صحيفة إلكترونية تهتم بمعاناة الغلابة من أبناء شعبنا المقهور والمغلوب، كما تحاول جاهدة عكس الأخبار الفاضحة لفساد النظام
الاثنين، 8 يونيو 2015
"الجنجويد"... قنبلة السودان الموقوتة
أصبح اسم قوات الدعم السريع "الجنجويد" مثيراً للرعب في نفوس شريحة كبيرة من السودانيين بسبب الاتهامات والانتقادات التي ظلّت تلاحق "الجنجويد" حديثة النشأة، في ما يتصل بارتكاب انتهاكات في أي مكان تطأه قدماها، الأمر الذي ظلّت الحكومة وقيادة القوات نفسها تنفيه بشدة.
تمدّدت قوات الدعم السريع بسرعة في المشهد السياسي السوداني في أقل من عامين. اقترن اسمها بالقوات المسلحة السودانية، في ما يتصل بالأخبار التي تصدر عن العمليات العسكرية في ولايتيْ النيل الأزرق وجنوب كردفان وإقليم دارفور التي تقاتل إلى جانب القوات الأخرى، فضلاً عن تمتّعها بميزات تفوّقت من خلالها على الجيش السوداني، بما فيها العتاد العسكري والمرتبات، الأمر الذي جعل البعض يطلق عليها "مولود النظام المدلل".
لكن يرى مراقبون أنّ "الجنجويد" قنبلة موقوتة قد تنفجر في أية لحظة، ويعتبرون أنّ الحكومة في الخرطوم أقدمت على "دق مسمسار نعشها بيدها" عبر ضمّ تلك القوات إلى مركز الدولة ونشر ثلاثة آلاف منهم في مناطق مختلفة في العاصمة المثلثة.
قوات الدعم السريع في الأصل مليشيات قبلية، "قبائل عربية"، استعانت بها الحكومة لمواجهة التمرد الذي اندلع في إقليم دارفور عام 2003، واعتمدت عليها بشكل أساسي، حتى أنّ الرئيس عمر البشير أكّد في تصريحات سابقة له، أنّه كان لهذه القوات فضل كبيرة في حسم التمرد.
وتواجه "الجنجويد" بمزاعم تتصل بضم أفراد أجانب من النيجر وتشاد ومالي ينتمون إلى القبائل العربية هناك، ما ظلّت الحكومة تنفيه، حتى اعتراف قائدها محمد حمدان حميدتي بأنّ أغلبية القوات من القبائل العربية في إقليم دارفور، نافياً تماماً ضم أجانب إليها، وأنه مستعد لتقديم مائة ألف مقاتل من دارفور في حال طلبت الحكومة، معتبراً أنّ القتال في صفوف الحكومة بمثابة وظيفة حيث يتلقون مقابل عملهم المال.وقبل أن يتم التوافق على اسمها الحالي، عُرفت بتسميات مختلفة، منها "حرس الحدود". دولياً، تُتهم تلك القوات بارتكاب انتهاكات في إقليم دارفور، منها، حرق قرى واغتصاب. وتسبّبت القوات في استدعاء البشير إلى المحكمة الجنائية التي أصدرت مذكرة توقيف بحقه، وبحق عدد من المسؤولين السودانيين، بينهم وزير الدفاع عبدالرحيم محمد حسين.
وفي فيلم وثائقي لحميدتي، أكد أنّ البشير استدعاه وطلب منه المساعدة لحسم التمرد في دارفور وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان ومنحه المال.
في العام 2014، وحّدت الحكومة هذه المليشيات التي كانت تعرف محلياً ودولياً بـ"الجنجويد"، وأطلقت عليها "قوات الدعم السريع". ولتقنين وضعها، أدخلتها تحت المسؤولية المباشرة لجهاز الأمن، لا سيما بعد تواتر معلومات عن رفض الجيش السوداني أن تكون جزءا منه، باعتبارها مليشيا فوضوية لا ترتكز على عقيدة قتالية بل قبليّة، ما أقرّ به حميدتي عندما شدّد في تصريح عقب إقالته من منصبه كمستشار للأمن في ولاية جنوب دارفور، "أنا إنسان حرّ، لديّ أهلي، ولديّ جيشي وإمكاناتي، ولا يستطيع أن يقلّص الوالي صلاحياتي".
ووفقاً لبعض المصادر، فإن حميدتي البالغ من العمر 43 عاماً، الذي لم يكن له أي علاقة بالجيش أو أي من القوات النظاميّة، قبل عام 2003، اشترط تقنين قواته مقابل مشاركته في القتال لصالح الحكومة في مناطق العمليات. ويقول مقرّبون من حميدتي إنّه "قرّر الاستفادة من تجربة ابن عمه موسى هلال الذي ساهم في إنشاء حرس الحدود، وقاتل بقوة إلى جانب الحكومة، قبل أن تعمد إلى تهميشه، على الرغم من تعيينها إياه في منصب وزير اتحادي، فضلاً عن عضوية البرلمان، ليحتج على التهميش، بعد تراجع التمرد ويتمترس حول مناطق احتلّها بقوة السلاح بانتظار الاستجابة لمطالبه التي من ضمنها تقنين وضعه".في نهاية عام 2014، عدّل البرلمان السوداني الدستور الانتقالي، وبموجب التعديل، حُول جهاز الأمن إلى قوة نظامية، كما الجيش والشرطة، الأمر الذي أتاح أن تكون قوات الدعم السريع الذراع العسكرية للأمن، لتقاتل في مناطق العمليات المختلفة.
وأخيراً، كان لها دور في معركة "النخارة" في ولاية جنوب دارفور، وألحقت خسائر بقوات "حركة العدل والمساواة"، وكافأها البشير محتفلاً معها بمناطق العمليات، ووزّع على قادتها النياشين فضلاً عن الترقيات بالرتب العسكرية.
قبل إجراء التعديلات الدستورية، صرّح حميدتي بأنّهم طالبوا بسن تشريع يوفّر لحرس الحدود الذي كان قائداً لاستخباراته، سلطات أسوة بالقوات النظامية الأخرى، فضلاً عن رتب عسكرية، ومطالب تتعلّق بالمشاركة في السلطة وتنمية مناطق الرحل، مشيراً إلى دورهم في حسم التمرد في دارفور، ومساهمتهم في إنجاح مفاوضات الخرطوم مع الحركات المسلحة الدارفورية والتوصل لاتفاق سلام الدوحة.
لكن يتخوّف مراقبون من طموح حميدتي، الأمر الذي يهدّد استقرار البلاد ويحوّلها إلى دمار بعد الميزات التي منحتها له الحكومة. والجدير ذكره، أنّ هذه الأخيرة أظهرت ضعفها بعد أن وضعت "الجنجويد" ضمن قائمة الخطوط الحمراء، وأقدمت على معاقبة قادة سياسيين لانتقادهم القوات، ممّا نسف دعوة الحوار الوطني، لا سيما عند اعتقال زعيم حزب الأمة المعارض، الصادق المهدي، الذي كان يمثّل الركن السياسي في الحوار، لانتقاده "الدعم السريع" واتهامه لها بارتكاب جرائم عدة وضمّ أجانب. ونقلت تصريحات لحميدتي تعليقاً على اعتقال الصادق حينه، أنّ "الجنجويد" أصبحت تملك زمام الأمور في البلد، وبإمكانها فك أسر الصادق أو إبقاؤه.ويعد حميدتي الذي يحمل رتبة "عميد"، التي قال إنّه حصل عليها من خلال إنجازاته، وخصوصاً أنّه لم يلتحق بالكلية الحربيّة، أحد سلاطين القبائل العربية التي تصدّت للحركات المسلحة الدارفورية، وأصبح قائداً لقوات حرس الحدود التي شكّلها موسى هلال لأول مرة عام 2003، وعُين مستشاراً للأمن في ولاية جنوب دارفور قبل إبعاده إثر أحداث شهدتها ولاية جنوب دارفور، اتهم بالضلوع فيها، لا سيما بعد الخلافات التي وقعت مع حاكم جنوب دارفور السابق حماد إسماعيل، الذي اتهمه حميدتي باستهداف قبيلته الرزيقات الأبالة بشكل مباشر. وشهدت المنطقة بعدها فوضى كادت أن تحرق الولاية.
بعد هذه الأحداث، علا شأن حميدتي، خصوصاً بعد تمرد هلال غير المعلن على الحكومة. عندها اعتبر حميدتي أنّ قبيلته ما إن رفعت يدها عن الولاية، حتى عاد إليها التمرد، ليسطع نجمه، وأصبحت أخباره تتصدر الصحف السودانية. في المقابل، أصبح حميدتي يشكل هاجساً، واقترنت قواته بارتكاب عمليات نهب وقتل في عدد من المناطق التي مروا بها في طريق عودتهم من مسارح العمليات في جنوب كردفان، فضلاً عن الانتهاكات التي تنسب إليهم في دارفور، وهو ما أقرّ به حميدتي نفسه في مؤتمر صحفي، عندما أكد أنهم كانوا يفاجأون في كل مكان يمرّون به، بإغلاق المحال التجارية لأنّهم يسببون الذعر في نفوس الناس. وقال: "قوّاتنا منضبطة ولا يصدر عنها أي انتهاكات، إنما يقوم بها آخرون بالمنطقة التي يتزامن خروجهم منها"، معترفاً، "قد يحدث انفلات داخل قواتنا، لكنّها فرديّة، ونحسمها مباشرة، فهم ليسوا ملائكة، وقد تحدث أمور مشابهة مع أي قوات أخرى".
سبق للنظام الديمقراطي الذي كان الصادق المهدي رئيس وزراء حكومته، قد أقدم على تسليح قبائل المسيرية والرزيقات في ثمانينات القرن الماضي لمواجهة تمرد الحركة الشعبية بقيادة الراحل جون قرنق لتحمي نفسها، وعرفت بمليشيات الصادق، حتى أن البشير، وفي أوّل أيام الانقلاب، تحدّى أن تنجح مليشيات الصادق في مواجهة الجيش الذي انقلب عليه، ما جعل مراقبين ينظرون لقوات الدعم السريع على أنّها ستكتب نهاية النظام الحالي.وفي فترة سابقة، دفع حميدتي بتصريحات حاول من خلالها إظهار قواته كصمام أمان. فمع تزامن نشر الحكومة ثلاثة آلاف من قوات الدعم السريع، اعتبر حميدتي قواته الحامي الأساسي للعاصمة، لتعيش بأمان. وفي رده على الانتقادات بنشر القوات، قال "جئنا ندافع عنكم، ويجب عليكم شكرنا، وإلّا لتركنا قوات التمرد تهاجمكم". وتُتهم الحكومة بالاستعانة بالقوات في قمع تظاهرات سبتمبر/ أيلول 2013، التي اندلعت احتجاجاً على زيادة أسعار الوقود، وأدّت إلى مقتل وإصابة المئات بالرصاص الحي.
ويقول المحلل العسكري (الذي طلب عدم ذكر اسمه) لـ"العربي الجديد"، إنّ "الشرطة والجيش لديهم نظام وتقاليد راسخة لا يمكن تجاوزها. لذلك اقتنعت الحكومة بأنّ قتال المليشيات أفضل، باعتبارها مرنة، فضلاً عن أن الجيوش وُجدت لقتال مثيلاتها، ما يصعّب عليها مواجهة التمرد القائم على حرب العصابات". وتابع، "كما أن للتجييش الشعبي حساباته، فهم يبحثون عن ملكية أرض وزعامة وأموال". ويؤكد المصدر أنّ كل التجارب أثبتت فشل الاعتماد على النظام الأهلي، ما يفرض على الحكومة أن تعمل على جمع كل السلاح المتفلّت الذي يقدر بـ4 مليون قطعة، بين ثقيلة وخفيفة، قبل أن ينقلب الوضع عليها عبر وسائل ترهيب أخرى. ويعتبر المصدر أنّ بقاء الوضع على حاله، من شأنه أن يخلق تمرداً جديداً في مواجهة الحكومة، يؤدي إلى تحالفات مع الحركات المسلحة الدارفورية، وتنتهي باستقلال الإقليم أسوة بالجنوب.
ويؤكد محلّلون أنّ النتيجة الحتمية لقوات الدعم السريع التي تنتشر في الخرطوم ومناطق النزاع، ستنذر بأزمة تثير رعباً أكبر في العاصمة، باعتبارها قوات متفلتة، فضلاً عن طموح قائدها في الوصول إلى السلطة أو محاولة بعض قادة الحزب الحاكم الاستعانة به، ممّا يجعل الأمر، قنبلة تنتظر الانفجار.
العربي الجديد
حكومة البشير: مرحلة ثالثة من إقصاء الإسلاميين
مخاض عسير صاحَب تشكيل الحكومة السودانية التي أصدر الرئيس السوداني عمر البشير، مساء السبت، مرسوما بتكوينها وأدت القسم أمس الأحد. ولدت الحكومة الجديدة بعد خلافات محتدمة ومقاومة شرسة ظهرت للمرة الأولى بهذا الحجم داخل المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، الذي أعاد إلى الرئيس القائمة الحكومية التي أعدها أكثر من مرة، بعدما تحفظ على أسماء معينة، من بينها وزير الدفاع عبدالرحيم أحمد حسين الذي تمسك البشير بإبقائه في منصبه في وزارة الدفاع، بينما عارضت الأغلبية. معارضة دفعت بالبشير إلى الخضوع مؤقتاً ونقل حسين، وهو صديقه ونائبه وأحد أبرز الشخصيات في النظام، إلى منصب حاكم الخرطوم، مع عدم تسمية وزير دائم للدفاع، وتكليف رئيس هيئة الأركان مصطفى عثمان عبيد بالمنصب مؤقتاً. أمر قاد مراقبين إلى التكهن بحصول تعديل وزاري جديد قريباً.
حملت التعديلات الجديدة مفاجآت طفيفة إذ خرج وزير الخارجية علي كرتي من التشكيلة فضلا عن وزيري الاستثمار مصطفى عثمان والعدل محمد بشارة دوسة، بينما غادر حكام الولايات مناصبهم باستثناء ثلاثة حكام، بينهم حاكم ولاية شمال كردفان أحمد هارن الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في حقه مذكرة توقيف في وقت سابق.
يرى مراقبون أن الحكومة الجديدة دفعت بشخصيات محسوبة على البشير واختارهم بنفسه في إطار محاولته إقصاء من يعرفون بـ"صقور النظام"، مثل نائب الرئيس ومساعده السابق علي عثمان ونافع علي نافع، و"الحرس القديم" ممن يمثلون آخر دفعة من الإسلاميين المسيطرين على الحزب والدولة. لكن آخرين يرون أن خطوة البشير تضعه في مواجهة مع تيارات نافذة داخل حزبه قد تعمد إلى قلب الطاولة عليه، وهي التي لا تزال تملك نفوذاً داخل الأمن والجيش ومؤسسات الدولة ككل.
وجاءت الحكومة الجديدة من 31 وزيرا و35 وزير دولة استحوذ الحزب الحاكم على 65 في المائة منها ومنح الأحزاب المشاركة معه نسبة 35 في المائة، حصد الحزب الاتحادي الأصل بزعامة محمد عثمان الميرغني أعلى الحقائب الوزارية فيها، وعُيّن ابن الميرغني محمد الحسن مساعداً أول لرئيس الجمهورية، كما أبقى على عبدالرحمن المهدي، ابن زعيم حزب الأمة، الصادق المهدي، مساعدا للرئيس إلى جانب رئيس مؤتمر البجا في شرق السودان موسى محمد أحمد الذي وقع مع الحكومة في 2006 اتفاق "سلام الشرق".
وبالنظر إلى التشكيلة الوزارية، فإنها لم تحمل تغييرات جذرية في الوجوه إذ احتفظ 80 في المائة من الوزراء بحقائبهم، بينهم وزيرالداخلية والمالية والمعادن فضلا عن وزراء القطاع الخدمي.
وأبقت التعديلات على النائب الأول بكري حسن صالح في موقعه فضلا عن نائب الرئيس حسبو عبدالرحمن، بينما تقلد مساعد رئيس الجمهورية إبراهيم غندور حقيبة وزارة الخارجية.
وخلت القائمة من تسمية زعيم قبيلة المحاميد موسى هلال في أي منصب وفق ما كان متوقعاً لا سيما بعد حضورة مراسيم تنصيب الرئيس البشير، بعد مقاطعة دامت لعام ونصف العام، شنّ خلالها تمرداً ناعماً ضد الحكومة وخاض معارك في شمال دارفور ضد الحكومة.
إلا أن التشكيلة الجديدة أطاحت بعدوه اللدود حاكم ولاية شمال دارفور يوسف كبر الذي يعرف بـ"شيخ الولاة" على خلفية المدة الطويلة التي أمضاها في حكم الولاية. وعمد البشير إلى تعيين حكام الولايات من غير مناطقهم في محاولة لتلافي أخطاء الحقبة الماضية، فيما يتصل بتقوية الحاكم بعصبيته وقبيلته وتكوين لوبيات تصعّب على المركز إقالته. ويرى محللون أن البشير بالتشكيلة الجديدة جاء بمؤيديه في الحكومة والبرلمان في إشارة إلى رئيس البرلمان الجديد إبراهيم أحمد عمر الذي خلف زعيم المؤتمر الشعبي المعارض حسن الترابي في الأمانة العامة للحزب الحاكم، الأمر الذي عده مراقبون مرحلة ثالثة من استئصال ما تبقى من إسلاميين في الحزب، بهدف تحسين علاقة الحكومة بدول الخليج، خصوصاً الإمارات والسعودية فضلاً عن مصر.
ويقول المحلل السياسي أحمد عبدالله إن الحكومة الجديدة بمثابة "تجريب المجرب، وهي مجرد تخدير لأزمات البلاد، كما تعكس حدة الصراع الدائر داخل الحزب الحاكم الذي سينفجر في أي لحظة". ورجح عبدالله أن يسعى الرئيس البشير خلال الفترة المقبلة إلى عملية حوار مع القوى المعارضة والمسلحة لتمثل له صمام أمان وحلفاء جدداً لا سيما بعد إعلان المواجهه داخل حزبه. أما الخبير السياسي منعم ادريس، فيؤكد بدوره أن 90 في المائة من الحكومة اختارها البشير بنفسه، ممن يدينون له بالولاء، ويرى أن أهم مفاجأة حملتها هي تقليد وزيرالدفاع عبدالرحيم محمد حسين منصب حاكم الخرطوم.
العربي الجديد
السلطات االسودانية تمنع ستة معارضين من السفر لباريس
منعت السلطات السودانية، فجر اليوم الاثنين، ستة قياديين معارضين من مغادرة البلاد إلى فرنسا، للمشاركة في سلسلة اجتماعات مع "الجبهه الثورية المسلحة" والحكومة، وصادرت جوازاتهم في المطار.
وقالت نائب رئيس حزب الأمة، مريم الصادق، إن السلطات منعتها، إلى جانب خمسة من قيادات تحالف المعارضة، بينهم القيادي في الحزب الشيوعي صديق يوسف، من السفر بعدما أكملوا اجراءاته.
وضيقت الحكومة السودانية أخيراً، الخناق على سفر عدد من قيادات المعارضة بعد توقيع الأخيرة على نداء السودان مع "الجبهه الثورية"، التي تضم الحركة الشعبية ـ قطاع الشمال والحركات المسلحة الدرافورية، إذ منعت السبت رئيس هيئة التحالف المعارض فاروق أبوعيسى من السفر إلى القاهرة، كما صادرت، أمس الأحد، جواز رئيس حزب المؤتمر السوداني المعارض إبراهيم الشيخ .
يذكر أن الحكومة الفرنسية، وفي إطار مساعي الاتحاد الأوروبي لتسريع الحوار الوطني، دعت كل من تحالف المعارضة و"الجبهه الثورية" وحزب الأمة المعارض لزيارة فرنسا، وعقد سلسلة لقاءات فضلاً عن مخاطبة البرلمان، وقد وصل باريس قيادات من الجبهة في مقدمتهم رئيسها مالك عقار، فضلاً عن رئيس حزب الأمة، الصادق المهدي.
العربي الجديد
الكتابة والخلود
في نقاش مع صحافية غربية، ذكرت لي أن معظم من حاورتهم من الكتاب، وسألتهم عن روايتهم التي يعتبرونها خالدة، من جملة أعمالهم، أخبروها بأنهم لم يكتبوا الرواية الخالدة بعد، وأنهم ساعون في كتابتها، ثم سألتني الصحافية شخصيا عن روايتي الخالدة، إن كنت أؤمن بتلك الصفة، وما هي المواصفات التي ترتفع بعمل روائي ما، لتضعه في مصاف الخلود، بينما تظل أعمال أخرى للكاتب نفسه، عادية في نظره، أو حتى أقل من العادية؟
في الحقيقة، دائما ما يأتي الإبداع بأقوال أو أفعال ترافقه، ولا ينجو من ترديد تلك الأقوال معظم الكتاب، لتعتبر أقوالهم في ما بعد، حكما يتناقلها الناس في صفحات التواصل الاجتماعي، أو المدونات، أو توضع مقدمات لتصدير الكتب، وقد قرأت مرة للتركي أورهان باموق، أنه لم يكتب روايته التي تبقى لأمد طويل بعد رحيله، وتكتسب صفة الخلود، على الرغم من أن باموق كتب بشراسة عن بلاده، ولم يترك في رأيي أي قضية يمكن طرحها في عمل إبداعي، إلا طرحها، وتأتي روايته «ثلج»، في مقدمة الروايات التي ناقشت الدين والتدين، والجماعات التي تتبنى الإسلام السياسي، بأسلوب راق لم يسئ ولم يتهجم، لكنه يطرح الأفكار ويناقشها، كما أنه كتب مجتمع أسطنبول وتاريخها وجغرافيتها، في رواية مثل «اسمي أحمر»، وفي كتاب مقالاته الجميل «ألوان أخرى»، ناقش كل ما يمكن إلصاقه بالكتابة، من قوة أو وهن، من جماليات أو قبح، وهكذا، يمكننا اعتبار تجربته، من التجارب المهمة والمتجددة والسائرة بخطوات ثابتة نحو الخلود.
أيضا ذكر كاتب آخر، لا أذكر من هو بالضبط، أن ما فعله طيلة السنوات الماضية، في كتابة الروايات ونشرها، كان مجرد تحمية لأفكاره الحقيقية التي لم تطرح بعد، وينوي طرحها أخيرا. وعلى هذا المنوال دائما ما يفاجئك بين الحين والآخر، من يردد هذا الكلام، بينما تكون تجربته قد مضت وانتهت، خلد منها ما خلد، وضاع منها في النسيان ما ضاع،
السؤال وجه لي، كما ذكرت، وقد رددت على المحاورة، أنني لا أؤمن بتفصيل حظوظ للروايات التي أنتجتها المخيلة نفسها لكاتب ما، وكتبت بالأسلوب نفسه الذي يكتب به عادة، بحيث نلبس عملا ما ثيابا مبهرجة، ونحيطه بقلادات الورد، بينما نترك آخرين جياعا حتى من كلمات الإشارة إليهم، وبالتالي أعتبر بعض أعمالي قد تحملتني أكثر من غيرها، ورضيت بالأفكار المتشابكة التي دلقتها فيها، لكن لن أصفها بأنها خالدة أو غير خالدة، ولن أقول بأنني أنتظر أن يأتي نصي الخالد بعدها.
طبعا من الممكن جدا ألا يأتي للكاتب أي نص بعد نصوص كثيرة، ليصبح خالدا أو غير خالد. أعمالي الشخصية كلها أعمال أعتز بها، وأصادقها وأعود إليها من حين لآخر، لأتذكر أجواء كتابتها، وماذا يمكن أن أضيفه لو أعدت كتابتها من جديد؟ بالنهج نفسه، لم يذكر ماركيز أي شيء عن خلود النص، وإنما تحدث عن نصه المهم في رأيه، وفي ذلك لم يثبت على نص معين، فكان في كل مرة يذكر رواية ما بوصفها أهم ما كتب، وبالتالي كان رائعا في تحيته لنصوصه، وإلباسها الثياب المبهرجة بالتعاقب.
سؤال آخر، للذين يؤمنون بأنهم لم يكتبوا نصهم الخالد بعد، ولهم عشرات النصوص المكتوبة والشهيرة؟
ما هي مواصفات النص الذي يظنونه سيبقى بعد موتهم؟ ومن أين يأتي بعظمته؟
الإجابة هنا لن تكون دقيقة، أو لن تكون مشبعة، لأن التجارب الإبداعية، تبدأ أفكارا صغيرة في ذهن المبدع، وتتطور بعد ذلك، لتنضج، والكاتب يستوحي أفكاره من البيئة التي يعيش فيها، وغالبا ما يكتب خبراته الأولى، في بداياته، ثم يفارقها بالتدريج، ليكتب خبرات أعلى، أو يعتمد على المخيلة، في اقترابه من الواقع وابتعاده. إذن هو يصنع عوالمه، وسيظل يدور في تلك العوالم، يرسم الشخوص ويمحوها، يبني البيوت ويدمرها، ويصيغ المجتمع الموازي، الذي لن يكون غريبا عن مجتمعه كما ذكرت، ومن قراءاتي المتعددة لكتاب من شتى بقاع العالم، لم أجد كاتبا واحدا، شذ عن القاعدة، أي لم يكتب خبراته الأولى، التي تبدأ من الطفولة، لتتلكأ كثيرا في أيام المدرسة الابتدائية، والصداقات التي عقدت، والمدرسين، ومدير المدرسة، والسخرية من مدرس الجغرافيا، والطلاب الأذكياء والكسإلى، ثم فتاة الجيران التي ينتظرها راو ما في طرق الحياة، وطرق النص، ليغازلها، مجتمع بيت الراوي، ثم المجتمع الأكبر، وهكذا، وجدت تلك الخبرات عند باموق، وبول أوستر، وأمين معلوف، وغيرهم، وحتى عن الإندونيسي أندريا هيرتا، الذي كتب رواية عظيمة عن بلاده، اسمها، «عساكر قوس قزح»، ومنطلقا أيضا من تلك الخبرات التي ذكرتها.
إذن هذه هي عوالم الكتابة، التي ستصبح عوالم ثابتة لدى الكاتب، مهما تغيرت الفكرة، وتطرقت لموضوع مختلف في أي كتاب مقبل، وبالتالي لا يوجد كتاب سيخرج منها مسلحا بأدوات يمكن تسميتها أدوات خلود.
الذي كتب رواية «ثلج»، و«الحياة الجديدة»، و»اسمي أحمر»، وأعني أورهان باموق، قد يكتب روايات أخرى، هي رواياته السابقة نفسها مع اختلاف الفكرة، والذي كتب: «حنا وميخائيل»، و»قصة عن الحب والظلام»، وأعني اليهودي عاموس عوز، قد يكتب قصصه العنصرية الجديدة، بالأدوات والملابس والمكياج نفسها، والذي كتب وأبدع سنوات ورحل بعد ذلك، لا يحتاج لمن يجلس ويغربل أعماله، ليقول هذه الرواية خالدة، وهذه يجب إلقاؤها في سلة مهملات التاريخ.
أخلص من كل ذلك، إلى القول بأن الأقوال التي تردد بالترادف مع الكتابة، ولكتاب مشاهير، وأعثر عليها دائما تتنقل في المدونات والصفحات الشخصية، ومواقع التواصل، لا تعني أكثر من كونها كلمات رددت ذات يوم، ومن المفترض أن لا تؤخذ على محمل الجد، والأفضل منها تلك العبارات التي ترددها الشخوص داخل النصوص، فهي أفكار الكاتب الحقيقية.
أمير تاج السر
واشنطن قلقة من استمرار الصراع في السودان
أعربت الولايات المتحدة عن "قلقها" من استمرار القتال في دارفور وجنوب كردفان وإقليم النيل الأزرق، وأدانت الهجمات ضد بعثة اليوناميد في مدينة كاس جنوب ولاية دارفور بالسودان.
وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة "الولايات المتحدة قلقة بشكل كبير من استمرار القتال في منطقة دارفور السوداني وإقليمي جنوب كردفان والنيل الأزرق (المتاخمين لدولة جنوب السودان)".
وأشار إلى أن "العمليات التي تنفذها الحكومة السودانية ومجاميع المعارضة المسلحة عقب عودة عدد من عناصر حركة العدالة والمساواة قد هجرت عددا لا يحصى من المدنيين (دون ذكر عدد محدد) هذا العام وفاقم الأزمة الإنسانية بشكل خطير".
وحث البيان كل الجماعات السودانية المسلحة وحكومة السودان على "وقف العدائيات واحترام التزاماتهم تحت القانون الإنساني الدولي وبالتحديد فيما يتعلق بحماية المدنيين وضمان الوصول الآمن وغير المعوق لمنظمات الإغاثة وفي الوقت المناسب استجابة لنداء مجلس الأمم المتحدة للأمن".
وشدد على "ضرورة الحل السياسي لتحقيق سلام دائم في السودان"، داعياً قادة الحكومة والمعارضة لـ"أخذ خطوات جريئة وأساسية لتأمين السلام لكل السودانيين لأن سنين الحرب الطويلة أكدت ألا وجود لحل عسكري للصراعات في السودان".
وأدان البيان "الهجمات الأخيرة ضد بعثة حفظ السلام المشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة (يوناميد) بمدينة كاس، جنوب ولاية دارفور"، داعياً الحكومة السودانية لـ"تقديم مرتكبي هذا النوع من العنف للمساءلة واتخاذ جميع الخطوات الضرورية لمنع هجمات مستقبلية مماثلة".
وأكد على حق قوات يوناميد في "الدفاع عن نفسها ضد الهجمات"، ومسؤولية الحكومة في "تخفيف التوتر في المنطقة ومنع هجمات إضافية ضد موظفي يوناميد".
وتعرضت بعثة حفظ السلام المشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في إقليم دارفور، غربي السودان، إلى هجومين لمسلحين مجهولين ما أسفر عن مقتل 4 منهم، فيما أصيب 6 من الجنود بجروح بحسب بيان للبعثة الأممية.
فيما اتهمت وزارة الخارجية السودانية، الأربعاء الماضي، بعثة يوناميد بـ"تصفية" 4 مدنيين في مقر تابع للبعثة في مدينة كاس السودانية (غرب السودان).
أكبر الباكر.. ضابط في جوقة الشرف!
هاشم كرار
دخل أكبر الباكر، قصر جوقة الشرف، دون أي رتبة، وخرج برتبة ضابط، وراحت كل موجة في الضفة اليسرى لنهر السين، تعطي التعظيم سلام لهذا الرجل الـ »SLIM« الذي صنع بالإرادة والخيال والمثابرة، إمبراطورية الإقلاع السلس، والهبوط الناعم، في كل مطارات العالم.. وجسد كرم الضيافة في الأعالي، بين طيات السحاب!
الوسام النابليوني، والذي يعود تاريخه لبدايات القرن التاسع عشر، هو أعلى وسام تكريمي، يمنحه الرئيس الفرنسي، للشخصيات التي لعبت دورا مهما، في جعل هذا العالم منفتحا على المروءة والتواصل والراحة والقبول والجمال والمعاصرة والسلام.
الرئيس الفرنسي- فرانسوا هولاند- وهو يدبج الباكر بالوسام الفرنسي الرفيع، كان في ذهنه أفضال هذا الرجل، على الطيران العالمي.. وعلى الوقت كقيمة، وعلى الراحة- والسفر وعثاء- وعلى الأمان، والكرم.. وعلى مساهمته في جعل هذا العالم، خطوطا متشابكة، ومحطات تهزأ بالأميال الجوية.
الطيران- كصناعة- مروءة.. وهو وصل واتصال، بين أجناس وألسنة وثقافات وأديان وأعراق.. وهو من هنا منصة ( تيك اوف) و( لاندنغ) بينهما سباحة في الجو.. منصة للحوار!
الباكر، بصناعته لإمبراطورية الخطوط القطرية، ساهم دون أدنى شك، ليس فقط في إعلاء اسم قطر في هذا العالم، وإنما ساهم- إلى جانب ذلك- في إعطاء المثال في كيفية صناعة الطيران، وفي كيفية الارتقاء بهذه الصناعة، وفي كيفية الانضباط، وكيفية فتح هذا العالم- خطوط طول وعرض وخط استواء- عبر الاجواء.. ومن مطار إلى مطار.. وفي كيفية جعل إمبراطوريات الطيران، إمبراطوريات متعددة الأجناس والملامح والألسنة والمعتقدات والثقافات.. ومتحدة في الآن ذاته، ومتماهية في خدمة المسافرين بمختلف جنسياتهم.. ومتماهية في راحتهم، وأمنهم وأمانهم، بشكل غريب.
من الرجال، من يجعلون هذه الحياة، جديرة بأن تعاش، وأكبر الباكر بإمبراطورية الخمس نجوم- طيرانا آمنا وراحة وضيافة كريمة ودقة وانضباطا في المواعيد، هو أحد هؤلاء الرجال الكبار.. وهو من هنا، يستحق (جوقة الشرف) برتبة ضابط، تلك التي جعلت (السين) يصفق موجة من وراء موجة، ويتهادى، وهولاند يبتسم!
التهنئة للرجل.. صاحب الإرادة والخيال..
والتهنئة للخطوط القطرية.. الإمبراطورية التي تحلق- دائما- بقطر، بين السحاب!
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)