الخميس، 1 أكتوبر 2015

العلم الفلسطيني يرتفع في الأمم المتحدة للمرة الأولى وعباس يفجر «قنبلته» ويعلن تحلله من جميع الاتفاقات مع إسرائيل



لندن ـ «القدس العربي» ـ من علي الصالح:
رفع العلم الفلسطيني أمس الأربعاء للمرة الأولى في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، في حدث ينطوي على رمزية عالية، فيما أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن الجانب الفلسطيني يتحلل من جميع الاتفاقات مع إسرائيل.

وقد ارتفع العلم الفلسطيني بألوانه الأحمر والأسود والأبيض والأخضر عند مدخل المؤسسة الدولية، الى جانب إعلام الدول الـ193 الأعضاء في الأمم المتحدة وعلم الفاتيكان الذي يتمتع على غرار فلسطين بوضع الدولة غير العضو. 
وحضر حفل رفع العلم مئات الأشخاص في طليعتهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ووزراء خارجية العشرات من الدول العربية والإسلامية والغربية.
وقبل دقائق من رفع العلم، فجّر الرئيس الفلسطيني في خطابه المطول أمام الدورة الـ 70 للجمعية العامة أمس «قنبلته» التي وعد بها في حوار أجرته معه «القدس العربي»، قبل عشرة أيام. وأعلن الرئيس عباس وسط تصفيق الحاضرين، أن الجانب الفلسطيني يتحلل من جميع الاتفاقات بما فيها العسكرية والأمنية. ودعا إسرائيل إلى تحمل مسؤولياتها واستحقاقاتها كسلطة احتلال، لأن الوضع القائم لا يمكن استمراره. 
واتهم الرئيس عباس في خطابه الذي اتسم بالعاطفية، إسرائيل بتدمير كل الأسس التي قامت عليها جميع الاتفاقات، وجعلت الوضع غير قابل للاستمرار «وهي بذلك لم تترك لنا خيارا ولن نبقى الوحيدين الملتزمين بهذه الاتفاقات».
وأوضح أن الجانب الفلسطيني سيبدأ بتنفيذ هذا الإعلان بالطرق والوسائل السلمية والقانونية. واستطرد «فإما أن تكون السلطة الوطنية الفلسطينية ناقلة للشعب الفلسطيني من الاحتلال إلى الاستقلال، وإما أن تتحمل إسرائيل سلطة الاحتلال، مسؤولياتها كافة».
وذكّر أبو مازن مجلس الأمن الدولي بقرار تقسيم فلسطين إلى دولتين إسرائيلية وفلسطينية. وقال إن الشق الأول نفذ بقيام إسرائيل ولا يزال الشق الثاني ينتظر التنفيذ، داعيا الدول الأعضاء إلى دراسة القرارات السابقة. كما دعا جميع الدول التي تتحدث عن خيار حل الدولتين أن تعترف بالدولتين، وليس بدولة واحدة فقط. وأضاف «لم يعد من المفيد تضييع الوقت في المفاوضات من أجل المفاوضات». واستطرد أن «المطلوب إيجاد مظلة دولية تشرف على إنهاء هذا الاحتلال وفق قرارات الشرعية الدولية، ولحين ذلك فإنني أطالب الأمم المتحدة بتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني وفقا للقانون الإنساني الدولي».
وتطرق الرئيس عباس إلى ما تشهده مدينة القدس المحتلة والمقدسات الإسلامية والمسيحية من اعتداءات وانتهاكات يومية على أيدي سلطات الاحتلال وقنواتها ومستوطنيها ومحاولات تقسيمه زمانيا ومكانيا. وقال لن نسمح بتمرير المخططات العدوانية على المسجد الأقصى. وجئت إلى هنا لأدق جرس الخطر لما يحدث في الأقصى» حيث تسعى إسرائيل إلى تحويلها الى حرب دينية».
ولم ينس أبو مازن قضية اللاجئين، ودعا إلى حلها وفق القرار 194 ومبادرة السلام الغربية. 
وتحدث الرئيس عباس على نحو درامي عن مجازر العصابات الإسرائيلية، بما فيها حرق عائلة الدوابشة في نابلس ومحمد أبو خضير في القدس، وحتى مجزرة دير ياسين.
وبعد دقائق من انتهاء عباس من خطابه، انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الفلسطيني. وجاء في بيان أصدره مكتب نتنياهو أن «كلمة أبو مازن مخادعة وتشجع على التحريض والتدمير في الشرق الأوسط.»

السودان: عندما يرهن البشير مصير الوطن بمصيره




جاء في الأخبار ان الرئيس عمر حسن البشير يصر علي ترؤس ما يسمى بالحوار الوطني «حوار الوثبة»، كما يحلو للسودانيين ان ينعتوه، الذي ينوي نظامه إطلاقه قريبا في الخرطوم، في وقت أعلنت فيه قوى المعارضة الرئيسية، المدنية والمسلحة، مقاطعتها لحوار الوثبه المزمع، بحسبانه حوارا أحاديا غير حر او متكافئ.
ان إصرار البشير على قيادة هذا الحوار بنفسه، يكشف عن ازمة حقيقية يعيشها نظامه، بيد انها تنعكس مباشرة على مصير البلاد. كل الدلائل تؤكد ان البشير يريد ان يضمن مصيره الشخصي، في أي ترتيبات سياسية مستقبلية في السودان، كما انه يريد التحكم فيها من ألفها إلى يائها. فهو إذن يرهن مصيره بمصير ما تبقى من السودان. لذلك، واهم من يظن ان البشير سيتنازل عن السلطة بطوع اختياره وحر إرادته. فالسلطة بالنسبة له وللعصبة المحيطة به، تعتبر الحصانة المتينة، التي تعصمهم من الملاحقات القضائية الداخلية والخارجية وتداعيات اي تغيير محتمل للنظام.
 لا بد ان البشير قد استبشر خيرا بالآخبار الواردة من سوريا، والتي تؤكد علي التدخل العسكري الروسي، وبضوء اخضر أمريكي وغربي، لإنقاذ ديكتاتور سوريا – بشار الأسد، المتهم بجرائم ضد الانسانية وربما جريمة الابادة الجماعية. وعلي الرغم من المفارقة في المواقف السياسية المعلنة بين النظامين، إلا ان كلا الرئيسين الدكتاتورين موغل في الدموية ضد شعبه، و يحاول كل منهما إنقاذ رقبته ومصيره علي حساب مستقبل شعبه ووطنه. 
لا نذيع سرا ان قلنا انه منذ ان أصدرت المحكمة الجنائية الدولية امر القبض علي الرئيس البشير، ظلت سياسة الدولة الداخلية والخارجية رهينة لتحركات وإجراءات المحكمة الدولية ازاء قضية البشير، أنفق النظام الملايين من الدولارات لبعض المحامين والسماسرة الدوليين وقدم العديد من التنازلات السرية علي حساب الوطن لبعض الأطراف، وذلك للإفلات من مأزق وقبضة المحكمة الجنائية، ولكن دونما نجاح يذكر، لذلك البشير لا يهمه مصير وطنه الذي ورطه في حرب مع نفسه، حيث زهقت ارواح مئات الآلاف من المدنين العزل في دارفور، وجبال النوبة، والنيل الأزرق، وشرق السودان، وأقصي شمال السودان، بل وحتي في العاصمة الخرطوم، حيث استشهد اكثر من مئتين من الطلاب والشباب العزل، في انتفاضة سبتمبر 2013. البشير لا يهمه شعبه الذي يرزح الملايين منه في معسكرات اللجوء والنزوح، لأكثر من ثلاث عشرة سنة حسوما، او أولئك الذين يختبئون في كهوف جبال النوبة خوفا من البراميل المتفجرة، بلا مأوي وكساء وغذاء ودواء. فالبشير كذلك، لا يهمه شعبه الذي يعيش اكثر من ثمانين في المئة منه تحت خط الفقر، وفقا للإحصاءات والتقارير الدولية، البشير لا تهمه كل المؤشرات التي تؤكد فشل الدولة السودانية وانهيارها الوشيك، جراء سياسات وممارسات نظامه الذي تجاوز الستة وعشرين عاما في حكم السودان. البشير يهمه مصيره الشخصي فقط، لا مصير السودان والسودانيين.
البشير لا يريد ان يتنازل عن الحكم من اجل خلاص ومستقبل وطنه وشعبه، بل يريد ويعمل للتشبث بالسلطة حتي اخر لحظة. لذلك حتي عندما يتحدث عن الحل للازمة الوطنية السودانية، فهو لا يجنح الي حلول حقيقية تقدم مخرجا استراتيجيا لازمات البلاد، بل يوغل في المراوغة، ويحاول اعادة انتاج الحلول القديمة الفاشلة التي عمقت أزمات السودان. فكل ما هو بارع فيه، هو عرض المناصب وأموال الشعب لبعض طلاب المناصب والاستوزار المنبتين عن جماهير الشعب ومسحوقيه. 
صحيح ان البشير قد ابعد العديد من أعضاء الحرس القديم الفاسد في نظامه، الذين عاثوا فسادا وصلفا سنين عددا، أوردوا خلالها البلد والشعب مهالك الابادة والفساد والانقسام، لكن البشير بدل الحرس القديم بآخر يعج ب»المليشاويين» والامنيين الفاسدين، الذين لا هم او هدف لهم، سوي ارضاء رأس نظامهم، وإشباع شهواتهم من سلطة ومال الشعب. 
مهما يكن من امر، فان البشير قد ركز السلطة، كل السلطة في يده هو، لا سواه، فهو قد تخلص من كل مراكز القوي في نظامه. البشير الان يمثل المركز الأوحد للسلطة والقرار. فهو يريد ان يرسل رسالة واضحة للخارج قبل الداخل، مفادها: انه هو وحده الآمر الناهي، والمصدر الأوحد للقرار، وبالتالي- حسب البشير- ينبغي علي المجتمع الدولي ان يتحدث ويتعامل معه وحده، اذا أراد حلا لازمة السودان التي تتجاوز اثارها حدود أراضيه. بالطبع، ليس بالضرورة ان هذا الوضع يعبر عن قوة البشير او نظامه، بل الأرجح ان هذا الوضع يعبر عن ضعفه، اذ انه اختزل نظامه ووطنه في مصيره الشخصي، وهي إمارات وتمظهرات نهايات وسقوط الأنظمة الشمولية، البشير كطاغية سوريا- بشار، يتخذ من شعبه رهينة لإنقاذ مصيره. فالبشير ظل يعيش قلقا مرعبا من الحصار الدولي. فهو لا يستطيع ان يسافر حرا كما يسافر بقية رؤساء الدول، كما ان المندوبين الدوليين يرفضون مقابلته، مراعاة لاوامر القبض التي اصدرتها ضده المحكمة الجنائية الدولية، والتي حولته الي متهم هارب من العدالة الدولية. البشير كذلك يحاول ربط بعض الملفات الإقليمية الشائكة بمصيره، ليعزز من موقفه للبقاء في السلطة، فمثلا انه قد استفاد من الحرب الأهلية في جنوب السودان، التي أدت الي صرف الأنظار الدولية عن تجاوزات نظامه. كما بدا جليا ان البشير يدعم احد طرفي النزاع في جنوب السودان، وهو الدكتور رياك مشار، زعيم المعارضة المسلحة في دولة جنوب السودان.
اضافة الي ذلك، فقد وظف البشير الأزمات والملفات الإقليمية والدولية، فجعل من نظامه شريكا وحليفا للمملكة العربية السعودي في حربها ضد الحوثيين، وكذلك شريكا وظيفيا فاعلا في الحرب ضد الاٍرهاب وتهريب البشر وما يسمي بالهجرة غير الشرعية لأوربا. هذا بالرغم من أن بعض التقارير والمصادر العليمة تشير علي عدم جدية وصدقية شراكة نظام البشير في هذه الملفات الدولية المهمة. 
إذن المأزق هو ان البشير قد اتخذ من السودان رهينة، فلسان حاله يقول: اما نفسي او سيذهب السودان! والحال هذا، ما هو المخرج او الحل؟
تسارع البعض وتطوع بمخاطبة مخاوف وهواجس البشير، المتمثّلة في مأزق المحكمة الجناءية الدولية، فقدموا للبشير «كرت» المادة السادسة عشر من ميثاق روما، المنشئ للمحكمة الجنائية الدولبة، الذي يعطي مجلس الامن الحق الحصري في تأجيل إجراءات المحكمة لمدة عام، الامر الذي ادانه ورفضه ضحايا الابادة الجماعية في دارفور. ان مضمون هذا العرض يقرر التضحية بالعدالة من اجل السلام، ولكن السؤال: أين هو السلام الذي سيضحّى بالعدالة من اجله؟ كما انه ينبغي ان يكون واضحا ان السلام الذي لا يتضمن العدالة، هو سلام ناقص- حسب رأي الضحايا. من ناحية اخري، ان ما يسمي بالمجتمع الإقليمي والدولي ليس جادا في حل او مخرج حقيقي يسهل ويؤمن عملية انتقال ديمقراطي سلمي في السودان. ان كل ما تعمل له الأطراف الإقليمية و الدولية الفاعلة في ملف الأزمة السودانية، هو حل «مرقع» «تجميلي» في اطار سقف النظام. 
الحديث عن حل تفرضه القوات المسلحة السودانية، هو افتراض هلامي. وحتي لو حدث ذلك، فسوف لن يحقق تطلعات كل اقوام الوطن في الحرية والعدالة والسلام العادل، فالجميع يدرك ان القوات المسلحة قد أُدلجت وافتقدت حرفيتها وقوميتها التي يصفها بها البعض. كما ان مليشيات الننظام هى التى تملك اليد الطولى وليس القوات المسلحة. 
 لا جدال ان الحل الحقيقي الذي يحقق تطلعات الشعب السوداني، هو بيد وإرادة الشعب الحرة لا سواه، وان مصير البشير بيد الشعب كذلك. لكن كيف السبيل الي ذلك؟ لا مهرب من ثورة داخل قوي التغيير والمعارضة الجادة، لابد من ان يحدث تغيير جذري في القيادة، الاستراتجية، الوسائل والأهداف.
من المهم كذلك، جسر الهوة الواسعة بين قوي التغيير في المركز والأطراف، فالعلاقة بين هذه المكونات ما تزال فوقية وهشة، فهي تحتاج الي المزيد من إجراءات بناء الثقه والتفاهم العميق، حان الوقت لان نصنع «الكتلة الحرجة «Critical Mass» التي تجمع كل فصائل الشعب الاساسية وقواه الحية في تحالف وطني عريض فعال لأحداث التغيير المنشود، لابد من ان توطد أسس وقضايا الالتقاء والتحالف الخلاق الذي يجمع كل قوي الشعب الراغبة في التغيير الحقيقي. عندها فقط يمكننا احداث ثورة وطنية حقيقية تخلص الشعب من حروب الابادة وتخرج السودان من مصير الانهيار والتفتيت. أقول هذا، ولكني لا احاجج ضد تعاطي وتجاوب قوي المعارضة مع الجهود الإقليمية والدولية في اطار الحل السياسي السلمي الشامل، لكن هم يعلمون محدودية وضيق أفق تلك الجهود التي لا تتسع لتحقيق طموحات وتطلعات شعبنا في التغيير الحقيقي. أخشي ما اخشى ان تتخذ بعض قوي المعارضة من المؤتمر التحضيري الذي ستنظمه الالية الافريقية الرفيعة، غطاءا وستارا لتهرع الي المشاركة في حوار «الوثبة»، الذي صمم مسبقا لإنقاذ مصير البشير، وليس لخلاص مصير ما تبقي من السودان. 

٭ كاتب وباحث سوداني مقيم في نيويورك
أحمد حسين آدم
القدس العربي

ربيع عبدالعاطي : ضحايا سبتمبر ليسوا كلهم شهداء بينهم مجرمون



طالب القيادي بالمؤتمرالوطني د.ربيع عبدالعاطي الحكومة بمحاسبة الدبلوماسيين الغربيين الذين زاروا برفقة قيادات من قوى الإجماع الوطني ضحايا أحداث سبتمبر, وعد زيارة الدبلوماسيين بانها تدخل في الشؤون الداخلية وانتهاك للاعراف الدولية, نافيا اخذهم لاي إذن من وزارة الخارجية للزيارة.
وشدد ربيع على ضرورة طرد الدبلوماسيين خارج السودان لانتهاكهم للاعراف وانتهاكهم للسيادة الوطنية , وقال ربيع لايمكن ان اطلاق صفة الشهداء على كل ضحايا أحداث سبتمبر فهناك اشخاص حرقوا المحلات واعتدوا على المصارف ونهبوا الصرافات واشعلوا النيران في طلمبات الوقود فهولاء مجرمون وليسوا شهداء اما الذي كان يدافع عن عرضه وماله او قتل خطأ فهو شهيد .

الخرطوم السياسي

مريومة الصغيرة


مريومة الصغيرة ..طفلة تبلغ من العمر خمسة أعوام ..هي احدي نزيلات السكن المستاجر من قبل منظمة (بسمات لرعاية الاطفال المصابين بالسرطان) ...اتت قبل عام مع جدتها من أقصى الغرب الى الخرطوم ...وبعد ان تم تشخيص ما تعانيه انه سرطان الدم مما يتطلب جرعات كيماوية لفترة ليست بالقصيرة ..استقرت هي وجدتها في السكن ...أول ما رأيتها جذبتني عيناها الواسعتان ..تلمعان ببريق ذكاء فطري ..ثم ابتسامة مستمرة رغم المعاناة فالام السرطان لا ترحم ...كانت مريومة كلما حضرت الى السكن ..تجري ...ناحيتي وتسلم علي بحرارة ومن ثم تتجه مباشرة الى يدي اليسرى لتخلع (الدبلة) وتحاول ان تلبسها في أصبعها الصغير ..فتنسحب منها وتقع ..فتعاود المحاولة ..ولا يتطرق اليأس الى قلبها أبدا...والأغرب من ذلك انه عندما احضر في المرة الثانية ..تحاول مرة أخرى بكل فرح ..في خلال محاولاتها هذه أراقبها بصمت ..انظر الى ابتسامتها عند كل وقعة للدبلة ..ثم بحثها الدؤوب عنها تحت الكراسي والأسرة ..وفرحتها عندما تجدها وتضعها في أصبعها مرة اخرى ..قلت لها في المرة الاخيرة (يا مريومة ما تتعبي نفسك ..انت لسه صغيرة وصباعك صغير ..بعدين لما تكبري صباعك بيكبر ..والعريس يجيب ليك دبلة قدرك)...نظرت الي طويلا ..وقالت بكلامها الطفولي (ييييك ..دا متين دا؟)..في تلك اللحظة فهمت ما كانت ترمي اليه الصغيرة ..شئ ما في داخلها قال لها ان ما تعانيه سيستمر وربما (لا قدر الله ) يختصر سنوات عمرها الصغير...فهل ترى انها تستعجل السنوات لتعيش مقدما ما يمكن ان يفوتها ؟؟؟ ...أذكر انني كنت معجبة باعلان في احدي القنوات المصرية ..كان الاعلان عن جمع تبرعات لمرضى القلب من الأطفال..الاعلان يأتي بنماذج من الاطفال يجيبون عن سؤال (نفسك في ايه لما تكبر؟)..تختلف الاجابات وتتنوع بين طيار ومهندس ودكتور ..ولكن احدي الصغيرات تقول (انا نفسي أعيش)..تستوقفك الكلمة وتجد نفسك فجاة وقد غص حلقك ..وملأت الدموع عينيك...ان تصبح الحياة في حد ذاتها مطلبا لطفل ..هذا ما لا نتخيله ..فالاطفال عادة يرون الحياة ممتدة امامهم ويبدو الموت كما الشئ البعيد في الأفق ...ولكنه الواقع المعاش لمريومة واخوتها المصابين بالسرطان ....عندما فهمت ما تفكر فيه صديقتي الصغيرة قررت ان ابحث لها عن دبلة صغيرة المقاس وتناسب اصبعها النحيل ..ولكني لم اجد حتى الأن فكل (الخواتم ) للصغار تزينها فراشات والوان زاهية ولا يوجد (دبل ) بينها ..لا أحد فينا يفكر ان هناك من يريد ان يعيش الأحداث كلها قبل فوات الأوان مثل مريومة..بالأمس ..في احتفال فرحة العيد بالسكن أفتقدتها ...غاص قلبي عميقا ...وتحاشيت السؤال عنها ..خفت أن أسمع ما اخشاه ..فبين كل غيبة وغيبة أفتقد احد الوجوه الصغيرة ويقال لي (أنه أرتاح أخيرا من الألم) وهي العبارة المغلفة التي يزفون بها نبا الوفاة ... ولكنني وفي غمرة قلقي هذا .. رأيتها في نهاية الممر ..كانت مرهقة وتتحرك ببطء ...قيل لي انها كانت محجوزة في المستشفى فالجرعة الكيمائية الأخيرة اتعبتها...أسرعت اليها وقلت لها انني لم انسى وساحضر لها الدبلة المرة القادمة ..ابتسمت ولمعت عيناها وقالت لي (كان ما لقيتيني ..اديها فطومة)..وفطومة هي صديقتها ورفيقة دربها في ذات المرض وذات الجرعات ....يا مريومة ..حتى الوصية لم تنسيها..هززت يدها الصغيرة وقلت لها (ان شاء الله دبلتين ..انت واحدة وفطومة التانية)...تحركت من امامها بسرعة حتى لا ترى دموعي وانا أردد قول المتنبئ (كفى بك داء ان ترى الموت شافيا..وحسب المنايا ان يكن امانيا )...وووصباحكم خير

رواية موسم الهجرة إلى الشمال ـ الطيب صالح (2)



إما أنه فقد ذاكرته ، فهذا محتمل . وأخيراً بدأ مصطفى يتحدث ، ورأيت الطيف الساخر حول عينيه أوضح من أي وقت رأيته فيه . شيء محسوس ، كأنه لمع البرق .
(( سأقول لك كلاماً لم أقله لأحد من قبل . لم أجد سبباً لذلك قبل الآن . قررت هذا حتى لا يجمح خيالك ، وأنت درست الشعر )) . ضحك حتى يخفف حدة الاحتقار التي بدت في صوته وهو يقول هذا .
(( خفت أن تذهب وتتحدث إلى الآخرين . تقول لهم أنني لست الرجل الذي أزعم . فيحدث ... يحدث بعض الحرج ، لي ولهم . لذا فإن لي عندك رجاء واحداً . أن تعدني بشرفك ، أن تقسم لي بأنك لن تبوح لمخلوق بشيء مما سأحدثك به الليلة )) .
(( هذا يعتمد على ما ستقوله لي . كيف أعدك وأنا لا أعلم عنك شيئاً ؟ )) .
فقال : (( إنني أقسم لك بأن شيئاً مما سأقوله لك لن يؤثر على وجودي في هذا البلد . إنني رجل في كامل عقلي ، مسالم ، لا أحب لهذا البلد وأهله إلا الخير )) .
لا أكتمك أنني ترددت . لكن اللحظة كانت مشحونة بالاحتمالات ، وكان فضولي عارماً ليس له حد . خلاصة القول أنني وعدت وأقسمت ، فدفع مصطفى إلي برزمة أوراق وأومأ لي أن أنظر فيها فتحت ورقة فإذا هي وثيقة ميلاده .
مصطفى سعيد ، من مواليد الخرطوم ، 16 أغسطس عام 1898 ... الأب متوفي ، الأم فاطمة عبدالصادق ، فتحت بعد ذلك جواز سفره ، الإسم ، المولد ، البلد ، كما في شهادة الميلاد . المهنة (( طالب )) . تاريخ صدور الجواز عام 1916 في القاهرة وجدد في لندن عام 1926 . كان ثمة جواز سفر آخر ، انكليزي ، صدر في لندن عام 1929 . قلبت صفحاته فإذا أختام كثيرة ، فرنسية وألمانية وصينية ودنماركية . كل هذا شحذ خيالي بشكل لا يوصف ، فلم أستطع المضي في تقليب صفحات جواز السفر ، وانصرف ذهني عن بقية الأوراق . ولابد أن وجهي كان مشحوناً بالترقيب حين نظرت إليه . مضى مصطفى ينفث في دخان سيجارته برهة ، ثم قال : 

إنها قصة طويلة . لكنني لن أقول لك كل شيء . وبعض التفاصيل لن تهمك كثيراً ، وبعضها ... المهم أنني كما ترى ولدت في الخرطوم . نشأت يتيماً ، فقد مات أبي قبل أن أولد ببضعة أشهر ، لكنه ترك لنا ما يستر الحال . كان يعمل في تجارة الجمال . لم يكن لي أخوة ، فلم تكن الحياة عسيرة عليَّ وعلى أمي . حين أرجع الآن بذاكرتي ، أراها بوضوح ، شفتاها الرقيقتان مطبقتان في حزم ، وعلى وجهها شيء مثل القناع . لا أدري . قناع كثيف ، كأن وجهها صفحة بحر ، هل تفهم ؟ ليس له لون واحد بل ألوان متعددة ، تظهر وتغيب وتتمازج . لم يكن لنا أهل . كنا ، أنا وهي ، أهلاً بعضنا لبعض . كانت كأنها شخص غريب جمعتني به الظروف صدفة في الطريق . لعلني كنت مخلوقاً غريباً ، أو لعل أمي كانت غريبة . لا أدري . لم نكن نتحدث كثيراً ، وكنت ، ولعلك تعجب ، أحس إحساساً دافئاً بأنني حر ، بأنه ليس ثمة مخلوق أب أو أم ، يربطني كالوتد إلى بقعة معينة ومحيط معين . كنت .....أقرأ وأنام ، أخرج وأدخل ، ألعب خارج البيت ، أتسكع في الشوارع ، ليس ثمة أحد يأمرني أو ينهاني . إلا أنني منذ صغري ، كنت أحس بأنني ... أنني مختلف . أقصد أنني لست كبقية الأطفال في سني ، لا أتأثر بشيء لا أبكي إذا ضربت ، لا أفرح إذا أثني عليَّ المدرس في الفصل ، لا أتألم لما يتألم له الباقون . كنت مثل شيء مكور من المطاط ، تلقيه في الماء فلا يبتل ، ترميه على الأرض فيقفز . كان ذلك الوقت أول عهدنا بالمدارس أذكر الآن الناس كانوا غير راغبين فيها . كانت الحكومة تبعث أعوانها يجوبون البلاد والأحياء ، فيخفي الناس أبناءهم . كانوا يظنونها شراً عظيماً جاءهم مع جيوش الإحتلال . كنت ألعب مع الصبية خارج دارنا ، فجاء رجل على فرس ، في زي رسمي ووقف فوقنا . جرى الصبية ، وبقيت أنظر إلى الفرس وإلى الرجل فوقه . سألني عن اسمي فأخبرته . قال لي كم عمرك ، فقلت له لا أدري . قال لي : (( هل تحب أن تتعلم في المدرسة ؟ )) قلت له : (( ما هي المدرسة ؟)) فقال لي : (( بناء جميل من الحجر وسط حديقة كبيرة على شاطئ النيل . يدق الجرس وتدخل الفصل مع التلاميذ . تتعلم القراءة والكتابة والحساب )) . قلت للرجل : (( هل ألبس عمامة كهذه ؟ )) وأشرت إلى شيء كالقبة فوق رأسه . فضحك الرجل وقال لي : (( هذه ليست عمامة . هذه برنيطة . قبعة )) . وترجل من على فرسه ووضعها فوق رأسي فغاب وجهي كله فيها . ثم قال الرجل : (( حين تكبر ، وتخرج ....من المدرسة ، وتصير موظفاً في الحكومة ، تلبس قبعة كهذه )) قلت للرجل : (( أذهب للمدرسة )) . أردفني الرجل خلفه فوق الحصان ، وحملني إلى مكان ، كما وصفه ، من الحجر ، على ضفة النيل ، تحيط به أشجار وأزهار . ودخلنا على رجل ذي لحية ، يلبس جبة ، فقام وربت على رأسي ، وقال لي : (( لكن أي أبوك ؟ )) فقلت له أن أبي ميت . فقال لي : (( من ولي أمرك ؟ )) قلت له : (( أريد أن أدخل المدرسة )) . نظر إلي الرجل بعطف ، ثم قيدوا اسمي في سجل ، وسألوني كم عمري فقلت لهم لا أدري . وفجأة دق الجرس . فررت منهم ، ودخلت إحدى الحجرات فجاء الرجلان وساقاني إلى حجرة أخرى وأجلساني في مقعد بين صبية آخرين عدت إلى أمي في الظهر فسألتني أي كنت ، فحكيت لها القصة . نظرت إلي برهة نظرة غامضة ، كأنها أرادت أن تضمني إلى صدرها . فقد رأيت وجهها يصفو برهة ، وعينيها تلمعان ، وشفتيها تفتران كأنها تريد أن تبتسم ، أو تقول شيئاً . لكنها لم تقل شيئاً . وكانت تلك نقطة تحول في حياتي . كان ذلك أول قرار اتخذته ، بمحض إرادتي .
إنني لا أطلب منك أن تصدق ما أقوله لك . لك أن تعجب وأن تشك . أنت حر . هذه وقائع مضى عليها وقت طويل ، وهي كما ترى الآن ، لا قيمة لها . أقولها لك لأنها تحضرني ، لأن الحوادث بعضها يذكر بالبعض الآخر .

المهم أنني انصرفت بكل طاقاتي لتلك الحياة الجديدة . 
وسرعان ما اكتشفت في عقلي مقدرة عجيبة على الحفظ والاستيعاب والفهم . أقرأ الكتاب فيرسخ جملة في ذهني . ما ألبث أن أركز عقلي في مشكلة الحساب حتى تتفتح لي مغالقها ، تذوب بين يدي كأنها قطعة ملح وضعتها في الماء . تعلمت الكتابة في أسبوعين ، وانطلقت بعد ذلك لا ألوي على شيء . عقلي كأنه مدية حادة ، تقطع في برود وفعالية . لم أُبال بدهشة المعلمين وإعجاب رفقائي أو حسدهم . كان المعلمون ينظرون إليَّ كأنني معجزة ، وبدأ التلاميذ يطلبون ودي . لكنني كنت مشغولاً بهذه الآلة العجيبة التي أتيحت لي . وكنت بارداً كحقل جليد ، لا يوجد في العالم شيء يهزني . طويت المرحلة الأولى في عامين ، وفي المدرسة الوسطى اكتشفت ألغازاً أخرى ، منها اللغة الإنكليزية فمضى عقلي يعض ويقطع كأسنان محراث . الكلمات والجميل تتراءى لي كأنها معادلات رياضية ، والجبر والهندسة كأنها أبيات شعر . العالم الواسع أراه في دروس الجغرافيا ، كأنه رقعة شطرنج . كانت المرحلة الوسطى أقصى غاية يصل إليها المرء في التعليم تلك الأيام . وبعد ثلاثة أعوام ، قال لي ناظر المدرسة ، وكان إنكليزياً : (( هذه البلد لا تتسع لذهنك ، فسافر . إذهب إلى مصر أو لبنان أو إنكلترا . ليس عندنا شيء نعطيك إياه بعد الآن )) . قلت له على الفور : (( أريد أن أذهب إلى القاهرة )) . فهل لي ، فيما بعد ، السفر ، والدخول مجاناً في مدرسة ثانوية في القاهرة ، ومنحة دراسية من الحكومة . وهذه حقيقة في حياتي ، كيف قيضت الصدف لي قوماً ساعدوني وأخذوا بيدي في كل مرحلة ، قوماً لم أكن أحس تجاههم بأي إحساس بالجميل . كنت أتقبل مساعداتهم ، كأنها واجب يقومون به نحوي .
حين أخبرني ناظر المدرسة بأن كل شيء أُعد لسفري للقاهرة ، ذهبت إلى أمي وحدثتها . نظرت إلي مرة أخرى ، تلك النظرة الغريبة افترت شفتاها لحظة كأنها تريد أن تبتسم ثم أطبقتهما ، وعاد كعهده ، قناعاً كثيفاً ، بل مجموعة أقنعة ، ثم غابت قليلاً ، وجاءت بصرة وضعتها في يدي ، وقالت لي : (( لو أن أباك عاش ، لما اختار لك غير ما اخترته لنفسك . افعل ما تشاء . سافر . أو ابقَ ، أنت وشأنك . إنها حياتك ، وأنت حر فيها . في هذه الصرة ما تستعين به )) .
كان ذلك وداعنا . لا دموع ولا قبل ولا ضوضاء . مخلوقان سارا شطراً من الطريق معاً ، ثم سلك كل منهما سبيله . وكان ذلك في الواقع آخر ما قالته لي ، فإنني لم أرها بعد ذلك . بعد سنوات طويلة ، وتجارب عدة ، تذكرت تلك اللحظة ، وبكيت . أما الآن ، فإنني لم أشعر بشيء على الإطلاق . جمعت متاعي في حقيبة صغيرة ، وركبت القطار . لم يلوِّح لي أحد بيده ولم تنهمر دموعي لفراق أحد .وضرب القطار في الصحراء ، ففكرت قليلاً في البلد الذي خلفته ورائي ، فكان مثل جبل ضربت خيمتي عنده ، وفي الصباح قلعت الأوتاد وأسرجت بعيري ، وواصلت رحلتي . وفكرت في القاهرة ونحن في وادي حلفا ، فتخيلها عقلي جبلاً آخر ، أكبر حجماً ، سأبيت عنده ليلة أو ليلتين ، ثم أواصل الرحلة إلى غاية أخرى . أذكر أنني جلست في القطار قبالة رجل في مسوح وعلى رقبته صليب كبير أصفر . ابتسم الرجل في وجهي وتحدث معي باللغة الإنكليزية ، فأجبته . أكثر تماماً أن الدهشة بدت على وجهه واتسعت حدقتا عينيه أول ما سمع صوتي . دقق النظر إلى وجهي وقال لي : (( كم سنك؟ )) فقلت له خمسة عشر . كنت في الواقع في الثانية عشر ، لكنني خفت أن يستخف بي . فقال الرجل : (( إلى أين تقصد ؟ )) فقلت له : (( إنني ذاهب للإلتحاق بمدرسة ثانوية في القاهرة )) . فقال : (( وحدك ؟ )) . قلت نعم . نظر إلي مرة أخرى نظرة طويلة فاحصة ، فقلت له قبل أن يتكلم : (( إنني أحب السفر وحدي . مم أخاف ؟ )) . حينئذ قال لي جملة لم أحفل بها كثيرة وقتذاك . وأضاءت وجهه ابتسامة كبيرة وأردف : (( إنك تتحدث اللغة الإنكليزية بطلاقة مذهلة )) . وصلت القاهرة ، فوجدت مستر روبنسن وزوجته في انتظاري ، فقد أخبرهما مستر ستكول بقدومي . صافحني ... الرجل وقال لي : (( كيف أنت يا مستر سعيد ؟ )) فقلت له : (( أنا بخير يا مستر روبنسن )) . ثم قدمني إلى زوجته . وفجأة أحسست بذراعي المرأة تطوقانني ، وبشفتيها على خدي . في تلك اللحظة ، وأنا واقف على رصيف المحطة ، وسط دوامة من الأصوات والأحاسيس ، وزندا المرأة ملتفان حول عنقي ، وفمها على خدي ، ورائحة جسمها ، رائحة أوروبية غريبة ، تدغدغ أنفي ، وصدرها يلامس صدري ، شعر وأنا الصبي ابن الإثني عشر عاماً بشهوة جنسية مبهمة لم أعرفها من قبل في حياتي ، وأحسست كأن القاهرة ، ذلك الجبل الكبير الذي حملني إليه بعيري ، امرأة أوروبية ، مثل مسز روبنسن تماماً ، تطوقني ذراعاها ، يملأ عطرها ورائحة جسدها أنفي . كان لو عينيها كلون القاهرة في ذهني ، رمادياً ،أخضر ، يتحول بالليل إلى وميض كوميض اليراعة . 
كانت مسز روبنسن تقول لي : (( وأنت يا مستر سعيد إنسان خال تماماً من المرح )) . صحيح أنني لم أكن أضحك . وتضحك مسز روبنسن وتقول لي : (( ألا تستطيع أن تنسى عقلك أبداً ؟ ويوم حكموا عليَّ في الأولد بيلي بالسجن سبع سنوات ، لم أجد صدراً غير صدرها أسند رأسي إليه . ربتت على رأسي وقالت : (( لا تبك يا طفلي العزيز )) . لم يكن لهما أطفال . كان مستر روبنسن يحسن اللغة العربية ، ويعنى بالفكر الإسلامي والعمارة الإسلامية ، فزرت معهما جوامع القاهرة ، ومتاحفها وآثارها . وكانت أحب مناطق القاهرة 
إليهما ، منطقة الأزهر . كنا حين تكل أقدامنا من الطواف ، نلوذ بمقهى بجوار جامع الأزهر ، ونشرب عصير التمر هندي ، ويقرأ مستر روبنسن شعر المعري . كنت وقتها مشغولاً بنفسي ، فلم أحفل بالحب الذي أسبغاه علي . كانت مسز روبنسن ممتلئة الجسم ، برونزية اللون ، منسجمة مع القاهرة كأنها صورة منتقاة بذوق ، لتناسب لون الجدران في غرفة . وكنت أنظر إلى شعر إبطيها وأحسن بالذعر .. لعلها كانت تعلم أنني أشتهيها ، لكنها كانت عذبة ، أعذب امرأة عرفتها . تضحك بمرح ، وتحنو علي كما تحنو أم على إبنها .
وكانا على الرصيف حين أقلعت بي الباخرة من الإسكندرية . ورأيتها من بعيد وهي تلوح لي بمنديها ، ثم تجفف به الدمع من عينيها ، وإلى جوارها زوجها ، واضعاً يديه على خصره ، وأكاد أرى ، حتى من ذلك البعد ، صفاء عينيه الزرقاوين . إلا أنني لم أكن حزيناً ، كان كل همي أن أصل لندن ، جبلاً آخر أكبر من القاهرة ، لا أدري كم ليلة أمكث عنده . كنت في الخامسة عشرة ، يظنني من يراني في العشرين ، متماسكاً على نفسي ، كأنني قربة منفوخة . ورائي قصة نجاح فذ في المدرسة ، كل سلاحي هذه المدية الحادة في جمجمتي ، وفي صدري إحساس بارد جامد ، كأن جوف صدري مصبوب بالصخر ولما ابتلعت اللجة الساحل ، وهاج الموج تحت السفينة ، واستدار الأفق الأزرق حوالينا ، أحسست تواً ... بألفة غامرة للبحر . انني أعرف هذا العملاق الأخضر اللامنتهي ، كأنه يمور بين ضلوعي . واستمرأت طيلة الرحلة ذلك الإحساس في أني في لا مكان ، وحدي ، أمامي وخلفي الأبد أو لا شيء وصفحة البحر حين يهدأ سراب آخر ، دائم التبدل والتحول ، مثل القناع الذي على وجه أمي . هنا أيضاً صحراء مخضرة مزرقة ممتدة ، تناديني ، تناديني . وقادني النداء الغريب إلى ساحل دوفر ، وإلى لندن ، وإلى المأساة . لقد لسلكت ذلك الطريق بعد ذلك عائداً وكنت أسأل نفسي طوال الرحلة ، هي كان من الممكن تلافي شيء مما وقع ؟ وتر القوس مشدود ، ولا بد أن ينطلق السهم . وأنظر إلى اليسار واليمين ، إلى الخضرة الداكنة ، والقرى السكسونية القائمة على حوافي التلال . سقوف البيوت حمراء ، محدودية كظهور البقر ، وثمة غلالة شفافة من الضباب ، منشورة فوق الوديان . ما أكثر الماء هنا وما أرحب الخضرة . وكل تلك الألوان . ورائحة المكان غريبة ، كرائحة جسد مسز روبنسن . والأصوات لها وقت نظيف في أذني ، مثل حفيف أجنحة الطير . هذا عالم منظم ، بيوته وحقوله وأشجاره مرسومة وفقاً لخطة . الغدران كذلك ، لا تتعرض ، بل تسيل بين شطآن صناعية . ويقف القطار في المحطة ، بضع دقائق . يخرج الناس مسرعين ، ويدخلون مسرعين ، ثم يتحرك القطاع ، لا ضوضاء . وفكرت في حياتي في القاهرة . لم يحدث شيء ليس في الحسبان . زادت معلوماتي . وحدثت لي أحداث صغيرة ، وأحبتني زميلة لي ثم كرهتني ...
وقالت لي : (( أنت ليس إنساناً . أنت آلة صماء )) . تسكعت في شوارع القاهرة ، وزرت الأوبرا ، ودخلت المسرح ، وقطعت النيل سابحاً ذات مرة . لم يحدث شيء إطلاقاً ، سوى أن القرية زادت انتفاخاً ، وتوتر وتر القوس . سينطلق السهم نحو آفاق أخرى مجهولة . وانظر إلى دخان القطار ، يتلاشى ، حيث تهب به الريح ، في غلالة الضباب المنتشرة في الوديان . وأخذتني سنة من النوم . وحلمت أنني أصلي وحدي في جامعة القلعة . كان المسجد مضاء بآلاف الشمعدانات ، والرخام الأحمر يتوهج ، وأنا وحدي أصلي . واستيقظت وفي أنفي رائحة البخور ، فإذا القطار يقترب من لندن . القاهرة مدينة ضاحكة ، وكذلك مسز روبنسن . كانت تريدني أن أناديها باسمها الأول ، اليزابيث ، لكنني كنت أناديها باسم زوجها . تعلمت منها حسب موسيقى باخ ، وشعر كيتس ، وسمعت عن مارك توين لأول مرة منها . لكنني لم أكن استمتع بشيء . وتضحك مسز روبنسن وتقول لي : (( ألا تستطيع أن تنسى عقلك أبداً ؟ )) . هل كان من الممكن تلافي شيء مما حدث ؟ كنت عائداً حينذاك تذكرت ما قاله لي القسيس ، وأنا في طريقي إلى القاهرة : (( كلنا يا بني نسافر وحدنا في نهاية الأمر )) . كانت يده تتحسس الصليب على صدره . وأضاءت وجهه ابتسامة كبيرة وأردف : (( انك تتحدث اللغة الإنكليزية بطلاقة مذهلة )) . اللغة التي أسمعها الآن ليست كاللغة التي تعلمتها في المدرسة . هذه أصوات حية ، لها جرس آخر .

كان عقلي كأنه مدية حادة . لكن اللغة ليست لغتي . تعلمت فصاحتها بالممارسة . وحملني القطار إلى محطة فكتوريا ، وإلى عالم جين مورس .
كل شيء حدث قبل لقائي إياها ، كان إرهاصاً . وكل شيء فعلته بعد أن قتلتها كان اعتذاراً ، لا لقتها ، بل لأكذوبة حياتي . كنت في الخامسة والعشرين حين لقيتها ، وفي حفل في تشلسي . الباب ، وممر طويل يؤدي إلى القاعة . فتحت الباب ، وتريثت ، وبدت لعيني تحت ضوء المصباح الباهت كأنها سراب لمع في صحراء . كنت مخموراً ، كأسي بقي ثلثها ، وحولي فتاتان ، أتفحش معهما ، وتضحكان . وجاءت تسعى نحونا بخطوات واسعة ، تضع ثقل جسمها على قدمها اليمنى ، فيميل كفلها إلى اليسار . وكانت تنظر إلي وهي قادمة . وقفت قبالتي ونظرت إلي بصلف وبرود .. وشيء آخر . وفتحت فمي لأتكلم ، لكنها ذهبت . وقلت لصاحبتي (( من هذه الأنثى ؟ )) .
كانت لندن خارجة من الحرب ومن وطأة العهد الفكتوري . عرفت حانات تشلسي ، وأندية هامبستد ، ومنتديات بلومزبري ، أقرأ الشعر ، وأتحدث في الدين والفلسفة ، وأنقد الرسم ، وأقول كلاماً عن روحانيات الشرق . أفعل كل شيء حتى أدخل المرأة في فراشي ، ثم أسير إلى صيد آخر . لم يكن في نفسي قطرة من المرح ، كما قالت مسز روبنسن . جلبت ... النساء إلى فراشي من بين فتيات جيش الخلاص ، وجمعيات الكويكرز ، ومجتمعات الفابيانيين . حين يجتمع حزب الأحرار أو العمال أو المحافظين أو الشيوعيين ، أسرج بعيري وأذهب . وفي المرة الثانية ، قالت لي جين مورس : (( أنت بشع . لم أر في حياتي وجهاً بشعاً كوجهك )) . وفتحت فمي لأتكلم لكنها ذهبت . وحلفت في تلك اللحظة ، وأنا سكران أنني سأتقاضاها الثمن في يوم من الأيام . وصحوت وآن همند إلى جواري في الفراش . أي شيء جذب آن همند إليَّ ؟ أبوها ضابط في سلاح المهندسين ، وأمها من العوائل الثرية في لفربول كانت صيداً سهلاً ، لقيتها وهي دون العشرين ، تدرس اللغات الشرقية في أكسفورد . كانت حية ، وجهها ذكي مرح وعيناها تبرقان بحب الإستطلاع . رأتني فرأت شفقاً داكناً كفجر كاذب . كانت عكسي تحن إلى مناخات استوائية ، وشموس قاسية ، وآفاق أرجوانية . كنت في عينها رمزاً لكل هذا الحنين . وأنا جنوب يحن إلى الشمال والصقيع . آن همند قضت طفولتها في مدرسة راهبات . عمتها زوجة نائب في البرلمان . حولتها في فراشي إلى عاهرة . غرفة نومي مقبرة تطل على حديقة ، ستائرها وردية منتقاة بعناية ، وسجاد سندسي دافئ والسرير رحب مخداته من ريش النعام . وأضواء كهربائية صغيرة ، حمراء ، وزرقاء ، وبنفسجية ، موضوعة في زوايا معينة . وعلى الجدران مرايا كبيرة ، حتى إذا ضاجعت امرأة ، بدا كأنني أضاجع حريماً كاملاً في آن واحد . تعبق في الغرفة رائحة الصندل المحروق والند ، وفي الحمام عطور شرقية نفاذة ، وعقاقير كيماوية ، ودهون ، ومساحيق ، وحبوب . غرفة نومي كانت مثل غرفة عمليات في مستشفى . ثمة بركة ساكنة في أعماق كل امرأة . كنت أعرف كيف أحركها . وذات يوم وجدوها ميتة انتحاراً بالغاز ووجدوا ورقة صغيرة باسمي . ليس فيها سوى هذه العبارة : مستر سعيد . لعنة الله عليك )) . كان عقلي كأنه مدية حادة . وحملني القطار إلى محطة فكتوريا . وإلى عالم جين مورس ، في قاعة المحكمة الكبرى في لندن ، جلست أسابيع أستمع إلى المحامين يتحدثون عني ن كأنهم يتحدثون عن شخص لا يهمني أمره . كان المدعي العمومي سير آرثر هغتز عقل مريع ، أعرفه تمام المعرفة ، علمني القانون في أكسفورد ، ورأيته من قبل ، في هذه المحكمة نفسها وفي هذه القاعة ، يعتصر المتهمين في قفص الإتهام اعتصاراً . نادراً ما كان يفلت متهم من يده . ورأيت متهمين يبكون ويغمى عليهم ، بعد أن يفرغ من استجوابهم . لكنه هذه المرة كان يصارع جثة .
(( هل تسببت في انتحار آن همند ؟ ))
(( لا أدري ))
(( وشيلا غرينود ؟ ))
(( لا أدري ))
(( وإيزابيلا سيمور ؟ ))
(( لا أدري ))
(( هل قتلت جين مورس ؟ ))
(( نعم ))
(( قتلتها عمداً ؟ ))
(( نعم ))
كان صوته كأنما يصلني من عالم آخر . ومضى الرجل يرسم بحذق صورة مريعة لرجل ذئب ، تسبب في انتحار فتاتين ، وحطم امرأة متزوجة ، وقتل زوجته ، رجل أناني ، أنصبت حياته كلها على طلب اللذة . ومرة خطر لي في غيبوبتي ، وأنا جالس هناك أستمع إلى أستاذي ، برفسور ماكسول فستر كين ، يحاول أن يخلصني من المشنقة ، أن أقف وأصرخ في المحكمة : (( هذا المصطفى سعيد لا وجود له . انه وهم ، أكذوبة . وأنني أطلب منكم أن تحكموا بقتل الأكذوبة )) . لكنني كنت هامداً مثل كومة رماد . ومضى برفسور ماكسول فستر كين يرسم صورة لعقل عبقري دفعته الظروف إلى القتل . في لحظة غيرة وجنون . روى لهم كيف أنني عينت محاضراً للإقتصاد في جامعة لندن ، وأنا في الرابعة والعشرين . قال لهم أن (( آن همند )) و (( شيلا غرينود )) كانتا فتاتين تبحثان عن الموت بكل سبيل ، وأنهما كانتا ستنتحران سواء قابلتا مصطفى سعيد أو لم تقابلاه . (( مصطفى سعيد يا حضرات المحلفين إنسان نبيل ، استوعب عقله حضارة الغرب ، لكنها حطمت قلبه . هاتان الفتاتان لم يقتلهما مصطفى سعيد ولكن قتلهما جرثوم مرض ..
عضال أصابهما منذ ألف عام )) . وخطر لي أن أقف وأقول لهم : (( هذا زور وتلفيق . قتلتها أنا . أنا صحراء الظمأ . أنا لست عطيلاً . أنا أكذوبة . لماذا لا تحكمون بشنقي فتقتلون الأكذوبة ! )) لكن برفسور فستر كين حوَّل المحاكمة إلى صراح بين عالمين ، كنت أنا إحدى ضحاياه . وحملني القطار إلى محطة فكتوريا ، وإلى عالم جين مورس .
لبثت أطاردها ثلاثة أعوام . كل يوم يزداد وتر القوس توتراً ، قربي مملوءة هواء ن وقوافلي ظمأى ، والسراب يلمع أمام في متاهة الشوق ، وقد تحدد مرمى السهم ، ولا مفر من وقوع المأساة . وذات يوم قالت لي : (( أنت ثور همجي لا يكل من الطراد . إنني تعبت من مطاردتك لي ، ومن جريي أمامك . تزوجني )) . وتزوجتها . غرفة نومي صارت ساحة حرب . فراشي كان قطعة من الجحيم . أمسكها فكأنني أمسك سحاباً ، كأنني أضاجع شهاباً ، كأنني أمتطي صهوة نشيد عسكري بروسي . وتفتأ تلك الإبتسامة المريرة على فمها . أقضي الليل ساهراً ، أخوض المعرفة بالقوس والسيف والرمح والنشاب ، وفي الصباح أرى الإبتسامة ما فتئت على حالها ، فاعلم أنني خسرت الحرب مرى أخرى . كأنني شهريار رقيق ، تشتريه في السوق بدينار ن صادف شهرزاد متسولة في أنقاض مدينة قتلها الطاعون . كنت أعيش مع نظريات كينز وتوني بالنهار ، وبالليل أواصل الحرب بالقوس والسيف والرمح والنشاب . رأيت الجنود يعودون ، يملؤهم  الذعر ، من حرب الخنادق والقمل والوباء . رأيتهم يزرعون بذور الحرب القادمة في معاهدة فرساي ن ورأيت لويد جورج يضع أسس دولة الرفاهية العامة . وانقلبت المدينة إلى امرأة عجيبة ، لها رموز ونداءات غامضة ن ضربت إليها أكباد الإبل ، وكاد يقتلني في طلابها الشوق ، غرفة نومي ينبوع حزن ، جرثوم مرض فتاك . العدوى أصابتهن منذ ألف عام ، لكنني هيجت كوامن الداء حتى استفحل وقتل . وكان المغنون يرددون أهازيج الحب الحقيقي والمرح في مسارح لستر سكوير ، فلم يخفق لها قلبي . من كان يظن أن شيلا غرينود تقدم على الإنتحار ؟ خادمة في مطعم في سوهر . بسيطة حلوة المبسم ، حلوة الحديث . أهلها قرويون من ضواحي هل . أغريتها بالهدايا والكلام المعسول ، والنظرة التي ترى الشيء فلا تخطئه . جذبها عالمي الجديد عليها . دوختها رائحة الصندق المحروق والند ، ووقفت وقتاً تضحك لخيالها في المرآة ، وتعبث بعقد العاج الذي وضعته كأنشوطة حول جيدها الجميل . دخلت غرفة نومي بتولاً بكراً ، وخرجت منها تحمل جرثوم المرض في دمها . ماتت دون أن تنبس ببنت شفة . ذخيرتي من الأمثال لا تنفد . البس لكل حالة لبوسها ، شنى يعرف متى يلاقي طبقه .
(( أليس صحيحاً أنك في الفترة ما بين أكتوبر 1922 وفبراير 1923 ، في هذه الفترة وحدها على سبيل المثال ، كنت تعيش مع خمس نساء في آن واحد ؟ )) .

(( بلى )) .
(( وأنك كنت توهم كلاً منهن بالزواج ؟ ))
(( بلى )) .
(( إنك كنت حسن ، وتشارلز ، وأمين ، ومصطفى ، ورتشارد ؟ ))
(( بلى )) .
(( ومع ذلك كنت تكتب وتحاضر عن الإقتصاد المبني على الحب لا على الأرقام ؟ أليس صحيحاً أنك أقمت شهرتك بدعوتك الإنسانية في الإقتصاد ؟ ))
(( بلى )) .
ثلاثون عاماً . كان شجر الصفصاف يبيض ويخضر ويصفر في الحدائق ، وطير الوقوق يغني للربيع كل عام . ثلاثون عاماً وقاعة البرت تغص كل ليلة بعشاق بيتهوفن وباخ ن والمطابع تخرج آلاف الكتب في الفن والفكر . مسرحيات برنارد شو تمثل في الرويال كورت والهيمار كت . كانت ايدث ستول تغرد بالشعر ، ومسرح البرنس اف ويلز يفيض بالشباب والألق . البحر في مده وجزره في بورتمث وبرايتن ، ومنطقة البحيرات تزدهي عاماً بعد عام . الجزيرة مثل لحن عذب ، سعيد حزين ، في تحول سرابي مع تحول الفصول . ثلاثون عاما ..

وأنا جزء من كل هذا ، أعيش فيه ، ولا أحس جماله الحقيقي ، ولا يعنيني منه غلا ما يملاً فراشي كل ليلة .
نعم ، في الصيف . قالوا أن صيفاً مثله لم يأتهم منذ مائة عام . وخرجت من داري يوم سبت أشمشم الهواء ، وأحس بأنني مقبل على صيد عظيم . وصلت ركن الخطباء في حديقة هايد بارك . كان غاصاً بالخلق . وقفت عن بعد أستمع إلى خطيب من جزر الهند الغربية يتحدث عن مشكلة الملونين . استقرت عيني فجأة على امرأة تشرئب بعنقها لرؤية الخطيب ، فيرتفع ثوبها إلى ما فوق الركبتين ، مظهراً ساقين ملتفتين من البرونز . نعم هذه فريستي . وسرت إليها ، كالقارب يسير إلى الشلال . ووقفت وراءها ، والتصقت حتى أحسست بحرارتها تسري إلي . وشممت رائحة جسدها ، تلك الرائحة التي استقبلتني بها مسز روبنسون على رصيف محطة القاهرة واقتربت منها حتى أحسست بي ، فالتفتت إلي فجأة ، فابتسمت في وجهها ابتسامة لم أكن أعلم مصيرها ، لكنني عزمت على ألا تضيع هباء . وضحكت أيضاً ، حتى لا تنقلب الدهشة في وجهها إلى عداء فابتسمت . ووقفت إلى جانبها نحواً من ربع الساعة ، أضحك حين يضحكها الخطيب ، وأضحك بصوت مرتفع لكي تسري فيها عدوى الضحك ، حتى جاءت لحظة ن أحسست فيها أنني وهي صرنا كفرس ومهرة ، يركضان في تناسق ، جنباً إلى جنب . وهنا خرج الصوت من حلقي ، كأنه ليس صوتي : (( ما رأيك في شراب ، 

بعيداً عن هذا الزحام والحر ؟ )) أدارت رأسها بدهشة ، فابتسمت هذه المرة ابتسامة عريضة بريئة ، حتى أحول الدهشة إلى حب استطلاع على الأقل . وفي أثناء ذلك تفرست في وجهها ، فوجدت كل سمة من سماته يزيدني إقناعاً بأن هذه فريستي . كنت أعلم ، بطبيعة المقامر ، إن تلك اللحظة حاسمة . كل شيء في هذه اللحظة محتمل . وتحولت ابتسامتي إلى سرور كاد يفلت زمامه من يدي حين قالت : (( نعم . ولم لا ؟ )) وسرنا معاً ، أحس بها إلى جانبي وهجاً من البرونز تحت شمس يوليو ، أحس بها مدينة من الأسرار والنعيم . وسرني أنها تضحك بسهولة . هذه السيدة ، نوعها كثير في أوروبا نساء لا يعرفن الخوف ن يقبلن على الحياة بمرح وحب استطلاع . وأنا صحراء الظمأ ، متاهة الرغائب الجنونية . وسألتني ونحن نشرب الشاي عن بلدي . رويت لها حكايات ملفقة عن صحاري ذهبية الرمال ، وأدغال تتصايح فيها حيوانات لا وجود لها . قلت لها أن شوارع عاصمة بلادي تعج بالأفيال والأسود ، وتزحف عليها التماسيح عند القيلولة . وكانت تستمع إلى بين مصدقة ومكذبة . تضحك ن وتغمض عينيها ، وتحمر وجنتاها . وأحياناً تصغي إلي في صمت ، وفي عينيها عطف مسيحي . وجاءت لحظة أحسست فيها أنني انقلبت في نظرها مخلوقاً بدائياً عارياً ، يمسك بيده رمحاً ن وبالأخرى نشاباً ، يصيد الفيلة والأسود في الأدغال . هذا حسن . لقد تحول حسب الاستطلاع إلى مرح ، وتحول ...


ونواصل ... 

(الشعبية) تتهم القوات السودانية بشن هجمات جوية على قرى بجبال النوبة


قال متحدث باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان ـ شمال، إن الجيش الحكومي شن غارات بالطيران ومدافع طويلة المدى على عدد من القرى بجنوب كردفان طوال الأيام الماضية، ولفت الى أن تلك الإعتداءات تتصل برغم إعلان الرئيس السوداني هدنة مدتها شهران.
وتقاتل الحكومة السودانية، قوات الحركة الشعبية ـ شمال، في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ العام 2011. وفشلت عدد من جولات التفاوض بين الطرفين في إيجاد حل للخلافات المتجذرة.
وفي 22 سبتمبر الجاري أصدر الرئيس السوداني عمر البشير، مرسومين جمهوريين أعلن بموجبهما العفو العام عن قيادات وأفراد الجماعات المسلحة المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، مع وقف إطلاق النار لشهرين في مناطق القتال.
وقال المتحدث باسم الحركة الشعبية أرنو نقوتلو لودي، في بيان تلقته "سودان تربيون"، الأربعاء، إن طائرة من طراز انتنوف تابعة للجيش السوداني، اعتدت في أول أيام عيد الأضحى على قرى (اللبو) و(تبلو) بمقاطعة أم دورين وألقت عشرة قنابل ألحقت أضرارا بالغة بالمزارع.
وأفاد المتحدث أن مدفعية الجيش الحكومي بكادقلي أطلقت في اليوم الثاني للعيد، قذائف على (أم سردبة ) و(النقرة) مما أدى إلى جرح إثنين من المواطنين وإتلاف الزرع.
وأضاف "في يوم 29 سبتمبر، وللمرة الثانية وفى نفس التوقيت الليلي تم إطلاق 15 قذيفة آخرى على (أم سردبة) أحدثت رعبا وسط المواطنين وأضرارا بالمزارع.
ولم يتسن لـ "سودان تربيون" الاتصال بالمتحدث باسم الجيش السوداني للتعليق على تلك الاتهامات.
وقال آرنو إن الاعتداءات الجوية وبالمدفعية مستمرة بغض النظر عن قرار وقف إطلاق النار الذي أصدره الرئيس عمر البشير، وعده ليس سوى دعاية إعلامية للتغطية على الاستعدادات لهجماتهم الأرضية.
وأفاد أن الحركة تتابع عن كثب "تجمعات القوات الحكومية فى كادقلى، الدلنج، وأبوجبيهة التي قال إنها تخطط للهجوم على المدنين وممتلكاتهم.
سودان تربيون

الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

اسحق احمد فضل الله : والدتي نبهتني لبيان الانقاذ بالراديو ، فقفزت مكبرا ومهللا.. سفاهة الحزب الشيوعي هي التى جندتني للحركة الاسلامية .




انا اعرف وليس كل ما يعرف يقال ..

الاسلام عندي افهمه من قراءة ستين عاما و الائمة يشوهون الاسلام

داعش حملت السلاح ، لسفاهة اميركا و يجب ان لا تكون غطاء لشغل المسلمين من حمل السلاح

بعد موت نقد .. على الشيوعيين السلام

انا من اكثر الناس رقة وعطف وغيره .. اما في دين الله فلا توجد رقة ..

بالرغم من رهقه الواضح .. في ذلك اليوم الماطر.. زاده رهقا المشوار الطويل الذي يقطعه يوميا من "العيلفون" الى الخرطوم .. جلس الينا في مكتبه بالانتباهة بعد ان استقبلنا بهدوء - سبق - تلك العاصفة الهوجاء التى اطلقها على الجميع - الا قليلا- ..كان اسحق احمد فضل الله "مريضا" وقد اشتعل راسه شيبا .. وبانت في وجهه السنون .. تحكي الكثير من ملفات الزمان ومنعرجاته .. اسحق بهدوء شديد قال .. .. "انا اعرف وليس كل ما يعرف يقال " ..ثم قال "انا اعتقد ان الائمة يشوهون الاسلام" واكد اسحق انه لم يدرس عن داعش لكنه يفهم ان داعش ومنظمات كثيرة حملت السلاح ، لان اميركا وصلت مستوى (السفه ) ، مستبشرا بان غباء امريكا يولد كل يوم خمسين منظمة مسلحة .. اسحق يقول في هذا الحوار الماطرأنه من اكثر الناس رقة وعطفا .. ثم يفصل بين هذا ودين الله اذ يقول : اما في دين الله فلا توجد رقة .. الحرب لا توجد فيها رقة .. الحرب منتهى العنف .. الدين يقول ان تضرب العدو ليس ليشرد هو .. بل حتى ذلك الذي ينظر اليه .. فالعنف الاسلامي مرفوض .. ومضى اسحق يتحدث الينا بصعوبة اشفقنا عليه فيها .. فالرجل على موعد مع اخر ليلاه ..اسحق الاسلامي الصارخ يصف الاسلاميين بانهم اكثر الناس مكرا .. لكنه يصف الزبير محمد الحسن بانه ضعيف جدا ولا يصلح ان يكون امينا عاما للحركة الاسلامية ..مؤكدا على احقية غازي صلاح الدين او حتى على عثمان .. ويعترف اسحق ان المشاكل داخل الحوش الاسلامي بدأت منذ مشاكوس بل منذ العام 92 لكنها كانت تتدرج حتى انسحب من انسحب .. وغاضب من غاضب .. ونعى اسحق الحركة الاسلامية وقال .. لقد كان المؤتمر الاخير للحركة الاسلامية نعيا لها ..

حوار : عطاف عبدالوهاب


هناك من يقول انك تكتب بين الحقيقة والخيال .. اين يسبح اسحق حقيقة ؟
ان كنت تقصد بسؤالك هذا اننا نمارس الخداع .. هذا يعني انني استطيع خداع ثلاثين مليون . منذ اكثر من خمس وعشرين سنة وهذا شئ يرد على نفسه بنفسه ..
انا اقصد ما قاله صلاح قوش ؟
لقد اخبرت قوش في مقالاتي .. وقدمت له براهين .. انا اعرف وليس كل ما يعرف يقال .. وقمت بوصف شخصيات معينة في مكان معين في زمن معين وباسماء معينة .. اشياء لا يعرفها الا هو .. والئك السبعة او الثمانية الذين كانوا معه .. وسردت عليه الكثير من الاشياء .. لقد تعود الناس من الصحفيين ان يخرجوا الحقيقة في غير وقتها او بشكل مشوه او ان الشئ مزيف ..
ولكنك صحفي ؟
هذا ليس عندي .. ليس كل الصحفيين.. لكن الناس يجدون احداث لا توجد في الصحف .. واحداث يقول اسحق احمد فضل الله انها ستحدث الاسبوع القادم ..او السنة القادمة ..ثم تحدث .. هناك من قال ان اسحق لديه جنون .. وجنية .. ومخابرات ..
هناك من يقول ايضا ان اسحق ( ضارب ) سجارة ( كاربة ) ؟
انا اعتقد ان الائمة يشوهون الاسلام .. هم لا يعرفون الاسلام .. الاسلام عندي افهمه من قراءة ستين عاما ، لذا انا اصرخ في وجه الائمة بشكل عنيف .
من تقصد من الائمة ؟
كثير من الائمة .
هل من بينهم عصام احمد البشير ؟
عصام احمد البشير بشر ، وعندما قال شيئا خطأ لم اتركه ، فحديثه ضد داعش كان امرا لجميع المسلمين حتى لا يحملوا السلاح ، اذن مالذي تريده امريكا واسرائيل ، هذا نوع من الخطا العميق ..
انت مع داعش ؟
عصام البشير في حديثه عن داعش امر ونهى كل المسلمين من حمل السلاح .. الجملة هذه واضحة .. داعش لو كان على حق او كانت على باطل .. يجب ان لا تكون غطاء لشغل المسلمين من حمل السلاح ، داعش لو كانت على صواب هاتو صوابها وان كانت على خطا هاتو خطأها ، الان يحكم الناس على داعش من طرف واحد ، داعش لم يحكم عليها بسبب فقهي او ديني .. بل بسبب سياسي ، وكل الاحداث الان ان لم تاتي اليها من ستين باب فلن تفهما .
ما فهمك انت اسحق عن داعش ؟
انا لم ادرس عن داعش .. ولكن ما فهمته انا ان داعش ومنظمات الان كثيرة حملت السلاح ، لان اميركا وصلت مستوى (السفه ) ..نحن في السودان هنا اعطينا اميركا كل شئ .. لقد مددنا اليها يدنا فعضتها ، مددنا اليها ( ضراعنا ) فقضمته .. مددنا اليها كتفنا ف(اكلته) .. الغباء الامريكي يخرج الان خمسين منظمة مقاتلة ، سيحول العالم الاسلامي كله الى مقاتل ..
انت احد المؤمنين تماما بنظرية المؤامرة .. هناك من يقول ان داعش صناعة امريكية ؟
كل يغني على ليلاه .. الحقيقة انه لا احد يعرف شيئا .. والذي يعرف .. لا يريد معرفته .. الان اغرب شئ في الدنيا ان الناس لا يعرفون ان الحقيقة هي القوة .. فصاحة اليدين اعجزت فصاحة اللسان .. انت قوي ، كل شئ صحيح .. وملك لك .. انت ضعيف .. فأنت لاتملك حتى قميصك لا يمنع القوة الان الا القوة .. لا يمنع اصطدام القوى الا القوى ، انا اريد من الناس والعالم الاسلامي ان يفهموا هذه النقطة
طيب نحن في السودان ناخد حقنا كيف ؟
ناخذ حقنا كما اخذته دول حوصرت حصارا شديدا ، ولكنها تكاتفت بالقوة او بالحسنة .. كوريا تكاتفت تكاتفا فظيعا جدا .. كان العامل في كوريا يعمل فيعطوه خبزة واحدة .. لقد عملوا سنين حتى اصبحوا دولة نووية .
كوريا وكوبا ليس بها احزاب .. هي دول الحزب الواحد ؟
الاحزاب عبارة عن فوضى نحن لو كان لدينا اسلوب القوة التى تمنع اي احد أن يقول (بغم )كنا اصبحنا دولة ، ثم ثانيا .. امريكا هذه التى تدعم التمرد وحقوق الانسان .. هل تفعل ذلك من اجل حقوق الانسان ..هذه الاشياء والاحزاب بالنسبة لها مجرد عصا ه
هل تريد ان تقول ان امريكا لديها علاقات مع احزاب داخل السودان ؟
يا مولاي .. امريكا لديها علاقات مع اي شخص يخدمها في العالم كله .
هل يمكن ان اقول ان امريكا لديها علاقة مع المؤتمر السوداني ؟
نعم عندها .. اذا لم تكن مباشرة فهي غير مباشرة .. طالما انني استفيد منك .. مع احترامي لهؤلاء الناس .. هل يمكن ان اقنع الحصان بان يخدمني .. لن اقنعه .. سامسكه من رقبته وامتطيه .. هكذا تعمل امريكا ,, اخبرني بالله عليك .. ما هي العبقرية التى وجدتها امريكا عند ياسر عرمان .. هو عبارة عن ( حمار ) امتطته امريكا ..
سيد اسحق .. الفاظك حادة ؟
اسأل من اسحق في كتاباته .. في حياته .. انا لا أشهد لنفسي و (لروحي ) ولكن انا من اكثر الناس رقة وعطف وغيره .. اما في دين الله فلا توجد رقة .. الحرب لا توجد فيها رقة .. الحرب منتهى العنف .. الدين يقول ان تضرب العدو ليس ليشرد هو .. بل حتى ذلك الذي ينظر اليه .. فالعنف الاسلامي مرفوض ..
هل تنصح المؤتمر الوطني بالعنف ؟
في الصواب .. انا اعيب على المؤتمر الوطني (الليونة) .
يعني ابعاد نافع والصقور كان خطأ . ام ان ما قاله بناني كان صحيحا بان نافع وغازي كانوا معقيقين للاصلاح ؟
حديث بناني خطأ .. وحديث قطبي خطأ . وكل ما قاله الناس حول هذا الامر خطا .. انا اعرف الناس ، واعرف الحاصل ..
وما هو الحاصل ؟
الحاصل واسع جدا .. مالم تعرف هؤلاء الناس وتاريخ الحركة الاسلامية وتاريخ المنازعات وتاريخ الشخصيات .. لن تعرف شيئا .. الحركة الاسلامية ما لم تعش وسطها خمسمائة عام لن تعرفها ..
اعطني سببا لابعاد نافع وعلى عثمان ؟
اولا هم لم يبعدوا بل ابتعدوا ، لانهم تنازعوا .. نزاعا كان عليه غطاء في البداية ثم طفى على السطح منذ نيفاشا ..

منذ 2005 ؟
منذ 1992
بين من ومن ؟
النزاع ليس واحدا .. هو طبقات من النزاع .. منذ مشاكوس ونيفاشا خرج نزاع بين مدرستين ، ان الحركات امرها ليس بيدها ، لذلك فهي لن تعطيكم شيئا ، فريق اخر يقول ان العقل والدين .. يقولا بان نتحدث .. لذلك ذهبت نيفاشا .. منذ ايام نيفاشا ظهر الخلاف الذي جعل على عثمان يذهب وياتي ، وجعل غازي يبتعد ، وجعل نافع يقول ، وجعل قوش يفعل ..النزاع هو مجرد تطور .
على عثمان ( اسع ) زعلان ؟
ما هي شواهدكم ان على عثمان زعلان .. قبل سنين ذهب نفس ذهابه هذا وقال الناس انه مغاضب .. لكنه جاء وخرجت السودان كله لاستقباله .
هل تريد ان تقول انه لا توجد مشاكل ؟
هناك مشاكل كبيرة جدا ارفع من ان يمسكوا ب(حلوق) بعض وينسون المعركة الواحدة .
انصرف الطيب .. وانصرف غازي .. فهل هؤلاء نسوا المعركة الواحدة ؟
ابدا .. هؤلاء انصرفوا لكنهم داخل الحوش .
كيف انصرفوا داخل الحوش ؟
ما زالوا داخل الفكر الاسلامي والخط الاسلامي والشعور بالخطر الذين يشعر بهم الاسلاميون ، الخطأ الذي ارتكبه الشيخ حسن الترابي بتحالفه مع جون قرنق ,, لا تعتبر حاجة داخل الحوش الاسلامي ، هذا الخطا جعل الاسلاميين يفعلون يرسمون خط كبير جدا بين ما هو داخل الحوش وما هو خارجه .
انت الان مقتنع انو في حوش ؟
نعم
الحركة الاسلامية مبنى في وسط الخرطوم بنى ليس الا وليس فيه انشطة على مستوى النشاط الاجتماعي والاقتصادي حتى على مستوى قرارات الدولة السياسية ؟
هذا ما تظنه انت .. هذا مكر الاسلاميين .. الاسلاميين من امكر خلق الله ..وهم اذكى الناس الاسلاميين الان طبقات .. الطبقة ( الفوق ) بقايا الحركة الاسلامية ، والطبقة ( الوسط ) والطبقة ( التحت )
من اي طبقة اسحق ؟
لا من هذه ولا من هذه .انا لا انتمي لاي جهة الا المسالة الاسلامية العامة
الست عضوا في الحركة الاسلامية ؟
الحركة الاسلامية رسميا ، ليس فيها عضوية ، وليس فيها احصائيات ، وليس فيها قوائم ، وليس فيها قيادة وفروع .وليس بها مكاتب
اذن كيف اقامت مؤتمرها الاخير ؟
انا احدثك عن الحركة الاسلامية الان ، اخر مؤتمر للحركة الاسلامية كان نعيا للحركة الاسلامية ، بمعنى انه كان طبخة .
كيف ؟
كيف هذه قضية ثانية .
من الذي وضع الطبخة ؟
وضعها الشعور الجديد بسياسات جديدة .. وضعها التنسيق بين الحركة الاسلامية ، وضعتها المؤثرات العالمية الاخرى
هل شلت الفاتحة للحركة الاسلامية ؟
انا ( اكورك ) كثيرا بان ما "طبخ" من عام ونص او عامين ليس من الحركة الاسلامية .. الى الان امين الحركة الاسلامية رجل ارجو دعوته ولا اقبل شهادته ..
كيف ؟
ضعيف جدا .. اقل مما يلزم لمنصب الامين العام للحركة الاسلامية .
ومن الذي كان من المفترض ان يكون امينا للحركة الاسلامية ؟
غازي او على عثمان .
هل كانت الطبخة لازاحة غازي ؟
الطبخة كانت لابعاد سياسات معينة وليس اشخاص معينون .
وما هي السياسة المعينة ؟
المؤتمر الوطني الان يعيد رسم سياساته ومنهجه .. هذ اعقبتها حكومة جديدة ، وهي جزء من التفكير الجديد .
بعد ايام تلتقي قوى نداء السودان لتشكيل جسم تنسيقي .. كيف تقيم الامر ؟
كم مرة التقى اهل نداء السودان هؤلاء .. خمسمائة مرة ، هؤلاء كان معهم الشعبي والحركات المسلحة والجنوب ، وشغل خارجي .. الان الجنوب في الخرطوم "يسلم" ، العدل والمساواة في الخرطوم "تسلم" ، اسياسي افورقي مشغول الان بنفسه ، الحركات المسلحة انتهت ..
فاوضهم ايضا ابراهيم غندور .. هل تعتقد ان غندور مفاوض جيد ؟
هو من امكر المفاوضين في العالم ، لا تعرف في بطنو شنو " وغتيت لمن غتيت
هل تعتقد ان غندور سيصلح ما افسده العطار ؟
هذه الحكومة الموجودة وقبلها ترشيح الرئيس كان من يدير المعركة هو غندور ، اختيار الوزراء الان كان بارزا فيهم غندور .. هل تعرف البقية .. كل الباقين "مغطيين" حادثة انتخاب الرئيس وحادثة الحكومة "كنا" .. عفوا .. كان الوطني يخاطب بها العالم بانه سيضع غندور وزير خارجية حتى تتحدثون معه .
هل الغرب يثق في غندور مثلا ؟
السياسة ليس فيها ثقة .. فيها كيف تخدعني وكيف اخدعك .. تطاوعني واطاوعك .. غندور برفيسور قديم ومتمرس ، ومكانه في الخارجية كان مقصودا ، هو من يتحدث وهو من يقابل وهو من يفاوض ،
هل يمكن ان نعتبر ان على كرتي فشل ؟
على كرتي تقييمه صعب ، لانه خلط بين اشياء كثيرة جدا ،
بين شنو يعني ؟
على كرتي خلط بين اشياء جعلت اداؤه غير مرضيا .. ولا تسالني اكثر من ذلك في هذا الامر .
لماذا في رايك يجمع المؤتمر الوطني في صفوفه ابن الميرغني وابن المهدي .. وهل انت مقتنع بهذا ؟
هل تعتقد ان المؤتمر الوطني يجمع هؤلاء الاحزاب حتى يستفيد من قوتهم العسكرية مثلا .. لا .. المادية لا .. الفكرية لا .. المذهبية لا .. الشعبية لا .. الحزاب صفر والتمرد صفر ، المؤتمر الوطني يجمع هذه الاحزاب حتى يسوق االسودان كله مثل اي دولة محترمة ، الى
اين تسوق السودان ؟
لولا الانقاذ لكان السودان من اول الناس الذين (اخدوا بقجهم وقدوا البحر ) ول كنت تريدني ان احدثك عنها سافعل ، انا اعرف عن حكومة الصادق وعن شرق السودان ووسط السودان وغربه ما يكفي لنصب محاكم .
لكن الفساد الان منتشر ؟
الفساد شئ والافساد شئ اخر ، هذه قضية اخرى ؟
لماذا يكرهك اهل الامة ؟
لانني اكره الصادق
ولماذا تكره الصادق ؟
رئيس وزراء .. عمل مع " قرنق " ذلة لا يمكن ان يقدمها رئيس على الاطلاق .
لكنه قال في شاهد على العصر انه افضل رئيس وزراء ؟
من الذي قال ..ولمن يشهد .. الصادق المهدي يشهد للصادق المهدي ، انا اسحق فضل الله اشهد لاسحق فضل الله انه عبقري الارض .. ايه الفرق ..
من هو افضلى رئيس مر في تاريخ السودان ؟
عمر حسن احمد البشير .
البشير ؟
انا " زول قديم " ما عاصرته وعرفته عن هذا الرجل هو بالضبط كما قال الشيخ حسن هدية من السماء الينا .. طبعا هو نكرها بعداك .
الم يكن الترابي هدية من السماء ؟
في مرحلته كان .. لولا الترابي لما كانت الحركة الاسلامية بقوتها .
ما زلت تحب الترابي ؟
احب عقل الترابي.
ومحمد ابراهيم نقد ؟
لم اقابله في حياتي . في الشيوعيين قابلت احمد سليمان ايام شيوعيته ثم بعد اسلاميته ..
والخاتم عدلان .
لم اقابله الا مرة واحدىة في مكتب عادل الباز قبل ان يذهب الى خارج السودان .
هل تعتقد ان الشيوعيين الان منهم خوف ؟
على الشيوعيين السلام بعد وفاة نقد . الشيوعيين اكبر خطأ ارتكبوه هو اعتمادهم على نقد بعد عبدالخالق محجوب
الاتعتقد انه كان على الاسلاميين ان ينتظروا لياتوا بالتحول الديمقراطي بدلا من الانقلاب ؟
لم يكن هناك وقت ولهذا سميت بالانقاذ .
محمد ضياء قال انه يمكن ان نقوم بانقلاب بالتلفون ؟
الشيوعي كان لديه تدبير والبعثيى .. سبقناهم بيوم واحد ..
اين كنت حينها ؟
كنت نائما في منزلي وقامت الوالدة رحمة الله عليها بايقاظي وقالت .. الرادي يقول سوف نذيع عليكم بيان هام بعد قليل .. قمت قافزا وقلت الله اكبر .. قالت لي ماذا هناك .. قلت لها هؤلاء ناسنا .. وفعلا طلعوا ناسنا ..
من الذي جندك للحركة الاسلامية ؟
سفاهة الحزب الشيوعي هي التى جندتني للحركة الاسلامية .
ماذا تقصد بسفاهته ؟
لقد وصل الى مرحلة ان يكون النقد شتائما انا لن انسى في صحيفة الايام ذات اصدارة كتب احد الشيوعيين مقالا يقول ان الدين الاسلامي يأمر المسلمين بقتال الكفار حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون بمعنى ان المسلمين الان مطالبين بقتال الاتحاد السوفيتي حتى يعطي الجزية عن يد وهو صاغر .
انت ايضا متهم بالسفه .. ماكتبته في صحيفة الوفاق مانشيت .. وما كتبته في الانتباهة ؟
مانشيت الوفاق اوقف مظاهرات النساء اما الكلمة التى اوقفت الجريدة فقد قصدتها .. و قال لي المصحح حينها هذه الكلمة سوف تذهب بك الى السجن فقلت للمصحح ان اقصدها ..اكتبها .. كل هذه المدة لماذا يتذكرها الناس الان هذه حرب وهذا سلاح قلمي عبارة عن مقالات ساحات الفداء