القاهرة - محمد توفيق
ظلت العقارات في الأحياء الراقية في العاصمة المصرية، القاهرة، لسنوات طويلة الأكثر تفضيلا من قبل السياحة العربية، خاصة الخليجية الوافدة إلى مصر، مما جعل هذه العقارات أداة استثمارية مربحة لأصحابها، لكن الأمر تبدل في السنوات الأربع الأخيرة في ظل تراجع السياحة الوافدة، والتي ضربت سوق إيجارات الشقق الفاخرة. وبحسب عاملين وخبراء في مجال التسويق العقاري، فإن تراجع الطلب على استئجار الشقق الفاخرة في الأحياء الراقية دفع بعض ملاكها إلى التخلص منها عبر بيعها، خاصة من أصحاب الجنسيات العربية، الذين كانوا يستثمرون في سوق العقارات المصرية. وتراجع عدد السياح العرب خلال العام الماضي 2014 إلى نحو 1.6 مليون وافد، مقابل 1.8 مليون سائح خلال العام السابق، وفق الإحصاءات الصادرة عن وزارة السياحة، وفق البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي. كما بلغ الدخل السياحي للوافدين العرب خلال العام الماضي نحو 1.5 مليار دولار من إجمالي ايرادات بلغت 7.3 مليارات دولار، وذلك بحسب بيانات وزارة السياحة المصرية. وقال إبراهيم حافظ، رئيس إحدى شركات التسويق العقاري في حي المهندسين بالعاصمة المصرية، إن تراجع حركة السياحة خلال العامين الماضيين، خاصة العربية، أدى إلى ثبات أسعار إيجارات الشقق المفروشة والفيلات عند نفس معدلها قبل نحو عامين، وبعض الوسطاء خفضوا الأسعار نتيجة كثرة المعروض وانخفاض الطلب. وأضاف، في مقابلة مع "العربي الجديد"، أن بعض الملاك العرب، الذين يمتلكون وحدات سكنية، عرضوها للبيع، لعدم جدواها الاستثمارية في الفترة الأخيرة، إلا أن حالات البيع ما تزال محدودة. وأضاف: "نعاني بالفعل من حالة ركود منذ أكثر من عامين. الأمر يتعلق بكل الأحياء الراقية، مثل الزمالك وغاردن سيتي ومصر الجديدة والمعادي". "تعد القاهرة الأكثر معاناة من تراجع أعداد السياحة الوافدة، بجانب محافظتي الأقصر وأسوان، جنوب مصر" وتابع أن أسعار الوحدات هذا الصيف تتراوح بين 150 جنيها و700 جنيه لليلة الواحدة (19.2 دولاراً و89.3 دولاراً)، حسب المكان والمساحة والخدمات. وأشار الى أن هناك فئات متنوعة تفضل الشقق المفروشة، خاصة الأسر، وهناك أنظمة متفق عليها عند الإيجار، حيث يدفع السائح مبلغاً من المال تحت حساب التأمين يسترده في نهاية فترة الإقامة ويخصم منه استهلاك الكهرباء والهاتف الأرضي. ولفت إلى أن منطقة المهندسين تعتبر أعلى منطقة جذب عقاري للسياح العرب، وذلك نظرا لهدوء المنطقة وقربها من منطقة وسط البلد، ووجود عدد كبير من المحال التجارية والملاهي ودور السينما ومناطق الترفيه.اقرأ أيضاً: مصر: ارتفاع جنوني في أسعار المساكن الفاخرة بالقاهرة وتابع أن بعض الشوارع في المهندسين أكثر إقبالاً من جانب السياح عن شوارع أخرى بنفس الحي، مثل شارع جامعة الدول العربية، الذي يكون الرغبة الأولى في السكن لدى جميع الأسر العربية، يليه شارع شهاب، أما شارع السودان فيمثل مطلباً خاصة للسودانيين لانخفاض أسعار الشقق فيه نسبياً عن بقية الشوارع واحتفاظه بمستواه الراقي والهدوء. وبحسب البيانات الرسمية تصدر السياح السعوديون قائمة الوافدين العرب خلال العام الماضي، كما تصدروا الإنفاق بنحو 131 دولاراً في الليلة. وأطلقت مصر بداية مايو/أيار الماضي حملة في دول الإمارات والمملكة العربية السعودية والكويت، تحمل اسم "مصر قريبة" لزيادة التدفق السياحي العربي إليها خلال العام الجاري. وتقول وزارة السياحة إنها تستهدف جذب 3 ملايين سائح عربي بنهاية العام الجاري، إلا أن عاملين في قطاع السياحة يشككون في إمكانية تحقق ذلك. وقال محمد عواد، الذي يعمل سمسار عقارات في الدقي، أحد أحياء مدينة الجيزة الملاصقة للقاهرة، وهو حي سكني وتجاري حيوي، إن حركة الإيجارات تعاني من ركود منذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011، لكنها شهدت تحركاً عام 2012 ومنتصف عام 2013، غير أنها عادت إلى التراجع والركود، موضحا أن إيجار الشقق السكنية بالأحياء الراقية مرتبط بحركة السياحة بشكل كبير. وأضاف عواد: " أصغر شقة سكنية بالمناطق الراقية كانت تدر لصاحبها نحو 5 آلاف جنيه (638.5 دولاراً) شهرياً، لكن خلال الأعوام الماضية أصبحت لا تدر حتى نصف هذا المبلغ نظراً لعدم وجود مستأجرين". "تراجع عدد السياح العرب خلال العام الماضي 2014 إلى نحو 1.6 مليون وافد، مقابل 1.8 مليون سائح خلال العام السابق" وتابع أن مساحات الشقق تتراوح بين 90 و300 متر مربع، وتختلف الأسعار حسب مدة الإقامة فكلما طالت المدة انخفض السعر. وأكد أن عدداً كبيراً من أصحاب الشقق يفضلون عدم تأجيرها في الشتاء نظراً لانخفاض الأسعار، وحفاظا على الأثاث ويكتفون فقط بأشهر الصيف من عام لآخر. وأشار إلى أن العائلات، خاصة الكبيرة، هي الأكثر طلباً للشقق المفروشة، لفارق السعر الكبير بين الشقة وأسعار الفنادق، حيث يصل أعلى سعر لشقة مفروشة بالمنطقة إلى 500 جنيه في الليلة الواحدة (63.8 دولاراً)، وهي تعادل فئة الخمس نجوم، وتتكون من ثلاث غرف واستقبال كبير وعدد من الحمامات، بينما يصل سعر الغرفة في فندق خمس نجوم لأضعاف هذا المبلغ في الليلة الواحدة. وتعد القاهرة الأكثر معاناة من تراجع أعداد السياحة الوافدة، بجانب محافظتي الأقصر وأسوان، جنوب مصر. وبحسب مسؤول بارز في هيئة التنشيط السياحي، التابعة لوزارة السياحة، لـ"العربي الجديد" مؤخرا، فإن الإشغالات في القاهرة لا تزال الأضعف، مقارنة بباقي المناطق السياحية المصرية، إذ لا تتجاوز 20%. وقال عبد الفتاح عمر، سمسار عقارات، إن بعض ملاك الشقق الفاخرة عرضوا بالفعل وحداتهم للبيع، إلا أنه لا يوجد مشترون في الوقت الحالي، نظرا لركود السوق والاقتصاد بشكل عام. وبحسب مسؤول فى أحد الفنادق القريبة من مطار القاهرة الدولي، شرق العاصمة، فإن القاهرة ظلت لفترات طويلة الأكثر جذباً بالنسبة للوافدين العرب، غير أنه فى السنوات الأربع الأخيرة أصبح العرب يأتون لفترة قصيرة، وغالباً ما يفضلون الإقامة بعيدا عن مناطق الاضطرابات بالعاصمة. وقال سليمان محمد، صاحب مكتب تسويق عقاري في منطقة مصر الجديدة، إنه رغم ارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات في مصر، إلا أن أسعار الشقق المفروشة لم ترتفع هذا العام، وظلت عند أسعار الماضي وما قبله. ولفت محمد، في مقابلة خاصة، إلى أن أصحاب بعض الشقق حرصوا على توافر الخدمات الأساسية من تكييف وأجهزة استقبال الفضائيات، بالإضافة إلى خدمات ترفيهية أخرى من أجل جذب المستأجرين والحصول على أسعار مناسبة. -
العربي الجديد