الأربعاء، 11 مايو 2016

اليهود في السودان.. تفاصيل غائبة

أعدت إدارة الأملاك بوزارة الخارجية الإسرائيلية مشروع قانون طرحته على الكنيست الإسرائيلي، تطالب فيه كل من السودان ومصر وموريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا وسوريا والعراق ولبنان
والأردن والبحرين بتعويض يقدر ب(300)مليار دولار امريكي، عبارة عن قيمة ممتلكات(850) ألف يهودي كانوا يعيشون في تلك البلدان!، فيما أطلقت الخارجية الإسرائيلية حملة دبلوماسية تؤكد أن أي حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين يجب أن يوازي تعويض اللاجئين اليهود من الدول العربية! هذه المطالب جعلتنا في (آخر لحظة) نغوص في أعماق هذا الملف، ملف اليهود وممتلكاتهم في السودان أين كانوا؟ ومن أين أتوا؟… وماذا كانوا يفعلون؟ وماهي حقيقة ممتلكاتهم، والنشاط الذي كانوا يمارسونه منذ أواخر القرن التاسع عشر الى الخروج الكبير نهاية ستينيات القرن المنصرم ؟.. ويبقى السؤال الأهم: هل ما يزال هناك يهود في السودان ؟ بأي كيفية؟ وتحت أي لافتة يعملون؟ وماهو مصير ممتلكاتهم التي قد يطالبون بها ؟…إلى التفاصيل…
اليهودي الأول:
تعتبر عائلة ( بن كوستي) من أولى العائلات اليهودية التي وصلت البلاد، وذلك في أواخر القرن التاسع عشر وشهدت السنوات التي أعقبت قيام الحكم الثنائي أكبر موجات هجرة يهودية الى السودان،. وعائلة (بن كوستي) من اوائل العائلات التي استوطنت في ـم درمان، وهو يهودي عثماني (1842- 1917 ولد بفلسطين المحتلة، ويعود أصل والده الحاخام الى أسبانيا، وكان يريد لابنه أن يكون حاخاماً مثله، لكن( بن كوستي) فضل الانخراط في سلك الوظائف الحكومية لدي الامبراطورية العثمانية، قبل وصوله هو وزوجته الى السودان والعمل في شركة تجارية، وعاش مابين مناطق الخرطوم والمسلمية يتاجر في سن الفيل وريش النعام.
لكن(بن كوستي) تم سجنه أثناء حصار الخرطوم أيام المهدية بتهمة مساعدة (غردون)، وسرعان ما أفرج عنه( الخليفة عبد الله) وأجبره على البقاء في أم درمان، وأصبح (بن كوستي) مصدر ثقة الخليفة الذي أوكل إليه بعض المهام من بينها استيراد البضائع المصرية، ولا سيما الأقمشة عن طريق سواكن بعد الاحتلال المصري – الانجليزي في 1889 أصبح( بن كوستي) أول رئيس للجالية اليهودية، وقام ببناء المعبد اليهودي الأول بحي المسالمة أم درمان – حسب ما أشار اليه داوود بسيوني المؤرخ اليهودي. وحمل بن كوستي اسم (عبد القادر البستيني)-وهو الاسم الذي كان يطلقه عليه (الخليفة عبد الله)، وتحول اسمه للمرة الثالثة الى (بسيوني)، وتزوج من امرأة سودانية تدعى (بنت المنا) وأنجبت منه (عبدالقادر) الذي تزوج بدوره من مدينة أم درمان مخلفاً ثلاثة أبناء انخرط أحدهم في القوات المسلحة السودانية .
بينما عمل الابن الثاني (سليمان بسيوني) طبيباً بوزارة الصحة السودانية حتى وصل الى درجة (حكيمباشي) مستشفى الخرطوم، ونال (سليمان) تعليمه بكلية غردون التذكارية التي أصبحت فيما بعد جامعة الخرطوم، وتزوج فتاة من الاقليم الجنوبي، منجباً منها (ديفيد) الذي شغل منصباً قيادياً في القطاع الزراعي بالاقليم الجنوبي.. أما( بسيوني) نفسه فقد هاجر الى مدينة (أسمرة ) الارترية، ومنها الى دولة اسرائيل ويمتلك(بسيوني) الجنسية السودانية بالميلاد، وتحمل الرقم 13191 بتاريخ 1956، أما الابن الثالث فقد مكث بالسودان مع أسرته وعمل محاسباً بشركة (قنجاري) الكائنة بشارع الجمهورية، وكان آخر سكرتير للجالية اليهودية، بينما درس أبناؤه بجامعات انجلترا، وتم بيع المعبد الذي بناه( بسيوني) في حي المسالمة، وأقيم معبد آخر هو المعبد الأخير لليهود الذي كان يقع بشارع القصر بالخرطوم مقابل مدارس( كمبوني)، ويحمل هذا المعبد لافتة وشعار الجالية اليهودية في السودان، ورغم صِغر حجم هذه الجالية ومحدودية نشاطها، لكنها أقامت المعبد وأدارت نشاطات كبيرة اجتماعية وتجارية واسعة في الخرطوم، وظلت هذه الجالية على الدوام على صلة وثيقة بالحركة الصهيونية العالمية.
الجالية اليهودية في السودان:
كان عدد أفراد الجالية اليهودية في السودان يبلغ مابين الثمانمائة والألف موزعين ما بين الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان، وود مدني، وبورتسودان، ومروي، التي أقام فيها (شاؤول الياهو) وزوجته، بينما بقي أولاده بالخرطوم والخرطوم بحري، ويقال إن (بنيامين نتنياهو) رئيس الوزراء الاسرائيلي ينتمي الى هذه العائلة!.
ويعود أصل 90 % من أفراد هذه الجالية الى اليهود (السفارديم) الذين ينحدرون من سلالات اليهود الذين طردوا من أسبانيا عام(1492) عقب سقوط (غرناطة عاصمة الأندلس اتجهوا بعدها نحو المغرب وتونس والجزائر، ثم الى مصروالسودان، بينما هاجر بعضهم الى كل من فرنسا وايطاليا واليونان وتركيا، أما اليهود (الاشكنازي) ذوو الأصول الأوروبية فلم يجدوا مفراً سوى الاندماج في الأغلبية من اليهود (السفارديم)، والتطبع بعاداتهم وأساليب عباداتهم،وحدثت زيجات كثيرة بين الجانبين في كل من القاهرة والخرطوم.

يهود بأسماء العرب!
بالرغم من أن معظم اليهود الذين جاءوا الى السودان من عائلات يهودية معروفة عاشت في مصر سنوات طويلة، لكنهم لم يكونوا يحملون أسماء تشير أو تدل على أصولهم اليهودية!، كان هناك من يحمل اسم المغربي، والتونسي، والبغدادي، والأسبانيولي، وهي البلدان التي عاشوا فيها أو انحدروا منها، أما الذين عرفوا باسم الاسبانيولي فهم هؤلاء الذين انحدروا من(سالونيكا)، وجزيرة(رودس)،( وكورفو) اليونانية ومن (ازمير) و(اسطنبول) في تركيا، وكان بعضهم مايزال يتحدث الاسبانية ويحتفظون بتلك اللغة رغم مرور حوالي اربعة قرون على خروجهم من اسبانيا، أما اليهود الاوروبيون فهم هؤلاء الذين وفدوا من ايطاليا وفرنسا فيتكلمون الفرنسية، لكن غالبيتهم قدموا من مصر ويتحدثون باللهجة العامية المصرية، ويمارسون عادات وتقاليد مجتمعهم الذي ولدوا وعاشوا فيه، ماعدا الشريحة العليا التي عاشت حياة اوروبية. ويتحدث الجميع باللغة العربية لغة الأهالي في كل من مصر والسودان ويكتبونها، ومعظم يهود السودان كانوا يتحدثون اللغة الانجليزية بطلاقة، حيث كانت هي اللغة الثانية لدى الإدارة، ولغة التعليم العالي والتجارة الدولية في السودان، بينما يتحدث بعضهم اللغة الفرنسية –لغة النخبة- التي كانت تدرس في المدارس الخاصة في مصر وشمال أفريقيا.

نادي( مكابي) الرياضي
بدأ النادي اليهودي للترفيه كنادٍ رياضي للشباب اليهود- الذين هم في العقد الثاني واوائل العقد الثالث- فشكلوا فريقاً لكرة القدم متأثراً باسم( مكابي)، الذي تعود جذوره الى فريق لكرة السلة يحمل ذات الاسم بالقاهرة في ذلك الوقت، لذلك رأت الجالية اليهودية في السودان اطلاق اسم (مكابي) على فريق كرة القدم وعلى النادي اليهودي بالخرطوم، وشارك الفريق في دورة روابط كرة القدم بالخرطوم، التي كانت تضم كثيراً من فرق الهواة الجيدة، من بينها فرق الجاليات اليونانية والسورية والبريطانية- (فريق النادي البريطاني)- ويطلق أعضاء الفريق البريطاني على لاعبي فريق مكابي اسم فريق العرب! لأنه كان يضم كل من:
(سليمان بيومي).. و(ديفيد بسيوني) و(الياهو ملكا).ـ و(شالوم سيروسي) و(لوموريس ماركوفيتش)، بينما كان الجناح الأيمن لهذا الفريق هو( مائيير) واسمه الحقيقي(ماهر)، وكان شاباً مسلماً صديقاً لليهود انضم لفربق مكابي في ذلك الوقت.. وفي عام 1928م استأجر اليهود قطعة واسعة من الأرض للنادي في شارع فيكتوريا (شارع القصر حالياً)، وشيدوا ملعباً للتنس وبعض الغرف، حيث أصبح النادي هو المكان المفضل للشباب اليهودي و ولعائلاتهم.
حكاية أول رئيس للنادي:
في البداية لم يكن اليهود من كبار السن راضين عن اظهار الشباب ليهوديتهم من خلال النادي ونجاحهم في مباريات كرة القدم للروابط، لذا عمد الشباب لاقناع (ديفيد هونستين)، المدير الشاب لخط البريد الخديوي بالخرطوم ليكون مديراً للنادي، وكان وقتذاك لم يتجاوز الثلاثين إلا بقليل، وفي اواخر الثلاثينات قامت شركة (ليكوس اخوان) بشراء قطعة الأرض التي كان يقوم عليها النادي لانشاء سينما- (ويبدو انها كلوزيوم)- وقامت الجالية اليهودية بشراء موقع آخر خلف الكنيس اليهودي للنادي بداية الأربعينيات من القرن الماضي، وشيدوا بداخله مسرحاً مفتوحاً للحفلات، وغرف للاجتماعات وكافتيريا للمأكولات الخفيفة والمشروبات، وتم استئجار الأراضي المجاورة لإقامة ميادين لممارسة مختلف ضروب الرياضة.

حفلات جمع التبرعات:
أصبح النادي مكاناً مفضلاً للقاء العائلات اليهودية، حيث كانوا يقضون معظم أوقاتهم المسائية به فتجد البعض منهمكين في لعب الورق، والبعض الآخر يستمتعون بكرة الطاولة و(النرد)، وآخرون يقيمون باحتساء المشروبات الروحية والخفيفة، والبعض الآخر يتبادلون أحاديث المدينة ويعقدون الصفقات، بينما كانت تقام الحفلات في مسرح النادي في الأمسيات لتجنب حرارة الجو أثناء ساعات النهار، وكان حفل الجالية السنوي يقام في نادي (مكابي)، الى جانب حفلات جمع التبرعات التي كان يؤمها العديد من الشخصيات والجاليات الأجنبية الأخرى بالخرطوم.
وتعاقب على رئاسة هذا النادي عدد من جيل الشباب الذين ولدوا بالخرطوم، المنحدرين من قدامى المستوطنين، وكان أول رئيس للنادي هو( شالوم سيروسي،) أكبر أفراد عائلة (سيروسي) ثم أعقبه (البرت قاوون،) كبير عائلة (قاوون)، والشريك في الشركة التي تسمى شركة (البرت ونسيم قاوون)، وجاء من بعده (موريس سيروسي) والشريك أيضاً في شركة (سيروسي اخوان،) ثم انتقلت الرئاسة الى( ديفد ملكا)، الذي كان يعمل مديراً لشركة مواد البناء بالخرطوم، ثم اعقبهما(ليون تمام)، كبير عائلة تمام، ولكن قبل أن يصبح (ملكاً) رئيساً للنادي فقد كان يعمل سكرتيراً شرفياً له لمدة ثماني سنوات، ويعتبر(ديفيد ملكا) آخر رئيس للجالية اليهودية في السودان.

أبرز العائلات .. آل إسرائيل
من أبرز العائلات اليهودية التي قدمت الى السودان، وطاب لها المقام فيه كانوا هم يهود(آل إسرائيل) الذين استوطنوا بالخرطوم جوار السكة الحديد بالقرب من شارع (الاستبالية) ووالدتهم كانت تدعى (وردة إسرائيل) ومن بناتها( ليلي) ابنة (ابراهيم إسرائيل داؤود) التي كانت تعمل مديرة لمكتب السيد(بهاء الدين محمد احمد إدريس)- أحد مستشاري الرئيس الاسبق جعفر نميري- وهي متزوجة من الصحفي الأستاذ(حسن الرضي الصديق)، ومن هذه العائلة أيضا دكتور( منصور اسحق إسرائيل) الذي كان يمتلك صيدلية في شارع العرضة بأم درمان.

آل منديل:
أما أسرة (آل منديل) فقد استوطنت بمدينة النهود، وكان( منديل) يعمل خبيراً للمجوهرات، وينحدر من هذه العائلة (ادم داود منديل) الذي كان يعمل في مصلحة الغابات، و(سليمان دواد منديل) الذي كان يعمل في مصلحة البريد، ثم استقال منها ليؤسس (جريدة ملتقى النهرين)، ومطبعة تحمل اسم (منديل) التي حققت نجاحات كبيرة في العديد من المطبوعات والكتب التي قامت بطباعتها هذه المطبعة، ومن أشهر هذه الكتب كتاب (طبقات ود ضيف الله)، بينما عملت ( سميرة حسن ادم دواد منديل) كطبيبة وكان(محمد دواد منديل)، الذي أسلم فيما بعد وقام بطباعة العديد من الكتب الدينية والأذكار، والتي أقام لها معرض دائم بشارع البلدية.. أما (مجدي منديل)، فكان يعمل في الخطوط الجوية السودانية (سودانير)، بينما درس (محمد منديل) علوم تقانة الكمبيوتر بباكستان

آل عدس
أما أسرة (عدس) فقد استقر بهم المقام بمدينة ود مدني، وهي تنحدر من يهود سوريا، وتتكون هذه الأسرة من أولاد (يعقوب إبراهيم عدس)، و(فيكتور إبراهيم عدس)، (وموسى إبراهيم عدس)، و(زكي إبراهيم عدس)، وهولاء ولدوا بود مدني.. أما( سوزان إبراهيم عدس)، فقد ولدت بأم درمان وهاجرت إلى الإسكندرية، بينما (ميري إبراهيم عدس)، تزوجت من رجل يهودي يدعى ( زكي مراد العيني) وبعد النكسة سنة 1967م هاجرت هذه العائلة الى نيجيريا.

آل سلمون ملكا:
عائلة آل( سلمون ملكا)، وهو حاخام من يهود المغرب استقدمه يهود السودان من أجل إقامة الصلوات، وتعليم الصغار.. ومن أولاده (الياهو سلمون ملكا) وهومؤلف كتاب (أطفال يعقوب في بقعة المهدي) أما( دورا ملكا) زوجة (الياهو ملكا) التي لم يطب لها المقام بالبلاد، فقد هاجرت إلى سويسرا ، ومن أبناء الياهو ملكا (أيستر سلمون) و(فورتو سلمون) و(ادمون ملكا)، الذي قام بتأليف كتاب (على تخوم الإيمان اليهودي) وسكنت أسرة (سلمون) في حي المسالمة بأم درمان، حيث كان يقيم الأقباط واليهود الذين اجبرهم الخليفة عبد الله التعايشي على الدخول في الإسلام وأسهم( سلمون) في ارتداد الكثير من يهود السودان عن الإسلام، حيث أقام لهم كنيسا داخل منزله بحي المسالمة لإقامة شعائرهم الدينية.

آل قاوون:
وهنالك عائلة (آل قاوون الذين ينحدر منهم (نسيم قاوون)، الذي ساهم بشكل كبير في افتتاح كنيس الخرطوم، ومن أسرتهم أيضاً (ديفيد قاوون) الذي سكن في بور تسودان، وأصبح باشكاتب بالميناء و(نسيم ديفيد) وأخوه (البرت)، وهذه الأسرة هاجرت إلى السويد في فترة الخمسينيات.

آل باروخ:
بينما عائلة (آل باروخ) الذين قدموا إلى السودان عن طريق مصر وهم ينحدرون من يهود المغرب، فقد استقروا في مدينة ود مدني، وعملوا في مجال تجارة الأقمشة ومنهم (زكي باروخ) و(ايستر عذرا باروخ) ومنهم(حزقيال باروخ ).. الذين هاجروا من السودان الى الولايات المتحدة الأمريكية.

آل دويك:
ومن العائلات التي استقرت بالسودان كانت هنالك أيضاً عائلة (ال دويك)، وهم من يهود سوريا المتشددين، وكانوا يعملون في مجال تجارة الأقمشة، واستقروا في أم درمان، وكان جزءاً منهم قد استقر بالخرطوم بحري كاسحق إبراهيم دويك، ودويك إبراهيم دويك، وارون دويك، وشاباتي دويك، وزكي دويك، والذين كانوا يعملون في القطاع الخاص والتجارة العمومية بالسودان.

آل تمام:
وأسرة (آل تمام) بأم درمان والخرطوم، ومنهم (أيلي تمام)، و(فيكتور أيلي تمام)، و(اينز موريس تمام)، و(زكي والبرت)، وهولاء هاجروا إلى نيجريا ومنها إلى بريطانيا، ثم الولايات المتحدة الأمريكية.

آل كوهين:
أما آل (كوهين) فقد استقروا في الخرطوم بحري، لكنهم اشتروا منزلاً كبيراً جوار المنطقة المركزية العسكرية في الخرطوم قبالة شارع المك نمر الحالي، وأسسوا عملاً تجارياً بالشراكة مع رجل أعمال سوداني يدعى (عثمان صالح )، ومن أبناء هذه العائلة( ليون كوهين) الذي هاجر إلى سويسرا واستقر في جنيف
آل ساسون :

وهنالك عائلة (آل ساسون)، الذين عاشوا في منطقة كردفان وكان جدهم يعمل مع الأمير يعقوب المشهور بجراب الرأي في عهد المهدية، وهاجروا للخرطوم، ومن أبناء هذه الأسرة أول سفير لدولة إسرائيل في مصر، بعد توقيع اتفاقية السلام في عهد الرئيس الراحل أنور السادات.

آل عبودي:
بينما عائلة (آل عبودي) الذين عاشوا بالخرطوم بحري، ومنهم( موريس عبودي) الذي عمل في بيع لعب الأطفال، و(إبراهيم جوزيف عبودي)، الذي ترأس الجمعية اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية، و(شلومو جوزيف عبودي)، الذي درس الطب وافتتح مستشفى خاص في الولايات المتحدة، و(يوسف عبودي) الذي كان يسكن بالقرب من (سينما حلفاية) بالخرطوم بحري، و(داود عبودي) الذي أصبح محامياً مشهوراً في الولايات المتحدة الأمريكية

آل حكيم :
بينما كانت تعمل عائلة (آل حكيم) في تجارة تصدير نبات (السنمكة) والمنتجات الزراعية الأخرى كالكركدي والحرجل وغيرها وأشهرهم (روفائيل حكيم)، الذي كان يمتلك رخصة تصدير واستيراد في ذلك الوقت.. أما (شالوم حكيم) الذي تزوج من فتاه تدعى (روز) وهي من أصل سوداني و(شالوم حكيم) هذا كان يمتلك أراضي شاسعة في منطقة (سوبا)، و(صمويل شالوم حكيم)، هاجر إلى خارج السودان، بينما(جير شون حكيم) الذي تزوج أيضاً من فتاة من أصل سوداني انجب منها عدداً من البنات، ثم كان من هذه العائلة أيضاً (أصلان حكيم ) و(نسيم شالوم)

آل الياهو:
وهنالك عائلة ( آل الياهو) الذين كانوا يسكنون في منطقة نوري بالشمالية، حيث كانوا يعملون في تجارة الأواني المنزلية، ولكن بعد فيضان النيل سنة (48) نزحوا الى مدينة كريمة.

آل بسيسي والمليح وقرنفلي:
ثم أسرة (آل مراد بسيسي)، التي استوطنت في مدينة بربر، وهناك أيضاً عائلة (آل المليح زابت)، التي استقرت بكسلا.. وعائلة (ال قرنفلي التي ارتبطت بمدينة بورتسودان بشرق السودان)، وكل تلك العوائل اليهودية كانت تعمل في التجارة المتنوعة والاستيراد والتصدير والخردوات.

سر نشاط اليهود
لقد استغل يهود الخرطوم ذكاءهم وقدراتهم العالية في إدارة الأعمال فقفزوا بأنفسهم في مجالات الاستيراد والتصدير مستغلين علاقاتهم، بل وسيطرة أقرانهم من يهود الدول الأخرى . وبرز اسم حبيب كوهين، كمستورد كبير وتاجر جملة معروف . ودخل اليهود في تصدير الحبوب الزيتية، حيث ارتبط اسم ألبرت ونسيم قاوون، بهذا النشاط الصناعي . وحتى في الدباغة، فقد نزلوا بثقلهم . . فسيطر على هذا المجال سيروسي فيكتور وشالوم وموريس، وقد كانوا أشهر المصدرين للجلود على نطاق السودان .كما كانت هناك عوائل، مثل عبودي يعقوب وإلياهو، أصحاب متاجر بأم درمان .
واستطاع يهود السودان، أنْ يثروا ثراءً شديداً ويسيطروا على مقاليد مهمة في الاقتصاد السوداني وأصبحت لهم أنشطة تجارية، على مستوى القارة الإفريقية وسعي معظم اليهود المتواجدين في السودان خاصة اولئك القادمين من مصر، للعمل في مضمار التجارة في مجالي الاستيراد والتصدير، بينما عملت قلة منهم في مجال الصناعات الصغيرة وتصنيع الأغذية
ويرجع تغول اليهود في مجالات التجارة والاستيراد بالسودان الى الملاذ الآمن و كرم الضيافة الذي طوقوا به من قبل المجتمع السوداني اضافة الى صفة التسامح الديني التي كانت تتصف به المجتمعات السودانية قاطبة و بعيدا عن التعصب العرقي كل هذه المعينات . افسحت المجال واسعا لليهود ليستغلوا كافة الفرص المتاحة في التوغل رويدا رويدا في مجال التجارة لأقصى الحدود في الوقت الذي كانوا فيه عند مقدمهم الي البلاد فقراء معدمين، إلاّ أنهم كانوا يمتلكون الخبرات والتجارب في مجالات التجارة التي اكتسبوها في مصر وبلدان أخرى فسيطروا على نصيب كبير من عمليات التصدير والتوريد .

شركة اولاد مراد
وصنعت العائلات اليهودية التي أقامت بالسودان ثروات ضخمة منها: “أولاد مراد” كان هو الاسم التجاري لشركات صالح وسليمان وإبراهيم وزكي وجاك العيني أبناء مراد إسرائيل العيني أحد اليهود الأوائل الذين وفدوا إلى السودان في عام 1898م، وأصبحت مجموعة شركات “أولاد مراد” إحدى أهم الوكالات التجارية وبيوتات الاستيراد في السودان التي تعمل في توريد السلع من الشاي والسيارات حتى الخيوط القطنية والصوفية، وعملوا في التصنيع من العطور ومستحضرات التجميل حتى المسامير وأواني الألمنيوم، أما داود إسحق وأولاده فقد أنشأوا شركة في الخرطوم للاستيراد ومبيعات الجملة وأقاموا مصانع للعطور .

حبيب كوهين في مجال الاستيراد
وعرف حبيب كوهين كأحد أبرز المستوردين وتجار الجملة . وكان شريكاً في شركة عثمان صالح للاستيراد، وانشأ الأخوان ألبرت ونسيم قاوون شركة لتصدير الحبوب الزيتية والامباز ومنتجات سودانية أخرى، واستطاعا تطويرها كإحدى أهم شركات التصدير في السودان، كما نجحا أيضاً في إنشاء فرع للشركة في جنيف حيث أسسا شركة “أوليجين” العالمية . وأصبحت لديهما مجموعة شركات معروفة عالمياً باسم “نوجا” تعمل في التجارة العالمية والمجالات المالية والإنشاءات والعقارات والفنادق


مصنع ادوية لعائلة تمام
كان ليون تمام واخواه البرت وجابرييل قد أنشأوا في السودان شركات لتصدير جلود الطرائد والتماسيح والثعابين واقاموا معامل للدباغة، وفي أوقات لاحقة أنشأ ليون تمام أكبر مصنع للأدوية في السودان، ومن مكاتبه الرئيسية في لندن أسس شركة (إنترناشيونال جينيرك) المحدودة، ثم مجموعات شركات تجارية في المملكة المتحدة و”إسرائيل” وهونغ كونغ، أما أخواه ألبرت وجابرييل فقد أسسا شركاتهما المنفصلة في مجالات التجارة والعقارات في جنيف .

اشهر الدباغين شالوم
وأصبح الإخوة سيروسي فيكتور وشالوم وموريس أشهر الدباغين والمصدرين للجلود في السودان، وقد واصلوا نشاطهم في هذا المجال بعد مغادرتهم البلاد من بعدهم أبناؤهم وأحفادهم في نيجيريا والولايات المتحدة وفي أسواق الجلود العالمية الأخرى، أما أبناء عمهم أصلان سيروسي إدوارد وإيلي وجوزيف والبرت فقد حققوا نجاحاً كبيراً في أعمالهم بالسودان التي نقلوها إلى مهاجرهم الجديدة، خاصة ادوارد الذي استطاع بناء قوة اقتصادية كبرى في بلدان إفريقية أخرى أنشأ فيها شركات عالمية ومصانع ضخمة خاصة في مدغشقر حيث توسع في صناعة النسيج، ونقل نشاطه أيضاً إلى أوروبا وخاصة ألمانيا حيث أقام مكاتبه الرئيسية في هامبورغ وظل يحتفظ بمنزل له في “إسرائيل” حيث تقيم عائلته وأصدقاؤه يتردد عليه من وقت لآخر .

تجارة تجزئة
وكانت عائلة عبودي يعقوب والياهو وإبراهيم يمتلكون متاجر بأم درمان ويعملون كمستوردين صغار، وعندما غادروا السودان استطاعوا التوسع في أعمالهم التجارية فأقام يعقوب بالولايات المتحدة والياهو بلندن وهونغ كونغ وإبراهيم في “إسرائيل” .

متاجر آل عبودي
ويرجح المؤرخ الامدرماني «شوقي بدري» ان كثيرا من الشوام الذين عاشوا بالسودان كانوا يهوداً أمثال عائلة قرنفلي وآل ساسون الذين ارتبطوا بمنطقة كردفان، ومن ابنائهم موسي مؤلف كتاب «سبع سنين في بلاد المصريين» . وتحدث شوقي أيضاً عن آل بسيوني وقال إنهم كانوا من كبار التجار في العهد التركي ثم أقاموا دكاكين خلال فترة المهدية بأم درمان. وقال إن موسي ويعقوب بسيوني كانا مسؤولين عن مالية وتجارة الأمير يعقوب (جراب الراي)، وكان بالقرب من متاجرهم متاجر آل عبودي اليهودي .. حيث كان ابراهيم عبودي يحفظ القرآن الكريم

تكوين الجالية
تم الاعلان رسميا عن تكوين جالية يهودية في 1908م بوصول الحاخام سولومون مالكا من مصر، والذي عمل ككبير الحاخامات إلى حين وفاته في عام 1949م، بينما ظل موسى بسيوني (مؤسس أول معبد يهودي في أمدرمان) كرئيس للجالية اليهودية حتى وفاته في 1917م.
بعد عام 1918م حولت الجالية اليهودية مركزها من أمدرمان إلى الخرطوم حيث أكملت معبدها الجديد في عام 1926م، ووفد على السودان عدد كبير من اليهود من مختلف أقطار الشرق الأوسط (وفيما بعد من أوربا) وكانت حياة أفراد الجالية اليهودية في السودان (والذين بلغت أعدادهم حوالي 1000 فرد بين الأربعينات والخمسينات) تدور حول المعبد والنادي الترفيهي اليهودي. كان معظم هؤلاء يقطنون العاصمة بمدنها الثلاث، وبعضهم سكن في واد مدني وبورتسودان. كان اليهود في السودان في العهدين الاستعماري والوطني يعدون أقلية مستوعبة وواثقة، بيد أن ثقتهم في الأوضاع تضعضعت بعد قيام دولة اسرائيل في عام 1948م، وتزايد مشاعر العداء ضد الصهيونية في السودان وفي الدول العربية. وتضاعفت تلك المشاعر السالبة ضدهم بعد الغزو الفرنسي البريطاني الإسرائيلي لمصر في عام 1956م. مماأدى كل ذلك فيما بعد لخروجوهم من السودان واستقرارهم في اوربا وإسرائيل والولايات المتحدة، بيد أن عددا قليلا منهم آثر البقاء بالسودان، وكانوا لا يزيدون على عدد أصابع اليدين.

ملكا رئيسا للجالية
وكان سولومون ملكا رئيس الجالية اليهودية في السودان خلال الفترة من 1948 وحتى عام 1950 . ثم جدد له اليهود مرة أخرى “،1954 1955” وكان المدير التنفيذي لشركة جلاتلي هانكي، وهي الشركة العالمية المشهورة جداً وفرعها النشط في السودان .

تاميم ممتلكات اليهود
وفي خضم الصراع العربي-الصهيوني وحالة العروبية التي اكتست البلاد كسائر البلدان العربية الاخري اثر تنامي حالة العداء للصهيونية وما تلاها من افرازات سياسية ذات ابعاد اقتصادية جعلت حكومة مايو ان تصوب اعينها علي ممتلكات اليهود بالبلاد فطالتهم حركات المصادرة والتأميم الواسعة، التي أعلنها العقيد جعفر نميري . وكان التأميم الأِشهر، الذي أعلنه نميري هو تأميم مجموعة شركات “جلاتلي هانكي” عام 1972 بعد أن تمت إقالة كل إدارتها العليا . وتم تعيين إدارة جديدة وتبدل اسمها من “شركة جلالتلي التجارية المحدودة” إلى “شركات مايو التجارية” .
وتعد عائلة سولومون ملكا مؤلف السفر القيم (بنو إسرائيل في أرض المهدي) أشهر العائلات اليهودية بالخرطوم تأثرا بقرارات التأميم، ليس على مستوى “جلاتلي هانكي” فحسب، بل على مستوى “بيت العائلة . فقد أممت مايو كل ممتلكاتهم . ومنها البيت الذي أصبح في ما بعد مقراً للاتحاد الاشتراكي السوداني ثم مبنى وزارة الخارجية

هدم المعبد «الكنست»
تم هدم العبد اليهودي بالخرطوم في عام 1987م، بعد أن استولى مصرف سوداني على الأرض المقامة عليه ذلك المعبد في صفقة عقارية شابها بعض الغموض،.

الارتداد عن الاسلام
عاد غالب اليهود إلى دينهم القديم، بينما بقيت قلة منهم على دين الاسلام مثل داؤود منديل (المتوفى في عام 1901م) وإسرائيل داؤود بينايمي (المتوفى في 1915م) ربما عن إيمان حقيقي بالإسلام، أو خوفا على وضع عائلاتهم الاجتماعي وأولادهم المولودين من زوجات سودانيات مسلمات.
وتجدر الاشارة الي ان عائلة قرنفلي التي تقيم في ضاحية البراري منذ عقود خلت ليس لها ادني علاقة بعائلة قرنفلي اليهودية ذات الاصول الشامية التي وردت في ثنايا التحقيق فلعائلة قرنفلي العتبي حتي يرضوا
عرض/ أيمن المدو

اخر لحظة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق