الاثنين، 17 أغسطس 2015

حرّ غير مسبوق


* محمد أحمد الفيلابي
يشهد العالم ارتفاعاً شديداً في درجات الحرارة يسجل مستويات قياسية في العديد من الدول. وبينما يعزو الخبراء هذه الموجة إلى ما يعرف بـ "ظاهرة النينو"، يقول معهد أميركي متخصص في المناخ إنّ هذا الارتفاع تسبب في توسيع رقعة الجفاف عبر العالم وإلحاق خسائر فادحة بالقطاع الزراعي.لم يعرف العالم حراً كحرّ هذا العام منذ أن بدأ بحفظ سجلات درجات الحرارة، وفقاً لمركز البيانات المناخية الأميركي. فقد طاولت درجات الحرارة غير المسبوقة رقعة جغرافية واسعة تشمل أميركا الشمالية وأفريقيا والشرق الأوسط. وفيما ينشغل الخبراء بربط هذه الموجة بمسبباتها، تتعاظم المخاوف من كلفة هذه الارتفاعات على القطاع الزراعي.حين اجتاحت الموجة معظم الدول الأوروبية وقف العالم على ساق واحدة، ليشهد تداعي الحكومات إلى الحد من الأخطار. وكانت موجة حر مشابهة قد ضربت المنطقة الأوروبية عام 2003 وتسببت في وفاة العديد من الأشخاص. لكنّ السلطات الصحية في كلٍ من البرتغال وبريطانيا وإسبانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وشمال إيطاليا كثفت هذه المرة من التوجيهات للسكان، خصوصاً المسنين والأطفال. فعملت الحكومة الفرنسية على تشغيل مكيفات الهواء في الأماكن العامة. وقلصت بلجيكا ساعات عمل الموظفين في القطاع العام تفادياً لازدحام السير، كما أعربت السلطات عن استعدادها لإلغاء كافة الفعاليات العامة والرياضية الرئيسية إذا بقيت درجات الحرارة مرتفعة ووصل مستوى التلوث إلى درجات خطيرة.وفي السودان تزامنت الموجة المستمرة مع نهاية شهر رمضان الماضي. وهو ما رأته وزارة التربية فرصة لتفريغ المعلمين والطلاب للعبادة في العشر الأواخر من الشهر الكريم. وتنفس الكثيرون الصعداء، فقد جاء القرار بتعليق الدراسة في مدارس الخرطوم برداً وسلاماً على الأسر، مع أزمة الوقود التي قال البعض إنّها مفتعلة، وما يواجه أبناؤهم من درجات حرارة مرتفعة تدفعهم إلى وضع الحقائب الثقيلة على رؤوسهم اتقاء للشمس.في باكستان أصدر الشيخ محمد نعيم فتواه بأنّ المسلمين أحرار في عدم صيام شهر رمضان. وجاءت الفتوى بسبب موجة الحر التي ضربت البلاد، وتسببت في مقتل 750 شخصاً. كما صدرت عام 2010 فتوى أخرى في دولة الإمارات تبيح عدم صيام أصحاب المهن التي تأخذ من أصحابها جهداً ومشقة فوق طاقتهم. كما صدر عن دار الإفتاء المصرية ما يجيز إفطار رمضان لأصحاب المهن الشاقة كالزرّاع والحمالين والبنائين، والذين يبذلون مجهودًا شاقًا. وهي فتوى مماثلة لأخرى صدرت في أواخر القرن الماضي لأهالي بورتسودان في شرق السودان.

*متخصص في شؤون البيئة
العربي الجديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق