إنتهت مفاوضات سد النهضة في جولتها العاشرة بالخرطوم يوم السبت بين وزراء مياه وخارجية الدول الثلاث مصر والسودان وأثيوبيا (بلا شئ)، كما كان متوقعا، وتخرج علينا الصحف المصرية بمنشيتات ( أثيوبيا تخدعنا)، و( أثيوبيا تلعب بنا) و….
ياسادة صحيح ممكن أثيوبيا بتلعب بنا ولكنها لم تخدعنا، فعندما وقع السيسي والبشير وديسالين في مارس الماضي على إعلان مبادئ مكون من 10 بنود معناه ضمنا أن مصر وافقت على بناء سد النهضة، وهذا في تقديري ليس خطأ على الإطلاق، فمن حق أثيوبيا دولة المنبع أن تتمتع بمزايا نهر النيل وأقلها توفير الكهرباء لقرى ومدن أثيوبية مازالت تعيش في الظلام رغم أن أطول نهر في العالم ينبع منها،
فكرة أن تستفيد أثيوبيا ليس خصما علينا أبدا، ويبقى لنا أن نطمئن على سلامة السد وخطورة انهياره، المنطق يقول أن أثيوبيا التي تحاول أن تبني سدها بكل هذه المليارات التي تفوق طاقتها، لا يمكن أن تجازف لتبني سدا دون أن تتأكد من سلامته، فلا يمكن أن تبني سدا لينهار، ودعونا من أفكار المؤمرات وأن إسرائيل وأمريكا تسعيان لذلك، فلا يمكن أن تجازف أثيوبيا والسودان لترضي تل أبيب وواشنطون على حساب أوطانهم، فانهيار السد معناه دمار المنطقة، شخصيا أطمئن لعوامل الأمان ولكن لتطمئن قلوبنا أكثر علينا بمراجعة الدراسات،
أما الموضوع الأخطر في نظري هو سعة تخزين السد وعدد سنوات التخزين، بداية يقول المتخصصون أن توليد الكهرباء لا ينقص المياة كما تفعل الزراعة، اذن ضمنا أن السد لن ينقص المياه على المدى البعيد، أزمتنا فقط في تخزين 70 مليار متر مكعب على خمس سنوات، هنا يكون التفاوض بزيادة عدد السنوات حتى لا نتأثر كثيرا ولتكن 15 عاما مثلا وفق ما يصل إليه التفاوض….
كان من الممكن أن يسير هذا التفاوض بسهولة ويسر، لولا استفزاز إعلامنا وعدم احترامه للشعوب الأخرى، وتدخل محللين سياسين في أمور فنية، وتصريحات بأن أديس أبابا لن تستطيع بناء سدها وسنحاربها،
ياسادة أثيوبيا هذه دولة كبرى عدد سكانها أكثر من مصر، ولها مكانتها بالمنطقة، وكل مواطن أثيوبي يحب بلده ويحترمها مثلنا، ولا يسمحون بمثل هذه الأحاديث على بلادهم، هل نقبل أن يتحدث أي بلد آخر عن مصر بهذا الإستخفاف؟… أرجوكم إهدأوا وكفاية استخفاف، فما تفعله أثيوبيا في المفاوضات ليس مبدأ لديها إنما هو رد فعل لما نفعله، والادارة في أديس أبابا لديها مواطن يسألها ويحاسبها لماذا ترضخ لهذا الإستخفاف ببلادهم…. فياريت ناخد ساتر ونهدأ عشان نوصل معاهم لحل يحفظ كرامتهم وكرامتنا الي أهدرناهم الإتنين….
وكفاية حديث البطولات عن وزير خارجيتنا الهمام الذي أطاح بميكرفون الجزيرة، في الاجتماعات، فكان من الأفضل أن نتحدث عن موقفنا الضعيف وتحليله ولماذا تتلاعب بنا أديس أبابا وما الذي أوصلها إلى هذه الدرجة، مش كفاية أننا بموقفنا واستفزازنا ده خلينا سد النهضة مشروع قومي بأثيوبيا، كل الي مش لاقي يأكل هناك راح يساهم في السد عشان يثبتوا لنا أنهم دولة عظيمة…. روحوا الله يسامحكم على الي بتعملوه فينا.
بقلم الصحفية المصريةصباح موسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق