كمال عمر : هذا ما يخجلنا ولا يشبه حساسية المرحلة
صديق يوسف: هذه المقدمات لما سيحدث بعد عشرة عشرة
ربيع عبد العاطي: على المتضرر اللجوء للقضاء
حسن رزق: ما يقال ادعاءات فارغة
والبلاد على بعد أيام من ختام الحوار الوطني الذي دعت إليه الحكومة قبل أكثر من عامين، والقوى السياسية المشاركة في العملية تستعد لإجازة توصيات العملية في مؤتمر الحوار العام في العاشر من هذا الشهر، صادرت السلطات أعداد من صحف يومية،من بينها (الجريدة)، فيما شكت قوى سياسية من منعها ممارسة نشاطها السياسي الذي كفله لها الدستور ونظمه القانون، ما ترك الباب مشرعا أمام تساؤلات عديدة، حول هدف هذه الإجراءات ومغزاها وربما دلالات توقيتها، بعض قوى البلاد تحاول الإجابة خلال هذه المساحة.
الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر عبد السلام أشار الى أن حزبه دخل الحوار من الأساس لمعالجة مثل هذه السلوكيات المقيدة للحريات، وأبرزها منع الندوات السياسية ومصادرة الصحف، مؤكدا أن المؤتمر الشعبي ضد هذه الفعل المكمم للأفواه تماما، وضد مصادرة حريات الناس التي كفلها الدستور السوداني،معتبرا أن الإجراءات المتخذة بحق قوى سياسية وصحف غير مطلوبة في هذه المرحلة تحديدا والتي وصفها بالحساسة، وتابع ” كان عليهم أن يبتعدوا عن مثل هذه الحاجات قبل أيام من مؤتمر الحوار العام”.
خجل وتبرم
ورأى عمر أن جهاز الأمن ليس له حق في التدخل في حقوق نص عليها الدستور، ووجب على الدولة أن ترعاها وتكفلها، مثل حق التعبير وحرية الصحافة التي تعمل وفق قانون، والأحزاب السياسية التي تنشط وتتحرك وفق قانون أتاح لها عقد الندوات وإخطار الشرطة، وليس جهاز الأمن، مضيفا ” الجهاز يمارس سلطات لا يملكها وبشكل لا يتفق مع الدستور والقوانين”.
وابدي الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي ضيقه من حدوث مثل هذه التجاوزات والتعديات، قبيل أيام من خواتيم عملية الحوار الوطني، التي دعا لها الرئيس البشير،موضحا أن حزبه لا يستطيع فعل شئ الآن، لكنه حذر من أنهم سيتصرفون بشكل مختلف للغاية بعيد العاشر من أكتوبر الجاري، ولن يصمتون لان الدفاع عن حريات الناس وحقوقهم، من ابرز أهداف التغيير عبر الحوار، الذي عملوا لها، وتابع ” ما يحدث الان وضع مخجل بالنسبة لنا”.
سمكرة
و أنتقد رئيس دائرة الاعلام بحركة الاصلاح الان ،أسامة توفيق، كل الذين يعتقدون بان الحوار الوطني من شأنه ان يعمل علي تهيئة المناخ، و يفرز مناخ للحريات و سيادة حكم القانون، فهو خاطي و اطلق علي الحوار حوار “احمد و حاج أحمد ” و أشار الي انه يعمل علي اطالة امد النظام .و قال توفيق ان الحوار لم يكن شاملا منذ البداية لغياب العديد من الاحزاب و القوي السياسية المدنية و المسلحة و دلل علي ذلك بان اتفاق تلك القوي من شأنه أن يعمل علي تحقيق السلام و الاستقرار و ووصف الذين يعملون علي انجاح الحوار و تحسين صورته من خلال الاجهزة الاعلامية بانها محض حملة دعائية القصد منها اطالة امد النظام .
و كشف عن تقديمهم طلبا رسميا من أجل الاطلاع علي توصيات الحوار الوطني لكنه لما يقارب الاسبوعين لم يتوصلوا بتلك التوصيات و أشار الي وجود “سمكرة” لتوصيات الحوار .
ووجه القيادي بالحركة الدكتور حسن عثمان رزق انتقادات حادة للحوار الوطني ، مشددا على أن سبب توقفهم عن المشاركة في العملية يعود لعدم تحقيق شروط المشاركة ،والمتمثلة في تهيئة المناخ مثل حرية التعبير وإقامة الندوات والليالي السياسية والتجمعات السلمية.
وتابع رزق حديثه لـ”الجريدة” بالإشارة الى أن منع قيام الليالي والندوات السياسية ومصادرة الصحف في الفترة الأخيرة، يؤكد عدم جدية الحكومة في تنفيذ مخرجات الحوار، وقد منعت السلطات قيام ندوة لتحالف قوى المستقبل تتحدث عن الراهن السياسي ، وكنا تقدمنا بخطاب للشرطة بالتصديق لها، لكنها ردت بأن الأمن رفض قيام الندوة ولم يعطونا حتى خطاب رد يوضح سبب إلغائها.
وحول قضية مصادرة الصحف علق بالقول أن الحكومة كان عليها ان تتيح الحريات للناس وبخاصة حرية التعبير والنشر، لإظهار جديتها في الحوار، إلا ان ما حدث في الأيام الماضية من مصادرة للصحف يؤكد عكس ذلك، وأردف قائلاً ” ان تضررت جهة من النشر يحال هذا إلى القضاء، هو الذي يبت في مسألة إغلاق الصحف ومصادرتها ، وأي جهة متضررة من مقال أو قضية نشرت في الصحيفة عليه الذهاب للقضاء ليفصل”، وتابع ” اعتقد أن مصادرة الصحف فيها تشفي، كان يجب على السلطات أن تخطر الصحيفة بالمصادرة قبل الطباعة، لكن تم هذا لكي تتكبد الصحيفة الخسارة”.
مغالطات وحجج
ومضى القيادي في الإصلاح الآن ليفند تعليق هذه القرارات المنتهكة لحقوق الصحافة، على مشجب وجودها في أماكن ودول ذات ديمقراطية عرقية، ووصف هذه الحجج بالمغالطة والإدعاء الفارغ ، مؤكدا أن هذا وحده يقدح في مصداقية الحكومة في تنفيذ مخرجات الحوار أو الالتزام بروحه ومضامينه.
ومن جهته طالب عضو المكتب القيادي في حزب المؤتمر الوطني، ربيع عبد العاطي، المتضررين من تلك الإجراءات الاحتكام الى القانون، معتبرا ان أمام الصحف التي تعرضت للمصادرة فرصة للذهاب الى القضاء لإثبات تضررها والحصول على تعويضات، لكنه عاد وقال ” لا اعتقد ان تلك المصادرة تمت بطريقة اعتباطية، لان الأجهزة الأمنية تتعامل بالقانون ولا تأخذ الأمر خارج إطاره، ليعود ويضيف ” هذا لا يمنع الجهة المتضررة من الشكوى، ولا ان القانون لا يجرى مجراه في البلاد”.
احتكام للقضاء
وحول شكاوى الحركات والتنظيمات السياسية من حرمانها من حقها في النشاط السياسي المنصوص عليه في الدستور الجاري، يرى ربيع ان نشاطها ينظمه قانون يجب أن تلتزم بنصوصه، وإذا حدث ضرر أو تعدى على حقها يمكنها أيضا أن تلجأ للقانون، وتابع ” كل المسألة مربوطة بالقانون، من العمل السياسي إلى الصحافة، والأخيرة تحديدا تتكئ على قانون في عملها، والقانون وحده ما يبعدنا من ساحة المغالطات”.
تخوين
إلا أن عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي ،صديق يوسف، يؤكد أن الخروقات التي تتعرض لها جبهة الحريات في كل المكان، فضلا عن الهجمة الشرسة على الصحف ومصادرة طبعاتها، ليست إلا مقدمات لما سيحدث في السودان بعد انتهاء حوار الوثبة. وأشار يوسف الى تصريحات صادرة من قيادات في الحزب الحاكم تحذر من انه سيخون كل من يعرض مخرجات الحوار وتهدد بأنها ستعتبره عميل وخائن وستنزل عليه أقسى العقوبات، وتابع :” يقولون من لا يوافق على المخرجات سيكون مثل المتمرد، يعني وكأنه شال سلاح عديل، فتأملوا الحوار وحرياته”. وانتقد يوسف تجرؤ الحكومة حتى على حق الناس في الحياة، باستهدافهم شخصيا، بعد أن استهدفت وصادرت أراضيهم الزراعية ومراعيهم الطبيعية، فأضحوا مهددين بفقدان مصادر الأرزاق، وقال أنها منحت الصين 450 ألف فدان في الجزيرة ومنحت السعودية مليون فدان في ستيت، ورأى القيادي الشيوعي أن القوى السياسية الوطنية الملتزمة بقضايا الجمهور، ليس أمامها إلا أن تواصل النضال من اجل تحقيق أهدافها في الحرية والعدل والكرامة وصيانة الحقوق.
لا اقتسام
و قال أستاذ العلوم السياسية صلاح الدين الدومة أن هنالك دوائر و أطراف داخل حكومة المؤتمر الوطني، تعمل علي عرقلة الحوار الوطني، لكنه استدرك ” لكن هذا لا يعني أن جميعهم مؤمنين بالحوار”، و زاد ” أنا اعتقد أنهم جميعهم سيئون و القليل منهم يؤمن بالعدالة، و سيادة حكم القانون و الحريات الدينية و العدالة” ، و قطع الدومة بأن قيادات المؤتمر الوطني لا يؤمنون بنهج اقتسام السلطة، لذلك لا يتوقع هو أنهم سيفعلون.
أما الباحث في العلوم السياسية ، د. حمد عمر حاوي،فيؤكد أن المشكلة ليست في صياغة قوانين أو رف شعارات، بل أنها تكمن في آلية التنفيذ والضبط والمراقبة والمؤسسات.
وحول إمكانية تنفيذ المخرجات التي قد يخرج بها الحوار، في ظل منع ندوات ومصادرة صحف، قال لـ”الجريدة” “أي حكومة مطلقة وغير ديمقراطية لا يمكن ضمان التزامها بما تعلن، لأن كل شيء يبقي رهينا بإرادتها ،إن شاءت فعلت وإن لم تشأ لم تفعل، كذلك هو الوضع مع الحكومة الحالية، ما هو مكتوب وما تعلنه شيء، أما ما تفعله فشيء آخر”.
ورأى البروفيسور ،محمد نوري الأمين، أن ما يحدث لا ينفصل عن قضية إضراب الأطباء بسبب الاعتداءات المتكررة عليهم وعدم حمايتهم،وقال أن عملية منع الندوات ومصادرة الصحف، تؤكد ان كبت الحريات مازال موجوداً، مشككا في تنفيذ مخرجات الحوار من الأساس، وتابع (أن ما حدث من منع للندوات ومصادرة للصحف، يؤكد أن مخرجات ستكون حبراً على ورق، مهما خرج عن المؤتمر من توصيات، وذلك لغياب الإرادة السياسية والعزيمة الصادقة”.
وأكد أن الحوار الناجح هو الذي يفضي إلى حكومة انتقالية، سبق أن رفضها المؤتمر الوطني ، وأضاف “ما نسمعه هذه الأيام عن الحكومة الموسعة، والتي ستشكل من قبل المؤتمر الوطني والأحزاب الموالية له، أو التي من صناعته، لن يفيد والحكومة هذه لن تأتي بأي شي ايجابي”.
ومن جهته دافع الباحث بالقسم السياسي في مركز دراسات الشرق الأوسط وإفريقيا ،جاد كريم عبد القادر، عن الإجراءات الأخيرة من قبل الحكومة ، وقال أنه يجب أن نفصل بين القضايا السياسية والقضايا الأمنية ، وأكد أن هذه الإجراءات موجودة حتى في الدول المتقدمة التي يوجد فيها حريات واسعة، إذ ما تخطت الحريات الخطوط الحمراء.
ارتباطات خارجية
وأرجع جاد كريم منع الندوات السياسية من قبل السلطات الى “ارتباط قوى سياسية بجهات خارجية وإقليمية تعمل على زعزعة استقرار البلاد”، قاطعا بأن قرار المنع لم يكن ألا بناءاً على معلومات مؤكدة، حول طبيعة نشاط لتلك الأحزاب ونواياه التي تهدد الأمن القومي، ورأى الباحث بعدم وجود كبت للحريات ودلل على ذلك بمشاركة الأحزاب السياسية المعارضة والحركات المسلحة في الحوار الوطني.
الخرطوم ـ مها التلب / حاتم درديري
صحيفة الجريدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق