الخرطوم ـ أميرة الجعلي
في نظر كثير من المراقبين يعتبر البيان الصادر من مجلس السلم والأمن الأفريقي أمس (الأربعاء) فشلا للدبلوماسية السودانية وأن هناك تباعدا حدث بين الحكومة السودانية والاتحاد الأفريقي، وذلك نتيجة لما احتواه البيان حيث أنه تبنى بصورة واضحة وجهة نظر المعارضة السودانية المدنية والمسلحة مما أفقد تعاطف الاتحاد الأفريقي اتجاه الحكومة، في إشارة واضحة لضعف دور وزارة الخارجية وتحركاتها الدبلوماسية المكثفة داخل أروقة الاتحاد الأفريقي بالرغم من الجولة الأفريقية التي قام بها إبراهيم غندور وزير الخارجية كمبعوث للرئيس البشير حاملا منه رسالة خطية لنظرائه الأفارقة تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين كما شرح لهم الأوضاع في السودان ومجريات الحوار الوطني وضروة أن يكون في الداخل، ولكن ربما هذه الجولة لم تنجح في إقناع القادة الأفارقة بالوقوف إلى جانب الحكومة السودانية، كما يبدو أن الوسيط الأفريقي ثامبو أمبيكي رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى أيضا زيارته للسودان لم تكن ناجحة حيث أنه أيضا تبنى وجهة نظر المعارضة بضرورة انعقاد اجتماع تحضيري للحوار الوطني في أديس أبابا وهذا ما زالت ترفضة الحكومة.
جاء في البيان أن مجلس السلم والأمن الأفريقي طالب بوقف إطلاق النار في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وإقليم دارفور، ودعا الحكومة السودانية والمعارضة إلى لقاء تحضيري بمقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا برعاية الآلية الأفريقية تمهيداً لبدء حوار وطني شامل وإيقاف الحرب، كما أنه
أعرب عن "قلقه الشديد إزاء الصراع الدائر والأزمة الإنسانية في دارفور والمنطقتين والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان فيها"..
ودعا أطراف النزاع إلى ضرورة إيجاد ممرات آمنة لوصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين واحترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني، وطالب بأهمية اتخاذ كافة التدابير اللازمة لتهيئة العودة الطوعية للمشردين واللاجئين.. ودعا البيان كلاً من الحكومة والمعارضة إلى "لقاء بمقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا برعاية الآلية الأفريقية تمهيداً لبدء حوار وطني شامل ذي مصداقية وشفافية وإيقاف الحرب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، تماشياً مع قرارات المجلس السابقة، حسنا نجد انا كل ما ذكر تعتبر مطالبات للمعارضة السودانية منذ وقت وظلت الحكومة ترفضها باستمرار أو تضع شروطا لتنفيذها".
ولكن المجلس قال إنه سيستمع إلى تقرير من رئيس الآلية الأفريقية ثابو أمبيكي في غضون 90 يوماً من صدور البيان
إلى ذلك، طالب بيان المجلس كلاً من السودان وجنوب السودان بتنفيذ اتفاق التعاون الموقع بين البلدين وعقد اجتماع استثنائي للجنة السياسية الأمنية المشتركة بين البلدين لتنفيذ الاتفاق المشترك، داعياً الطرفين إلى التعاون الكامل من أجل تحقيق استقرار الوضع في منطقة أبيي المتنازع عليها بين البلدين، وتعزيز التعايش بين المجتمعات فيها..
ورحّب البيان بجهود دولة قطر ومساهماتها في إيجاد حل للصراع في دارفور ولا سيما مساهمتها المالية الكبيرة لتنفيذ وثيقة الدوحة للسلام في الإقليم.
لكن حركة الإصلاح الآن اعتبرت أن صدور البيان يحمل الحكومة مسؤولية تعطيل الحوار الذي يرعاه الاتحاد الأفريقي، وقالت إنه شاهد على ضعف دبلوماسية الحكومة وحضورها السياسي، واستهانتها بالموقف الأفريقي الذي ظل دوما متعاطفا مع السودان. كما أن الإعلان يوضح اتساع الفجوة بين الحكومة والرئيس أمبيكي رغم أن الأخير ظل مسانداً للسودان حكومة وشعبا طيلة السنوات الست التي ظل فيها مسؤولا عن ملف السودان في الاتحاد الأفريقي. الإعلان يعبر كذلك عن ضيق الأفارقة باستهانة الحكومة بدعمهم السياسي ومساندتهم للسودان في مسألة محكمة الجنايات الدولية ومسائل أخرى، وقال: ظلت الحكومة تتجاهل نصائحهم، في مسألة التعديلات الدستورية وقيام الانتخابات وإطلاق الحوار على شروطهم.
وأكدت الحركة على أن "البيان فيه دعم قوي لوجهة نظرنا بعدم جدوى حوار من طرف واحد وأن الحوار لابد أن يكون شاملا وعبر ترتيبات يتفق عليها". وقالت: "برغم كل هذه التداعيات السالبة ما تزال أمام الحكومة فرصة لمراجعة موقفها وإجراء حوار محترم وذي مصداقية في وطن يسع الجميع. ندعو الحكومة لمراجعة موقفها"، كما دعت جميع القوى السياسية والشخصيات القومية لمقاطعة أي حوار لا يستوفي الشروط الأساسية لحوار ناجح.
لكننا الحكومة قللت من الأمر حيث قال السفير حمزة عمر نائب رئيس بعثة السودان في الاتحاد الأفريقي لـ(اليوم التالي) أمس (الأربعاء) إن البيان لا جديد فيه سوى تبني وجهة نظر المعارضة في أنها تدعو للاجتماع التحضيري في أديس أبابا، كما يحتوي على إشارات حديث المعارضة بالمطالبات الإنسانية، وأضاف: نحن أبلغنا الاتحاد الأفريقي بأن الحوار يعتبر سودانيا سودانيا، وزاد: الرئيس أيضا أبلغ ثامبو أمبيكي رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى خلال زيارته للخرطوم هذا الأمر وأن الحكومة ستوفر الضمانات الكافية لكل من يرغب بالمشاركة في الحوار، وأكد في الوقت نفسه أن السودان لن يفقد الاتحاد الأفريقي، وأوضح أنه لا يفرض رأيا على طرف من الأطراف.
ولكن مصادر تحدثت لـ(اليوم التالي) وصفت البيان (بالسيء) لأنه أكد على ضرورة أن يكون هناك اجتماع تحضيري في أديس أبابا، واعتبرت أن الاتحاد يريد أن يعقد الأمر أكثر وتوقعت أن يصدر مجلس الأمن خلال اليومين القادمين بيانا يدعم فيه بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي، وأوضحت أن بيان الاتحاد الأفريقي الصادر في 31 يوليو الماضي أيضا كان سيئا ودعا فيه لأول مرة إلى ضرورة إجراء استفتاء أبيي.
وواصل المراقبون حديثهم بأن الحكومة السودانية ارتكبت خطأ بتأخير إجراء الحوار الوطني وإكمال الانتخابات واهتمامها بترتيب بيتها الداخلي مما أدى إلى فقدانها تعاطف الاتحاد الأفريقي والوسيط أمبيكي، والآن هي تدفع الثمن، وأشار المراقبون لأن الحكومة إذا وافقت على إجراء الاجتماع التحضيري في أديس ستكون لها شروطها، أما في حالة رفضها فستواصل إجراءها للحوار في أكتوبر القادم بمن حضر، وأوضح أن الحكومة ستتعرض لضغوط أخرى من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وربما يطالب المبعوث الأمريكي في زيارته حاليا للسودان بدخولهم في عملية الحوار الوطني باعتبارها أهم أجندة زيارته للسودان حتى ولو بصورة غير مباشرة، وأوضحوا أنه في هذه الحالة ستخسر الحكومة لأن الأمريكان سيكونون أكثر تعاطفا مع الحركات المسلحة
اليوم التالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق