الأربعاء، 26 أغسطس 2015

صحفيون… بين نار النضال وإغراء الوزارة



“حان الوقت ربما بمشيئة أقدار الله وتدابيره أن ننتقل من موقع المساهمة بالرأي والنقد والنصح إلى موقع مشاركة المسؤولية وتحملها تنفيديا والمساهمة من داخل الميدان العملي في تقديم ما يمكن تقديمه رفعة لهدا البلاد ورفعا ومعالجة لكثير من التحديات والأعباء التي تثقل كاهل الإنسان السوداني في هذه الولاية”.. هذا الحديث كان تبريرا لحسن إسماعيل سيد أحمد الحسين-الصحفي المعروف- لتقلده منصب وزير الحكم المحلي بحكومة ولاية الخرطوم، وزارة مستحدثة، عن حزب الأمة القيادة الجماعية.. أثار تعيين إسماعيل في هذا المنصب جدلا واسعا بين السياسين في المعارضة وبين أواسط الصحفيين الذين يعرفون حسن إسماعيل مناضلا شرسا سطع نجمه أيام هبة سبتمبر وهو يخاطب الجموع في التظاهرات أن لا بد من ذهب الإنقاد، بل إن أعمدته الصحفية التي يكتبها كثيرا ما تحجب من قبل الأجهزة المختصة لما فيها من نقد لاذع للحكومة، حسن إسماعيل القيادي بالمجلسس الأعلى لشباب وكوادر حزب الأمة، كان مفاجأة حقيقية لزملائه في المعارك الشرسة التي خاضتها المعارضة ضد النظام فإذا به بين ليلة وضحاها يصبح وزيرا للحكم المحلي.
استغفال للقيادات
اختلفت قيادات وسيطة في المؤتمر الوطني على منصب الوزارة الذي أعطي لحسن إسماعيل، فيما يرى البعض أن هذا ليس سوى (ضحك على الدقون) يرى البعض أن إسماعيل خطى خطوة صحيحة نحو الأمام، إذ يقول معز حسن بخيت القيادي بالمؤتمر الوطني- في منبر “التيار”: إن هناك من خرج في هبة سبتمبر لكنه كان لا يشتم ولا يسيء ولا يحرض كما فعل حسن إسماعيل، مشيرا إلى أن القيادات التي كان يشتمها- الأخير- ليل نهار يأتي اليوم ليراضيها فتعطيه منصب وزير في حكومة ولاية مهمة هي ولاية الخرطوم، وقال: (هذا استغفال لقياداتنا)، الأمر الذي لم يوافق عليه عمار باشري القيادي بالوطني ومعتمد الدامر الأسبق الذي قال: إن تعيين اسماعيل- وهو مناضل ضد الفساد- قد يؤدي إلى قطع الطريق أمام فاسد جديد يريد الدخول للوزارة للاستوزار ليس إلا، وقال باشري لـ “التيار”: إن المعارضة غاضبة من إسماعيل؛ لأنه كان مثالا للمعارض الشرس الذي لا ترهبه قترة ولا يركن للباطل فإذا بهم يفاجئون به في منصب وزير.
نعي للنضال
المعارضة لم يعجبها تبرير إسماعيل لقبوله الوزارة، وفي هذا يرى الكودة القيادي بحزب الإصلاح الآن: إن إسماعيل لو وجد المعارضة خطأ لأي سبب من الأسباب يقنعها بأنه اختار مصالحة النظام فلربما وجدت له المعارضة العذر لكن– يقول الكودة: إن ينتقل من المعارضة إلى السلطة؛ لأن نصائحه وملاحظاته ستجد طريقها للتنفيد عندما يشارك النظام فإن هذا يعني أن الوزير الجديد اختزل كل المعارضة التي كان ينتمي إليها، من جهته وصف إبراهيم الشيخ رئيس المؤتمر السوداني حديث إسماعيل بأنه خطاب نعي لنضاله ضد حكم الإنقاذ، كما أصدر المجلس الأعلى لشباب وكوادر حزب الأمة بيانا غاضبا قال فيه: إن خروج إسماعيل لن يضر شيئا ولا يمثل هزة في كيان المجلس.
صحفيون دستوريون
ربما استبقت ولاية النيل الأبيض على أيام يوسف الشنبلي الأسبق في تعيين صحفيين وإعلاميين في مواقع دستورية؛ فقد تم تعيين- سابقا- كلا من عبد الماجد عبد الحميد وزيرا للإعلام، بينما كان يشغل منصب مدير تحرير صحيفة الانتباهة، وعبد القوي حامد وزيرا للصحة ونائبا لرئيس المجلس التشريعي، والجميل الفاضل مستشارا لحكومة الولاية، وعبد الهادي عبودي وزيرا للحكم المحلي، وصلاح عمر الشيخ عضو مجلس تشريعي الولاية، والمستشار الصحفي للوالي ود الحاج أحمد المصطفى في هيئة إذاعة وتلفزيون النيل الأبيض.
كم سيبقى؟
هدا السؤال وضعه بعض المراقبين للشأن العام حيث وضعوا عبد الماجد عبد الحميد وبقية العقد الفريد في حكومة الولاية أنمودجا، إذ لم يبق أولئك في مناصبهم أكثر من سنة، ولعل أسرعهم في الذهاب من الوزارة كان عبد الماجد عبد الحميد الذي لم يعمر هناك طويلا، بل إن عبد الحميد- كما يقول المراقبون- قام بعمليات جراحية أوقف بموجبها بعض العاملين في الوزارة من المراسلين للصحف بل وخيرهم بين أن يستمروا في عملهم الصحفي أو عملهم في الوزارة، ولقد شهدت تلك المواجهات والسجالات صفحات كثيرة في صحف الخرطوم في ذاك الوقت، بالرغم من أن عبد الماجد عبد الحميد لم يكن شرسا في معارضته للنظام فهو (ابن الكار)، وأحد أبناء الحركة الإسلامية، إلا إنه لم يستمر في الوزارة، ولذا يعتقد المراقبون أن بقاء الصحفيين في الوزارات أمر صعب جدا؛ لأن نفسيتهم التي قامت على عدم تقبل هدا النظام لا يجعلهم يؤثرون البقاء طويلا وهم يحسون أنهم مقيدون لذا سرعان ما تدب الخلافات بينهم والقيادة فيغادرون مسرعين.
إسماعيل لم يك صحفيا بالمعنى الاحترافي، فهو لم يك محررا صحفيا، لكن ممارسة السياسة قادته إلى كتابة الرأي، ويرى مراقبون أن أسلوب الرجل لم يتغيير كثيرا في مقالاته، وبين ما كان عليه في سوح أركان النقاش وهو الموصوف بالعداء الشديد للسلطة مما جعل الكثيرين يسألون عن الحرية التي كانت متاحة له في الصحف.

التيار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق