(نزل المطر ..وبرد الجو ..وفرح اهل البلد )..عبارة تكمن في غياهب الذاكرة ..منذ ايام كتابي الاول في المدرسة الابتدائية (قبل دمج المرحلتين الابتدائية والمتوسطة وتسميتها الأساس )..تلك الجملة يستدعيها العقل كلما سمعت صوت زخات المطر على سقف المنزل …
ولكن هل لازالت الفرحة الخالصة هي الملازمة لهطول الامطار ؟؟ ..الحقيقة ان الشعور الذي ينتابنا هو مزيج من الفرحة والخوف ..والتوجس بحدوث سيناريو ظل يتعاقب علينا سنين عددا ..حتى حفظناه عن ظهر قلب ..واعتقد انه متكرر عند اغلب سكان العاصمة الا (من رحم ربي)..
اولا ..يبدأ المشهد .موسيقى تصويرية ..يكون فيها الوقت ليلا …ما ان تبدأ قطرات المطر في التساقط ..حتى نسرع الى البحث عن البطارية …أكيد وبدون اي شك ..ستقطع الكهرباء (اصلا هي ما دايرة سبب)..ويحل ظلام دامس…ومن ثم لابد من التأكد ان (برميل ) الموية مليان …لان انقطاع الكهرباء يعني ببساطة اختفاء المياه من المواسير …مما يجعلني دائما أغرق في ضحك هستيري واتساءل ..
اليس غريبا ان تكون محاطا بالمياه من فوقك (المطر ) وبجانبك اطول انهار العالم ومن تحت أرجلك كميات مهولة من المياه الجوفية ..ورغم ذلك يقتلك العطش!!! ؟؟؟…المهم ..ركز معانا ولا تشتتك هذه الأسئلة الانصرافية ..اسرع لفتح الصنبور في البرميل لو لم يكن ممتلئا عن اخره ..لتلقي أخر القطرات قبل انقطاع الكهرباء ..فالمطر لايزال في بدايته..والله وحده يعلم متى تعود الكهرباء مرة اخرى ..كل السيناريوهات واردة …ممكن ببساطة (تضرب الامية ) ..او يحدث ماس كهربائي …فنحن لازلنا نعيش عصر الكهرباء التي تنقل عبر الأسلاك الهوائية التي يقف عليها الطير ….ملأت البرميل ؟؟ وجدت البطارية ؟؟ ..
رجاء أذهب لتفقد الهاتف النقال ..اذ انك ستحتاجه بالتاكيد ..للاتصال بطوارئ الكهرباء او بسائق الترحيل لك ولأبنائك …لانه وببساطة يمكن الأ ياتي صباح الغد ..لان المطرة (قطعته) ..طبعا نحن عارفين شوارعنا التي تغرق في شبر موية … غايتو ناس المدارس اخدوها من قصيرها وفتحوا المدارس بدري عشان متوقعين اجازة الخريف وكدا …
هناك طرفة متداولة عبر الوسائط الاجتماعية تقول (اذا قطعت الكهرباء ووجدت هاتفك الجوال مشحون مية في المية ..وكمان فيهو رصيد ..اذا بقبلبك يمتلئ سكر .. وتتيه فخرا وياتيك احساس بأنك مسلح )…
وها نحن نقول لك (انا ولمبة عبقرينو)…اذا هطلت الامطار ..وكان (البرميل مليئا بالمياه )..والبطارية موجودة….والهاتف به رصيد كاف ومؤشر البطارية فيه مائة بالمائة ..وبيتك فاتح في شارع الظلط ..او قدامه ردمية …فقد سيقت لك الدنيا بقرنيها ..فابتسم ..انت في السودان ..وقد حل الخريف حلا ..اهلا به وسهلا ….وصباحكم خير
د. ناهد قرناص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق