الأربعاء، 26 أغسطس 2015

اغتيال حسن اسماعيل


-1- حملة شرسة ومتوحشة يتعرض لها الصديق حسن إسماعيل، منذ ظهور اسمه ضمن وزراء حكومة ولاية الخرطوم.
الهجوم على حسن في بعضه منظم من قبل مشائين بنميم، كما أسهم ناشطو وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيجه.
أتفهَّم غضب وتعجب كثيرين من الخطوة التي اتخذها حسن، بقبوله للمنصب الوزاري، وهو من أشرس معارضي الإنقاذ وشانئيها بألسنة حداد.
أعرف حسن منذ الصِّبا، وهو جارنا بمدينة المناقل، وتزاملنا معاً في المدارس والمنتديات الثقافية والشبابية، وتعلمنا على يد والده الأنصاري المرحوم العم إسماعيل سيد أحمد قراءة القرآن بمسجد الشيخ يوسف ود بقوي.
-2-
منذ الصِّبا، كان حسن متميزاً في الكتابة والخطابة ونظم الشعر، وتتجلى مقدراته بصورة باهرة في المعارك والصراعات؛ فهو قوي الشكيمة يقاتل بشراسة في الدفاع عن مواقفه وآرائه.
ما لا يعرفه الكثيرون، أن لحسن طاقة معنوية هائلة لتحمل الأذى والتصدِّي للعدوان.
كثيراً ما كنا نختلف في التقديرات والآراء، وكنت أُبلغه اعتراضي على فجوره بعض الأحيان في الخصومة السياسية تجاه الحكومة أو أسرة السيد الصادق المهدي، وكان يتقبل ملاحظاتي بكل ود .
-3-
من حق حسن أن يختار لنفسه ما يشاء من مواقف وقرارات، ويحتمل ما يترتب على ذلك في الراهن والتاريخ .
ومن حق قرائه ومتابعيه، أن يشرح لهم حيثيات ومبررات تحوله من موقف إلى آخر نقيض.
هذا أمر طبيعي ومقبول، لكن أن يختار البعض تصفية حسن سياسياً وإعلامياً عبر أسلحة صدئة وحملات تشويه وإساءات واسعة النطاق؛ فذلك ما يجد منا الرفض والاستهجان.
-4-
المتابع لكتابات حسن إسماعيل منذ بداياته في العمود الصحفي، في صحيفة (السوداني) 2010، يجد أن الرجل كان كثيراً ما يُسجِّل اعتراضات قوية ولاذعة في حق المعارضة، في ذات الوقت الذي يهاجم فيه الحكومة.
حسن ظل يهاجم الحكومة من موقع مستقل عن الأحزاب، وكانت له حوارات ولقاءات متعددة مع بعض رموز الحكومة، وشارك في كثير من المنتديات، وهو من أشد الرافضين للعمل العسكري، وله مقالات قوية في مناهضة التحالف بين الحركات المسلحة وأحزاب المعارضة بالداخل، منشورة وموثقة في الصحف.
حسن مسؤول عن خياره في الالتحاق بالحكومة، مثله في ذلك مثل كل من سبقوه من المعارضين، خاصة الذين حملوا السلاح في وجهها، ثم ارتضوا لأنفسهم مشاركتها في السلطة والثروة.
-5-
نظرة صادقة للساحة السياسية، يلحظ المرء من خلالها، مدى التغيرات والتقلبات التي ارتبطت بالمواقف والمواقع.
الشيخ الترابي انتقل من رعاية الحكومة إلى معاداتها، والآن يعود إلى موالاتها مرة أخرى، عبر مشروع الحوار الوطني.
مولانا محمد عثمان الميرغني، رئيس التجمع الوطني الديمقراطي، صاحب مقولة (سلم تسلم)، هو الآن من حلفاء النظام، وابنه كبير مساعدي رئيس الجمهورية.
السيد الصادق المهدي، الذي خرج في (تهتدون) وعاد مع (تفلحون)، عَقَدَ عدة اتفاقيات مع الحكومة، تقدَّم وتراجع، ثم تقدم وتراجع، وابنه الآن أحد ركائزها.
إذن، حسن إسماعيل ليس استثناءً، ولم يأتِ بشيء فرية، حتى تُنصب له المشانق وتُجمع له الحجارة.
_6_
لا أعرف سبباً منطقياً واحداً يجعل البعض من أعضاء حزب الأمة، يمارسون قسوة مفرطة ضد حسن إسماعيل، ويغضُّون بصرهم ولسانهم عن السيد عبد الرحمن الصادق المهدي، وأكثرهم جرأةً لا يعبِّر سوى عن عتاب مخفف يرسله على استحياء .
المفارقة المدهشة، أن الأخير مساعد الرئيس، والأول وزير ولائي في وزارة حديثة التكوين!
مبارك الفاضل، ومني أركو مناوي، وقبلهم دكتور جون قرنق؛ كل هؤلاء كانوا في يوم جزءاً من حكومة الرئيس البشير، وجميعهم حملوا السلاح في وجه النظام، ثم وضعوه على حافة البساط الأحمر، ليدخلوا إلى القصر الجمهوري، بأحذية جديدة لامعة !
من لم يقذف أولئك بحجر، ليس من حقه أن يعتدي على حسن إسماعيل، ولا بمنديل من ورق!>

بقلم: ضياء الدين بلال
رئيس تحرير صحيفة السوداني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق