية ممثلة في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وجمهورية السودان ممثلة في وزارة الإرشاد والأوقاف في العاصمة السودانية "الخرطوم" مؤخراً على البرنامج التنفيذي للتعاون في مجال الشؤون الإسلامية والأوقاف المبنية على مذكرة التفاهم الموقعة بين الوزارتين.
ووقع البرنامج عن جانب وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف مدير العلاقات الخارجية بالوزارة عبدالمجيد بن محمد العمري، وعن جانب وزارة الإرشاد والأوقاف السودانية مدير عام العلاقات الخارجية والتواصل الدولي الأستاذ محمد الفاتح.
وينص البرنامج على تبادل المعلومات والأنظمة المتعلقة بمجال عمل الوزارتين، وتبادل الأنظمة والخبرات والمعلومات المتصلة بطباعة المصحف الشريف وتقنياتها وبعمارة المساجد وصيانتها وترميمها وبتعليم القرآن الكريم وتحفيظه وفي مجال الأوقاف.

اليوم

أطفال جنوب السودان.. الخاسر الأكبر في الحرب الأهلية



تعاني دولة جنوب السودان من أزمة اقتصادية كبيرة إثر اندلاع الحرب الأهلية منذ ما يقرب من 17 شهرا، التي أثرت بشكل كبير على الأوضاع في البلاد.
ويعد الأطفال بجنوب السودان هم الخاسر الأكبر من الحرب الأهلية، ففي تقرير جديد لها، أعلنت منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة والمعنية بالطفولة، أن نحو ربع مليون طفل في جنوب السودان معرضون لخطر كبير بسبب تدهور الأمن الغذائي وسوء التغذية، حيث يتدهور الوضع بسرعة، وذلك بسبب الصراع الدائر الذي أدى إلى تقلص المخزونات الغذائية المنزلية وانكماش الاقتصاد.
واستندت اليونيسيف إلى توقعات فريق تقني ضمن مجموعة تمثل المنظمة الدولية عضوا فيها، وقالت إن عدد الأشخاص في جنوب السودان الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد قد زاد منذ بداية العام من نحو 5.2 مليون شخص إلى ما يقدر بنحو 6.4 مليون شخص بما في ذلك ما يقرب من 874 ألف طفل دون سن الخامسة.
وأضافت اليونيسيف أن هذا هو أكبر عدد من الأسر في أزمة أو في حالة طوارئ تصل إلى هذا المستوى من انعدام الأمن الغذائي منذ بداية الحرب الأهلية في جنوب السودان في ديسمبر (كانون الأول) 2013.
وذكر ممثل المنظمة في جنوب السودان جوناثان فايتس، أن معدلات سوء التغذية لدى الأطفال هناك أعلى من الطارئة بنسبة تصل إلى 15 في المائة، ولفت إلى أن ما يقرب من واحد من كل ثلاثة أطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية في المناطق الأكثر تضررا من أعالي النيل الكبرى وبحر الغزال، ونوه بأن معدلات عالية جدا من سوء التغذية الحاد تصل إلى 10 في المائة، قد لوحظت في ولاية الوحدة.
وحذرت اليونيسيف من أن هؤلاء الأطفال إن لم يتم الوصول إليهم بالعلاجات اللازمة فسيكونون عرضة للوفاة تسع مرات أكثر من الأطفال الأصحاء.
وكانت الحرب الأهلية قد اندلعت في ديسمبر 2013، وذلك عندما اتهم رئيس جنوب السودان سلفا كير نائبه السابق رياك مشار بمحاولة الانقلاب عليه، مما أدى إلى دائرة من عمليات القتل والانتقام في أنحاء البلاد.
وقد شنت القوات الحكومية في أواخر أبريل (نيسان) الماضي إحدى أعنف هجماتها ضد المتمردين، مما أدى إلى منع وصول المساعدات إلى أكثر من 650 ألف شخص، في وقت عمد فيه المسلحون إلى القيام بعمليات اغتصاب وإحراق بلدات، ونهب إمدادات المساعدة.
ومنذ أيام، هدد كل من مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيقاد)، بفرض عقوبات على جنوب السودان في ظل الانتقادات التي تلاحق كير ومشار، بسبب فشلهما في إنهاء حرب مستمرة منذ 17 شهرا، واتسمت بانتهاكات هائلة لحقوق الإنسان، حسب عدد من المراقبين.
إلا أن كير حذر من أن العقوبات الدولية المقترحة من شأنها جعل الحرب الأهلية الدائرة في البلاد أكثر سوءًا.

القاهرة: «الشرق الأوسط أونلاين»

هاشم كرار.. اعتدت على ذلك البلدوزر.. يا ناس!

للمكان روح، وروح الإنسان- مثلما تأتلف مع روح آخر.. آخرين، تأتلف بروح المكان.

نهنهة الرجال بالبكاء، تنهنه رجال، ولن أنسى ما حييت، نهنهة صديقي وزميلى في الوطن، الأستاذ حبشي رشدي، وهو يخطو آخر خطواته، باتجاه باب الخروج، من المكان الذي كان جزءا أصيلا فيه.. وكان جزءا من روحه الشفيفة، وقلبه الأبيض، وضميره الذي لا يزال في سن اللبن.. وكان جزءا من ذهنه الوقاد، وكل ذرة في أعصابه، وكان شاهدا في كل الفصول على عطائه الصحفي الثر، الغزير.

نهنهت عينا حبشي. تساقطت- رغما عنه- دموعه.. دمعة من وراء دمعة، ونهنهت عيون زملائه، وأجهش المكان.

لئن تفارق، هو أن تموت بعض الشيء.

تذكرت هذه الجملة، وصديقي حبشي، يغالب غصة. ربتُ على كتفه، وأنا أدعو له- سرا- بجامع علاقتي برب الناس، أن يطيل عمره، ويجعل له في كل خطوة يخطوها في وطنه- أم الدنيا- سلامة وابتسامة، ورزقا طيبا، وظلا وريفا، ممدودا.

لا، لا. روح حبشي، لم تأتلف فقط بـالوطن المكان، وإنما ائتلفت، بكل ذرة من ذرات هذه الأرض الكريمة الطيبة.

تخيلتُ- وحبشي يحاول عبثا أن يزيح عبرة راحت تطعن في القلب- كل ذرة في قطر كلها، تنهنه، وتحاول عبثا أن تزيح عبرات.

تعرفه قطر، بشعره الأشيب الجميل، وقامته التي بين بين، وجسده الممتلئ في تماسك، وسياراته: الألمانية الحمراء، من طراز أودي، ثم المرسيدس الزرقاء، فنيسان البيجية، وهو يزرع مساحتها الجغرافية، يلهث من تحقيق لتحقيق، ومن خبر لخبر، لا يفتر، ولا يكل، ولا يمل، ولا يبدي ضجرا، ومهنته في الأساس هي مهنة سد جوع المطبعة التي تدور وتدور!

كنتُ أطلق عليه اسم البلدوزر.. وكان يبتسم في حياء، وهو يلملم من داخل سيارته ورقا، أو يزحمها بالمزيد من الورق.. وكان حين يتكلم عن تاريخ هذه المنطقة من مناطق قطر، أو تلك، كنتُ أعرف تماما، أن التاريخ هو الذي يتكلم، بلسان قطري صميم.

كان أرشيفا.. وكان ذاكرة.. وكان مرجعا مهما، وكان يكتب على رائحة الشيشة، في قهوة أم كلثوم، مع تحيات كل داخل- بـ أستاذ حبشي- ومع سلامة كل من عبأ الرأس، بحجر حجرين!

خطا باتجاه الباب الخلفي، وهو يمسح دموعه. ظل يفتش عن سيارته في الأمكنة التي اعتاد أن ( يبركنها) فيها.. فجأة تذكر أنه شحنها، في اليوم السابق، إلى مصر!

العادة، لا تفارق أياً منا.. وصديقي اعتاد.. ولئن كان جميلا جدا على المرء أن يعتاد على المكان ويعتاد المكان عليه، فإن ما هو مفجع حقا أن يغادر المرء هذا المكان!

فجعني رحيل حبشي إلى وطنه. لقد اعتدت على ذلك البلدوزر يا ناس! 

تجدد القتال في ولاية النيل الأزرق أدى إلى نزوح 30 ألف مواطن



قال مكتب الأمم المتحدة في السودان، إن وتيرة النزاع في ولاية النيل الأزرق المضطربة تزايدت بشكل ملحوظ خلال الشهر الحالي، مما أدى لعمليات نزوح واسعة النطاق وترحيل قسري بمنطقة «باو» التابعة للولاية، فيما نقلت تقارير صحافية أن زهاء 30 ألف نازح جديد يعانون أوضاعا إنسانية بالغة الصعوبة، بسبب التصعيد العسكري في المنطقة.
وأبدى جيرت كابيليري، منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية بالإنابة في السودان، قلقه العميق إزاء تقارير تفيد بحدوث موجات نزوح واسعة النطاق، بما في ذلك عمليات ترحيل قسري محتملة، في منطقة باو التابعة لولاية النيل الأزرق، وأجزاء أخرى من الولاية التي تشهد حربا بين القوات الحكومية، وقوات الحركة الشعبية – الشمال، منذ عام 2011.
وقال كابيليري، في بيان صحافي وزعه مكتبه في الخرطوم «أنا قلق جدا من هذه التقارير، ونظرا لارتفاع وتيرة النزاع في ولاية النيل الأزرق لا يزال المدنيون يتحملون وطأة هذا القتال، والاحتياجات الإنسانية في ولاية النيل الأزرق آخذة في الارتفاع، ومع ذلك لا يسمح في كثير من الأحيان لوكالات المعونة والمساعدة بأن تقيِّم الاحتياجات على نحوٍ مستقل، وتستجيب بناءً على ذلك في الولاية».
ودعا كابيليري الأطراف كافة لوقف القتال فورا، وللسماح لوكالات الإغاثة بتوصيل المساعدات للمحتاجين أينما وجدوا، ووقف المعاناة القاسية التي يتعرضون لها بسبب العمليات القتالية الجارية هناك.
ونقلت «سودان تريبيون» عن «مركز النيل الأزرق لحقوق الإنسان والسلام بمحلية باو في جبال الإنقسنا بولاية النيل الأزرق»، أن قوات حكومية نفذت هجمات على قرى بالمنطقة خلال شهر مايو (أيار) الحالي، أدت إلى نزوح قرابة ستة آلاف أسرة. وحسب الصحيفة فإن المركز طالب الحكومة بإجراء تحقيق حول أوضاع النازحين وعكس أوضاعهم في الإعلام المستقل، ومنحهم الحصانة للتحدث الآمن، وحث الهيئات الدولة للضغط على الحكومة السودانية، لتسمح بمرور المساعدات الإنسانية.
وقال التقرير إن ستة آلاف أسرة، أي قرابة 30 ألف شخص، نزحوا وتشتتوا في مناطق وقرى في الولاية، مشيرا إلى أنه وثق مجموعة شهادات من الفارين أكدوا فيها أن القوات الحكومية هاجمت ثلاث قرى، مما أدى إلى إحراق المنازل وتدمير مضخات المياه والمرافق الصحية والمدارس والأسواق، بجانب القضاء على المواشي وحرق المحاصيل.
واتهم التقرير قوات الأمن في المنطقة بالقيام بحملات اعتقال عشوائية بها طالت مواطنين، قالت إنهم ينتمون للحركة الشعبية - الشمال، ويتصلون بقواتها ويمدونها بالمعلومات والغذاء. وذكرت «تريبيون» أن النازحين يعانون أوضاعا إنسانية بالغة الصعوبة تتمثل في انعدام المأوى ومياه الشرب، والغذاء والدواء، وأن السلطات الصحية منعت المنظمات الإنسانية من الوصول للنازحين الجدد في جبال الإنقسنا، وتقديم الغوث العاجل لهم، وهو ما يدعو إلى القلق، وفق بيان منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في السودان.

الشرق الأوسط

هذا المعارض من ذاك الطاغية!


لماذا فشل الكثير من المعارضات العربية في التصدي للأنظمة الفاشية التي ثارت عليها الشعوب؟ لماذا لم تستطع قيادة الثورات وتنظيم صفوف الشعوب الثائرة كي تنجز تطلعاتها وأحلامها في وقت أقصر، بدلاً من تركها تواجه أعتى الترسانات العسكرية الوحشية لوحدها كما في سوريا وغيرها؟ لماذا نجد صفوف الأنظمة الديكتاتورية التي تواجه الثورات أكثر تماسكاً من صفوف المعارضات ؟ لماذا تحول الكثير من المعارضات إلى عشائر وقبائل متناحرة أثناء الثورات وبعدها؟ لماذا لم تستطع أن توحد صفوفها لمواجهة أنظمة الطغيان والاستبداد وفلولها الساقطة والمتساقطة؟
الجواب بسيط جداً: لأن الكثير من المعارضات تحمل أمراض الأنظمة الطغيانية نفسها. فلا ننسى أن المعارضات المزعومة، وخاصة السورية، هي، في نهاية المطاف، نتاج الأنظمة السياسية والتربوية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية لتلك الحكومات الديكتاتورية. ومن عادة الحمار أن يلد جحشاً، فيصبح لاحقاً حماراً كامل الأوصاف. ومن عادة الكلب أن يلد جرواً يصبح كلباً. ومن عادة النمر أن يلد نمراً. وهلم جرّا. لا يمكن أن يلد الثور حصاناً أصيلاً. وكذلك الأمر بالنسبة للمعارضات، فهي في المحصلة النهائية مصنوعاً نظامياً.
لا عجب إذاً أنها الآن فقدت شعبيتها ومصداقيتها، وخاصة في سوريا. ونحن لا نتحدث هنا عن أحزاب المعارضة التي تنشط من داخل أقبية المخابرات في سوريا، فتلك مفضوحة ومكشوفة وليست بحاجة للفضح، لأنها من تأليف وإخراج الفروع الأمنية، وهي ملكية أكثر من الملك، لا بل إن أحد رموزها «المعارصين» الكبار ألف كتاباً بعنوان «الأسدية» يتغزل فيه بشبق شديد وشهوانية منقطعة النظير بـ»القائد التاريخي» حافظ الأسد إلى حد يخجل منه حتى حافظ نفسه، لكثرة ما فيه من تملق ونفاق وتذلل. بل نحن نتحدث هنا عن تلك المعارضات الخارجية التي من المفترض أنها تحررت من سياط المخابرات في الداخل، وأصبحت حرة وقادرة على ممارسة أبسط أساسيات الديمقراطية والحرية. لكنه، على العكس، ما زالت أسيرة الممارسات الاستبدادية التي تربت عليـــها قبل توجهها إلى الخارج. 
عندما تنظر إلى بعض جماعات المعارضة تجد أنها عبارة عن ملل ونحل متناحرة، لا بل شراذم وعصابات، لأنها تعتبر نفسها أفضل من الجميع. يعني هي وبس والباقي خس، تماماً كما يفكر النظام الفاشي الذي أنتجها. فكما أن النظام يعتبر نفسه قطعاً نادراً لا يمكن أن يجود الزمان بمثله، فإن معظم فصائل المعارضة تفكر بالعقلية نفسها. وبالتالي، بدل أن تهتدي بالوصفة الديمقراطية القائمة على قبول الآخر والتعاون معه من أجل المصلحة العامة، فهي تتناحر «كديوك الخُم». لا عجب أن يتساءل البعض: هل يحتاج النظام السوري إلى مؤيدين بوجود هكذا معارضين يجعلون الشعب يترحم على الديكتاتورية؟
لو كانت هناك معارضة سورية حقيقية لا تتنافس على القشور، ولا ترهن نفسها للقاصي والداني، ولا تتصارع كالأطفال الصغار، لكانت وفرت على الشعب السوري الكثير من المتاعب والمصاعب والكوارث. صحيح أن أمريكا لم تساعد المعارضة السورية، كما فعلت مع العراقية، لكن حتى لو ساعدتها، لكانت لدينا الآن صورة طبق الأصل عن المعارضة التي وصلت إلى الحكم في العراق، فهي جعلت العراقيين يترحمون على أيام صدام حسين، فبينما كان في العراق صدام واحد، وعدي واحد، وقصي واحد، صار الآن في العراق مئات الصدّامات والعُديّات والقـُصيّات بفضل المعارصين الذين وصلوا إلى السلطة على ظهور الدبابات الأمريكية، ثم راحوا يتناحرون على أشلاء العراق. 
إذا أردت أن تتعرف على عقلية المعارضات السورية مثلاً، ما عليك إلا أن تنظر إلى موقفها من الرأي الآخر، وكيف تقوم بتخوين وإقصاء كل من يقف في طريقها أو يعارضها. وهي مثل النظام الذي أنتجها، لا تقبل إلا بتسعة وتسعين فاصلة تسعة وتسعين بالمائة من الكعكة.
ذات يوم قام أحد أعتى أنصار الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد بتأليف كتاب حول مسيرة الرئيس. وأثناء وجود الكاتب في إحدى «المضافات» سأله أحد الحاضرين: «وهل أنت مقتنع بكل كلمة قلتها في الكتاب يا دكتور «فايز»، فأجاب الدكتور: «أنا مقتنع بتسعة وتسعين فاصلة تسعة وتسعين بالمائة مما قلته في الكتاب عن مسيرة السيد الرئيس.»، فرد السائل: «يعني أنت لست مقتنعاً مائة بالمائة»، وهنا أُسقط الدكتور فايز في يده، وتلعثم، وشعر أنه أخطأ خطيئة العمر، فكيف يتجرأ ويقول إنه مقتنع فقط بتسعة وتسعين فاصلة تسعة وتسعين بالمائة مما قاله عن السيد الرئيس؟ وفعلاً، بعد تلك الحادثة، تم تسريح الدكتور من وظيفته وتجريده من امتيازاته وسيارته. لماذا؟ لأنه انتقص فقط ذرة طحين واحدة من المائة. 
هل يختلف الكثير من المعارصين والثورجيين السوريين في موضوع الاستبداد بالرأي والموقف من الآخرين واحتكار الحقيقة؟ بالطبع لا. وسأسوق لكم حادثة حصلت معي في الأسبوع الماضي، فمنذ أربع سنوات وأنا أقدم حلقات عن الثورة السورية لم أترك ثائراً سورياً ولا معارضاً لنظام الأسد من كل الأحجام والمقاسات إلا واستضفته. مئات الحلقات كلها كانت في صالح الثورة. وعندما استضفت شخصاً الأسبوع الماضي لمناقشة موضوع «داعش» بالرأي والرأي الآخر، ثارت ثائرة المعارصين والثورجيين السوريين، وراحوا يوزعون الاتهامات والتهم والتخوين لي يميناً وشمالاً، فقط لأن شخصاً دافع في الحلقة عن «داعش» في مواجهة شخص آخر مسح الأرض به.
سؤال لهؤلاء الثورجيين: كيف تختلفون أنتم عن نظام بشار الاسد الذي لا يريد سماع إلا صوته وصوت مخابراته وأبواقه، ولتذهب بقية أصوات السوريين في ستين ألف داهية؟ هل يُعقل أنكم نسيتم مئات الحلقات التي شاركتم فيها أيها المعارضون، وتذكرتم فقط حلقة يتيمة عن «داعش»؟ والسؤال الآخر: كيف تختلفون أنتم عن «داعش» التكفيرية الظلامية الاستبدادية الإقصائية الإرهابية التي تقصي كل الآراء المخالفة لها، وتكفرها، وترجم أصحابها؟ ألستم داعشيين بامتياز عندما تثور ثائرتكم لمجرد سماع مجرد رأي آخر من فصيل آخر على الساحة السورية، حتى لو كان داعشياً ظلامياً؟ كيف ستتصرفون مع مخالفيكم ومعارضيكم فيما لو، لا سمح الله، وصلتم إلى السلطة بهذه العقلية الإقصائية؟ هل ثار الشعب ليستبدل حماراً ببغل؟
صدق من قال: هذا الجرو من ذاك الكلب.

٭ كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com

د. فيصل القاسم

الخرطوم تستعد لحفل تنصيب الرئيس السوداني عمر البشير



الخرطوم-»القدس العربي» أياد كثيرة وآليات تعمل ليل نهار لتجميل العاصمة السودانية الخرطوم التي تستقبل في الأسبوع القادم 15 رئيسا عربيا وافريقيا يشاركون في تنصيب الرئيس السوداني عمر البشير لدورة رئاسية تمتد لخمس سنوات.
العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود سيكون على رأس المشاركين، حسبما أعلن في الخرطوم، بجانب أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثان. وأشارت أنباء لحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رغم موجة الغضب من الحركة الإسلامية السودانية التي نددت بشدة وأدانت صدور أحكام بالإعدام ضد الرئيس المصري السابق مرسي وقادة الأخوان المسلمين بمصر.
وعلى مستوى الرؤساء الافارقة تأكدت مشاركة رئيس الوزراء الأثيوبي، هايلي ديسالين، والرئيس الأريتري، أسياسي أفورقي،وسلفا كيير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان، والرئيس التشادي، إدريس ديبي. ويشارك أيضا في حفل التنصيب ممثلون لرؤساء كل من روسيا والصين وتركيا.
ويشارك رؤساء أكثر من عشر برلمانات عربية وافريقية والأمين العام للجامعة العربية، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وأمين عام منظمة «الإيقاد»، ومنظمة الساحل والصحراء.
البشير، الذي يرأس الحكومة المقبلة بموجب فوزه في الإنتخابات التي أقيمت في نيسان / أبريل الماضي، ودّع وزراء الحكومة السابقة في آخر جلسة لمجلس الوزراء السوداني يوم الخميس الماضي. وسيتم تشكيل حكومة جديدة عقب الإنتهاء من مراسم تنصيبه وأدائه القسم يوم الإثنين القادم في أولى جلسات البرلمان السوداني الجديد.
ويلحظ مواطنو ولاية الخرطوم حركة دؤوبة في الشوارع والساحات لإستقبال الضيوف، اذ تم وضع لافتات ضخمة بها صور للبشير وترحيب بالضيوف مع تجديد طلاء الشوارع وهو ما لم يحدث عندما فاز البشير في الإنتخابات السابقة في 2010.
وأثارت مراسم التنصيب جدلا واسعا في الأوساط السودانية، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر وثيقة ـ لم يتسن التأكد من صحتها – تشير إلى الطريقة التي يتم بها جمع تكلفة الاحتفالات، اذ تلزم رئاسة الجمهورية المؤسسات العامة والخاصة بدفع قيمة تحددها الرئاسة بخطاب رسمي، كما حدث لإتحاد أصحاب العمل السوداني الذي طلب منه دفع مليون ونصف المليون جنيه مساهمة في حفل تنصيب البشير.
وطبقا لبعض المصادر فإن الاحتفال سيشهد حشدا غير مسبوق على مستوى كيانات وفئات المجتمع السوداني على رأسها الإدارات الأهلية ومشايخ الطرق الصوفية والاتحادات الطلابية والشبابية.
المعارضة السودانية لم تصدر تصريحات بخصوص هذا الحدث، لكن صحيفة «اليوم التالي» السودانية كانت قد ذكرت أن لجنة تنصيب المشير البشير أعلنت مشاركة أحزاب وتنظيمات سياسية معارضة، لم تسمها، في حفل التنصيب. وقالت إن مشاركة هذه الأحزاب «ستكون مفاجأة»!
وفي تكتم شديد تتم مشاورات لتكوين الحكومة الجديدة. وكان البروفيسور ابراهيم غندور، مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم، قد اشار في حوار تلفزيوني إلى أن الحكومة القادمة ستكون حكومة شراكة مع القوى السياسية التى خاضت الانتخابات، مضيفا أن هذا ما تم الاتفاق عليه مع شركائهم فى الحكومة حتى قبل الانتخابات. وأوضح أن الفيصل سيكون هو حجم هذه الاحزاب فى الانتخابات الاخيرة وما يفضى اليه الحوار معها. وقال: «نحن نرغب فى تنفيذ برنامجنا الانتخابى الذى قدمناه للمواطن وهو استكمال النهضة ولدينا فى ذلك كثير من البرامج».
وأثارت الإنتخابات التي أجريت في ابريل الماضي جدلا كثيف لا يزال مستمرا حتى اليوم وبلغت نسبة المشاركة 46.4%.
وفاز البشير بالرئاسة من دون أي منافسة واكتسح حزبه مقاعد البرلمان بـ323 مقعداً من مجموع 426 مقعداً، يليه المستقلون الذين حازوا على 25 مقعداً، وجاء الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ثالثاً بـ19 مقعداً، والاتحادي الديمقراطي 
رابعاً بـ15 مقعدا.
وحظيت انتخابات السودان بمشاركة العديد من المنظمات الدولية والإقليمية والتي أشاد أغلبها بالعملية الانتخابية. لكن دول الترويكا والاتحاد الأوربي شككت فيها وأكدت فشل الحكومة السودانية في خلق أجواء مواتية لعقد انتخابات حرة ونزيهة. وأشارت إلى إن القيود المفروضة على الحريات السياسية التي تتعارض مع الدستور السوداني، وعدم وجود حوار وطني ذي مصداقية، واستمرار النزاع المسلح في مناطق الهامش، من أهم الأسباب التي أدت لضعف المشاركة في الانتخابات.
هذا الموقف عده الكثيرون عدم إعتراف مبكر بنتيجة الإنتخابات التي خاضها حزب البشير بدون أية منافسة بعد إنسحاب الأحزاب الكبرى واتهامها للحكومة بإفشال الحوار ودعوتها لإسقاط النظام السوداني.


صلاح الدين مصطفى

ديكان مبدعان يتصارعان: الفيتوري وقباني

الفيتوري
نزار قباني

أخط هذه السطور بمناسبة رحيل الشاعر محمد الفيتوري مؤخرا، فالنهايات تذكرنا بالبدايات. التقينا نزار قباني وأنا بالشاعر الفيتوري للمرة الأولى في سهرة أدبية في منزل سفير السودان في بيروت يومئذ الأديب مصطفى مدني وزوجته عايدة كريمة المفكر الأديب جمال محمد أحمد (الذي كان يومها سفيرا للسودان في لندن).
ومنذ اللقاء الأول بين نزار والفيتوري الراحل منذ أسابيع، شعرت بأن كهارب المودة لم تصبغ صلتهما بل النفور المتبادل.
نزار كان طويل القامة أزرق العينين بالغ الوسامة والأناقة، تحيط به الجميلات وهو الذي «فصل من جلد النساء عباءة، وعمر أهراما من الحلمات» كما يصف نفسه في إحدى قصائده. إنه «الطاووس الأجمل» والفيتوري «غراب متوحد». ولأنني أحب قصائد الفيتوري كنت (أخون) قرابتي العائلية ونزار لأجلس إلى جانب الفيتوري الزنجي قصير القامة الأقرب إلى بشاعة الوجه لكنه يصير جميلا حين يقرأ قصائده ويشع من عينيه ضوء قمري.

الشجار الودي
الشعراء الفخورون بأنفسهم يكره بعضهم بعضا حين تصطدم كواكب (الأنا) لديهم.
وسهرة بعد أخرى (فقد كنا نزار والفيتوري وأنا من الضيوف الدائمين في تلك السهرة الأدبية الراقية الأسبوعية) ولقاء بعد آخر نضجت علاقة الكراهية المتبادلة بينهما، لكنها كانت كراهية (أفلاطونية) على وزن «الحب الأفلاطوني» دونما إعلان عنها أو ممارسة لشعائرها بالأذى حتى اللفظي. وكنت أشعر بأن جوهر تلك الكراهية المتبادلة بإخلاص نادر. تعاليهما على بعضهما.
الفيتوري الشاعر، صاحب دواوين: أغاني أفريقيا ـ عاشق من أفريقيا ـ اذكريني يا أفريقيا ـ أحزان أفريقيا وسواها، والفخور بزنوجته لفظيا على الأقل، كان يلمح إلى أن نزار ليس أكثر من شاعر عادي لكنه النجم الاجتماعي» مما يجلب له الشهرة بصفته شاعر التغزل بالمرأة. والفيتوري هنا يظلم نزار (الشاعر الكبير).
أما نزار فكان يقول لي وأنا أقود سيارتي لإيصاله إلى بيته بعد السهرة في طريقي إلى «وكري»: الفيتوري شاعر من الدرجة الثانية، معقد من شكله ولونه، ويضيف: أما (أفريقياته) فهي تعبير مرضي عن عقدته التي تتحكم به ويحاول تجميلها إنسانياً. وكنت أقول لنزار إن الله وحده يعلم ما في الصدور، كما كنت أدافع عن شعر الفيتوري.

تبادل الأدوار بين الفيتوري ونزار!
إتقان نزار والفيتوري لفن الكراهية جعلنا في تلك السهرات نشهد استعراضا جميلا للإبداع. وكروائية كنت استمتع بالمشهد الإنساني النادر لألوان الغيرة والكراهية في الطبيعة البشرية، الرمادية قليلا أو كثيرا والبريئة من البياض المطلق.. والسواد الناصع.
وهكذا كانا يتبارزان في السهرة لا بالسيف والترس بل بالقصائد وكان صراع الديكة بينهما أبجديا. وعلى سبيل النكاية بنزار، كان يحلو للفيتوري ان يقرأ لنا قصيدته الغزلية الجميلة جدا بإلقاء بصوته الأفريقي الحار، كصوت عراف القبيلة وكاهنها:
في حضرة من أهوى
عبثت بي الأشواق
حدقت بلا وجه
ورقصت بلا ساق
وزحمت بطبولي وراياتي الآفاق
عشقي يُفني عشقي وفنائي استغراق
مملوكك أنا
لكنني سيد العشاق..
ويكرر عبارة «لكنني سيد العشاق» كما لو كان يتحدى نزار.
ويقبل نزار التحدي ولعبة تبادل الأدوار فيلقي بقصيدة إنسانية وطنية والحضور في السهرة ثملون بالشعر الجميل.
ثم يقرأ نزار لنا شعراً إنسانياً في المرأة مزايداً بذلك على (الديك الفيتوري الآخر) قائلا:
ثقافتنا فقاقيع من الصابون والوحل
فما زالت بداخلنا رواسب من أبي جهل
نرجع آخر الليل،
نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل
نمارسه خلال دقائق خمس
بلا شوق ولاذوق ولا ميل
ونرقد بعدها موتى.
ونتركهن وسط الناروسط الطين والوحل
قتيلات بلا قتل بنصف الدرب نتركهن….
قضينا العمر في المخدع
وجيش حريمنا معنا، وصك زواجنا معنا
وقلنا الله قد شرّع
ليالينا موزعة على زوجاتنا الأربع
ويرد الفيتوري بقصيدة ويشتعل الليل بالإبداع بين طفلين أبجديين مبدعين يتشاجران…

علاقات ملتبسة
الصداقات اللدودة بين المبدعين كانت دائما مليئة بالصواعق والبروق والوعود والحب/الكراهية، كما في علاقة غوغان وفان كوخ وعلاقة جبران من جهة، وميخائل نعيمة وسعيد عقل من جهة أخرى. وكانا يغاران منه ويزعمان ان مرد نجاحه ليس لإبداعه بل لهجرته وكتابته بالإنكليزية. هنالك أيضا وصلة المبدع البريء موزارت مع موسيقار البلاط الرديء سالييري الذي غار منه وحقد على إبداعه، وكانت تلك الصلة وحياً لفيلم رائع هو «أماديوس» حيث «المزمار المسحور» لموزارت والغيرة السامة من سالييري. والأمثلة تطول وبوسع ناقد تأليف كتاب مشوق عن العلاقات الملتبسة بين المبدعين التي تبلغ حدود الأذى أحياناً.
وقلما تصفو سماء علاقة كما حدث بين شيللي وكيتس، وهما شاعران كبيران. وقد علمت بعلاقتهما الجميلة الإنسانية مصادفة حين كنت اتسكع في «ساحة إسبانيا» في روما وقرأت بطريق الصدفة لوحة تقول:
هنا عاش الشاعران شيللي وكيتس. (وكان أحدهما مريضا والآخر يعتني به).
ولكن ذلك نادر. كأنه الاستثناء الذي يؤكد القاعدة: وهي لعبة صراع الديكة التي لا تخلو من أديبات نساء يقارعن بموهبتهن ذكور الأدب ويربحن جولات.
ومن أطراف حكايات الغيرة الأدبية ما حدث بين يوسف إدريس ونجيب محفوظ حين فاز الثاني بجائزة نوبل، اشتعل يوسف إدريس غيرة ولإنه إنسان طيب وصريح وبريء كطفل لم يُخْف ذلك، وأعلن غضبه على صفحات الصحف وكان مقتنعا بأن جائزة نوبل يجب ان تذهب إليه. وبعدها نال إدريس جائزة عربية مجزية ماليا لكنه نالها مناصفة مع كاتب آخر، ومن جديد أعلن غيرته وغضبه على صفحات الصحف… واتطلع إلى كتاب نقدي يتناول عشرات الحكايات المشابهة من الشرق والغرب، فالمبدع طفل كبير، والبعض لا ينجح في إخفاء هذه الحقيقة!


غادة السمان