لم تقر حكومة ولاية الخرطوم بفشلها في مشروع بعينه كما فعلت مع مشروع النظافة الذي كررت إعلان نبأ الفشل فيه مرارا وتكرارا، فتارة تستغيث أن النظافة هزمتها وتارة تقر أن الخطة برمتها لم تنجح وتارة أخرى تستنجد بالمجتمع ليحمل معها الحمل.
وفي الوقت الذي يزداد فيه عويل ومناحة سكان العاصمة على جثة النفايات يوما بعد يوم يزداد بالمقابل الوضع البيئي سوءا وتعقيدا جراء تراكم الأوساخ في الأحياء والأسواق بعد امتزاجها بمياه الأمطار الراكدة في بعض المواقع ومياه الصرف الصحي في المواقع الأخرى، واللافت أن تكرار ذات السيناريوهات لم يدفعها للنظر في قيادة مشروع النظافة والقائمين على أمره.. بل ظلت تُخبرُ بعجزها أمام التحدي كلما اشتد غضب الناس من تراكم النفايات والحال هو الحال.
أضرار بليغة
معظم الأمراض التي تفتك بالناس مصدرها الأوساخ المتراكمة، هذه معلومة بديهية لا تحتاج لبحث وأدلة أو اجتهاد، ولكن الفرقُ شاسع بين الأمراض التي تصيب البعض نتيجة لإهماله الشديد وعدم محافظته على نظافته الشخصية وبين العدوى التي تنتشر بين الجميع كالنار في الهشيم بسبب الأوساخ والنفايات كمصدر رئيس للجراثيم التي تلوث الأطعمة والخضراوات المعروضة في الأسواق، وبحسب التيجاني عبيد من سكان الحارة 30 أمبدة، فإن الأضرار التي صار المواطن يتعرض لها نتيجة لإصابته بالأمراض المنقولة عبر الأوساخ تقع مسؤوليتها على عاتق الدولة لأنها عجزت عن دورها ومهمتها في نظافة الطرقات والأحياء والأسواق وهى مُقرة بهذا العجز ولكنها متمسكة بالإدارات الفاشلة التي تقبع على رأس إدارة مشروع النظافة رغم أنه من أهم المشاريع التى يجب أن تُسند لأشخاص لهم القدرة على القيام بمثل هذه المهام الحيوية.
ويضيف التيجاني بقوله ” حين يصاب المواطن بمرض ما ناتج على إهماله للنظافة الشخصية وتناوله أطعمة فاسدة يجب أن يتحمل مسؤوليته ولكن حين تنتشر الجراثيم المنقولة عبر الذباب والمنتشرة بين ركام النفايات المبعثرة في كل حي وسوق فهنا يجب أن تتحمل الدولة مسؤوليتها تجاه المواطن المتضرر”.
غضب وثورة
لم يتردد محمود إبراهيم في صب جام غضبه على حكومة ولاية الخرطوم ويقطع بعدم وجود ذرة منطق في اعترافاتها المتكررة بفشلها المتكرر وعجزها عن جعل الخرطوم مكانا نظيفا احتراما لموقعها ومكانتها كعاصمة للبلد، وعزا رفضه لمثل هذه الإقرارات بأن الذين يعجزون عن القيام بمهمة ما يجب أن يغادروها ليأتي مكانهم من يستطيع إنجازها على أكمل وجه ولكن أن تعترف بالفشل وتتمسك بكرسيك في منصب رئيس أو مدير للمشروع الفاشل فواجب الجهات الرسمية محاسبتك ومن ثم إقالتك بأسرع وقت وهذا هو الذي يجب فعله مع كل موظف في هيئة نظافة الخرطوم بدءا من رئيسها وحتى أصغر موظف فيها وإحلال غيرهم وفقا لشروط وخطط يتم تنفيذها بدقة وقانون يردع كل من يتهاون في عمله، ويرى محمود أن الاعتراف بالعجز وحده لا جدوى من ورائه ولا سلوى بل الذي يجب فعله هو ذهاب العاجز إلى غير رجعة ليتسنم مكانه من ينجز ما عجز عنه سلفه.
أمراض مباغتة
هذا من جانب أما الجانب المهم كما يراه محمود فإن الوضع المتردي للبيئة بالخرطوم في الوقت الحالي قد يقود لظهور حالات مرضية معدية على نحو مباغت كما يحدث حاليا في بعض الولايات التي تجاهلت النظافة والبيئة بصورة عامة ولم تلتفت لها إلا بعد انتشار الأمراض بين الناس وتكبدهم لخسائر فادحة في أرواحهم وأموالهم ومن ثم اتجهت السلطات لمعالجة أضرار البيئة أولاً ليقينها أن العدوى لا تنتقل إلا عبرها وقد كلف هذا الإجراء المستعجل أيضاً الدولة أموالا طائلة يكفي ربعها على الأقل لتحسين الوضع البيئي لو كان الظرف طبيعيا.
أزمة إدارة
وختم محمود بتأكيده أن معضلة النظافة في الخرطوم ليس في الوسائل ولا الطرق المتبعة ولا المواعين إنما في الأشخاص أنفسهم الذين يديرون مشروعا أكبر من إمكانياتهم الإدارية وحان وقت إزاحتهم اليوم قبل غد من أجل سلامة المواطنين وسمعة العاصمة.
الخرطوم- محمد عبد الباقي
صحيفة اليوم التالي
صحيفة اليوم التالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق