أستاذ التاريخ بجامعة النيلين فيصل موسى، يرى أن الطابية ترمز إلى مقاومة الاحتلال الأجنبي، وإلى روح التحدي لدى السودانيين الذين استعملوا مواد محلية بسيطة -كالرمل والطين- لصناعة استحكامات عسكرية لمواجهة المحتل، على الرغم من بساطة تلك الاستحكامات.
على ضفاف نهر النيل، تقف الطوابي شامخة بحلتها الملونة بطين الأرض، تحكي للأجيال القادمة قصة كفاح أبناء السودان في وجه المستعمر البريطاني.
والطوابي هي استحكامات عسكرية تم بناؤها في عهد الدولة المهدية، على امتداد ضفتي نهر النيل في أم درمان شرقا وبحري غربا، وحتى في وسط النيل على أراضي جزيرة توتي، بهدف مواجهة الغزو الإنجليزي القادم للبلاد من مصر عن طريق السفن النيلية.
وشيدت الطوابي على شكل خندق عميق أمامه ساتر مبني من الطوب والطين والحجارة، بها فتحات تبعد كل فتحة عن الأخرى ما يقرب من متر، تسمي المزاقل، وعليها عدة أبراج للمدفعية.
لكن وجود الطوابي السودانية بات مهددا بمخاطر عديدة بحسب خبراء آثار، من أبرزها فيضان النيل الذي ساهم في هدم بعضها، في ظل عدم وجود عمليات ترميم دورية لها.
موسى: الطوابي شيدت عام 1897، قبل عام من الحملة الإنجليزية (الجزيرة) |
رمز للمقاومة
أستاذ التاريخ في جامعة النيلين فيصل موسى، أكد أن الطوابي شيدت في أم درمان وبحري وجزيرة توتي عام 1897، قبل عام من الحملة الإنجليزية على السودان، بهدف مواجهة الغزو الذي تم عن طريق السفن النيلية.
وأضاف في تصريح للجزيرة نت، رغم بدائية بناء الطوابي بالمقارنة بالعتاد والمدافع الحربية الإنجليزية، فإنها نجحت في إغراق بعض السفن الإنجليزية، مثل سفينة تل هويني في منطقة السبلوقة وما زالت غارقة في قاع النيل حتى اليوم.
وأردف قائلا: "الطوابي ترمز إلى مقاومة الاحتلال الأجنبي، وإلى روح التحدي لدى السودانيين الذين استعملوا مواد محلية بسيطة كالرمل والطين لصناعة استحكامات عسكرية لمواجهة المحتل، على الرغم من بساطة تلك الاستحكامات.
وحذر موسى من وجود مخاطر كبيرة تهدد الطوابي، من أبرزها المباني الحديثة على شطر النيل وبمستوى أعلى من الطوابي، وفي موسم فيضان النيل، فإن المياه ستصل إلى الطوابي المبنية من الطين، مما يشكل تهديدا كبيرا عليها.
خطر الفيضان
من جانبها، قالت مديرة متحف بيت الخليفة نعمات أحمد الحسن، "إن الطوابي -وعددها 17 طابية- شيدت على نهر النيل من المواد المحلية كالرمل والحصى والطين، وعمل بها فتحات لمراقبة قدوم البوارج والبواخر، وفتحات أخرى أكبر حجما وضع بها مدافع لضرب السفن المعادية".
وأضافت في تصريح للجزيرة نت، أن السودان عرف الطوابي قبل عهد الدولة المهدية، إلا أن الطوابي المعروفة حاليا باسم طوابي أم درمان، شيدت في أواخر عهد الخليفة عبد الله التعايشي لمواجهة الغزو الإنجليزي المصري.
وأردفت قائلة: "أم درمان شاهدة حتى اليوم على تاريخ الدولة المهدية، فهي تضم اليوم العديد من آثار تلك الحقبة مثل بيت الخليفة عبد الله التعايشي، وضريح الإمام المهدي، وجامع الخليفة، وسجن أم درمان، وبيت المال".
وشددت على أن أكبر الأخطار التي تواجه الطوابي، هو خطر فيضان النيل، مناشدة هيئة الآثار ضرورة ترميم الطوابي مرة كل عام على الأقل بعد موسم الفيضان، خاصة بعد أن دمرت المياه إحدى الطوابي في جزيرة توتي.
الجزيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق